سوء الإدارة
سوء الإدارة أدى إلى تخلف أفريقيا تحديداً في مجال بناء الدولة الحديثة والمتقدمة، وسوء الإدارة هذا لم يأتي فجأة، وإنما كان إمتداد طبيعي لحكم الممالك العتيقة والإبراطوريات العظيمة، التي حكمت أفريقيا لقرون ماضية، ومازال لها بقايا حتى الآن في أفريقيا، تمارس سلطتها التقليدية تحت قوانين دستورية تشرع بقاءها.
سوء الإدارة في هذه الممالك والابراطوريات واقع وحقيقة، إمبراطورية مالي والإبراطور مانسا موسى، الذي صنف مؤخراً على أنه أغنى إنسان في التاريخ، حيث بلغت قيمة ثروته الشخصية بحسابات هذه الفترة، إلى أربعمائة مليار دولار، حيث لم يصل إلى هذه الثروة أغنى العائلات في هذا العصر، والتي تتحكم في الإقتصاد العالمي.
سوء إدارة الإمبراطور مانسا موسى وخلفاءه من بعده، في غرب أفريقيا بصفة عامة ومالي بصفة خاصة، هو الذي صنع الوضع المأساوي اليوم في هذه الدول، هذا الامبراطور مانسا موسى كان يعيش دولته في فترت رخاء مصيرية، ولكنه لم يقدر هذه الفترة بجدية...
من إنجازاته العالمية، إزدهار التجارة العالمية في البحر المتوسط بين أفريقيا وأوروبا، وأيضاً أسقط سوق الذهب في العالم على مدى عقود، عندما كان في طريقه إلى الحج، أخذ معه الكثير من خيرات أمته، وقام بإسراف بتوزيعه في مصر والشرق الأوسط، وهذا ما جعل تلك المناطق تزدهر على حساب منطقته، التي تسطيع اليوم تقييم المستوى السيء فيها، مقارنة بغيرها من مناطق الأرض، التي لم تزدهر إلا قبل عقود وبعضها قبل سنوات.
وهناك الكثير من الإمبراطوريات والممالك في أفريقيا، على نفس نهج إمبراطورية مالي، منها الممالك الزرقاء في قلب أفريقيا، حيث كانت تمول إقتصاد العالم الإسلامي، وتضخ الموارد الإقتصادية مجاناً إلى جسد الخلافة العثمانية الإسلامية، وأيضاً في مصر الذي كان شبه مستقل، وتضخها كذلك في الأرضي الإسلامية المقدسة، هذه الممالك الزرقاء وخاصةً مملكة الفور في هذا العصر، أبصح رعاياها لا جئين يطلبون الأمان الدواء والشراب والغذاء والمأوى، وهذا كله بسبب سوء الإدارة التي إستعمرة أفريقيا ذاتياً، وتتحكم بسيطرة مطلقة عليها، ولا تترك لأفريقيا أي مجال للتقدم حتى الجزئي.
وسوء الإدارة السابقة في القرون السابقة تفعل فعلها حالياً في أفريقيا، مع حكومات تحكمها بعد عصر الاستقلال، لم تفعل الكثير في دولها الأفريقية التي تزخر بالموارد المزهلة، مقارنةً مساحة الدول الأفريقية في عصر الاستعمار وما قبل الاستعمار، كانت دول كبيرة جداً أما بعد الاستعمار، فهي صغيرة وسهلة الانقياد والإدارة، رغم هذا نستطيع أن ننزهل بالوضع القائم فيها مقارنةً بغيرها من دول الأرض، نحتاج إلى عمل كبير في كل القارة الأفريقية لإدراك العالم المتقدم.
نحن في مراحل متطورة من سوء الإدارة وغير محمودة، تحول سوء الإدارة إلى مرض متطور، حيث إنتهينا من فساد الإدارة وصلنا إلى إجرام الإدارة؛ ونحن في قلب تطور خطير جداً وهو - عداء الإدارة - حيث هذا النوع من الأسلوب الإداري الذي بدأ يتواجد في أفريقيا خطير جداً، مثله مثل الإرهاب، الفرق بينهم هو أن عداء الإدارة يدمر داخل جسد أفريقيا بوجه شرعي، والإرهاب يدمر داخل جسد أفريقيا بوجه غير شرعي.
أمثلة بسيطة عن سوء الإدارة الموجود لدينا في أفريقيا، الشاي يزرع في أفريقيا، يصدر خام بثمن رخيص إلى بريطانيا، يصنع فيها يعاد إلى أفريقيا بثمن أعلى ويستهلك.
القطن يصدر خام بثمن بخس إلى خارج أفريقيا، ويعاد إلى أفريقيا بثمن أعلى قماشا، ويصنع منه الملابس، ويتم تصدير الملابس إلى الخارج بثمن رخيص، وبعد إستعماله لشهور، يعاد إلى أفريقيا ويباع كلباس مستخدم وبثمن عالي، بسبب تكاليف الاستيراد.
وفي بعض الدول الأفريقية السكر يصنع فيها ويباع فيها بأغلى سعر في العالم...
الإصلاح الوحيد الذي يحتاجه أفريقيا، هو الإصلاح الإداري وخاصة في مجال - الإنتاج - ويليه البناء ويختم بالتعاون الأفريقي الأفريقي، الذي حتى هذا العصر شبه معدوم بسبب سوء الإدارة، هناك دول أفريقية تتعاون مع الخارج أكثر من تعاونها مع أفريقيا.
والمصير الوحيد والذي أفريقيا لا تريد الوصول إليه؛ أو المتحكم في إدارتها لا تريد أن تصل أفريقيا إليها، هو - الوحدة الإقتصادية - التي تنقل أفريقيا في فترة زمنية وجيزة إلى نهوض حقيقي، تجعل من إقتصاد أفريقيا الأول عالمياً، ويتمكن المواطن الأفريقي؛ من الحياة الكريمة والجيدة والمتميزة والمتقدمة على أرضه وبين شعبه وأهله، بعيداً عن الغربة القاتلة والمهينة.
الوحدة الإقتصادية الأفريقية إن تمت ينتقل كل شيء في أفريقيا إلى مرحلة متقدمة؛ الوعي العمل التعليم الصحة التوعية الثقافة...
هل نستطيع ذلك نعم وبكل بساطة.