فهم الحديث الشريف كما ينبغي.
السؤال: ألا يتعارض ظاهر الحديث الشريف ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله الا الله، فإن قالوها، عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها، وحسابهم على الله ) مع قوله تعالى: لا إكراه في الدين..؟
١- لا بد في التعامل الصحيح مع السنة النبوية من فهم الأحاديث النبوية في ضوء القرآن الكريم و بما يتوافق مع أصول الشريعة. اذا كان ظاهر الحديث يخالف صريح القرآن لا بد من تأويله ليتوافق معه. و اذا استحال التوفيق يُرد الحديث و لو كان ظاهر السند صحيحاًً، لوجود علة في المتن. و علماء الحديث يعتبرون الحديث معلولاً لمتنه اذا خالف القرآن او صريح المعقول او ناقض الواقع المحسوس او الحقيقة التاريخية. فالعلماء مثلاً ردوا حديثاً يروي ان ابن مسعود قام متحدثاً يوم صفين لانه ثبت انه مات قبل صفين. و ردوا حديث: لا يدخل الجنة ابن الزنى الى سابع ولد لمخالفته القرآن: و لا تزر وازرة وزر اخرى. و كذلك حديث: الوائد و الموؤدة في النار و لو صحح بعضهم سنده، فلا يصح هذا عقلاً و لا شرعاً. كيف و القرآن استنكر قتلها بلا ذنب فبم تدخل النار !!!
٢- الحديث المذكور صحيح السند رواه الامام البخاري في صحيحه. المشكلة هي في فهم او سوء فهم الحديث. لا يمكن بحال فهم الحديث على ان الرسول أُمِر بقتال كل الناس ليجبرهم على قول لا اله الا الله. فهذا يعارض القرآن ( لا اكراه في الدين- و لو شاء ربك لآمن من في الارض كلمه جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين - فإن اعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ ). بل يناقض أصول الدين و ينسف المسؤولية و الحساب و العقاب..
٣-المفتاح للفهم الصحيح للحديث هو في كلمتي الناس و حتى. لام التعريف في اللغة تستخدم لاستغراق الجنس كقوله تعالى: ملك الناس اله الناس. و لكن قد تستخدم ايضاًً للعهد الذهني فتشير الى شيء مخصوص معروف و معهود بين المتكلم و المخاطب. و ذلك كقوله تعالى: ( الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم..) فالناس الاولى هم المنافقون و الثانية هم المشركون. و المخاطبون بالآيات يعلمون السياق الزمني للآيات و الأحداث المتعلقة بها. اذا دعوت بعض أقاربك الى غداء في بيتك و اتصلت بزوجتك و سألتها هل وصل الناس؟ فأنت تعلم و هي تعلم انك تسأل عن المدعوين و ليس عن كل البشر.
الناس الذين يتحدث عنهم الرسول في الحديث هم المشركون الذين حاربوه و عذبوا و قتلوا أصحابه و ليس كل البشر. فهو يخبر أصحابه بانه امر بقتالهم و سبب قتالهم هو رد عدوانهم و ظلمهم و ليس كفرهم كما يدل صريح القرآن:
" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا.."
" و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا..."
" فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "
اما كلمة حتى فلها عدة معانٍ. فهي قد تأتي لبيان السبب و العلة كقوله تعالى: لا تُنفِقُوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. اَي لكي ينفضوا عنه. و كقولنا ادرس حتى تنجح. و هذا بالتأكيد ليس المقصود في الحديث فليس قتال الرسول للمشركين لكي يحملهم بالاكراه على قول لا اله الا الله فهذا يعارض نصوص القرآن. و المعنى الأكثر استعمالاً بكلمة ح هو بيان غاية الفعل او الشيء و منتهاه كقوله تعالى سلام هي حتى مطلع الفجر ، و كقولنا ادرس حتى ارجع إليك، اَي انك تتوقف عن الدراسة عند رجوعي. فالرسول يبين ان قتاله للمشركين و هو قتال سببه عدوانهم و ليس كفرهم ينتهي و يتوقف اذا اسلموا برغم ما ارتكبوا قبل اسلامهم من قتل و تعذيب للمسلمين فقولهم لا اله الا الله يعصم دماءهم و ذلك ان الاسلام يجب ما قبله.
