المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024
عبدالرزاق القوسي
عبدالرزاق القوسي
عبدالرزاق القوسي

هل الختان واجب شرعا؟.

كنت أقرأ في كتاب: (تحفة المودود في أحكام المولود) لابن القيم، واسترعى انتباهي الْبَاب التَّاسِع فِي (ختان الْمَوْلُود وَأَحْكَامه) ولا سيما الْفَصْل الثَّالِث (فِي مشروعيته وَأَنه من خِصَال الْفطْرَة) والْفَصْل الرَّابِع (فِي الِاخْتِلَاف فِي وُجُوبه واستحبابه)؛ حيث ذكر اختلاف العلماء في حكم الختان؛ حيث قال ابن القيم:
(اخْتلف الْفُقَهَاء، فَقَالَ الشّعبِيّ وَرَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد هُوَ وَاجِب، وشدد فِيهِ مَالك حَتَّى قَالَ: من لم يختتن لم تجز إِمَامَته وَلم تقبل شَهَادَته، وَنقل كثير من الْفُقَهَاء عَن مَالك أَنه سنة؛ حَتَّى قَالَ القَاضِي عِيَاض الاختتان عِنْد مَالك وَعَامة الْعلمَاء سنة، وَلَكِن السّنة عِنْدهم يَأْثَم بِتَرْكِهَا؛ فهم يطلقونها على مرتبَة بَين الْفَرْض وَبَين النّدب؛ وَإِلَّا فقد صرح مَالك بِأَنَّهُ لَا تقبل شَهَادَة الأقلف وَلَا تجوز إِمَامَته، وقَالَ ابْن عَبَّاس: (الأقلف لَا تحل لَهُ صَلَاة وَلَا تُؤْكَل لَهُ ذَبِيحَة وَلَا يجوز لَهُ الشَّهَادَة)، وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ وَأَبُو حنيفَة: لَا يجب بل هُوَ سنة، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن أبي مُوسَى من أَصْحَاب أَحْمد هُوَ سنة مُؤَكدَة).
عندما بدأت أقرأ حجج الفريقين ـ من قال بالوجوب ومن قال بسنية الختان ـ لفت نظري أنهم جميعا لم يذكروا دليلا من القرآن على ذلك، وكل ما أتوا به من الأحاديث هي أحاديث ضعيفة، كحَدِيث أبي بَرزَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الأغلف لَا يحجّ بَيت الله حَتَّى يختتن، وَفِي لفظ سَأَلنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن رجل أقلف يحجّ بَيت الله قَالَ: (لَا حَتَّى يختتن)، رواه ابن المنذر وقال: لَا يثبت لِأَن إِسْنَاده مَجْهُول، أو ما قَالهَ حَرْب فِي مسائلة عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من أسلم فليختتن وَإِن كَانَ كَبِيرا)، وهو حديث مرسل من الزهري، ومراسيل الزهري واهية لا يعتد بها.
من قال بسنية الختان استدل بحديث شَدَّاد ابْن أَوْس عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (الْخِتَان سنة للرِّجَال مكرمَة للنِّسَاء) رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد، علما بأن هذا الحديث ضعيف كما ذكر ذلك محقق الكتاب، والحديث الصحيح في الختان هو حديث أبي هريرة فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ قَالَ رَسُول الله: (الْفطْرَة خمس الْخِتَان والاستحداد وقص الشَّارِب وتقليم الأظافر ونتف الْإِبِط).
ونلاحظ هنا أن الختان قُرن بسنن وليس بواجبات فحكمه حكمها.
وسؤالي هل ثبت أن النبي اختتن؟، أو ولد مختونا؟. وهل ثبت أن النبي محمد ختن أحدا من أولاده؟. ومن كان يمتهن الختانة من الصحابة؟، هل كان النبي يتأكد من الصحابة الجدد في الإسلام أ كانوا مختونين أم لا؟، لماذا لم يذكر أحدا من الصحابة أنه اختتن في زمن النبي؟.
وهذه رواية عن الحسن البصري للإمام أحمد بن حنبل؛ حيث قال: حَدثنَا الْمُعْتَمِر عَن سلم ابْن أبي الذَّيَّال قَالَ سَمِعت الْحسن يَقُول يَا عجبا لهَذَا الرجل - يَعْنِي أَمِير الْبَصْرَة- لَقِي أشياخا من أهل كيكر؛ فَقَالَ: مَا دينكُمْ؟، قَالُوا: مُسلمين؛ فَأمر بهم ففتشوا فوجدوا غير مختونين؛ فختنوا فِي هَذَا الشتَاء؛ وَقد بَلغنِي أَن بَعضهم مَاتَ، وَقد أسلم مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الرُّومِي والفارسي والحبشي فَمَا فتش أحدا مِنْهُم.
في ختام مقالي هذا أنا أتحدث عن شرعية ووجوب الختان القائم على نص من القرآن أو السنة بغض النظر عن وجهة نظر الطب المحايدة.


المرجع: كتاب (تحفة المودود في أحكام المولود) لابن القيم، تحقيق: عثمان بن جمعة ضميرية، ط دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، بتمويل من مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية، صفحات: 233- 234، و236-261.
بواسطة : عبدالرزاق القوسي
 0  0  112.4K