كهنوت الملالي وأكذوبة " الخُمس "
هل تُصدّق أن ساحة الأقصى كانت يوما محلات للصرافة؟
نعم هكذا كانت في زمن اليهود عندما استغلّ الأحبار سُلطتهم الدينية في ابتزاز الشعب، فقالوا لهم إن العُملة المضروبة غير جائزة لما عليها من تصاوير، وأن على من يريد تطهير ماله أن يدفع قطعتين (حرام) ليأخذ مكانها قطعة (حلال)، فتحوّلت ساحة الأقصى لمحلات للصرافة.وسار على نفس المنوال رهبان الكنيسة، فما أروع أن يشتري المواطن قطعة أرضٍ في الجنة بمبلغ يدفعه إلى القساوسة، أو ربما أخذَ بهذه الأموال صكّ الغفران.حقيقة استغلال الدين في اليهودية والمسيحية لتحقيق مكاسب مادية تطرّق إليها القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ } [التوبة: 34].فالأحبار والرهبان قد استفادوا من سلطتهم الكهنوتية باعتبارهم ينوبون عن الله، في فرض تشريعات يبتزّون بها الشعوب.
وأما في ظل الإسلام، فلم يكن لهذه الطبقة الكهنوتية وجود، وتمثّل فساد بعض علماء الدين في التزلّف إلى الحكام وأُولي السطوة لتحقيق المكاسب المادية.
*غير أن الشيعة الإمامية الإثنى عشرية المنتسبين للإسلام، قد واكبوا ما عليه أصحاب السلطة الكهنوتية عن طريق عقيدة الإمامة باعتبارها أصل الدين، وما تولّد عنها (الولي الفقيه)، فصارت سلطة الملالي والمرجعيات العلمية في قُم توازي سلطة الأحبار والرهبان قديما.
ومن أبرز مظاهر الابتزاز واستغلال الدين لتحقيق مكاسب مادية لدى الشيعة هو (الخُمس) الذي يدفعه كل شيعي إلى مرجعياته والتي غالبا تكون في إيران، حيث أن البعض من الشيعة يتّخذ من مَلالي النجف مرجعيات له.
حُكم الخمس معروف في الكتاب والسنة، وجاء فيه قول الله تعالى:
{ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ } [الأنفال: 41].
والمقصود به خُمس الغنائم وهو ما انتزعه المسلمون من الكفار بالغَلبة وله مصارفه المبسوطة في كُتب الفقه.
إلا أن الشيعة قد زعموا أن الخُمس هو (مُطلق الكسب وليس ما يؤخذ من الحروب) ولا يقتصر على الغنيمة التي يتمّ الحصول عليها في الحروب..
فهي تشمل كل ما ملك الإنسان في حياته، وهو أمر مُحدث حتى عند الشيعة، حيث أنه لا ذِكر للخُمس في كُتب المتقدمين منهم.
واختلف أهل المذهب الشيعي فيما يصل إلى الإمام من الخُمس في (عصر الغيبة)، أي بعد غيبة إمامهم المهدي وهو محمد بن الحسن العسكري الذي يعتقدون بعودته في آخر الزمان باعتباره المهدي المنتظر.
فمعظمهم قد ذهب إلى أن الأئمة المجتهدين ينوبون عن الإمام في أخذ هذه الأموال لحين خروج الغائب، ومن ثمّ صارت لهم تلك السلطة التي جعلت لهم اقتصادياتهم الخاصة بهم، وجعلتهم كالدولة داخل الدولة.
فالخُمس اليوم لدى الشيعة الإمامية يخرج من عامة أموالهم إلى القيادات الدينية.
يقول الإيراني حيدر علي قلمداران القُمِّيّ في كتابه "بحث عميق عن الخمس في الكتاب والسنة: (هل تدركون ما هي نتيجة هذا الحكم العظيم الذي تفتّقت عنه عقول مُروّجي الدين المُبين ونسبوه ظلماً لشريعة السماء الإلهية التي جاء بها سيد المرسلين؟
إن معنى هذا الحكم أن كل سنة لا بد من إلقاء خُمس كل درهم من الثروة الموجودة على سطح الأرض في البحر كي يأتي الإمام الغائب بعد عدة آلاف من السنين فيأخذ هذه الثروة الهائلة من قعر البحر (ليصرفها فترة إمامته التي يُقال إن المُعاملات فيها ستكون بالصلوات ولن يحتاج أحدٌ فيها لدرهم ولا لدينار).. ربما ليبني بها ناطحات سحاب من ذهب وفضة).
إن الخمس الذي يدفعه كل الشيعة في بقاع الأرض لمرجعياتهم الدينية، لم يكن ليحرص عليه الشيعة بذلك الشكل إلا في ظل وجود نظرية الولي الفقيه التي اخترعها الخميني، والتي جعلت المرجعيات العلمية الكبرى تنوب عن الإمام الغائب المزعوم، وما هو إلا حلقة في سيطرة الكهنوت الرافضي على عوام الشيعة.
