شاهدت لك* فيلم *تراب الماس
يعد فيلم تراب الماس من علامات السينما المصرية و العربية الفارقة .. و ابداع جديد يضاف الى ابداعات المخرج الرائع *مروان حامد* و هو انتاج العام 2018
و لكن نتاول نقد اي عمل فني لابد ان يتناول النقد ستة جوانب للعمل الفني من حيث الاخراج و القصة و السيناريو .. التصوير .. التشخيص و الديكور .. و الاضاءة و المونتاج
و قد نسج خيوط القصة بدقة الكاتب احمد مراد الذي تميز دائما بروايات متميزة تحولت الى افلام منها قصته الرائعة *الفيل الازرق* ليسطر تعاون ثالث بينه و بين المخرج المتميز مروان حامد
اضاف الكاتب احمد مراد للقصة ابعادا متنوعة تعمقت في جوانب المجتمع المصري باللمسة التاريخية للعمل بدءا من عزل الملك فؤاد و الثورة المصرية 1952 لكي يأخذك الى ازمة اليهود بمصر و خروجهم منها في حكم الرئيس جمال عبد الناصر و الذي صادف نشأة والد البطل طه في حارة اليهود و معايشته لهم قبل و اثناء هجرتهم من مصر.
و كعادة الكاتب المتميز يأخذك من الجانب السياسي الى البعد الاجتماعي حيث تنتقل الاحداث الى 2018 مباشرة و الربط القوي بين الطفل الذي نشأ في حارة اليهود و تعلم على يد جاره و صديق والده صياغة و صناعة و تنقيح الالماس .. و بالصدفة البحتة يتعلم من صديق والده اليهودي كيفية دس السم لقطّة ابنته فتموت بتراب الماس الذي وضع لها بالحليب.. تمر الايام و يكتشف هذا الطفل خيانة جاره اليهودي فيقوم بقتله بنفس الطريقة .. و هكذا تمر الايام و يصبح والده قاضيا و قاتلا بنفس الوقت .. يقضي وقته بمراقبة الناس .. ثم يصدر حكمه عليهم و يدبر الخطة و يترصد لضحيته .. و يقوم بقتلهم بدس السّم لهم .. يحدث كل هذا دون علم ابنه طه الصيدلي الطيب الذي يفاجأ بتعرضه للايذاء من احد البلطجية .. يقتل والد طه .. يضرب طه على رأسه و يدخل المستشفى يصاب طه بحاله مرضية شديده عصبية و نفسية نتيجة فقدان والده الطيب القعيد الذي كان يملأ عليه حياته .. و يكتشف طه قصة حياة والده في رحلة البحث عن قاتل والده من خلال مذكراته ان والده قاتل .. نعم والدي قاتل .. قتل العشرات لكنهم جميعهم يستحقون القتل .. لما اجرموا في حق أنفسهم و في حق مجتمعهم .. قتل والده الكثيرون لكنه قال انه ماض لقتل أهم رجل و اكثرهم احق بعقوبته .. يحاول احد الضباط مساعدة طه في هذه القضية لكنه ايضا يكون احد الضحايا .. اما الضحية الاخيرة فهي للاعلامي الذي يقوم بمتابعة القضية اعلاميا ... و تنتهي القصة على هذا المشهد .. اننا جميعا فاسدون لكننا ننكر .
انه الانسان عندما يتحول من نموذج صالح الى سكين في ظهر من يراه ظالما
....
تغيرات و انعاكاسات كثيرة في شخصية البطل أداها الفنان آسر ياسين ببراعة و اتقان .. حركات يده المصابة عصبيا كانت معبرة .. مشهد الصرع الذي اصابه أداه ببراعة تدرس . مفارقات درامية عديدة داخل القصة وظّفها المخرج مروان حامد جيدا و شخّصها ببراعتهم المعهودة ماجد الكدواني و هدوء اياد نصار و غموض منه شلبي و وحشية محمد ممدوح الذي مثل ادوار البلطجي اكثر من مرة لكنه توحش في التشخيص هذه المرة ببراعة .. الفنان احمد كمال كان قعيدا لكنه ركض بنظراته و أدائه المتميز الى اعماق المشاهدين.
مروان حامد كان بحق هو المايسترو بلا منازع .. صور كادرات جديدة و وصل الى اعلى مستويات السيمترية في اللقطات و التي وضحت من خلال لقطة طه و والده بالحديقة .. مزج الحاضر بالماضي و الفلاش باك خلال سرد قصة والد طه كان رائع .. اخذ وقتا طويلا كان سيصيبنا بالملل .. لكن انقذه تسارع الاحداث بالقصة و رغبة المشاهد في معرفة القصة و شدة تأثيرها على البطل الشاب ..
تعرض المشاهد لصدمات عديدة .. صدم المشاهد عندما قتل طه اول قتيل له و قطعه و ضعه في اكياس و شنطة كبيرة و دفنه بمعرفة الضابط .. صدم عندما ضعف طه و وافق على قتل الاعلامي .. لكنه فرح عندما قتل ضابط فاسد يهدد مجتمعه و يهدده شخصيا .. الذي يعد تقليد واضح لكثير من الافلام و الروايات الامريكية ..
تمر لقطات و احداث الفيلم
امامك دون ان تدري .. تمر و انت متلهف الى معرفة المزيد من الاحداث .. تمر و انت لا ترى امامك الا صيدلي مسكين غير قادر .. لا حول له و لاقوة ..يصبح قاتلا محترفا و لا يرث من ابيه الا حرفة القتل ..
كاتب و السيناريست