المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024

واقع طرق التدريس في مدارس التعليم العام

مقدمة:
يعتمد نجاح العملية التعليمية إلى حدٍّ كبير على نوع وتنفيذ طرق التدريس التي يستخدمها المعلم مع طلابه، ولذلك؛ يقع على عاتق المعلم مسؤولية اختيار الأنسب والأكثر تحقيقًا للأهداف من بين الطرق التدريسية المتنوعة والمتجددة بين حين وآخر، مع مراعاة الجوانب التربوية المختلفة، ومن ثم فإن عملية اختيار طرق التدريس ليست بالأمر السهل أو العشوائي.
وقد كانت التربية التقليدية تنظر إلى أن طريقة التدريس وسيلة لإيصال المعلومات إلى المتعلم بتوسط المعلم، والأساس الذي قامت عليه هذه النظرة أن التعليم ما هو إلا عملية صب المعلومات في عقول المتعلمين، وهي نظرة قاصرة تركز على تحصيل المعرفة دون الاهتمام بالجوانب الأخرى، وتسوي بين المتعلمين بصرف النظر عن فروقهم الفردية في النمو والقدرات والميول.
أما النظرة الحديثة إلى طرق التدريس فتختلف كثيرًا عما كان سائدًا؛ فليس هناك طريقة صالحة لتدريس كل الموضوعات لجميع الطلاب في مختلف مراحل التعليم (الخليفة، 2014). والطريقة (س) حينما تصلح لتدريس موضوع ما، قد تكون هي ذاتها أسوأ طريقة في تدريس موضوع آخر .
وهناك تعريفات عديدة لطرق التدريس تتقارب في معانيها، ومنها ما ذكره زيتون بأنها "مجموعة من إجراءات التدريس المختارة سلفًا من قبل المعلم، والتي يخطط لاستخدامها عند تنفيذ التدريس، بما يحقق الأهداف التدريسية المرجوة بأقصى فاعلية ممكنة، وفي ضوء الإمكانات المتاحة"، وكذلك تعريف الخزرجي بأنها "مجموعة من الخطوات والمهارات المقصودة التي يؤديها المعلم لتحقيق أهداف تعليمية معينة بأيسر السبل وأقل الوقت والنفقات".
اختيار طريقة التدريس:
يخضع اختيار المعلم لطريقة تدريس موضوعه لمدى وعيه بطلابه من حيث خبراتهم السابقة، والمتوافر لديهم من المفاهيم وثيقة الصلة بالموضوع المزمع تدريسه، واتجاهاتهم نحوه وحاجاتهم وتوقعاتهم من دراسته، كما يخضع هذا الاختيار أيضًا لمدى وعي المعلم بالعمليات المعرفية التي يستطيع الطلاب ممارستها أثناء تدريسهم، ومن ثم يصبح وعي المعلم باتجاهات نظريات التعلم والتعليم وما تحتوي من مفاهيم ومبادئ شيئًا على درجة كبيرة من الأهمية في هذا المجال، ومثال ذلك أنه حين توصل بياجيه إلى مراحل النمو العقلي لدى الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، وقارن بينها وبين صورتها لدى مرحلتي الطفولة المتأخرة والمراهقة؛ اجتهد التربويون للبحث عن أكثر الطرق والوسائل ملاءمة لتدريس المواد الدراسية المختلفة، ومن ثم أصبحت المسألة جهدًا يُبذل لدراسة الشروط المناسبة لإحداث التعلم المثمر.
وبذلك أصبح الطالب محورًا للعملية التعليمية، ودور المعلم هو مساعدته على التعلم من خلال تهيئة
بيئة التعلم؛ ليتمكن الطالب من القيام بأنشطة محددة لاكتساب سلوكيات محددة أيضًا .
