المصدر -
أشار تقرير نشرت اجزاء منه صحيفة واشنطن بوست يوم امس الى حالة عدم الارتياح بين بعض مسؤولي المخابرات لما وصفته بوجود خلايا مسلحة تحصل على الدعم والتمويل الايراني.
ولفت التقرير الى علامات التنامي المتصاعد ازاء قيام اشخاص ملثمين بزرع قنابل وعبوات ناسفة على جانب الطرقات بالاضافة الى عمليات ضبط كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات التي تأتي برا وبحرا الى البحرين.
وفيما كان ينظر في السابق -بحسب التقرير- الى اتهامات البحرين لطهران بالتحريض ضد العنف في البحرين كـادعاءات مبالغ فيها، يرى التقرير ان تردد الغرب ازاء اتهام ايران قد بدأ يتلاشى لا سيما وان وكالات استخبارات غربية ترى ان هناك ما وصفته بـ «جرأة من قبل إيران في دعم المتمردين المسلحين وفقا لعدة محللين امريكيين».
وتصف الوثائق والمقابلات التي أجريت مع مسؤولي الاستخبارات الحاليين والسابقين - وفق التقرير - ان هناك برنامجا تدريبيا متقدما نظمه فيلق الحرس الثوري الإسلامي في طهران لـبحرينيين في تقنيات التفجير المتقدمة وحرب العصابات. وقد اكتشف في البحرين على مدى السنوات الثلاث الماضية مجموعة واسعة من الأسلحة المتطورة على نحو متزايد - والكثير منها مرتبط بشكل واضح بإيران - بما في ذلك مئات القطع من المتفجرات التي تستخدم عسكريًا التي كان من المؤكد أنها صنعت في إيران.
وتبدو ان هذه الأنشطة ضمن عمليات مماثلة لبناء شبكة من الجماعات المسلحة الموالية لطهران في مناطق اخرى من الشرق الاوسط منها اليمن والعراق وسوريا.
وقال مسؤول بالمخابرات الامريكية- يتمتع بخبرة طويلة فى مراقبة الاضطرابات المدنية والسياسية فى البحرين «اننا نشهد المزيد من الدلائل على جهود ايران الرامية الى زعزعة الاستقرار». وفيما يرى المسؤول - الذي لم يكشف عّن هويته كـغيره من الأشخاص الآخرين الذين تمت مقابلتهم لمناقشة المعلومات الاستخبارية الحساسة من المنطقة ان تنامي الدعم الايراني لأحداث اضطرابات في البحرين «حقيقي».
وقد دفعت الأدلة المتزايدة خطوات غير مسبوقة من قبل الحكومات الأمريكية والأوروبية تستهدف قادة من «الجماعات الشيعية البحرينية».
ففي 16 مارس أمرت السلطات الألمانية بإلقاء القبض على رجل بحريني - وهو طالب شيعي يبلغ من العمر 27 عاما يقيم في برلين - بموجب مذكرة دولية تتهمه بأنه إرهابي ينشط في كتائب سرايا الأشتر- وهي جماعة شيعية بحرينية مقاتلة تعلن مسؤوليتها عن الهجمات المميتة ضد ضباط الشرطة البحرينية-.
كما كشفت السلطات البحرينية في 30 سبتمبر 2015 عن منشأة لصنع القنابل في مستودع في النويدرات في البحرين، تحتوي على متفجرات وكذلك السلائف الكيميائية -بحسب وزارة الداخلية البحرينية.
وكان الأفراد الذين بنوا مصنعا سريا بشكل ذكي حيث وضع المصنع في مخبأ سري تحت الارض -أسفل فيلا في احدى ضواحي البحرين- بشكل لا يثير الشك على الإطلاق حيث لا يوجد سوى مدخل واحد له يقع خلف خزانة المطبخ! لكن هذا البناء الذكي لا يثير المفاجأة الحقيقية بل ما عثر عليه في الداخل في احدى الغرف حيث وجد اكثر 20000 من المخارط والمكابس الهيدروليكية لصنع قذائف خارقة للدروع قادرة على اختراق دبابة وكذلك مادة «سي 4» شديدة الانفجار بكميات قادره على اغراق سفينة حربية.
