القرامطة على أبواب مكة
انشق حمدان القرمطي عن الدولة العباسية وأنشأ دولته التي سميت بدولة القرامطة وتوسع حتى سيطر على أجزاء من العراق والبحرين وخراسان وفيما بعد اليمن بقيادة علي بن الفضل واشترى ولاءات القبائل العربية بالجزيرة من بني هلال وبنو سليم وبنو معقل وبنو كلب وفزارة وأشجع وعمل على إنشاء منظومة اقتصادية قوية لها العديد من مصادر الدخل لدعم الدولة اقتصادياً.
يرجع توسع القرامطة السريع بالدرجة الأولى إلى ضعف الدولة العباسية وتمزقها بسبب الصراع على الحكم وانقسامها لدويلات كل حاكم فيها يبحث عن مصالحة الشخصية وثانيها إهمال قضايا المسلمين العامة والاستعانة ببطانة فاسدة تزين الباطل وتشوه الحق من أمثال البرامكة ومنها التهاون بالأخطار المحدقة بالدولة العباسية حاضنة العالم الإسلامي في ذلك الوقت.
وبعد أن طوقت دولة القرامطة الجزيرة العربية بدأ تفكيرهم في الاعتداء على حوزة الإسلام وقبلته مكة المكرمة وهددوا وتوعدوا فما الذي يمنعهم هاهم يحيطون مكة المكرمة من كل جانب ويملكون الولاءات ويسيطرون على طرق القوافل والحجيج.. ونفذوا وعدهم واختاروا موسم الحج وأفضل أيام الله يوم التروية وانطلق أبوطاهر القرمطي إلى مكة المكرمة ولم يعترضه أحد فالدولة العباسية مشغولة بصراعاتها وانقساماتها وسقط السيف من أيديهم وهجم القرامطة على الحجيج وقاموا بعمل السيف بالطائفين والمصلّين وحتّى الذين هربوا من بطشهم إلى الوديان والجبال حتى وصل عدد الذين قُتلوا في هذه الحملة الوحشية قرابة (30) ألف إنسان، ورمى القرامطة بالجثث في بئر زمزم ومزقت أستار الكعبة وهدم بابها وسرقت الكنوز الموجودة فيها وأتى أبو طاهر القرمطي عليه لعنة الله وجعل خيلة تتبول بجانب الكعبة واستعلى على الله وقال وهو بجانب الكعبة يخلق الخلق وأفنيهم أنا .. أنا بالله وبالله أنا وحطم الحجر الأسود ونقله إلى الاحساء وعمل على تغير القبلة وعمل كعبة هناك وأمر الناس بأداء الحج لها وظل الحجر الأسود في الاحساء قرابة 22 عام .
التاريخ لا يكذب والأيام دول وما أشبه الليلة بالبارحة فها نحن نرى القرامطة الجدد يعيدون تاريخ أجدادهم وها هي العراق والشام واليمن تتساقط بأيديهم بشكل متسارع ووفق منظومة تحالفات دولية ونسمع التهديدات منهم ليل نهار وبكل جرأة بأن دول الخليج والحرمين ليسوا في أيدي أمينة ونسكت عنهم وفوق هذا لنا بطانة تفكر بتفكيرهم وتحمل أفكارهم من إعلاميين وكتاب وسياسيين ومستشارين وقنوات فضائية يهونون التهديدات ويقللون من الأخطار المحدقة حولنا ويتملقون لهم.
عندما تجتمع هذه المتغيرات فإن وجودنا وأمننا في الخليج والحرمين في خطر...
ويجب أن ننتبه للأمانة التي أوكلها الله لنا بحفظ أوطاننا وقبل ذلك حفظ حرمه فما الذي ننتظره هل ننتظر القرامطة الجدد يعملون السيف فينا كما عمل في سنة العراق بالموصل وسنة الشام بحلب وفي سنة اليمن في اقتحام صنعاء .
ولننتبه قبل أن نبكي بكاء النساء على حكم لم نحافظ عليه..
ولنتدارك ما يمكن تداركه ولنعمل الدبلوماسية والسياسة والتحالفات والمفاوضات وتبادل المصالح لنكون في موقف القوي ونخلق سياسة توازن القوى تحفظ لنا تواجدنا .
الوطن