المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأربعاء 24 أبريل 2024
د محمد بن إبراهيم السعيدي
د محمد بن إبراهيم السعيدي
د محمد بن إبراهيم السعيدي

سلمان ونجله والنظام الأساسي للحكم



عيدٌ مباركٌ في هذه البلاد إن شاء الله للقيادة وللشعب والأرض ؛ نقولها دعاءً وضراعةً لله عز وجل ، كما نقولها حكايةً عن واقع نحمد الله ونشكره عليه .
فقد جاء هذا العيد وفضل بلادنا يتجلى على سائر البلاد بما حفظها الله تعالى به من الأمن والطمأنينة ، وما فتح فيها من مسالك الرزق وطلب العيش التي لا تكاد توجد في مثلها ، وبما تفضل عليها من القيام بشريعة الله تعالى دولة وشعبا بما لا تشاهده فوق أي أرض وتحت أي سماء.
نعم : أنا لا أتحدث في كل ذلك عن مستوى الكمال ، ولا ما هو قريب من الكمال ، فالنقص مشاهد ويدركه المواطن والمسؤول ، ونُذُرُ الخطرِ لا تخفى على كل مبصر فضلاً عن أن تخفى عن أصحاب القرار وعِلْيَةِ متخذيه في هذه الدولة ؛ لكنني أتحدث عن الفضل على الغير في مجموع هذه الأشياء وفي غيرها ولله الفضل جميعاً .
وسوف أقف في هذا المقال على أمر مهم مما فَضُلت به بلادنا على سائر بلاد العالمين شرقيها وغربيها ؛ لا يدانيها فيها دولة من الدول فضلاً عن أن تكون مساوية لها ؛ ولن أستحي من الإطالة في إطرائه والثناء عليه ، بل الحياء يجب أن يكون في إهمال أو تقليل الصدع به في زمنٍ تتعرض فيه بلادنا للكثير من محاولات التقزيم التي تستدعي منا استدعاء كل طريف وتالد من مآثرها لتجليته كي يَعِيَه المواطن والمقيم والمُشَرِّق والمُغَرِّب .
وأعني بذلك النظام الأساسي للحكم الذي يُعَدُّ قانوناً الوثيقةَ الأعلى في الدولة .
واختياري للحديث عنه ليس اتفاقاً ، وأنما لمناسبته مع قرب عهدنا بتولية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لنجله صاحب السمو الملكي الأمير محمد ولياً للعهد .
وأذكر أني يوم عين الملكُ عبدُالله الآمير سلمان-آنذاك- ولياً للعهد تحدثت عن هذا النظام في وسائل الإعلام ؛ لارتباطه في ذهني كثيرا بالملك سلمان على وجه الخصوص .
فالملك سلمان من أواخر أركان الدولة السعودية من أبناء الملك المؤسس الذين كان لهم يد طولى في كتابة هذا النظام ومراجعته وإقراره بأمر ملكي عام ١٤١٢أصدره الملك فهد رحمه الله .
وهذا النظام الفريد أجزم أن المملكة ستتعرض لضغوط دولية لتغيير بعض مواده إن لم يكن ذلك قد بدأ بالفعل ؛ وهي تلك المواد التي ترسخ المنطلقات الدينية للدولة وتجعلها أساساً لجميع ما يصدر عنها من أنظمة وتشريعات ، وأساساً أيضا لميزانها في العلاقات الدولية والسياسات الخارجية والنشاط الدولي ؛ كما تقضي بجعل الدين أيضا أساساً للبناء الاجتماعي والعمل التربوي
والنشاط الاقتصادي .
فالعالم الذي تسوده اليوم القِيَم والفهوم الغربية يمارس بمجموعه حرباً ضد الدول المرتبطة نظامياً بالدين ؛ لما في الموروث الفكري والسياسي الأوربي من ارتباط بين دولة الدين والنظام الثيوقراطي الذي يعني إعطاء البشر من الحكام سلطات إلاهية بل أوصافاً إلاهية .
هذا المفهوم الأوربي الخاطئ ، بالإضافة إلى ما لدى الغرب منذ بداية العصر الاستعماري في القرن الثامن عشر الميلادي من جنوح إلى فرض مفاهيمهم للكون والحياة على جميع بلدان العالم ؛ جعل الدول العظمى ومؤسسات الأمم المتحدة تقف بصلف لا مثيل له أمام أي محاولة في العالم الإسلامي أو أي مناداة بتطبيق الشريعة كلياً أو جزئيا ؛ وتقف مع هذا الصلف العالمي الأحزاب والاتجاهات اليسارية والعلمانية والليبرالية في كل البلاد العربية والإسلامية .
لذلك نجد أنه بالكاد يستطيع المخلصون في بلاد المسلمين تمرير مادة تؤصل شكليا لمرجعية الشريعة ، أو قانون قضائي يستند صراحة للفقه الإسلامي .
وأعتقد أن السعودية عَبَرت عقوداً منذ إعلانها عام ١٣٥١وحتى ١٤١٢دون نظام أساسي تلافيا لمثل هذا الاحتكاك بالمنظمات الغربية ؛ وكان إعلانها عنه في ذلك التاريخ وبهذه الصورة الرائدة يعبر عن شجاعة سياسية واستقلالية في اتخاذ القرار عز أن تملكها دولة إسلامية أخرى .