ووفق التقرير - قال محققون بحرينييون في تقرير سري قدم لمسؤولين امريكيين وأوروبيين خلال نهاية العام الماضي وتضمن عرض تفاصيل جديدة عن الترسانات التي تم العثور عليها في «الفيلا» وفي مداهمات مماثلة وقعت سابقا أن معظم هذه المواد لم يسبق رؤيتها في البحرين!
وقال رئيس الامن العام البحرين اللواء طارق الحسن ان اكتشاف المتفجرات الكيميائية في «النويدرات» أثبت ان ايران تحاول «تقويض الامن والاستقرار» في البلاد. (المصدر - وزارة الداخلية في مملكة البحرين) كما ان اكتشاف المزيد من المتفجرات في النويدرات الذي اشتمل على الأسلحة التي تم العثور عليها من عناصر ارهابية منذ عام 2013 أسلحة صغيرة وقنابل يدوية وذخائر- كانت تحمل علامات إيرانية مميزة. (المصدر - وزارة الداخلية في مملكة البحرين).
وبالعودة الى ردود الفعل الغربية، يفيد التقرير ان وزارة الخارجية الامريكيه قد قامت في 17 مارس الماضي بفرض عقوبات على اثنين من قادة الجماعة الإرهابية «سرايا الأشتر» حيث صنفتهم كـ «إرهابيين عالميين». واتهم الإعلان الرسمي -الصادر عّن الخارجية الامريكية- إيران على وجه التحديد بدعم المجموعة كجزء من نشاطاتها المزعزعة للاستقرار والارهاب في المنطقة.
وفي يوم الاربعاء، تحركت إدارة ترامب لرفع تجميد بيع طائرات مقاتلة من طراز F-16 إلى البحرين، مما يعاكس قرار اتخذته إدارة أوباما في العام الماضي احتجاجا على حظر البحرين لجمعية الوفاق - جمعية تيار المعارضة الشيعية الرئيسي في البلاد.
واوضحت الخارجية الامريكيه ان ايران قدمت اسلحة وتمويلا وتدريبا الى المسلحين البحرينيين كما أشارت - وفق الصحيفة الى ان الارهابيين العالميين يشكلون تهديدًا لـلامن القومي والسياسة الخارجية والاقتصاد في الولايات المتحدة.
«إلحاق أضرار جسيمة»
ويشير التقرير إلى انه عندما اكتشفت مخبأ الأسلحة الواسعة تحت «فيلا» في - «قرية نويدرات» قبل 18 شهرا عرضت الشرطة المحلية البحرينية صورا لـمواد كيميائية وأكياس من مسحوق أبيض - على حد تعبير اللواء طارق الحسن، رئيس الامن العام البحريني، أن «الأعمال الإيرانية تحاول تقويض الأمن والاستقرار داخل البحرين، وفِي المنطقة على نطاق أوسع».
فيما علق ماثيو ليفيت -المحلل السابق لمكافحة الارهاب التابع لمكتب التحقيقات الفدرالي الذي اجتمع مع كبار المسؤولين البحرينيين لمناقشة مخابئ الاسلحة- بالقول «إن الأدلة المستقاة من مخابئ الأسلحة تشير إلى تهديد حقيقي من قبل الإرهاب الذي ترعاه إيران!».
ووفق التقربر فانه على مدى العام الماضي، أبدى المسؤولون البحرينيون استعدادا متزايدا لتبادل الأدلة والبحث والتحليل العلمي الخارجي لإقناع الحكومات الغربية بخطورة المشكلة التي تواجهها البلاد. وأدى هذا الجهد إلى إجراء تقييم سري قدمته وكالات استخباراتية عديدة في أواخر العام الماضي. وقال ثلاثة من مسئولي المخابرات الامريكيين الذين اطلعوا على الدليل انهم يؤيدون بشكل واسع ادلة البحرين على تورط ايران في العديد من الهجمات الاخيرة وكذلك في تسليح الجماعات المسلحة المتشددة.
ويتضمن الملف الذي نشرته صحيفة «ذي بوست» تقارير تقنية واسعة النطاق اشتمل على تقييم انواع الأسلحة التي تم العثور عليها لدى متمردين بحرينيين منذ 2013 بما في ذلك الأسلحة الصغيرة والقنابل اليدوية والذخائر التي تحمل علامات إيرانية مميزة، فضلا عن الإلكترونيات «الإيرانية الصنع» الموجودة داخل الأجهزة المتفجرة شديدة الانفجار. ويذكر التقرير ان كميات من مواد متفجرة التي تستخدم في الاعمال العسكرية، بما فى ذلك 418 باوند من مادة «سي - 4» شديدة الانفجار وهي كمية توازي الكمية التي استخدمها تنظيم القاعدة الإرهابي في عملية الهجوم على السفينة البحرية الامريكية «يو اس اس كول» في عام 2000 حيث قدر العلماء حينها الكمية المستخدمة بما يوازي تفجير حفرة بعمق 40 قدما..
