زادُ الخير
من منا لم يغتسل يوماً بصابون الزيت
من منا لم يأكل في الصباح
عروس الدقة والزعتر من مونة البيت
من منا لم يلبس من نسيج أمه جرزات الصوف
من الخريف وحتى أيام الصيف
كلنا نذكر أياماً تاهت في البال
وما زلنا نعشق قدوم الضيف . . .
من منا نام حتى العاشرة في العطلة
ولم يستيقظ في الخامسة
ليعمل في الحقل ويجني ثمار زاد الخير
آه يا حبات الزيتون لمونة البيت
من منا لم يقطف ثمر التين والرمان
والخوخ المعطر برائحة الطيب
من منا لم يتصبب عرقاً على بيادر الشوق
ليحمل حبات القمح مع رياح المواسم
ليحضر النفس لشتاء قارص
فكم ركضنا في الوديان عند هطول المطر
وكم تقاذفنا بحبات الثلج والبرد
من منا لم يشرب من نبع أم الشقف
ولم يسقِ غرسات العز
من مائها المخمر مع الطين
في باطن الأرض
من منا لم يأخذ أرضه بروحه
في حديث الأمسيات
وكم تطول سهرات الصيف . . .
من منا لم يحمل على كتفه زاد الراعي
ويطل في الصباح الباكر لحليب الماعز
في المرعى
كنا نركض كما الظباء قبل الضياء
بين صخور الكرمل والمنصورة
من منا لم يأكل حبات اللبنة المخمرة
بزيت الزيتون . . .
وأقراص الجبن من عام وعامين
من منا لم يتوقف ليأكل من ثمار جاره
في موسم الحصاد
ولم يركض خلف قطيع من ذئب هارب
أو حمار فر من حارث
ما ألذ طعم البصل بعد الجوع
في زاد الرعاة والحارثين الأرض
يا لرائحة الخير
كيف لنا أن نمضي وننسى زاد الخير . . .
* * * * *