وسكت الكلام
- بدأت أشعر بالتعب الشديد ..لم أذق طعم النوم ليلة البارحة ؟؟!
كم كنت بحاجة لشيء أرفه به عن نفسي .*
طال مكوثي في بيتنا الجبلي …..لم أخرج منه منذ أسبوعين*
قمت عن سريري متثاقلة ,أتأمل منظر البدر المطل على نافذة شرفتي …
لقد طلع وتلألأ نوره الأخاذ , على أرجاء قريتنا الجميلة..*
فاختفت معالم ظلمة تخيفني… لزعمهم أن هناك أسد لايخرج إلا هزيعا ..
و يصطاد من الضحية قلبها وأذنيها,
وأخشى على قلبي الضعيف أن يؤكل
وأذني قوية السمع أن تقضم,..
فكيف يكون حالي بدون قلب وأذن ؟؟ !!*
تجلى القمر وكأني لم أره بهذا الجمال , من قبل ..
كان مختلف بزوغه كما هو في المدينة.. النجوم من حوله تسطح في سمائها*
و نهر قريتنا يرتجف تحت أبخرته البيضاء ارتجاف امرأة راقصة*
تقدمت أنقل خطواتي على نغم صوت ديكنا الأبله , وصياحه المتواصل
وحمار جارنا أبو سعيد ,
يواصل نهيقه .. يسكت برهة ثم يعود مرة أخرى ليسمعنا أنكر الأصوات ؟!
رباه إنه قطع علي حبل أفكاري, التي كادت تهدأ في هذه الساعة الرائعة ,..
نهرته وأومأت بعصا كانت بجواري*
ظنا مني أنه سيصمت ويتوقف .. ولكنه زاد نهيقا*
أرسلت الخادمة لبيت جارنا ليسكت حماره ,
وفي وسط الطريق تعثرت بحجر أصاب قدمها ,
وعادت لتضمد جرحها وأثناء عودتها صمت الحمار, ..
قلت لها مداعبة (أرأيت كيف لجمنا ه؟؟!
ربما خاف منك ودعا عليك , لأنك ذهبت تشي به !! ..*
نسيت ألمها وضحكنا على منظر الحمار وهو ينظر بعين بلهاء
باردة خالية من أي عمق؟؟!…
مشيت قليلا وفتحت باب شرفتي على مصراعيه*
كالعادة طيور قريتنا جاثمة في أوكارها ,والفراشات
تحوم تروح وتجيء , لايسمع لها صوت , تبتعد عن النور ثم لاتلبث أن تعود له ……
جلست على منضدتي وانكببت على أوراقي أسترجع بعض الدروس
وغرقت في أفكاري ونسيت كل شيء ..ولم أرفع عيني*
إلا على بزوغ الشمس ترسل أشعتها النارية نحو النوافذ ….اعتدلت في جلستي*
ثم خاطبت جليسي الثاني الكبير في حجمه والصغير في سنه وتفكيره .
.كل شيء فيه مضخم ..جسمه المكتظ بأرطال لحم ينوء بحمله مقعد خشبي أكبر منه وزنا ؟؟!!
و وجهه الممتلئ الدائري الطفوليالمشرب بحمرة الورد الجوري…
قلت له كيف ترى اليوم في قريتنا ..هز رأسه ولم يجبني ؟؟!!
قلت أنا أ جيب على سؤالي؟؟!!*
النهار هنا طويلا ممل ؟؟! والليل أجمل قال دعيني وشأني ولا تكثري علي أسئلة ؟؟
أحسست بزهقه … هم بالخروج*
قلت تعال … ..*
نعم حاضر … التمعر والاستياء*
باد على محياه …
ممكن خدمة…*
هلا أحضرت لي مذكرات وأوراق من مكتبي المجاور ؟!
رجع بكومة أوراق متكدسة أعددتها من مدة*
لسلة الحاوية*
وأهملتها لأن والدتي في حالة سفر والوضع على ماهو عليه ..
مسكينة أمي مازالت تعتني بتنظيف دولابي ومكتبي وأرضية غرفتي …
كنت أحزن على أوراقي المفقودة التي كتبت عليها عصارة خاطرتي أو أقصوصتي
أو أي شيء آخر …. أبحث عنها ولا أجدها …أعود لأمي وأسألها تقول يابنتي
( هل نقصت قمامة العالم لتزيديها بأوراقك الفوضوية ) ….أصمت وأكظم غيظي*
وأكتب على الجدران والصخور بعض الجمل أمام حقلنا الكبير وأحفر كلماتي برأس حجر حاد !!
..قالت لي أمي مرة ألا تعلمين أن الحائط قرطاس المجانين؟؟!! ….
هززت رأسي إيه أعلم!!*
ولكن رائع أن أحفر عليه ذكريات جميلة أتذكرها كلما جئت لهذا المكان ….
أعلم أنك تلومينني دوما على عادتي القديمة غير اللائقة
ولكن ما باليد حيلة طالما مكنسة وقسطل التنظيف
لايفا رق يد ( صابرتي ) ومحرضتها أمي العزيزة ؟!
