المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024

فكرة الاستدعاش..!

طرفة عبدالرحمن:

هل تكره التطرف؟ هل تعتقد أن الإرهاب والقتل الذي يمارس باسم الدين يعتبر تطرفا؟ هل ترى في تنظيم داعش وجها قبيحا لأحد أنواع التطرف الممقوتة؟ أعتقد أن معظم الناس، معتدلي المنهج والتفكير والمنطق، يمتلكون إجابة واحدة للأسئلة السابقة. الأكثرية هم من يدينون التطرف وما يترتب عليه من أعمال إجرامية مؤلمة ومخزية، لست هنا بصدد تبيان فداحة الأعمال التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية، فهي جلية لا تخفى على أحد.. أريد فقط تقريب الفهم لقضية معقدة في سلوكنا تتعلق بمفهوم التطرف؛ فنحن ننتقد كثيرا من الأفعال والمفاهيم، لكننا نتداولها في تصرفاتنا مع بعضنا البعض.. فمنهج «التنظير» الذي طالما انتقده الناس في فئة المثقفين والباحثين والأكاديميين، أصبح ديدن الأغلبية من الناس، فهم ينتقدون الإرهاب ويرون أن منبعه فكر متطرف لوث به المخربون عقول شبابنا، لكن في مقابل هذا التصرف نجدهم يرحبون بالأفكار التي تبعث على كراهية غير المسلمين وتصويرهم كفارا بغيضين! وكأن هذه البذور الفكرية التي يتم ترويجها لا تفضي في نهاية المطاف إلى أفكار طائفية يسهل استغلاها فيما بعد لأعمال هادمة.

إحدى معلمات رياض الأطفال انتقدت عبر حسابها في تويتر عمليات الإرهاب الأخيرة التي راح ضحيتها رجال مسلمون صائمون، انتقدت هذا الفعل مثلما فعل الكثير، ولم تكن المشكلة هنا، فالانتقاد واستنكار فظاعة تلك الفعلة أمر لا نتعجب منه؛ الغريب أو بمعنى أدق التناقض يبرز في اني شهدت مع هذه المعلمة تصرفا يحث على أفكار تطرفية -يبدو أنه صدر بجهل منها- كانت تقول لأحد طلابها الصغار في المرحلة التمهيدية والذي كان يرتدي قميصا يحمل صورة أحد اللاعبين الأجانب، أنت ترتدي صورة لأحد الكفار الذين يجب علينا أن نكرههم، ثم رفعت صوتها وقالت للبقية صح يا شطار، فردوا عليها بصوت مرتفع «صح» طبعا شعر ذلك الصغير صاحب الصورة بالحرج وقال مبررا لموقفه: (أمي أجبرتني على لبس هذا القميص) أحست معلمتنا السابقة بالحرج الذي أصاب ذلك الصغير فحاولت تدارك الموقف وردت عليه بالقول؛ أنت لا ذنب لك ووالدتك هي المخطئة، والكلام ينطبق على الجميع وليس انت فقط!

هذا مثال بسيط لأمور تولد الإقصاء والكراهية للآخر ثم تقود في نهاية المطاف لعقل جمعي يضع أمامه مجموعة أعداء يكرههم كفكرة أولى ثم تتطور أفكاره ليصبح قتالهم وتطهير الأرض منهم هدفا نبيلا يسعى لتحقيقه. ربما سئمنا من تكرار كلمة (التطرف) كما أن الكل يظن أنه بمنأى عنه، لذلك سنستبدل كلمة التطرف مؤقتا «بالاستدعاش» وسنطرح التساؤلات التالية: هل تمارس المذاهب المختلفة الاستدعاش تجاه بعضها في الأفكار والأفعال؟ هل هناك حصانة فكرية تقينا من الدعوات التي يروج لها بعض مدعي التدين أو أولئك الذين يدعون أنهم منتقدو الفساد؟ وبالمناسبة فإن بعض مدعي الإصلاح الذين ينتقدون الخلل والفساد تحت قناع الوطنية والمصلحة لا يقل شرهم وخطرهم عن تلك الفئة التي تدعي الدين وتتاجر به؛ فكثير منهم ينتقد الخلل تحت شعور ضاغط بالكراهية نتيجة منصب أزيح منه أو مصلحة لم تتحقق له، ينتقد ليثأر لنفسه فقط، مثله في ذلك مثل الذي يمتدح كل الأمور ويصورها بأفضل حال لمصلحة تتعلق به فقط. المهم هنا باختصار أن ممارسات الاستدعاش مرفوضة بكل جوانبها، الم يأن لنا أن نستفيق من سباتنا مع كل هذا الضجيج الذي يحدث فوق رؤوسنا؟

*صحيفة اليوم

بواسطة :
 0  0  10.7K