والله تعالى اعلم
١- لا بد في التعامل الصحيح مع السنة النبوية من فهم الأحاديث النبوية في ضوء القرآن الكريم و بما يتوافق مع أصول الشريعة. اذا كان ظاهر الحديث يخالف صريح القرآن لا بد من تأويله ليتوافق معه. و اذا استحال التوفيق يُرد الحديث و لو كان ظاهر السند صحيحاًً، لوجود علة في المتن. و علماء الحديث يعتبرون الحديث معلولاً لمتنه اذا خالف القرآن او صريح المعقول او ناقض الواقع المحسوس او الحقيقة التاريخية. فالعلماء مثلاً ردوا حديثاً يروي ان ابن مسعود قام متحدثاً يوم صفين لانه ثبت انه مات قبل صفين. و ردوا حديث: لا يدخل الجنة ابن الزنى الى سابع ولد لمخالفته القرآن: و لا تزر وازرة وزر اخرى. و كذلك حديث: الوائد و الموؤدة في النار و لو صحح بعضهم سنده، فلا يصح هذا عقلاً و لا شرعاً. كيف و القرآن استنكر قتلها بلا ذنب فبم تدخل النار !!!
٢- الحديث المذكور صحيح السند رواه الامام البخاري في صحيحه. المشكلة هي في فهم او سوء فهم الحديث. لا يمكن بحال فهم الحديث على ان الرسول أُمِر بقتال كل الناس ليجبرهم على قول لا اله الا الله. فهذا يعارض القرآن ( لا اكراه في الدين- و لو شاء ربك لآمن من في الارض كلمه جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين - فإن اعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً إن عليك إلا البلاغ ). بل يناقض أصول الدين و ينسف المسؤولية و الحساب و العقاب..
٣-المفتاح للفهم الصحيح للحديث هو في كلمتي الناس و حتى. لام التعريف في اللغة تستخدم لاستغراق الجنس كقوله تعالى: ملك الناس اله الناس. و لكن قد تستخدم ايضاًً للعهد الذهني فتشير الى شيء مخصوص معروف و معهود بين المتكلم و المخاطب. و ذلك كقوله تعالى: ( الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم..) فالناس الاولى هم المنافقون و الثانية هم المشركون. و المخاطبون بالآيات يعلمون السياق الزمني للآيات و الأحداث المتعلقة بها. اذا دعوت بعض أقاربك الى غداء في بيتك و اتصلت بزوجتك و سألتها هل وصل الناس؟ فأنت تعلم و هي تعلم انك تسأل عن المدعوين و ليس عن كل البشر.
الناس الذين يتحدث عنهم الرسول في الحديث هم المشركون الذين حاربوه و عذبوا و قتلوا أصحابه و ليس كل البشر. فهو يخبر أصحابه بانه امر بقتالهم و سبب قتالهم هو رد عدوانهم و ظلمهم و ليس كفرهم كما يدل صريح القرآن:
" أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا.."
" و قاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم و لا تعتدوا..."
" فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا "
اما كلمة حتى فلها عدة معانٍ. فهي قد تأتي لبيان السبب و العلة كقوله تعالى: لا تُنفِقُوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا. اَي لكي ينفضوا عنه. و كقولنا ادرس حتى تنجح. و هذا بالتأكيد ليس المقصود في الحديث فليس قتال الرسول للمشركين لكي يحملهم بالاكراه على قول لا اله الا الله فهذا يعارض نصوص القرآن. و المعنى الأكثر استعمالاً بكلمة ح هو بيان غاية الفعل او الشيء و منتهاه كقوله تعالى سلام هي حتى مطلع الفجر ، و كقولنا ادرس حتى ارجع إليك، اَي انك تتوقف عن الدراسة عند رجوعي. فالرسول يبين ان قتاله للمشركين و هو قتال سببه عدوانهم و ليس كفرهم ينتهي و يتوقف اذا اسلموا برغم ما ارتكبوا قبل اسلامهم من قتل و تعذيب للمسلمين فقولهم لا اله الا الله يعصم دماءهم و ذلك ان الاسلام يجب ما قبله.
والله تعالى اعلم