هذا الخُمس هو سبب بقاء الشيعة إلى اليوم، حيث جعل أئمتهم يتنفّذون في الدول وكأنهم ملوك وقادة، وإليه يعود تدفّق الأموال الشيعية على الأنشطة التبشيرية وبناء القواعد في كل دول المنطقة.
وعند قيام الثورة الخمينية وتوحّد الخطين السياسي والديني في طهران، كان الخمس هو أحد أسباب صمود الاقتصاد الإيراني، وبه تمكنت إيران من الزحف بقوّتها الناعمة إلى الشعوب الإسلامية والعربية.
الخُمس هو من جعل إيران تشتري الذمم الرخيصة للإعلاميين والكُتّاب والسياسيين، وصار لها في كل مكان من يتكلم باسمها، ويسكت عن جرائمها.
وبالتوازي مع فريضة الخمس، جعل أئمة الشيعة لأتباعهم مخرجا ومتنفسا آخر يصطبغ بالصبغة الشرعية، حيث أجازوا لهم أموال النواصب وهم أهل السنة، فأموالهم حلالٌ أكلها.
لقد أصبحت المناصب الدينية في إيران مطمعا للملالي ومحلا للتنافس، لأنها تُدِرّ عليهم دخلا هائلا بسبب الخمس، الذي يؤديه عموم الشيعة ولا يعلمون عنه شيئا، بل تحرص المرجعيات الدينية على أن يؤدي أكبر عدد من الشيعة فريضة الحج لأهداف منها، أنهم لا يُجيزون للشيعي الحج إلا بعد أن يؤدي الخمس.
فضائح المرجعيات الدينية في إيران تُزكم الأنوف، ولو كانت هذه الأموال الهائلة التي تعادل ميزانية دولة، تُنفق على الشعب الإيراني لما وُجد فيهم فقير ولما انتشر الفساد في المجتمع الإيراني.
فالدراسات تتحدث عن وجود من 10 الى-15 مليون فقير في إيران، وتعاني إيران كثيرا من مشكلة المساكن العشوائية، كما أن نسبة بائعات الهوى هائلة بسبب ضعف الاقتصاد.
*يقول د. غازي التوبة في ورقة بحثية ضمن دراسة بعنوان "المشروع الإيراني في المنطقة العربية والإسلامية": (بناء على مؤشرات معتمدة للكسب والعمل من قبل البنك الدولي لعام 2010 احتلت إيران المرتبة 137 من بين 187 دولة.
وتأتي مشكلة سكان العشوائيات في إيران كإحدى المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الإيراني، ويُقدّر سكان العشوائيات بخمسة ملايين نسمة، وتقدرها دراسات أخرى بعشرين مليوناً، ولا شك بأن وجود مثل هذه العشوائيات سيكون مرتعاً لتفريخ الجريمة، وتشير دراسة أجريت على هذه الفئة في المناطق القريبة من طهران إلى أن 59 % منهم من مرتكبي الجرائم)..
وإني لأعجب من شيعة العرب الذي يدفعون الخُمس إلى مرجعياتهم سواء كانوا في قُم أو في النجف، أين انتماؤهم لأوطانهم؟ أليست بلادهم أولى بتلك الأموال؟ هل الكلام عن المواطنة له ظروفه؟
هم لا يتحدثون عن المواطنة إلا إذا تعلق الأمر بإثارة قلاقل واضطرابات ضد الحكومات، ولا نسمعه إلا في المَواطن التي يدّعون فيها المظلومية ويطالبون فيها بحقوقهم المزعومة.
عارٌ عليكم يا شيعة الخليج خاصة، أن تتوزع أموالكم على النجف وقُم بحسب تعيين مرجعياتكم، أتدرون ما معنى هذا؟
معناه أن أموال الخليج تذهب إلى إيران لكي تصنع وتشتري به السلاح الذي تقتلنا به، وتغزو به بلادنا فكريا وثقافيا واقتصاديا.
*وأسأل حكام بلادنا العربية والإسلامية، أين أنتم من الخُمس الذي يبذله رعاياكم لإيران على مسمع ومرأى منكم؟
أنتم تراقبون المؤسسات والجمعيات الخيرية التابعة لأهل السُنةّ التي تجمع الزكوات والتبرعات من أجل الأعمال الخيرية وحفر الآبار في البلاد المنكوبة ومخيمات اللاجئين.. وهي التي تقوم (ومشهودٌ لها) بكفالة الأيتام وتعهّد عائلات ليس لها مُعيل وبناء مستشفيات ومدارس ومرافق عامّة، وتفرضون عليها رقابة صارمة، فلمَ التهاون مع أموال الخُمس التي تبدد ثروات البلاد، والطامة الكبرى أنها تذهب إلى العدو الذي منه تصرخون وتستصرخون وتُحذّرون؟!!
وعلى النشطاء الشرفاء وقادة الرأي في دول الخليج وفي بلاد الحرمين تحديدا دور كبير في إثارة هذه القضية ، لتكوين رأي عام واعٍ يضغط على صُنّاع القرار بضرورة الرقابة الصارمة على الخمس أسوة بأموال الزكوات والصدقات على الأقل...
عن موقع شؤون خليجية