المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024
الشاعرة أنيسة الهندي
الشاعرة أنيسة الهندي
الشاعرة أنيسة الهندي

إراقة ماء الوجه



سبحان من كرّم بني آدم و حملهم في البر و البحر .. سبحان من استخلف البشر في الأرض و ميّز -عن الطيور و الحيواناتِ - البشرَ .. سبحان من جعلَ ماءَ الوجهِ أغلى من الذهبِ و الألماس و الجوهر ...
حياتنا مليئة بالمتناقضات و الغرائب لكن أكثرنا يتفق على أن ماء وجه الإنسان أغلى من الجواهر فلا قيمة للإنسان دون كرامة ..ولا معنى لوجوده إن أريقت كرامته .

في خضم معترك الحياة و تعرّض الناس للصعوبات تجد بعضهم يتناسى أو ينسى كرامته في سبيل الحصول على قوت يومه أو بقاء مكان سكنه أو حتى بضع ريالات لا تسمن و لا تغني من الجوع !! فأي نفس هذه التي تفقد كرامتها نظير متاع زائف و مال تالف ؟ إن مَن خسر ماء وجهه سيسهل عليه خسارة أي شيء فالكرامة هي أساس الإنسان و من فقدها طوعا لا كرها فقد معنى الإنسانية ..تأمل قول الشاعر :
صن النفس واحملها على ما يزينهــا . . تعش سالما والقول فيك جميـــــــلُ
ولا تولّين الناس إلا تجمّـــــــــــــــــلا .. نبا بك دهر أو جفاك خليــــــــــلُ
وإن ضاق رزق اليوم فاصبر إلى غد .. عسى نكبات الدهر عنك تــــــزولُ
فتذكر يا مَن أسلت ماء وجهك بأن الدنيا تضيق على الجميع و أن غيرك قد قاسى أكثر منك بل أن شعوبا كاملة حوصرت و قبائل كثيرة قوتلت فما وهنت و لعل في حصار بني هاشم في شِعب أبي طالب خير دليل على المروءة فقد حوصر مع النبي محمد صلى الله عليه و سلم مسلمون كثيرون و بعض المشركين من أقربائه –منهم عمه أبو طالب – ثلاث سنين و لكنهم ثبتوا و صبروا حتى جاء فرج الله و أكلت الحشرة وثيقة الحصار فما بقي منها غير اسم الله تعالى !!!
تذكر يا من أسلت ماء كرامتك أن الدنيا ضيقة صغيرة و لا تطيب لمؤمن لكن الصبر على الشدائد هي من أفضل شيم المؤمن ..تذكر أن الوقت بيد الله يفرجه على من يشاء ..تذكر أن المال أيضا مال الله و سيأتيك بكرامة إن أراد الله تعالى و صبرت ..تذكر معي قول الشاعر عنترة و هو جاهلي :
لا تسقني ماءَ الحياةِ بذلةٍ ... بل فاسقني بالعزِ كأسَ الحنظل
هذا قول شاعر عربي لم يدرك عزة الإسلام و لم يدرك وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم بالتوكل على الله أفلا تستحيي أن تكون مسلما و تريق ماء وجهك ؟ ! إن من أعجب العجب أن تجد رجلا قويا يتذرع بحجج واهية في سبيل الحصول على بضع ريالات من هنا أو هناك .. أو تجد امرأة فقدت الخجل تطلب و تطلب وتتناسى أن من تطلب منه عبد لا يملك أنفاسه ..فلماذا لا تتوجه بالدعاء إلى الله تعالى فهو الجواد الكريم المعطي الوهاب ؟ هو من يزيل فقرك و يلبي حاجتك و يحفظ لك كرامتك .
تذكر أن من أعطى غيرك سيعطيك .. فاطلب حاجتك منه مباشرة فالله تعالى أقرب إلينا من حبل الوريد اطلب منه سيعطيك المزيد ..
لعلني أتساءل : هل من يفقدون ماء وجوههم لديهم مرض نفسي ؟ أو اختلال عقلي ؟ أو( استهبال ) على الناس و استسهال للحصول على الرزق ؟ أنا لا أسوق هذه الأسئلة جزافا بل عن تفكير ..فالنفس السليمة تأبى الذلة و من يقبلها لابد و أن لديه مرض نفسي و إن كان مخفيا ..و لعلي أجزم بأن من يكثر التذمر و الشكوى و ( الشحدة ) من غيره لديه اختلال في قدراته العقلية ..و إلا كيف يقبل دائما بأن يكون الأدنى ؟ أما الفئة الأخطر في هؤلاء فهم من يمتلكون مالا و حاجيات تطفيهم بل و تكفي غيرهم لكنهم أدمنوا الطلب من الله استخفافا بعقول الناس ولعل هذا نوع من الجرائم الأخلاقية ينبغي التنبه لهم و منهم فخطرهم أعم و أقوى .
ختاما رسالتي هي للأصحاء نفسيا لكم أنتم يا من تنخدعون بهؤلاء خاصة بالفئة الثالثة الذين يستترون خلف ستار الصدقات و الزكاة ..أقول : كلنا نطلب رضا الله تعالى و كلنا نحب التصدق بالمال و الحاجيات و كلنا بحمد الله نخرج زكاة لكن فلنبحث بحق عمن يستحق هذه المساعدة و لا نضيعها و نضعها في يد من فقدوا ماء وجوههم .
بواسطة : الشاعرة أنيسة الهندي
 1  0  101.3K