قريتي الصغيره
ينسل من ذاكرتي صباح ذلك اليوم بنسيمه العليل وعصافيره المُغَّّردة ...
إنه يوم الحصاد (الصرام) .
يحضر (العونيه )وهم رجال القرية لمساعدة أبي في يوم حصاد محصوله من القمح ،يأخذ كلٌ مكانه في اصطفاف منظم ويبدؤون(السوقة) الأولى وهي مرحلة تبدأ من أول الركِيب ألى نهايته في شكل مستطيل عرضه أقل من المتر وطوله بطول الركيب.وبعد مرحلتين يأتي الفطور محمولاًعلى رأس امي يصحبه براد من الشاي كبيرا جدا وعدد من الفناجيل قد لا يكفي العدد ليتم تداول الشرب فيما بينهم .كان الفطور قرصاً ضخماً وسمن (صريب)صنعته يدُ امي الطاهرة في أسفله عسلاً شفوياً لذة للشاربين..
وعلى مائدة الإفطار يتبادلون الحديث جدا وهزلاً ببراءة تفوق براءة أطفال هذا الزمان !.
وبعد ال(Break fast) .تأتي المرحلة الأطول والتي لا تنتهي ألا اذا إستقرت الشمس في كبد السماء .فيها من الأهازيج ما يبعث الشجى ويطرب الأشجار والأطيار حتى تخالها تتمايل ثملة تتمايل مع تلك الاهازيج..
(ياهلي إن مت والا جرى لي فوات.... أقبروني على الريع درب البنات )..
(قرَّي ياشمس في وسط السما قرِّي... لا تغيبين عني ولا ساعة).
يتوقف الجميع بعد ما يقرب من أربع ساعات من العمل المتواصل ويأتي حمام السباحة في ماء البير المنتشية بتلك الأجساد الخشنة النقية.
وتحت (العاطية)وهي شجرة عرعر معمرة جداً ذات ساق ظخم وظل لا يكاد ينقطع هناك يستريح الجميع ينتظرون وجبة الغداء المكونة من الرز يغطيه بحر من سمن أمي المحوج بالبهارات والظيمران..
كان يطلق على صحنه (مرتان) لضخامته وسعته نسبة إلى قريتي (مرتان) .وبعد الغداء يأخذ الجميع فترة راحة (Braek time )تمتد لأكثر من ساعة يتكؤ أحدهم على صخرة مجاورة له لتصبح له وسادة من ريش..
ليعيدوا الكرة الأخيرة يرددون رجزة أحفظها جيداً
(غابت الشمس وانا في وادي قريش... لا سقى الله قليباً تولع بها)...
كان الجميع يخشون ويحذرون بعضهم البعض من خطر (الحبثه) وهي أفعى سامة جداً تندس وتختبئ بين (القصيل)وأعني به هنا سيقان القمح الكثيفة ..وكم تذاكروا شخصا قسمها إلى نصفين بمحَشِّه الحاد...
ينقضي ذلك اليوم بتعبه وبهجته وبروح التعاون الفريد بين العونية .ويودعهم أبي ممتنا ًوشاكراً..
إنقضى ذلك اليوم ولم تنقضي تفاصيله ... ولا تزال الذاكرة تعج بالرَّجز ...
رحم الله أبي ومن مات من أولئك الرجال الأنقياء ومد الله في عمر من بقي منهم..
إنه يوم الحصاد (الصرام) .
يحضر (العونيه )وهم رجال القرية لمساعدة أبي في يوم حصاد محصوله من القمح ،يأخذ كلٌ مكانه في اصطفاف منظم ويبدؤون(السوقة) الأولى وهي مرحلة تبدأ من أول الركِيب ألى نهايته في شكل مستطيل عرضه أقل من المتر وطوله بطول الركيب.وبعد مرحلتين يأتي الفطور محمولاًعلى رأس امي يصحبه براد من الشاي كبيرا جدا وعدد من الفناجيل قد لا يكفي العدد ليتم تداول الشرب فيما بينهم .كان الفطور قرصاً ضخماً وسمن (صريب)صنعته يدُ امي الطاهرة في أسفله عسلاً شفوياً لذة للشاربين..
وعلى مائدة الإفطار يتبادلون الحديث جدا وهزلاً ببراءة تفوق براءة أطفال هذا الزمان !.
وبعد ال(Break fast) .تأتي المرحلة الأطول والتي لا تنتهي ألا اذا إستقرت الشمس في كبد السماء .فيها من الأهازيج ما يبعث الشجى ويطرب الأشجار والأطيار حتى تخالها تتمايل ثملة تتمايل مع تلك الاهازيج..
(ياهلي إن مت والا جرى لي فوات.... أقبروني على الريع درب البنات )..
(قرَّي ياشمس في وسط السما قرِّي... لا تغيبين عني ولا ساعة).
يتوقف الجميع بعد ما يقرب من أربع ساعات من العمل المتواصل ويأتي حمام السباحة في ماء البير المنتشية بتلك الأجساد الخشنة النقية.
وتحت (العاطية)وهي شجرة عرعر معمرة جداً ذات ساق ظخم وظل لا يكاد ينقطع هناك يستريح الجميع ينتظرون وجبة الغداء المكونة من الرز يغطيه بحر من سمن أمي المحوج بالبهارات والظيمران..
كان يطلق على صحنه (مرتان) لضخامته وسعته نسبة إلى قريتي (مرتان) .وبعد الغداء يأخذ الجميع فترة راحة (Braek time )تمتد لأكثر من ساعة يتكؤ أحدهم على صخرة مجاورة له لتصبح له وسادة من ريش..
ليعيدوا الكرة الأخيرة يرددون رجزة أحفظها جيداً
(غابت الشمس وانا في وادي قريش... لا سقى الله قليباً تولع بها)...
كان الجميع يخشون ويحذرون بعضهم البعض من خطر (الحبثه) وهي أفعى سامة جداً تندس وتختبئ بين (القصيل)وأعني به هنا سيقان القمح الكثيفة ..وكم تذاكروا شخصا قسمها إلى نصفين بمحَشِّه الحاد...
ينقضي ذلك اليوم بتعبه وبهجته وبروح التعاون الفريد بين العونية .ويودعهم أبي ممتنا ًوشاكراً..
إنقضى ذلك اليوم ولم تنقضي تفاصيله ... ولا تزال الذاكرة تعج بالرَّجز ...
رحم الله أبي ومن مات من أولئك الرجال الأنقياء ومد الله في عمر من بقي منهم..