لا خوف على أمة فيها «ملك الحزم» و«أمير كعبة المضيوم»
خلال الطريق أمس إلى مطار حمد الدولي، حيث وجهتي المنامة، لحضور قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي تبدأ أعمالها غداً الأربعاء في عاصمة مملكة البحرين الشقيقة، كانت أعلام قطر والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية تتعانقان، تعبيراً عن علاقة الأخوة والمصير المشترك التي تربط البلدين.
كما كانت لافتات الترحيب من «قطر حكومة وشعباً» تزيّن المكان بالزيارة الميمونة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حيث تقدم حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد «حفظه الله» مستقبلي ضيف قطر الكبير لدى وصوله والوفد المرافق إلى البلاد، في زيارة رسمية تستغرق يومين، هي الزيارة الرسمية الأولى لخادم الحرمين إلى الدوحة منذ توليه مقاليد الحكم.
لا شك أن الترحيب الكبير واستعدادات «كعبة المضيوم» لاستقبال «ملك الحزم» والتي تواصلت على مدى عدة أيام، يعكسان المكانة المميزة التي يحتلها خادم الحرمين في نفوس أشقائه من الشعب القطري. هذه المكانة التي عبر عنها صاحب السمو الأمير في تصريح لسموه بمناسبة الزيارة، أعرب فيه باسم شعب دولة قطر، وباسمه شخصياً، عن خالص الترحيب وبالغ السرور بزيارة أخيه العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة لبلده الثاني قطر بين أهله وذويه، مضيفاً أن دولة قطر تربطها بالمملكة وشعبها أعمق الأواصر الأخوية وأمتنها وأشدها رسوخاً، ومؤكداً سموه اعتزازه الشديد بـ «العلاقات الودية والتاريخية الوثيقة بين دولة قطر والمملكة الشقيقة، والتي أرسى دعائمها الآباء والأجداد، وحرصه على مواصلة تقويتها وتعزيزها وتطويرها لما فيه خير ومصلحة شعبينا».
وهذا التصريح يأتي امتداداً لتصريحات الأمير المفدى بشأن خصوصية العلاقة مع المملكة، وأتذكر هنا أن سمو الأمير خلال لقائه مع رجال الصحافة أوائل يوليو 2015، وانفردت «العرب» وقتها بنشر تفاصيله، شدد على محورية العلاقة القطرية- السعودية وأهميتها الاستراتيجية، وتأكيده -حفظه الله- أيضاً على موقف قطر المبدئي من قضية اليمن، وأن دولة قطر تضع كل ثقلها خلف المملكة العربية السعودية، لإعادة الاستقرار في اليمن الشقيق من خلال عودة الشرعية.
وفضلاً عن هذا، فإن توقيت زيارة «ملك الحزم» للدوحة، والتي تأتي قبيل انعقاد القمة الخليجية مباشرة، يحمل دلالة على مدى التنسيق بين البلدين الشقيقين وقيادتيهما الرشيدة. هذا التنسيق الذي تجلى في العديد من اللقاءات على مستوى القمة وبين كبار المسؤولين في قطر والمملكة، ونستذكر هنا القمة بين صاحب السمو وخادم الحرمين يوم 8 يوليو من العام الماضي في قصر الصفا بمكة المكرمة، والتي جاءت بعد ثلاثة أشهر فقط من لقائهما في قصر العوجا بالدرعية، واللقاءان حلقة ضمن سلسلة حلقات التنسيق المستمر بين الدوحة والرياض.
عندما تكون هناك قمة سعودية- قطرية، فإن نتائجها لا بد أن تصب في خانة «خدمة قضايا الأمة». وعندما تجمع هذه القمة صاحب السمو وأخاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، فإنها تعني الكثير في ظل العلاقات الأخوية والتقدير الكبير الذي يجمع بين قيادتين تعوّل عليهما شعوب المنطقة الكثير، نظراً لحكمتهما المعهودة في التعامل مع مختلف القضايا التي تواجه العالم العربي.
