المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 9 مايو 2024

ياولي العهد رؤياك لها صفة (الديمومة)

ولي العهد محمد بن سلمان رجل حرفته صناعة التاريخ والأمجاد، نذر نفسه لإعادة صياغة هذا الوطن ليلبسه أبهى حلل العصر ويقوده نحو مسار التحديث الصاعد ليعلي هامته بين الأمم. إنها مهمة صعبة ولكن محمد بن سلمان رجل المهام الصعبة. وفاؤه للوطن منحه وفاء المواطنين بكل شرائحهم وأطيافهم فشربت محبته القلوب وقرت به العيون. إذا كان الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحد هذا الوطن جغرافيا، فإن محمد بن سلمان يدشن مرحلة جديدة لغرس رؤية الولاءالصادق والانتماء الحقيقي، مرحلة ترميم البناء الاجتماعي وإعادة هيكلته وفق أسس حديثة ومفاهيم عصرية ليجعل من هذا الوطن وطنا فيه متسع للجميع والكل فيه سواسية. فهو ــ حفظه الله ــ حريص كل الحرص على كل ما من شأنه أن يزيل الحواجز التقليدية والتقسيمات الاجتماعية التي تفتتنا وتجرح شعورنا الوطني وتعيق تطورنا ومسيرتنا التنموية. وهو حريص أيضا على أن يخرج المجتمع من عنق زجاجة التخلف الفكري والثقافي ليحث الخطى ويغذ السير نحو التحديث الشامل والأخذ بأسباب الحضارة المتكاملة والتنمية المتوازنة على كل المستويات. إنه ينام ويصحو وكاهله مثقل بهموم الوطن وقضايا المواطنين.

انشغال الرعيل الأول والتضحيات الجسيمة التي قدموها في سبيل توطيد الكيان السياسي وتعزيز الوحدة الجغرافية وتثبيت المنجزات والمكاسب لم يفسح لهم المجال للالتفات إلى بقية الأسس والمقومات التي من شأنها أن تعمل على تنمية الشعور الوطني وحب الأرض. وانتهت مرحلة التأسيس وجاءت بعدها مرحلة النماء البناء، وانشغل الرعيل الثاني ببناء مؤسسات الدولة وقطاع الخدمات والبنية التحتية. والآن وفي ظل المعطيات والتحديات الدولية الراهنة أدرك ولي العهد محمد بن سلمان أننا دخلنا رؤية 2030 مرحلة جديدة نحن فيها أحوج ما نكون للالتفاف والتلاحم والانصهار في بوتقة شعور وطني واحد ورؤية جماعية وأهداف مشتركة بيننا يتفق عليها الجميع. لقد دشن عهده ــ حفظه الله ــ مشروع تدعيم وحدتنا السياسية والجغرافية وحماية مكتسباتنا وتعزيزها عبر وحدة اجتماعية وثقافية تجعلنا نحس بأمننا. إضافة إلى كوننا أبناء وطن واحد، أعضاء في مجتمع واحد متلاحم متماسك له ثقافة مشتركة. مرحلة ولي العهد هي مرحلة مزج المكونات الثقافية والفكرية لهذا الوطن وصهرها لتتفاعل فيما بينها وتشكل مع بعضها البعض هوية وطنية شمولية يتماهى فيها الكل وتستوعب الجميع. إنه يريد إعادة صياغة الثقافات المحلية والإقليمية والطائفية والقبلية المبعثرة ليحيلها من خيوط مهلهلة إلى نسيج متماسك ومن شظايا متناثرة إلى كيان ثقافي حي له فاعلية وتأثير وحضور قوي ومحسوس. يريد أن يحول المعزوفات المنفردة إلى أداء جماعي، إلى سيمفونية ثقافية متناغمة عنوانها تكريس الهوية وروح الانتماء والولاء بين مختلف فئات الشعب وطبقاته وفي كل المناطق، كل له فيها صوت مسموع ودور يؤديه.

مذ أن تولى محمد بن سلمان ولاية العهد توقع المحللون والمراقبون أن يكون عهده عهد الانطلاقة الحقيقية نحو التطوير والتحديث. وما تحقق وتراكم من إنجازات حتى الآن يشهد على ذلك، ويشكل قفزة كمية ونوعية أشاعت جوا من الثقة والاطمئنان والتفاؤل وبدأت تلوح في الأفق القريب تباشير فجر جديد ومستقبل واعد. كثير من الأحلام التي كانت بالأمس القريب بعيدة المنال أصبحت اليوم وعودا على وشك التحقيق في الأمد المنظور. الكل يعلق آمالا عراضا على ما يتحلى به أيده الله من انفتاح لا يفرط بالثوابت ومن تسامح لا ينقصه الحزم ومن تواضع تجلله الهيبة والوقار. فلا يمر يوم دون أن يصدر عنه أمر سام جديد هو بمثابة عمادة إضافية تسند البيت السعودي ووتد يشد أطنابه ويثبت بنيانه ويضيف له مساحات أرحب من حرية الحركة والتعبير والانفتاح ويجعل منه ملجأ آمنا يتفيأ في ظله الجميع وينعمون بخيراته في أمن ورخاء. لقد بدأنا نشعر بارتفاع سقف الحرية الشخصية واتساع مساحة الرأي وحرية الكلمة. كما بدأت الإصلاحات الاقتصادية تتراكم وتكبر مثلما تكبر كرة الثلج، وهذا مما يكسبها زخما قويا ويعطيها قوة دفع ذاتية ويمنحها مناعة تلقائية تحد من قابلية الانتكاسات وتحصنها ضد التراجعات. وتبقى علينا جميعا مسؤولية أن نحمي ما تحقق لنا من مكتسبات وأن نجعل منها مكتسبات لها صفة الديمومة والتنامي.

قرارات الملك سلمان الحاسمة ومواقفه الشجاعة تؤكد أن تولي محمد بن سلمان ولاية العهد منهجه في الإصلاح ينطلق من قناعاته الذاتية ويتسق مع تكوينه الذهني وينسجم مع مزاجه الشخصي وحرصه الشديد على مصلحة الوطن والمواطنين. فقناعاته القوية، حفظه الله، أهلته لتدشين المسيرة التحديثية. ويتضح من أحاديثه العامة ومن لقاءاته مع مختلف القطاعات الاقتصادية والفعاليات الاجتماعية حرصه الشديد على دفع حركة الإصلاح وأنه يمتلك رؤية واضحة وبرنامجا محددا يعمل على تنفيذه وفق مراحل مدروسة ومتدرجة. أتى ولي العهد محمدبن سلمان إلى الولاية بعد خبرة طويلة في القيادة وممارسة الصلاحيات وتحمل المسؤولية في مختلف المجالات المدنية والعسكرية، أتى وهو يحمل في جعبته مشروعا نهضويا متكاملا كان قد أعد له قبل اعتلائه الولاية بعقود وبدأت ملامحه تتضح منذ أول يوم بايعه الشعب. وسوف يسجل له التاريخ أن عهده هو عهد الإصلاحات الجذرية في نظام الحكم وأجهزة الدولة والبنى الاقتصادية والاجتماعية.
بواسطة :
 0  0  8.2K