الاستعداد لرمضان
*بقلم/ عبدالرحمن بن عبدالله اللعبون*
المشاعر الإنسانية ومحبة الطاعات والتوق لفعلها لا يخلو منه مسلم، وهذا أمر لا يحتاج إلى دليل وبرهان، ولكن السبيل للتوازن بين محبتنا للأمر وبين فعله يحتاج منا إلى محطات يقف عندها البعض طويلا وصفا وتحليلا، وهذا ما لن أفعله هنا في هذه السطور...عند رجوعنا في الذاكرة إلى سنوات عديدة ماضية نجد في كل منها عند الحديث مع من حولنا أمرين اثنين: الأول عام وهو الحديث عن سرعة انقضاء الشهر الفضيل، والثاني وهو عند عدد لا بأس به من الناس مع التحسر أنه انقضى دون استغلاله بصورة جيدة في فعل الطاعات وكسب الحسنات...ما يحدث بالعموم أن الكثيرين يقبلون على قراءة القرآن وحضور صلاة التراويح وحضور الدروس وغيرها وبكثافة في الأيام الأولى من الشهر ثم تبدو الصورة بوضوح بالتراخي وقلة الأعداد، ومضي الأيام دون قراءة الورد المقرر سلفا من القرآن... وسأكتفي هنا بطرح هذين الموضوعين... أي أمر لن يتم كما هو مطلوب ومخطط له ما لم يكن الاستعداد له كاملا ومتقنا، ونحن نهب للطاعات عند إعلان دخول الشهر كالذين يشاركون في سباق الجري لمسافة 400 متر فينطلقون بقوة دون سابق تمرين، وسرعان ما تتباطأ عجلة تقدمهم بعد أمتار قليلة، وفي حديثنا عن رمضان يكون الاستعداد المفترض له طوال الأيام، ولكن من لم تكن أموره كذلك فعليه إن كان جادا في استغلال أوقاته أن يباشر من الآن ومن هذه اللحظة بمجاهدة نفسه والبدء بالعزم على قيام الليل بركعات قليلة، سواء بعد صلاة العشاء مباشرة أو قبل النوم، ويصبح أمرا لازما له تماما كوجبة الأكل، وأن يقرّب المصحف منه فلا تكاد تمر فريضة صلاة إلا وقد قرأ منه عدة صفحات، وفي أوقات أخرى متاحة وما أكثرها، وهكذا تتعود النفس وتنضبط وتكون سجية دائمة تمنع النفور والتثاقل في موسم الطاعات...
النية الصادقة والدعاء بالتوفيق أساس في هذا التوجه، كما أن تهيئة الظروف المكانية والزمانية لها أثر كبير، وللصحبة الطيبة والتشاور في هذا الأمر والمتابعة للقيام والقراءة والتواصي فيما بينهم سيزيل الكثير من العقبات الواهية التي تظهر على جنبات الطريق...