يااااااااااه أفكاري ذهبت لبعيد وجليسي لاأرى إلا ظله ينصرف ويعود وفي كل عودة
يلقي أكوام من الأوراق والكتب أمامي اكتظت كربوة رمال فوق بعضها البعض ؟؟! أنظر بعيني وعقلي سافر مع ذكرياتي ..
عدت لرشدي يااااااااااه ماهذا ؟؟!!*
أنا طلبت المجموعة التي على الرف الخارجي
وأنت نقلت المكتبة بأكملها ؟؟؟
ضاق بي ذرعا… أنت الكسلانة. .. أخدمي نفسك وكتبك الخاصة بك أنت الأعلم بها ؟؟
قلت هه لسانك أصبح له رؤوس شوك صبار ومسامير حادة ؟؟!!
سأحرمك من رؤيتي ولن آتي للقرية مرة أخرى ؟؟! التفت إلي وعينه ترجوني ألا أكرر هذه العبارة … .
مسكين . بعد مغادرة أخته ليس له حيلة ومن حزنه عليها يتمسك بكل من يحبها .. وهي من أحب قريباتي !!
جمع الكتب وأعادها إلى المكتبة و هم بالخروج قلت تعال*
أشعر بالسأم أكثر منك ..استرسل بكلماته الطفولية*
يحدثني عن شقيقته وزواجها الذي مضى عليه أسبوعين وتمتم بكلمات خفيضة ( ترى الدنيا والمنزل بدونها مايسوى )*
عيناه تنطق وتترجم قبل لسانه*
قال هه ( صككت على أغراضها وجمعت حوائجها في الملحق حتى ماأحد يأخذ منها شيء) قلت أعطني المفتاح لأشاهد ممتلكاتها*
( لست غبي لأفرط الأمانة ؟؟! )
وماذا بعد ؟؟؟هل تشعر بحزن بعد أن رحلت مع عريسها…….*
وجهه البريء تلون وكأنه يخفي شيء ما ..سبحان الله*
..أعماقي تحدثني أنه لايفقه من الحياة إلا الأكل والشرب والنوم واللعب والمرح*
والنتقل بين بيوت الأقارب ليتسلى مع أقرانه أو الذهاب للنادي لتخسيس وزنه
الذي ناف على المئة ..وهل يعقل أن له مشاعر وأحاسيس مثلنا و من على شاكلته ؟؟!!
لاهم لهم إلا الدقيقة التي تمر والوقت يمشي أو يتوقف كله سيان !!…*
سألته لأطرد الملل الذي نحرنا*
ماهو الإحساس ..ابتسم هه أعرفه ولا أرغب الإجابة؟!! ..*
أجيبي أنت؟؟ … طال عمرك هو لحمة نضعها في الفرن ونضيف عليها توابل
ثم تنضج ونأكلها ؟قال لاااااااااااا قهقهنا من أعماقنا كطفلين يعبثان بالوقت ؟!*
قال الآن سأجيب*
عرفت ماذا تقصدين بالإحساس ( لو واحد ضربني أحس بوجع الضربة)؟؟!! كم تألمت من أعماقي لإجابته ؟؟!!
قلت رائع كيف عرفت ؟ كنت أرغب أن يشعر بأنه انتصر علي ؟!
ظللت أكثر عليه الأسئلة الواحد تلو الأخر … …لافائدة إنها تظهر عجزه الفكري…
يصمت كثيرا ثم يزفر أوووووووف طويلة دعيني أنام ؟؟!*
قلت انتظر آخر سؤال واذهب*
مارأيك لو والدك يرد مهر أختك ويستردها وترجع لبيتكم مد بصره إلى الأفق ليستوعب أبعاد نكبته بأخته ؟؟
غطى وجهه بيديه المكتنزة و أجهش نحيبا لم أر مثله طوال حياتي
ظننت أن روحه ستخرج من كثرة شهقة أنفاسه*
بكيت معه وشاركته دمعته الصادقة وكلانا نفض مابداخله*
ولكن بكائي مختلف إنه ينزف منذ سنين ولت ورحلت ويتجدد الجرح على أناس*
دخلوا أعماقي ورحلوا …وهو يبكى أناس تعود أن يراهم أمامه وهم على قيد الحياة ؟؟!!*
قلت وكل هذا في داخلك ولم تفصح ؟؟! …. كنت أظنك لاتفكر أبعد من مسافة حمار العم أبو سعيد*
الآن عرفت أنك تشعر بالحنين لشقيقتك ؟؟
ماذا ينفع لوأفصحت لك أني أحن لها ؟؟!!… … ربت على ظهره .. الأمر سهل هين*
وليس هنا ك معجزة لرؤيتها أو سماع صوتها كلما اشتقت لها*
أما أنا أحن لهذا الجاثم على الربوة
وأتوق لرؤية وجهه و سماع صوته ولا أستطيع ؟؟!! .. سلام عليه حي وميت
.حني رأسه على الأرضوشاح بوجهه عني*…….*وقد طار النوم من جفونه*
كما طار من نافذتي*
و مساحة الصمت خيمت على كلانا…
وأدركت أن كل منا له أحاسيس ومشاعر وحزن
وألم ووفاء …ودعته وفي النفس هم وشجن …
وسكت الكلااااااااااااااااااااااااااام ..........................!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
18-09-2016 09:40 مساءً
0
0
8.5K