العلاقة بين خصائص النمو وطرق التدريس:
أثناء الإعداد التربوي للطالب/ المعلم في كليات التربية يتم تناول مقررات خاصة بعلم نفس النمو وعلم النفس التربوي؛ وما ذلك إلا للعلاقة القوية والمهمة بين هذين الجانبين حتى يدرك الطالب/ المعلم خصائص الطلاب أطفالًا ومراهقين، ويعرف العوامل المؤثرة في نموهم وأساليب سلوكهم وطرق توافقهم في الحياة وفي بناء المناهج وطرق التدريس وإعداد الوسائل المعينة في العملية التربوية، ويؤدي فهم النمو العقلي ونمو الذكاء والقدرات الخاصة والاستعدادات والتفكير والتذكر والتخيل والقدرة على التحصيل في العملية التربوية إلى أفضل طرق التربية والتعليم التي تناسب المرحلة ومستوى النضج، كما يُفيد ذلك في معرفة المعلم للفروق الفردية بين طلابه، وأنهم يختلفون في قدراتهم وطاقاتهم العقلية والجسمية وميولهم...الخ، وهكذا لا يكتفي المعلم بالتربية الجماعية، بل يوجه انتباهه أيضًا إلى التربية الفردية؛ حيث يراعي كل فرد حسب قدراته وفق سيكولوجية التعلم .
وفيما يأتي توضيح لأبرز خصائص النمو التي يجب على المعلم مراعاتها أثناء اختيار طريقة التدريس حسب المرحلة التعليمية للطلاب :
أولاً: مرحلة الطفولة الوسطى (6- 9سنوات) (الصفوف الدنيا من المرحلة الابتدائية):
إتاحة حرية الحركة الجسمية؛ فالنشاط الحركي زائد.
الاعتماد في التدريس على حواس الطفل، وتشجيع الملاحظة والنشاط واستعمال الوسائل السمعية والبصرية في المدرسة على أوسع نطاق.
التركيز على الصور والخط الكبير.
التركيز على اللعب والرسم والأشغال اليدوية.
توسيع نطاق الإدراك عن طريق الرحلات إلى المتاحف والمعارض ونحوها، وذلك من خلال دقة الملاحظة وإدراك أوجه الشبه والاختلاف بين الأشياء، ودقة إدراك الزمن والمسافة والوزن واللون...الخ.
التخفيف من الاعتماد على التذكر الآلي للمواد الدراسية، عدا تدريب الذاكرة على حفظ بعض سور القرآن الكريم وبعض الأناشيد والقصص القصيرة.
عدم إقحام المفاهيم إلى ذهن الطالب؛ فيردد كلمات جوفاء نحسبها مفاهيم قد تكونت.
عدم الإسراف في تصحيح أخطاء الطلاب اللغوية.
تجنب الاعتماد على التعاون وحده في التعلم؛ لأن ذلك قد يعوق تعلمه الفردي مستقبلًا.
ثانيًا: مرحلة الطفولة المتأخرة (10-12سنة) (الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية):
الاهتمام بالتعليم عن طريق الممارسة.
التركيز على الوسائل السمعية والبصرية، والنماذج المجسمة التي تتيح للطفل فرصة الإدراك البصري واللمسي...الخ.
يعتبر المعلم كفيلم متحرك ناطق أمام الطالب، ولذلك يجب أن يراعي فيما يقدم للطالب أن يكون واقعيًّا، ويسهل تصوره بصريًّا.
التدريب على استعمال الأفكار المعنوية غير المحسوسة.
توجيه الطالب للتعلم من خبراته الخاصة بشكلٍ أكثر.
ثالثًا: مرحلة المراهقة المبكرة (13-15سنة) (المرحلة المتوسطة):
الاهتمام بالتجريد بدلًا من الأشياء المحسوسة.
تيسير الخبرات التربوية الواسعة التي تسمح بنمو التفكير.
الاهتمام بتعليم القيم والمعايير السلوكية السليمة.
رابعًا: مرحلة المراهقة المتأخرة (16-18سنة) (المرحلة الثانوية):
تشجيع التعلم الذاتي.
استخدام الأسلوب العلمي في التفكير.
التأكد من أن قدرات الطالب تنتظر الإثارة، وإذا لم تُستثر فلن تنمو كما ينبغي، ويساعد في ذلك تكليف الطلاب بأعمال ومشكلات تتطلب استخدام ذكائهم وقدراتهم الخاصة النامية.