وقد كان الملك سلمان حفظه الله في مطارحاته الفكريه في كثير من مجالسه كما حدثني غير واحد يتحدث عن هذا النظام كمنجز عظيم من منجزات الدولة ؛ وحق له أن يتحدث كذلك ؛ ونحن اليوم في عصرِ قيامِه حفظه الله بمنصب الملك ،وتولي نجله الشاب منصبي ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ، ننتظر بإذن الله خدمات جليلة تُقَدَم لهذا النظام الجليل الفريد الرائد .
فإن الدساتير الوضعية في البلاد الأخرى تمتلك بدايةَ ما يتم إقرارها روحاً يَفْتَرِضُ المشرعون أن تبقى نابضة في عروق سائر ما يتم إنشاؤه بعدها من أنظمة ،وسائرِ ما يُتَّخذ من سياسات ؛ إلا أن الذي يحصل عادة هو تلاشي تلك الروح وجفاف الأنظمة من دمائها بعد مضي فترة من الزمن ؛ يؤدي هذا الجفاف إلى انحرافٍ تدريجي عن هذه الدساتير يبدأ بشكل غير ملحوظ ، وينتهي بمفارقةٍ كلية ؛ وأوضح مثال على ذلك هو الدستور الأمريكي الذي تحدثت عنه في مقال سابق بعنوان”بعد زيارة ترمب هل هرمجيدون لارالت قائمة” .
واليوم فإن ربع قرن من الزمان مر على إصدار هذا النظام تكفلت بأن يجري عليه شئٌ مما جرى على الدساتير في الدول الأخرى .
وأعظم خدمة ستقدمها قيادتنا لهذا النظام هي إعادة بعث روحه نابضة في كل ذرة أوجزء من الذرة في كيان دولتنا المباركة .
وأختم هذا المقال بسرد أربع مواد من أنفس ما في هذا النظام تدليلاً للقارئ على صدق ما تكلمت به من إطرائي إياه.
المادة السابعة:”يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى وسنة رسوله وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة”
المادة الثامنة
“يقوم النظام في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية”
المادة التاسعة
“الأسرة هي نواة المجتمع السعودي ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولي الأمر واحترام النظام وتنفيذه وحب الوطن والاعتزاز به وبتاريخه المجيد .
المادة العاشرة
“تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية ورعاية جميع أفرادها وتنمية الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم “

بواسطة : د محمد بن إبراهيم السعيدي
 0  0  16.6K