ولا شك أن التنسيق القطري- السعودي، ازداد زخماً خلال الآونة الأخيرة، في ظل الأخطار والتحديات التي تواجه المنطقة، فالمملكة العربية السعودية، الشقيقة الكبرى لدولة قطر ولكل الدول العربية، هي دوماً على موعد مع التاريخ لحماية محيطها الإقليمي والعربي من أية أخطار، التزاماً منها بدورها الذي ارتضته لنفسها، وتمليه عليها واجبات القيادة كمركز لصنع القرار العربي.
بينما قطر باستمرار في طليعة الداعمين للدور السعودي، خاصة في ضوء التشاور المستمر بين البلدين، على أعلى المستويات، فضلاً عن أن الرياض تدرك أهمية ومكامن قدرات الدوحة وقوتها الناعمة دولياً، تدرك دور الدوحة كوسيط مقبول في النزاعات، كونها تضع في أولويات سياستها الخارجية وأد بؤر التوتر التي قد تظهر هنا وهناك، ونجحت كثيراً في جمع معظم الفرقاء في المنطقة وخارجها، على مائدة التفاوض، إيماناً منها بأن الحلول السلمية هي أساس فض النزاعات.
القمة القطرية- السعودية، ستنعكس بكل تأكيد بالإيجاب على القضايا التي يبحثها «ملك الحزم» وأمير «كعبة المضيوم»، ويتقدمها وضع حد لمأساة الشعب السوري، وفق مقررات مؤتمر «جنيف 1»، وكذلك الأزمة اليمنية وعودة الشرعية لليمن، التي شهدت منذ بدايتها تنسيقاً مستمراً وتوافقاً في الرؤى بين البلدين، فالرياض أخذت زمام المبادرة لإعادة الاستقرار إلى اليمن الموحد، هذا الجزء الغالي من الجزيرة العربية. وتعول شعوب المنطقة كثيراً على الجهود السعودية، المدعومة بكل قوة من دولة قطر قيادة وحكومة وشعباً، لحسم الملف اليمني، وإغلاقه لما فيه مصلحة كل اليمنيين.
منذ تأسيسها كانت الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية هي الحاضنة للقضايا العربية والإسلامية، والقاطرة التي تقود أشقاءها لنشر السلم والأمن، في رسالة للعالم بأن العرب والمسلمين هم دعاة خير وسلام.
ومنذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وضعت المملكة خدمة قضايا أمتها بنداً ثابتاً في استراتيجيتها وسياستها الخارجية، وهي السياسة التي سار عليها من بعده أبناؤه من الملوك والأمراء في كافة المواقع التي شغلوها. لكن هذا الأمر أخذ بُعداً جديداً منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود سدة الحكم، فلم تشغله اهتمامات وتنمية الداخل عن قضايا أمته، فتحولت الرياض بفضل نهجه السياسي، ليس فقط إلى عاصمة محورية بالمنطقة، بل إلى محط أنظار العالم، لأهمية ما يصدر منها، وانعكاساته على قضايا المنطقة، بصفتها عاصمة القرار العربي.
والواضح للجميع أن المملكة، من خلال مواقفها الأخيرة تجاه القضايا العربية، والدماء الشابة التي ضخها خادم الحرمين في مختلف مؤسسات الدولة، تطل بوجه سياسي قوي واثق مفعم بالحيوية، ويأتي تنسيقها المستمر مع دولة قطر ليشكل علامة فارقة بالمنطقة، أساسها أن المنظومة الخليجية غيّرت أسلوبها من «رد الفعل» إلى «الفعل»، ومن «الترقب» إلى «المبادرة».
أهلاً وسهلاً يا خادم الحرمين وملك الحزم بين أهلك وفي بلدك الثاني، الذي قرر قائده حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد «حفظه الله» أن تكون دولة قطر، وبجميع إمكانياتها، الداعم الأول لجهودكم الخيّرة بالمنطقة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي يا إخوان..
*
*
رئيس تحرير صحيفة الوطن القطرية