المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024
عبدالرزاق القوسي
عبدالرزاق القوسي
عبدالرزاق القوسي

خطبة الجمعة والدعاء لغير المسلمين


صلاة الجمعة تمتاز بروحانية واهتمام خاص عن بقية الصلوات الخمس لدى المسلمين؛ حيث يتم الاستعداد لها من بداية الصباح بالعطر والاستحمام والملابس النظيفة، وتمتاز بخطبتين قبل الصلاة يتم الاستعداد لهما.
من المفترض أننا نخرج بمعلومات وقيم روحانية بعد هاتين الخطبتين، لكن المتأمل يجد أن الخطباء يُنْهون هاتين الخطبتين بالدعاء على غير المسلمين ولا سيما على اليهود والنصارى من باب إظهار كراهيتهم والتمني لهم بالأماني السيئة؛ بل أن بعض الأدعية غير مقبولة من ناحية إنسانية؛ فلا تستغرب أن تجد الخطباء بشكل تلقائي يقولون: (اللهم العن اليهود والنصارى)، و(اللهم يتم ابنائهم ورمل نساءهم) و(اللهم جمد الدماء في عروقهم)...الخ.
إنني أدعو للتأمل نحو هذه الطريقة المعتادة لدى الخطباء نحو تغيير هذا النهج؛ فهل الدعاء على اليهود والنصارى ركن من أركان الخطب الدينية؟، وهل هو شرط من شروط خطبة صلاة الجمعة؟، بدون شك ليست من أركان الخطبة، ولا من شروطها، إذا لماذا لا ندعو لغير المسلمين بالرحمة والهداية بدلا من الإصرار على الدعاء على أمم نحن في معاهدات سلام معها وتحتضن أعداد كبيرة من المسلمين؟.
إنني أتساءل أيهما أفضل الدعاء لتلك الأمم أم الدعاء عليها؟، وهل عادة الدعاء على غير المسلمين نتيجة لفكر متطرف جاء في العصر الأموي؟، وهل الإسلام دين من خلقه السب واللعن على المنابر؟.
لقد بحثت في هذا الموضوع ووجدت أنه لا يتفق مع أخلاق الإسلام، حتى أن محمدا نبي المسلمين لم يتخذها عادة، فقد دعا على بعض المشركين في حالات محددة ولم يدعو على أهل الطائف - على سبيل المثال - ولا على أهل قريش ولا على فارس أو الروم كعادة يتخذها في كل خطبة جمعة أو بعد كل صلاة؛ بل العكس فقد كان يدعو الله أن يسامحهم فإنهم قوم لا يعلمون.
إذا كيف سيكون المسلمون أمة مسالمة متسامحة تتعايش مع غيرها وخطباؤها وأئمة الدين يصبون الكراهية والبغضاء في نفوس المسلمين في كل صلاة جمعة، وفي كل خطبة دينية؟.
وهل أُقفل باب الرحمة والتوبة على غير المسلمين؛ حتى يتم لعنهم ويُدْعى عليهم بهدم بيوتهم وتشريدهم ودمارهم؟.
إن الخطاب الإسلامي يجب مراجعته وتصحيحه حتى لا نكون تحت فتاوى وأعراف قديمة قد لا تتفق مع مبادئ الإسلام وقيم التسامح، وحتى لا يتم خروج الخطبة والدعاء عن أهدافها التوجيهية والروحانية، قال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين).
وفي صحيح البخاري (2937) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَدِمَ طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو الدَّوْسِيُّ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا‏؟.
فَقِيلَ : هَلَكَتْ دَوْسٌ‏ .
قَالَ (النبي محمد): (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ).
فسماع المصلين أدعية الهداية لغير المسلمين أبلغ وأكثر حكمة من لعنهم.
بواسطة : عبدالرزاق القوسي
 0  0  28.8K