الدفئ الإجتماعي
التقيا فسلم أحدهما على الآخر وبادر سائلاً : كيف حالك ؟ لم نرك منذ زمن !
أجاب صاحبه : كنت مريضاً طريح الفراش .
رد عليه : "سلامات" لا بأس طهور إن شاء الله ..
استرسل صاحبه : كنت أشكو من مرض كذا* ..* وبدأ يذكر بعضا من معاناته مع المرض* ..
ولكن قاطعه الصاحب* :* عن إذنك فأنا مستعجل ثم انصرف .
حينها ساد الصمت وبدأت الدهشة في وجه الصاحب* .
ذاك اللقاء الجاف لهو صورة صادقة
من صور أمراضنا الإجتماعية التي دبت إلى علاقاتنا الإجتماعية ..
إنها اللامبالاة بمشاعر الإخوة .
فلم نعد نشعر بالحرج تجاه تصرفاتنا مع الآخرين ..
فلا حرج أن لا أسأله عن مرضه* فضلاً عن زيارته حال المرض ، ولا حرج أن أقاطع حديثه لأن كلامه غير مفيد!! ، ولا حرج أن لا أستقبله استقبالاً حسناً عند زيارته لي ، ولا حرج أن أعتذر إليه عن عدم استقبالي له في المطار فليركب سيارة أجرة فإنها بانتظاره على البوابات ، وليس من الضرورة أن أبتسم في وجهه لأن الجدية تتطلب ذلك .
ولا حرج .. ولا حرج ، وهكذا من اللاءات الرافعة للحرج ، لتصبح أمورنا وطقوسنا الاجتماعية شكليات لا روح فيها ، بل هي خالية جوفاء من معنى الأخوة الحقيقي الذي ابانه لنا الشرع وحثنا عليه .
ومما يزيد الطين بلة عندما نسوغ هذه التصرفات بالجدية تارة ، وبالحفاظ على الوقت تارة أخرى ، وبالأخوة في الله تارة ثالثة ، وبأني أعرف أخي فلن يحمل علي شيئاً رابعة ، وخامسة : وماذا يعني لو غضب ؟!! هل نحن بحاجة إلى عواطف أنثوية ؟! نحن بحاجة إلى نفوس قوية صخرية لا تنظر إلى مثل هذه السفاسف .. وهكذا .
إن ظهور الأخطاء الاجتماعية في بني الإنسان أمر طبيعي لصدوره من نفوس بشرية ، أما أن يصبح الخطأ مبرراً* بل يفسر أنه الصواب بعينه فهي الكارثة .
إن المحبة الحقة بين المؤمنين التي دعى إليها الشارع الحكيم وندب إليها : " لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولن تؤمنوا حتى تحابوا .. " "إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله ، فليخبره أنه يحبه لله " .. لنرتفع بمعاملاتنا إلى أسمى درجاتها ولنحقق معنى الأخوة التي ترضي الله عز وجل ؛ والتي من لوازمها : " وتبسمك في وجه أخيك صدقة " "ولا رآني إلا تبسم " و الزيارة* والتناصح ، ومن لوازمها ايضا : حق المسلم على المسلم خمس ـ أو ست ـ زيارته عند مرضه ، السلام عليه ،إجابة دعوته ، تشييع جنازته بعد موته.
وما سبق من مبادئ الاخوة في المنظور الإسلامي فقد ذكر العلماء لكل منها آداباً يحب أن تراعى ، فاستحبوا مثلاً أن يطيل المكث عند المريض إن كان ذلك يؤنسه ، وأن تصافحه وأنت مقبل عليه ، وأن تظهر له مشاعر الحب والود ـ التي أضحت عيباً في عرف بعض الجاهلين ـ
وكذلك في تعاملك وكلامك معه ؛ ونصحك له بمراعاة الخصوصية والانفرادية ، وعدم إهمال جانب المشاعر بحجة من الحجج ، ولتعلم أنك إذا أردت أن تكسب أخاك فعامله بما يناسبه لا بما يناسبك .
ولنتيقن أن وجود مثل هذه المظاهر الاجتماعية الراقية ليست بدعاً من القول* بل هي سنة حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام : ألم تكن الجارية تأخذ بيده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتسير به في طرقات المدينة ! ألم يكن ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسلم على الصبيان إذا مر بهم ! أما كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا صافحه أحد لم يكن يدع يده حتى يدعها صاحبه ! أما استمع ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعائشة رضي الله عنها وهي تحكي قصة طويلة كما في حديث أم زرع المشهور ..فهل بعد هذا خفاء ؟!
ومما تجدر الإشارة إليه ما يحدث من بعضنا تجاه البعض من سوء في المعاملة وتجريح في الكلام ، وكأننا نرى أن إخواننا ليسوا بحاجة إلى مثل هذه المظاهر والتعامل الحسن ، برغم أنهم رأس مالنا الذي يجب أن نحافظ عليه وننميه ، وما بعض حالات السقوط إلا نتيجة طبيعية لمعاملات خاطئة ،نسأل الله العفو والسلامة .
وختاما يقف اليراع مودعاً وداعياً أن يقينا الله شرور أنفسنا وغوائل أعمالنا ، وأن يجعلنا رحمة على المسلمين ؛ شوكة في حناجر الكافرين " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم"
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أجاب صاحبه : كنت مريضاً طريح الفراش .
