المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024
حسن الفقيه الشهري
حسن الفقيه الشهري
حسن الفقيه الشهري

عندما صاحبت جنياً........


منذ أن وعينا للحياة وكل مافيها تعرفنا على موروثات مكتسبة من الآباء والأجداد فترسخت في أذهاننا كجزء من إيماننا لم نفاصل ولم نجادل ولم تتسنى لنا فرصة للسؤال عنها ، كنت ارتاد الصالة الرياضية بشكل يومي لكمال الأجسام إلى ذلك اليوم الذي احسست بأمر طرأ علي ولم يكن من قبل وهو شعوري بالغثيان والصد عن مواصلة التمرين وبعدها بأشهر قليلة صدمت بعد الكشف في المستشفى بأنني مريض سكر فبدأت الهواجيس تراودني وبدأت الايحاءات السلبية من قبل من ارافقهم بأن ما اصابني هي عين فبت أوسوس بما أصابني وابتدأ مشواري مع الرقاة والأعراض التي أحسها مع القراءات وكل شيخ له تشخيص يتوافق ويختلف مع الآخرين فمنهم من قال أنها عين وآخر قال انه مس (تلبس من الجن) وآخر قال انه حسد واستخدمت الماء المقروء عليه والزيوت التي بحوزتهم وكل راق لا يأخذ أجرة القراءة تجده يأخذ اضعافا مضاعفة من بيع الماء والزيت لبثت فترة من الزمن على هذه الحالة ولم أجد فيها فائدة ترجى وكنت في نفس الوقت ارتاد عيادة الباطنية (السكر) فغير لي الطبيب المختص العلاج للأنسولين وغيرت من نمط تفكيري السلبي وتخلصت من تلك الإيحاءات والموروثات العقيمة فبزغ لي فجر جديد من حياتي أحسست فيه بحياة إيجابية وضللت أبحث عن مدى مصداقية تلبس الجن بالإنس فلم أجد ما يثبت ذلك أبداً سوى آيات فهمت بمفهوم على غير مقصدها فلم يمكن الله ابليس وأعوانه منا إلا بالوسوسة ودليل ذلك عندما قال الله لإبليس : ( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ*) وهنا في الآية التالية سيتضح لنا ماهو ذلك السلطان الذي استطاعه إبليس واعوانه من الذين اتبعوه و إبليس نفسه بينه في قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي*) فدعوة إبليس هي وسوسته ، الوسوسة ليست من إختصاص إبليس و أعوانه فحسب بل من إختصاص البشر ايضا ويتضح ذلك في قوله تعالى : ( مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4)*الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ*(5)*مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) ، قد يحتج البعض بقولهم بأنه أي إبليس يوسوس في الصدور حيث مكانه هناك وهذا أمر غير صحيح حيث تمام الآيات من الجنة والناس وهم المقصودين بالوسوسة وأن الوسوسة تحيك في الصدور من كلا الثقلين ، إبليس ضعيف حتى في وسوسته وذلك يتبين في وصف الله له قال تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا*) فهل يعقل أن من وصفه الله بالضعف وهو أعلم به حيث أنه من خلقه أن يعذب البشر بولوجه هو ومن معه في أجساد البشر ومكوثه سنوات طويلة دون الخروج منهم ؟!!! ، بالطبع لا يعقل ! ، يستدل البعض بقوله تعالى ( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) وعزموا أن الشيطان يتلبس بالبشر بينما لو تأملنا كلمة (المس) فهي لا تعني الدخول وإنما تعني الجنون وتعني الملامسة وايضا الوسوسة فالمعنى الاول وهو الجنون هو المقصود في الآية السابقة لأن من يقول ان الربا كالبيع فهو الذي لا يفقه ودائما ما يصنف بالجنون ولأن من يعلم حقيقة المحرمات وبالرغم من ذلك يتبعها فهو صيد سهل للشيطان وبإستطاعته التخبط به كيفما يشاء ، ومعنى المس وهو الملامسة متمثل في قوله تعالى ( قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ) ، ومعنى المس يكون وسوسة متمثل في قوله تعالى (*إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ*) فلنتوقف عند كلمة مسهم قليلا لنعي ما تعنيه مسهم طائف من الشيطان أي وسوس لهم الشيطان والمعنى يتحقق في تمامها في قوله تذكروا !! أي اذا وسوس لهم الشيطان بأمر محرم تذكروا وعد الله ووعيده وعقابه فإذا هم مبصرون أي مهتدون للحق ومبتعدون عن وساوس الشيطان ، الأنبياء والرسل معصومون من دخول الشياطين لأجسادهم ولكن توسوس لهم وذلك في حديث رسول الله عندما سألوه الصحابة حتى انت يا رسول الله قال : نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم أي أسلم قرينه فلم يعد يوسوس له بسوء وليتضح لنا أن المس هو الوسواس قال تعالى واصفا ما جرى لأيوب عليه السلام : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ*) فهل يعقل أن أيوب دخل فيه الشيطان ؟ بالطبع لا وإنما بمراجعة كتب التفسير اتضح أن المس هنا بمعنى الوسوسة وقد بينها أيوب عندما قال مسني الشيطان بنصب وعذاب أي أكثر عليه الوسوسة أنه لو كان نبيا لما أبتلاه الله في جسده وأبنائه وماله . يذهب البعض إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) أولا يجب أن لا يجتزأ الحديث ولنعلم أن المعنى لا يتم الا بقرآءة الحديث كاملاً فالحديث (عن*صفية بنت حيي*رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدّثته، ثم قمتُ فانقلبت، فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار*أسامة بن زيد*رضي الله عنهما-، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-:*( على رسلكما، إنها*صفية بنت حيي*)*، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، فقال:*(إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا -أو قال شيئا- ) هنا الحديث واضح تماما أن قصد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (واني خشيت ان يقذف في قلوبكما سوءا ) بمعنى وسوسة ولم يكن القصد أن الشيطان يجري في عروقنا ومع دمائنا وإلا كان كل إبن آدم ممسوسين لأن الرسول قال إن الشيطان يجري من إبن آدم أي كل إبن آدم ولم يخصص الرسول بأن الشيطان يجري من الممسوسين !!. ختاما فالشياطين هم من الجن ولكنهم اخبث خلقا واسوأهم ومع ذلك قال تعالى ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) . فلذلك كل من عانى من هذه الوساوس ووصل به الحال إلى الايحاءات السلبية والتكلم بأصوات مختلفة ولغات فعليه مراجعة اخصائيين نفسيين متمكنين وسوف يهتدي إلى مافيه خير .



بواسطة : حسن الفقيه الشهري
 2  0  43.7K