التسامي في الحب
طبيعة الرجل والمرأة
في الحب يلعب الرجل دور صمام الامان والركن الثابت والكتف القوي الذي تستند عليه المرأة في حين تلعب المرأة دور نبع الحنان والدفق العاطفي .. على ان طبيعتها متقلبة ومزاجية في الغالب .. تحب العطاء احيانا وتفضل الأخذ في احيان اخرى.. فهي كالمد والجزر.. تقترب وتنسحب.. وعلى الرجل ان يتفهم حاجتها للانسحاب فهي في هذه المرحلة تستجتمع طاقة تؤهلها للعودة بقوة.. لذلك يجب عليه ان يفهم البعد او الفتور كمرحلة تعبئة للطاقة تؤهلها للعودة بقوة وليس كمرحلة نفور.
الاشكالية في حال صعوبة المسار
هل يمكن ان يتكون الحب بدون تعلق؟ في البداية لا مفر من التعلق في أي علاقة حب حقيقية او حتى في اي علاقة صداقة حميمة.. فالانسان يدمن نفسيا على اشياء ابسط من الناس كالحيوانات المنزلية الداجنة والهاتف والاقلام والفناجين والأحذية والنظارات والساعة.. فما بالك بشخص يحبه ويتعلق به ويغار عليه.. لكن غالبا ما يكون للقدر رأي آخر.. تجري المقادير ويقف الانسان في كثير من الاحيان امام مفترق طرق يدرك فيه ان لا سبيل للقاء في المستقبل القريب فيقرر الابتعاد لفترة قد تكون ابدية او مؤقتة حسب نوعية العلاقة وارادة الطرفين.
حب بدون تعلق
وحديثي اليوم ليس عن العلاقات التي تنتهي بالبعد النهائي انما عن علاقات حب تبقى بعد ان يختفي مكون التعلق والغيرة فيها.. قد يبدو هذا تناقضا للوهلة الاولى.. هل يبقى الحب حبا ان نزع منه التعلق؟؟ نعم انه يبقى بل من المحتمل ان يترسخ اكثر.. صحيح ان خفوت صوت التعلق والغيرة يمس اركان الحب المتعارف عليه.. لكنه في الوقت نفسه يمنحه رقيا وسموا يغير من طبيعته.. ففي نفس اللحظة التي يفقد فيها هذا الحب التعلق المرضي يتحول الى حب يسمو بنا.. الى حب غير مشروط.. وهذا الحب نادر جدا وقيمته هي في مستوى الصفاء والامان الذي يمنحه للطرفين.. حينما تختفي اي مصلحة مادية نفعية شخصية مباشرة لك في الحب فهذا دليل لا لبس فيه انه حب ثابت لن يتغير.
اكتساب المناعة ضد التعلق
هل من الممكن ان يعود التعلق من جديد بعد أن اختفى؟؟ كل شيء ممكن لكن يظهر من خلال التجارب التي بين ايدينا ان التعلق اشبه بالفيروس الذي تكتسب المناعة منه بعد التخلص من الاصابة.. لذلك فرضا انه عاد فهو لن يعود بنفس قوة الاصابة الاولى بما انك اكتسبت شيئا من المناعة ضده، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يصبح المصاب اكثر خبرة في طريقة معالجة مرض التعلق بما انه مر بهذه التجربة من قبل.
الطيف الحاضر
من اين تنبع قوة الحب؟ تنبع من قوة الشعور ومن حجم الوقت الذي تخصصه له.. فإن ملك هذا الشعور وقتك وكان قويا بما فيه الكفاية فهو حب حقيقي حتى لو لم يكن هناك تواصل مع الحبيب.. الا تحب الأم ابنها الغائب عنها والمهاجر بنفس قوة حب الولد الموجود لديها بل احيانا اكثر؟ حينما تكون تجربة الحب غنية بالمشاعر الصادقة والمعارف الحكيمة والمواقف النبيلة فهي تدخل عميقا في النفس وتزرع نفسها بين الضلوع في مكان لا يطاله أحد.. لا ريب ان هذا ليس بسهل ويحتاج الى شركاء مميزين وعلاقة فريدة وهذا ما يجعله حبا نادر الوجود.
هل من ضرورة للقاء؟
ما هي اهمية اللقاء في حال كان طيف الآخر موجودا معنا دائما؟؟ هل هو لتوثيق العهد؟ ممكن وان كنا نرجح ان هذا ليس ضروريا فقد تكلمنا سابقا عن مساحة امان وحب غير مشروط.. في الحقيقة اللقاء ضروري من فترة لأخرى لتجديد النسخة التي لدينا من الشريك.. الانسان يتطور مع الوقت ويتغير ويراكم معارفه ومعلوماته.. ولما كان الحال كذلك فانت لا تمتلك عن الشريك الا نسخة "اوفلاين" ليست محدثة.. واللقاء والتواصل هو الفرصة الوحيدة لتحديث نسختك عنه.. ويحدث احيانا ان تأخر التواصل كثيرا ان تكتشف انك كنت تعيش في حالة حب مع نسخة وهمية عندك ليس هناك ادنى صلة بينها وبين الشخص الحقيقي الذي تغير جذريا في مدة الغياب وبنسبة 180 درجة.