قليلاً من الثقة والدعم *يا مسؤولي الاقتصاد والتخطيط
لازالت في ذاكرتي ذلك الشاب السعودي الطموح الذي يعمل ممرضا في أحد المستوصفات الخاصة حينما شاهدته متعجبا بخلع " معطف التمريض " في سيارته والدخول لأحد الورش في صناعية حي الخليج بمدينة الرياض. بداية ظننت بأنه أحد الزبائن لتلك الورشة ولكن زاد تعجبي عندما شاهدته مقدماً على ارتداء المئزر (workwear الملابس الخاصة بعمالة الصناعية *) ثم اتجه نحوي و شخّص عطل سيارتي وذلك بعد أن مللت من التجول في الصناعية باحثاً عن حل فكان الأغلب إما مجتهداً أو طامعاً في كيفية إفراغ جيبي من النقود. وهنا جانب آخر جميل في قصة أخرى تكمن في ذلك الطالب الذي لايزال في المرحلة الثانوية آخذا العهد على نفسه بالعمل دون تردد في أحد المحلات لصيانة الجوالات في الفترة المسائية، فكان دخله المادي من هذا العمل الإضافي مساوياً لدخل كبار الموظفين في القطاع الحكومي، وأقول له هنيئاً لك به وزادك الله من فضله.
*
ولا نذهب بعيدا، معرض القوات المسلحة الذي أقيم في مركز المعارض بالرياض بهدف تغطية بعض احتياجاتها وحل لبعض مشكلاتها كتأخر قطع الغيار أو انتهاء التصنيع لبعض القطع الحربية، فحضرت لأكون على إطلاع على آخر تطورات قواتنا الحبيبة ودرعنا الأمين، فلاحظت عدة شركات تصنيع تبحث عن الشراكات من بينها شركات سعودية يقودها شباب رائعون من المهندسين السعوديين *وكان أحد نتائجها الباهرة مدرعة " سلمان الحزم " برعاية شركة تدريع السعودية، وما يلفت النظر إلى وجود بعض الاختراعات اليتيمة من بعض منسوبي قواتنا المسلحة قدمت كحل لبعض تلك المشكلات السابقة.
*
إذن هي ليست ساعة إنتاجية فقط ( ساعة معالي الوزير ) وليست الموارد التي نخاف من إفلاسها ( إفلاس معالي النائب ). هؤلاء هم الثروة الحقيقية للوطن فالكثير من المهن في جوهرها ثمين وخبرات ذات مردود مادي على المستوى الشخصي واقتصاديا على المستوى الوطني كصيانة الجوالات و المحركات والنجارة والسباكة والكهرباء.. الخ. لكن للأسف لم يُدعم هذا التوجه بالشكل المطلوب والكافي ونتيجة لذلك أوجد العمالة السائبة وغير المنظمة مع غياب اشتراطات السلامة والزي غير المناسب بالإضافة إلى التحايل في السعودة للمهن المعتمدة. فجعل غالبية أطياف المجتمع ينظرون إلى هذه المهن بنظرة دونية في المقابل نجد أن هذه المهن *من خلال عرضها في بعض القنوات الغربية مهن مقدرة و داعمة من مجتمعات العالم الأول، وجعلت *عوامل السلامة و لباسهم النظيف والزي الموحد مقصدا لغالبية أبنائه وبناته.
*
وهنا أقدم بعض المقترحات والتي لعلها تجد آذان صاغية لمهندسي التخطيط والإدارة الاقتصادية طالما بأننا مقدمين في تحقيق رؤية 2030 والتي أسعدت وفتحت باب التفاؤل للكثير منا *وتوجهاً طال انتظاره، ما يلي : **
*
1- التوسع في أنشطة الإدارة العامة للتدريب التقني والمهني، لذلك كان للقرار الملكي في تعيين معالي وزير التعليم رئيساً لمجلس الإدارة هو إثبات ومحل اهتمام من القيادة الرشيدة خصوصا إذا علمنا بأنه في فترة ما *كان عميداً لكلية التقنية بالرياض.
*
2- إعادة فتح الثانويات الصناعية وتخصيص نسبة مماثلة من الأنظمة التعليمية الأخرى ( الفصلي والمقررات) وكثيراً من خريجي الثانويات الصناعية سابقاً هم الآن موظفين في القطاعات العسكرية وداعمين في الصيانة لمعداتها الآن.
*
3- إقامة ورش تدريبية برسوم رمزية عن الصيانة المنزلية كالكهرباء والسباكة والنجارة والتي من خلالها استطيع كرب منزل أن أقوم بصيانة منزلي بنفسي دون اللجوء إلى استدعاء العمالة وهنا نستطيع أن نحد من المبالغ المهاجرة إضافة إلى العامل الأمني في حال تقنين تلك العمالة.
*
4- تشجيع الباحثين عن العمل والعاطلين ودعمهم مادياً و مهنياً من خلال التدريب المكثف في عدة مجالات نستطيع من خلالها الاستغناء عن آلاف العمالة التي نشاهدها بالقرب من محلات السباكة والكهرباء بشكل مريب في حين نجحنا في التقليل من نسبة البطالة.
*
5- إعادة النظر في برامج الموهوبين والموهوبات في وزارة التعليم ونطمح بوجود مراكز أو مدارس متخصصة *ودعم هذه المواهب التي غالباً ما تُقتل في مراحل مبكرة قبل الانتهاء من التعليم العام.
*
6- تسهيل الخدمات والإجراءات التي تعيق المقدمين على العمل في القطاع الخاص، وإقامة معارض بحضور رجال الأعمال و الإعلام الجيد *كفيل بأن نجد لهذه الفئة بيئة اقتصادية تنافسية محلية وإقليمية.
*
يكاد قلمي ينفذ من سرد الأحلام الوردية ولكن هي آمال وطموحات كل مواطن محب لهذا الوطن، ومع قليل من الثقة والدعم من بعض المسؤولين في القطاعات المفصلية ذات العلاقة لأبناء وبنات الوطن سوف نحقق بإذن الله أهدافنا ومنها إلى الاكتفاء الذاتي لنجد أنفسنا يوما ما من الدول المصدرة لمنتجاتها بسواعد أبنائها وبناتها.
*
مستشار تعليمي وعضو المجلس البلدي بمدينة الرياض