رد عليه : "سلامات" لا بأس طهور إن شاء الله ..
استرسل صاحبه : كنت أشكو من مرض كذا* ..* وبدأ يذكر بعضا من معاناته مع المرض* ..
ولكن قاطعه الصاحب* :* عن إذنك فأنا مستعجل ثم انصرف .
حينها ساد الصمت وبدأت الدهشة في وجه الصاحب* .
ذاك اللقاء الجاف لهو صورة صادقة
من صور أمراضنا الإجتماعية التي دبت إلى علاقاتنا الإجتماعية ..
إنها اللامبالاة بمشاعر الإخوة .
فلم نعد نشعر بالحرج تجاه تصرفاتنا مع الآخرين ..
فلا حرج أن لا أسأله عن مرضه* فضلاً عن زيارته حال المرض ، ولا حرج أن أقاطع حديثه لأن كلامه غير مفيد!! ، ولا حرج أن لا أستقبله استقبالاً حسناً عند زيارته لي ، ولا حرج أن أعتذر إليه عن عدم استقبالي له في المطار فليركب سيارة أجرة فإنها بانتظاره على البوابات ، وليس من الضرورة أن أبتسم في وجهه لأن الجدية تتطلب ذلك .
ولا حرج .. ولا حرج ، وهكذا من اللاءات الرافعة للحرج ، لتصبح أمورنا وطقوسنا الاجتماعية شكليات لا روح فيها ، بل هي خالية جوفاء من معنى الأخوة الحقيقي الذي ابانه لنا الشرع وحثنا عليه .
ومما يزيد الطين بلة عندما نسوغ هذه التصرفات بالجدية تارة ، وبالحفاظ على الوقت تارة أخرى ، وبالأخوة في الله تارة ثالثة ، وبأني أعرف أخي فلن يحمل علي شيئاً رابعة ، وخامسة : وماذا يعني لو غضب ؟!! هل نحن بحاجة إلى عواطف أنثوية ؟! نحن بحاجة إلى نفوس قوية صخرية لا تنظر إلى مثل هذه السفاسف .. وهكذا .
إن ظهور الأخطاء الاجتماعية في بني الإنسان أمر طبيعي لصدوره من نفوس بشرية ، أما أن يصبح الخطأ مبرراً* بل يفسر أنه الصواب بعينه فهي الكارثة .
إن المحبة الحقة بين المؤمنين التي دعى إليها الشارع الحكيم وندب إليها : " لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولن تؤمنوا حتى تحابوا .. " "إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله ، فليخبره أنه يحبه لله " .. لنرتفع بمعاملاتنا إلى أسمى درجاتها ولنحقق معنى الأخوة التي ترضي الله عز وجل ؛ والتي من لوازمها : " وتبسمك في وجه أخيك صدقة " "ولا رآني إلا تبسم " و الزيارة* والتناصح ، ومن لوازمها ايضا : حق المسلم على المسلم خمس ـ أو ست ـ زيارته عند مرضه ، السلام عليه ،إجابة دعوته ، تشييع جنازته بعد موته.
وما سبق من مبادئ الاخوة في المنظور الإسلامي فقد ذكر العلماء لكل منها آداباً يحب أن تراعى ، فاستحبوا مثلاً أن يطيل المكث عند المريض إن كان ذلك يؤنسه ، وأن تصافحه وأنت مقبل عليه ، وأن تظهر له مشاعر الحب والود ـ التي أضحت عيباً في عرف بعض الجاهلين ـ
وكذلك في تعاملك وكلامك معه ؛ ونصحك له بمراعاة الخصوصية والانفرادية ، وعدم إهمال جانب المشاعر بحجة من الحجج ، ولتعلم أنك إذا أردت أن تكسب أخاك فعامله بما يناسبه لا بما يناسبك .
ولنتيقن أن وجود مثل هذه المظاهر الاجتماعية الراقية ليست بدعاً من القول* بل هي سنة حبيبنا محمد عليه الصلاة والسلام : ألم تكن الجارية تأخذ بيده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتسير به في طرقات المدينة ! ألم يكن ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسلم على الصبيان إذا مر بهم ! أما كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا صافحه أحد لم يكن يدع يده حتى يدعها صاحبه ! أما استمع ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعائشة رضي الله عنها وهي تحكي قصة طويلة كما في حديث أم زرع المشهور ..فهل بعد هذا خفاء ؟!
ومما تجدر الإشارة إليه ما يحدث من بعضنا تجاه البعض من سوء في المعاملة وتجريح في الكلام ، وكأننا نرى أن إخواننا ليسوا بحاجة إلى مثل هذه المظاهر والتعامل الحسن ، برغم أنهم رأس مالنا الذي يجب أن نحافظ عليه وننميه ، وما بعض حالات السقوط إلا نتيجة طبيعية لمعاملات خاطئة ،نسأل الله العفو والسلامة .
وختاما يقف اليراع مودعاً وداعياً أن يقينا الله شرور أنفسنا وغوائل أعمالنا ، وأن يجعلنا رحمة على المسلمين ؛ شوكة في حناجر الكافرين " ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم"
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين