حتى عملية الضرائب يجب أن تكون متدرّجة وتراعي الفروق
قرأت صباح هذا اليوم عبر بوابة التوتير مقالاً جميلاً للكاتب / محمود عبدالغني صباغ نشر في جريدة عكاظ بعنوان " هل نعود إلى النشوة بعد الإدمان ؟ " تكلّم فيه عن التحولات الاقتصادية التي أعلنت عنها الدولة بلسان ولي ولي العهد قبل أسبوع، كان من ضمن ما قاله ( الإسراف في الرهان على الخصخصة وسياسات السوق قد يهدد نموذج الرفاه أن لم يقتبس صيغاَ تدريجية ) وأعتقد أنه لامس وضعاَ مهما .. عندما زرت أمريكا لأول مرة في بداية عام 2000 م لظروف صحية أعجبتني لأول وهلة عملية التأمين الصحي، والحضور القوي لاقتصادهم وقوة القطاع الخاص على خلق فرص وظيفية للملايين، لم يكن المواطن هناك ينتظر من حكومته الولائية ولا الفيدرالية أرضاً ولا قرضاً *ولا وظيفة، بل هذا كله يوفره القطاع الخاص للمواطن ومعه المقيم أيضا في ما يخص الوظيفة. أما الحكومة فإنها تأخذ من الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص الضرائب اللازمة لتهيئة الأرضية المشتركة لذلك التفاعل، نحن نعلم أن النظام الاقتصادي الرأسمالي ليس في مأمن من الهزات الاقتصادية العنيفة، ولم يكن النظام الرأسمالي الاشتراكي بأفضل حالٍ منه والدليل على ذلك الهزة الاقتصادية العنيفة التي تعرّض لها الاقتصاد الأمريكي قبل سنوات وبعده اقتصاد اليونان وبعض الدول الأوروبية الغربية، وكذلك النظام الروسي الاشتراكي الذي هوى بعد سبعين عاماً من التجارب الفاشلة، ناهيك أن تلك الدول وبالذات العظمى لها سياسات متعددة لعلاج أمراض اقتصادها لا تترفع في مجال التعاطي معها عن شيء فهي تنظر للقيم وللعالم كله من خلال مصالحها فقط . إننا اليوم بلا شك بحاجة الى التغيير ولكن بالمقاييس التي تناسبنا في إطار برنامج شامل ومتدرّج يرصد الأخطاء والمعوقات ويراعي الفروق بيننا وبين الدول التي سبقتنا في تلك المجالات. أنهم هناك يعتمدون على مؤسسات ضخمة جداً مثل ( شل ) وليس على مؤسسات وشركات عائلية متواضعة القوة في كل شيء قياساً بشل وشبيهاتها، ثم أن العملية قبل كل شيء نظام وثقافة مجتمع لا يفرق بين وظيفة السكيورتي وعامل النظافة ورئيس الجمهورية إلا من خلال الفروق في الحوافز. كما اتضح لي أيضاً أن ثلثين المجتمع الأمريكي يعتمدون على الكردت ولكن أمورهم ماشية فهناك تكامل ترفيهي لديهم نظراً لتكامل البنى التحتية تلك البنى التي لازلنا بحاجة إلى اكتمالها وهذا ما تنبه له وأشار إليه صاحب السمو الملكي الأمير/ محمد *بن سلمان في حديثه المتلفز. وأقول أن هناك أصوات عديدة ترددت منذ سنوات تقول : متى نستعّد ونهيئ أنفسنا لمرحلة ما بعد البترول؛ وأعتقد أن حكومة خادم الحرمين الشريفين قرعت الجرس فقد آن الأوان للبدء العملي لدفع قاطرة الاقتصاد في هذا الاتجاه ولابد أنه قد روعي في ذلك - وهذا ما نتمناه - التدرّج في التطبيق ومراعاة الفوارق في عملية الضرائب، وإيجاد بيوت الإيواء الاقتصادي قبل الأخلاء وهذا لن يتم إلا من خلال برامج تحقق توازن بين القطاعين الخاص والعام تكون الريادة خلال الثلاثين عاماَ القادمة بمشيئة الله للقطاع العام فهو الكمين على الولاية الاقتصادية إلى حين . هذا والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .
*