ستبكي إن غادرت. . فترفق بها قبل أن تفقدها! !
بقلم ـ أ ـ عبدالله الحارثي
ستبكي إن غادرت. . . فترفق بها قبل أن تفقدها! !!!
يحكي أحدهم قائلا :
حدث خلاف بيني وبين والدتي حتى
وصل إلى اعتلاء الأصوات !
كان بين يدي بعض الأوراق الدراسية
رميتها على المكتب وذهبت لسريري
والهم والله تغشى على قلبي وعقلي ، وضعت
رأسي على الوسادة كعادتي كلما أثقلتني الهموم حيث أجد أن النوم خير مفر منها !
خرجت في اليوم التالي من الجامعة
فأخرجت جوالي وأنا على بوابة الجامعة
فكتبت رسالة أداعب بها قلب
والدتي الحنون ، فكان مما كتبت :
علمت للتو أن باطن قدم الإنسان يكون أكثر ليونة ونعومة من ظاهرها يا غالية ، فهل يأذن لي قدركم ويسمح لي كبريائكم بأن أتأكد من صحة هذه المقولة بشفتاي ؟
أدخلت جوالي في جيبي وأكملت طريقي
ولما وصلت للبيت و فتحت الباب وجدت أمي تنتظرني في الصالة وهي بين دمع وفرح !
قالت : لا لن أسمح لك بذلك لأنني متأكدة من صحة هذه المقولة ، فقد تأكدت من ذلك عندما كنت أقبل قدماك ظاهرا وباطنا يوم أن كنت صغيرا….
هكذا هي الأم فمن لنا بقلب مثل قلبها ، من لنا بإنسانة مثلها. ..كيف نعرف كل ذلك عنها ثم نقسو عليها …
قصة تحكي الكثير والكثير …
قصة تعيد لي ذكريات جميلة مع تلك الحبيبة التي فقدتها قبل سنوات ، رحلت إلى المكان الذي لابد منه ، غادرت بدون أن تسلم علي !! بدون أن تودعني !! ليتني أراها وامتع نظري بالجلوس امامها .
تركتني أواجه أمواج الحياة المتلاطمة.
يقولون اذا ماتت الأم شاب الولد ، نعم هي حقيقة.
موت الأم كمثل الذي ينام في منزله وعلى سريره وهو يحلم أن يستيقظ الصباح ليستعيد نشاطه ويستمتع بحياته في منزله الذي يسكنه لأول مرة …
فإذا به يستيقظ في العراء لا غطاء ولا دواء ، استيقظ وهو بلا مأوى ولا حضن دافيء ، استيقظ وهو غريب .
نعم هي الأم ومهما كتبنا عنها فلن نوفيها حقها ، فيامن يستمتع بصوتها ووجودها وكلامها وهمساتها رفقا بها!!
يامن يقول تلك الكلمة التي فقدتها “امي” اماه ” يمه” ماما ” رفقا بها !!! يامن يكتب في جواله ” العجوز – الإزعاج ” وغيرها من الكلمات التي لا تليق “
غير تلك الكلمات إلى “الغالية – الحبيبة – امي – وغيرها ” وقبل ذلك غير ما بداخلك تجاهها ، قبل أن تفقدها! !!
يامن يراها كل صباح ، ويزورها كل يوم ، ويهاتفها بالجوال ، ويرسل لها ويرى تواجدها رفقا بها!!
فهناك من يتمنى سماع صوتها ، هناك من يتمنى أن يراها ولكن قدره أن لا يراها ولا يسمع صوتها ، فقد غادرت ، نعم غادرت والقلب يعتصره الألم ، فرفقا بها قبل أن تغادر !!!!
كم أتمنى أن أراها وأقبل قدميها ، واجلس بجوارها لا سمع نبضات قلبها ، ويتدفق الدم ليغذي أزهار حديقة عمري التي تغير شكلها ، وذبلت ازهارها واختفى جمالها ، يامن يجد أمه بجانبه رفقا بها ، قبل أن تغادر وحينها ستندم !! !
اللهم ارحمها كما ربتنا صغار ، اللهم اسكنها الفردوس الأعلى من الجنة .