استخدام الطرق الجديدة لحل المشكلات.
واقع طرق التدريس في مدارس التعليم العام:
المتأمل لواقع طرق التدريس في مدارس التعليم العام يظهر له جليًّا سيادة طريقة التلقين، والإلقاء، والحوار والمناقشة، والتي يغلب عليها سيطرة المعلم على حساب ونشاط وحيوية الطالب، وهذا ما أكدته دراستَي ؛ وكذلك من خلال خبرة وملاحظة الكاتب في الميدان التربوي، والاستئناس بملاحظات العديد من المشرفين التربويين أثناء زياراتهم لأغلب المعلمين.
وتشير كثير من الشواهد إلى أن التعليم التقليدي يسير بطريقة غير مقصودة نحو فئة من المتعلمين ويراعيهم دون الشعور بإهمال الآخرين، وهؤلاء الآخرون هم الذين يظهرون عزوفًا عن الدراسة ويشعرون بالملل والضيق، وقد يجدون أنفسهم في إخفاقات متتابعة؛ نتيجة عدم الميل لمادة دراسية معينة، لأنه استُخدِم في تعليمهم طرق تدريس تقليدية لم تراعِ ميولهم أو تلبِّ احتياجاتهم بالرغم من رغبتهم في التعلم (المطير، 2015).
ومع غلبة استخدام طرق التدريس التقليدية على الطرق الحديثة؛ فهناك بعض المعلمين المجيدين لاختيار
وتنفيذ أنسب طرق التدريس مع طلابهم، وبعض آخر يجتهدون في اختيار طرق حديثة ولكن لا يتم التنفيذ
بالشكل المناسب، فهم بذلك يحتاجون إلى التدريب الجيد حول تنفيذها.
طلاب المستقبل وطرق التدريس:
يشهد العالم في هذا القرن تغيرات سريعة ومتسارعة في مجالات الحياة المتنوعة جميعها، ولعل أكبر هذه التغيرات هو ما نشهده في مجالات العلوم والتقنية والصناعة (عسيري والقاسم، 2015، ص. 173). وتزايد المعرفة الإنسانية بسرعة مذهلة أدى إلى ضرورة إيجاد قنوات توصيل لهذه المعرفة بسهولة وسرعة وكفاءة، وهو ما تعاني منه الدول النامية. وتظهر بين الحين والآخر تطورات في النظريات والفلسفات التربوية التي
يعتمدها المجتمع، فتتغير من أجل ذلك الأهداف التعليمية وطرق التدريس .
ويمكن تصور أساليب دراسة المستقبل وتطبيقاتها في مجال المناهج وطرق التدريس عبر المراحل الآتية :
الدراسات التأملية: في التوصل إلى تصورات عن مستقبل المناهج وطرق التدريس في ضوء تصورات للتغيرات العالمية والإقليمية والمجتمعية والتعليمية.
الدراسات التقنية (الفنية): وتستند إلى أسلوب دلفاي، حيث يعتمد على إجراء حوار بين عدد من المتخصصين في المجال –دون أن يعرفوا بعضهم- على عدة جولات، بحيث يتم التوصل إلى أكبر قدر ممكن من نقاط الاتفاق بينهم في مجال الدراسة.
سيناريوهات المستقبل (المشاهد المستقبلية البديلة): بحيث تكون من نوع السيناريوهات الاستطلاعية، ويمكن وصفها بأنها تنبؤ مشروط وفق منطق معين للتطور عبر فترة الاستشراف.
