سيدة تحت المطر
أم عبدالله سيدة في العقد الرابع من العمر ، دأبت كل يوم على صف ترامس القهوة والشاي والنعناع على طاولتها المستديرة على شارع رئيسي مجاور للحي الذي أسكن فيه ، أشاهدها كل يوم من من بعد صلاة العصر للعشاء ، المختلف أن اليوم هطلت أمطار غزيرة ودرجات حرارة متدنية ومع ذلك لم تحبط دافعيتنها للعمل من أجد بضع عشرات من الريالات تجنيها من هذا العمل المنهك ، لتصرفه على طفل أو طفلة لم يتجاوز السابعة من العمر وربما تعول آخرين , فاتخذت سقف من البلاستك المستخدم في المغاسل تسنده عصيان خشبية , فيما تدثرت بجاكيتين أحدهما على رأسها وارتدت الآخر بينما طفلها يجلس تحت الطاولة ، أخذت منها كوب النعناع الذي اعتدت شرائه ولم أجرؤ على سؤالها عن حالها ، لأني أعرف إجابتها التي توصد أي باب للتطفل فإجابتها واحدة لأي سؤال خارج البيع والشراء : ( الحمد لله على كل حال ) .
هي لاتهتم بالمتطرفين ذات اليمين وذات الشمال ، الداعين لعدم خروجها من البيت ولو ماتت من الجوع ، والهاذين بخروج المرأة بأي شكل كان مدعين أنهم حملة راية التحرير للمرأة ، فالأول لم يقدم لها العون ولم يشعر بمعاناتها خلف بابها الصامت ، والآخر لم يذق مرارة أن تكون مكينة شاي على الرصيف .
المرأة في بلادي أصبحت أداة في يد المتفذلكين من الداخل والمتربصين من الخارج ، وهي مازالت تدور في دوامة توكيد ذاتها واستقلاليتها وتوجسها من أن تكون ثغرة تستغل للنيل من بلادها .
ورغم ما حققته المرأة السعوية من قصب سبق في كل المجالات العلمية والمهنية في الداخل والخارج بجهودها الذاتية ، والذاتية فقط ، إلا أنها لاتزال رهينة المصير المجهول المعلق بيد والٍ مزاجي قد لايتجاوز الرابعة عشرة أحياناً .
المرأة في بلادي لم تحظ سوى بدعم مضطرب بين إقدام مبالغ فيه لدرجة الإغراق ، وإحجام لحد الخذلان ، دعم كالماء يتشكل كل يوم بشكل حسب الإناء الذي يوضع فيه .
ماتحتاجه المرأة هو أن تعطى لها الحرية لتمارس دورها كجناح فعال كفؤ في المجتمع لتسهم في التحليق به في سماء التنمية وتتحمل مسئوليتها تجاه بلادها ، وسط بيئة يسودها القانون والعدالة والتقدير والحرية بدل أن تكون أداة في أيدي التيارات التي تتاجر بقضيتها وتسليعها كجوهرة لدى اليمينيين وأداة متعة لليساريين .
@aziz33