المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 16 نوفمبر 2024

أزمة تصنع حضارة

د. عبدالواحد سعود سعيد الزهراني  

في الوقت الذي تتجه الأنظار إلى المملكة العربية السعودية , بين محب مشفق , و عدو متربص و صاحب هوى يميل به حيث تميل الكفة , في هذا الوقت الذي تعيش فيه المملكة أزمة خانقة , بين شح الموارد , و تكثف الأزمات السياسية , كان الكثيرون يتوقعون أن تنتهج المملكة سياسة الإنكفاء و الرضوخ للأمر الواقع , مما ينعكس على حديث قياداتها بامتصاص الأزمة داخليا , و تقديم التنازلات خارجيا , و لكن ذلك لم يحدث إطلاقا , فقد فاجأت القيادة كل العالم بإعلانها لرؤية طموحة , تحول كل نقاط الضعف إلى نقاط قوة , و تحول كل التهديدات إلى فرص تثير الغبطة , بل الحنق أحيانا لدى البعض . الجميل في الرؤية أنها لم تأت من فراغ , و ليست أهدافها و مخرجاتها المتوقعة نسجا من خيال أو ضربا من وهم , فهي منبثقة من المقدرات الاستراتيجية التي وهبها الله عز وجل لهذه البلاد , و عندما كان ينتعنا البعض بشعب النفط فقط , وكان المنافحون يستدعون ما تمتلك بلادنا من مواطن التميز ليردوا هذه التهم , كانت درجة الإقناع في كل الحجج في حدودها الدنيا , فصوت العاطفة فيها أعلى بكثير من صوت الواقع , حتى جاءت هذه الرؤية الواعية , و التي تقول لكل العالم أن الماضي الذي عشناه بحلوه و مره قد انتهى إلى غير رجعة , تقول للعالم أن زمن ثقافة الاستهلاك السلبي لدينا حكومة و شعبا استبدلت تماما بمفاهيم المنافع المتبادلة , تقول للعالم أن ممارسات احتكار التعليم و التكنولوجيا التي مارسها معنا الآخرون طويلا قد آن الوقت أن تستبدل بممارسات التفاوضات و الشراكة و المنافسة , و أن زمن البلد الذي كان يعتمد على سلعة وحيدة يتحكم مضاربي الأسواق في سعرها صعودا و نزولا بافتعال الأزمات و الابتزاز الممنهج , قد حل مكانه زمن البلد الذي لديه عشرات الموارد التي لا يمتلك غيرنا التحكم في التأثير عليها , بل أنه حتى النفط الذي كنا نرضخ تحت مبررات الحاجة إلى تمويل احتياجاتنا إلى الاستجابة للضغوط التي تدفعنا ببيعه رخيصا , سنكون نحن المتحكم الوحيد في تحديد الكميات التي نحتاج تسويقها , و بالأسعار العادلة . التحدي الأكبر في الرؤية ليس المال , فهو موجود , و سيتحقق منه الكثير بإذن الله مستقبلا , و لا الفكر فالرؤية ناضجة , و أخذت حقها من الإعداد و النقاش و التعديل , و لكن التحدي الأكبر هو في الإنسان الذي يتبناها , و يحولها من أحرف و أرقام صماء إلى منتجات تتحدث عن نفسها , و الإنسان الذي يفترض أن ينفذ هذه الرؤية ليس عاملا وافدا ينتظر انقضاء تأشيرته , و لكنه المواطن الذي سيصبح العامل الفاعل في أن نصل عام 2030 ونحن ننظر إلى هذه الخطة بكل تفاؤلنا بها و نحن نقول , كانت أقل بكثير مما أنجزنا , المواطن هو الذي يمتلك كلمة السر التي تنقلنا من نطاق الدول العشرين الأكثر تأثيرا في العالم , إلى نطاق الخمس دول التي تمتلك أن تقول نعم و لا متى ما شاءت .

بواسطة :
 0  0  8.4K