وستقدَّم مناهج المستقبل –بإذن الله- بطرق واستراتيجيات تدريسية تحترم الفروق الفردية، وتنمي التفكير التأملي والمنطقي والعلمي وغيرها، ومن هذه الطرق التعلم الذاتي، والتعلم البيئي، والتعلم المنظومي، وخرائط المفاهيم، والتعلم التعاوني، والتي أصبحت ضرورة تربوية؛ لتنمية الجوانب الاجتماعية، وتطوير وسائل الحوار وتقبل الآخر، ومن الطرق أيضًا التعلم بالعمل، والتعلم النشط، وطرق تعتني بالمتفوقين والموهوبين والضعاف والذين لديهم صعوبات في التعلم، كما ستركز مناهج المستقبل على طرق وأساليب تدريسية فعالة تساعد الطلاب من خلالها على تفجير الطاقات الإبداعية والابتكارية كحل المشكلات، والاستثارة الفكرية، والسيناريوهات، والمحاكاة، والخيال العلمي، والربط بين المعارف العامة والمهارات الفنية، والمزاوجة بين الخبرات الشخصية والأكاديمية، وسيواصل الفكر التربوي والفكر التقني إسهاماتهما وتقديم إنجازاتهما في مجال طرق التدريس . وسيتم استخدام الطرق التي تضمن إتقان الكفايات الأساسية والنمو الشامل للمتعلم، وتشجيع الأنشطة التفاعلية والتي تزيد من الإبداع وتعتمد على التجريب .
خاتمة:
يمكن القول أن واقع طرق التدريس في مدارس التعليم العام من خلال خبرة الكاتب ومعايشته للميدان التربوي، واطلاعه على خبرات زملائه المشرفين التربويين في مختلف التخصصات، يدل على وجود القصور من جانبين، أولهما تركيز أغلب المعلمين على الطرق التدريسية التقليدية بشكلٍ كبير، وثانيهما أن التنفيذ للطرق الحديثة لا يتم بالشكل المناسب، وقد يعود ذلك لعدة أسباب لا يتسع المقام لذكرها، ومع ذلك فيوجد نماذج رائعة لاستخدام أحدث الطرق وأنسبها وأحيانًا لتطويرها أوابتكارها، والمؤَمَّل في المستقبل -ومن خلال رؤية المملكة العربية السعودية 2030- أن يتم الانطلاق من الجانب المشرق في هذا الواقع باستخدام الطرق التدريسية الحديثة المتمركزة حول نشاط الطالب المنتج والمبدع، مع نظرةٍ شاملةٍ لجميع الجوانب.
المراجع:
الحر، عبد العزيز (2001). مدرسة المستقبل. الرياض: مكتب التربية العربي لدول الخليج.
الخزرجي، سليم إبراهيم (2011). أساليب معاصرة في تدريس العلوم. عمَّان: دار أسامة.
الخليفة، حسن جعفر (2014). مدخل إلى المناهج وطرق التدريس، ط 8. الرياض: مكتبة الرشد.
الرباط، بهيرة شفيق (2015). المناهج الدراسية رؤية استشرافية. الرياض: دار الزهراء.
زهران، حامد عبد السلام (2005). علم نفس النمو الطفولة والمراهقة، ط6. القاهرة: عالم الكتب.
سليم، محمد صابر؛ وآخرون (2006). بناء المناهج وتخطيطها. عمَّان: دار الفكر.
الفرهود، صالح يوسف (2007).تدريس الرياضيات الواقع والمعوقات، اللقاء السنوي الرابع عشر للجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية (الجودة في التعليم العام)، رسالة التربية وعلم النفس: الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية، مج (27)،
ع (2)،282-308.
فقيهي، أريج علي (2015). واقع طرق التدريس في مدارس التعليم العام، تم الاسترجاع من شبكة الإنترنت بتاريخ 10/8/2016م
من الموقع:
http://www.abegs.org/aportal/article/article_detail.html?id=6279053683195904
القاسم، وجيه قاسم؛ عسيري، محمد مفرح (2016). المناهج الدراسية في ضوء المناخات العالمية المعاصرة. الرياض: مكتبة الشقري.
اللقاني، أحمد حسين (1995). المناهج بين النظرية والتطبيق، ط4. القاهرة: عالم الكتب.
المطير، منيرة راشد (2015). واقع طرق تدريس العلوم الشرعية في مدارس التعليم العام، تم الاسترجاع من شبكة الإنترنت بتاريخ 10/8/2016م من الموقع: http://www.alukah.net/social/0/93044 مكتب التربية العربي لدول الخليج (2011). التكوين المهني للمعلم. الرياض.
بواسطة :
 0  0  13.5K