وأظهرت الاختبارات الكيميائية التي استشهد بها التقرير أن جميع الكميات من مادة «C-4 » -التي تم استيرادها من ستة مواقع على مدى ثلاث سنوات - جاءت من خطين من خطوط التصنيع -وفق تحاليل المختبر الجنائي- كانت مرتبطة بإيران. واشار التقرير الى ان احدى المخابئ الستة «اشتملت على C-4 فى عبواتها العسكرية الايرانية الاصلية».
ووفق التقرير، فإن المحققين البحرينيين كانوا أكثر قلقا ازاء اكتشاف مكابس هيدروليكية ومخارط معدنية في المصنع الذي عثر عليه تحت الأرض في قرية نويدرات. وقد تم تهريب معدات معدنية صينية وايطالية الصنع إلى المصنع الواقع تحت «فيلا» وذلك لصناعة قذائف أو ما يعرف بـ «إفس» وهو نوع من قنبلة مرتجلة تستهدف الدروع العسكرية. وقال التحليل ان القنابل غير المكتملة التى تم انتشالها من موقع المخبئ السري «فيلا النويدرات» كانت مماثلة لتلك التي استخدمها المتمردون الشيعة من ايران لمهاجمة القوات الامريكية في العراق.
وقال التحليل وفق التقرير«ان هذا الامر يرفع بشكل كبير من القدرات الارهابية لدى عناصر بحرينية على شن هجمات اكثر فتكا وفعالية». واضاف «ان هذا المستوى من التقدم ليس من المحتمل ان يتم التوصل اليه بدون دعم خارجي وتوجيه وتدريب».
وأشار التقرير إلى وجود مثل هذه الأجهزة في البحرين «محيرة للغاية»، مشيرا إلى أن قوة انفجارتها تتجاوز بكثير ما هو مطلوب لتفجير مدرعات الشرطة العادية ووسائل النقل غير المدرعة التي تستخدمها الدوريات البحرينية العادية. بل تبدو استخداماتها تهدف لـ تدمير الدبابات وحاملات الجنود المرسلة من بلدان الخليج المجاورة -في حالة نشوب نزاع في المستقبل- او ربما -وفق التقرير- كان لدى صناع القنابل وروادهم هدف مختلف تماما في الاعتبار، وقال التقرير «انها قادرة على الحاق ضرر بالغ بالقوات الامريكية ومرافقها».
ومنذ وقوع انفجار في سترة ادى لمقتل شخصين في يوليو 2015. ضبطت السلطات البحرينية قنابل يدوية الصنع أكثر قوة تعرف باسم «اي في بي اس» التي لم يستخدمها المسلحون بعد في البلاد. (محمد الشيخ / وكالة فرانس).
أصداء العراق
ووفق التقرير.. فان أيا كان الغرض المنشود من هذه الكميات الكبيرة، فإن هذه المواد المتفجرة القوية لم تستخدم في أي مكان في البحرين حتى الآن. في حين استخدمت الجماعات المسلحة القنابل الصغيرة والأسلحة الرشاشة لاستهداف الشرطة وقوات الأمن لا سيما خلال هجوم شديد التنسيق وقع في صباح الاول من يناير، لتهريب سجناء من بينهم افراد بارزين في الجماعات المسلحة.
كما أعلنت البحرين فى اواخر مارس انها أبطلت مؤامرة مسلحة لاغتيال المسؤولين الحكوميين وتنفيذ سلسلة من الهجمات تستهدف الشرطة المحلية ومقر البحرية الامريكية. وذكر متحدث باسم الشرطة ان اتصالات تم اعتراضها بين زعماء الخلايا المحليين والمؤيدين والمتآمرين مع ايران.
وعلى الرغم من أن إيران لم تعترف بتوفير الأسلحة للمسلحين البحرينيين، فقد سمحت لقادة ما تصفهم بـ «المقاومة» بالعمل بشكل علني في طهران، كما أعربت عن تضامنها مع دعوات «المعارضة» لإنهاء الحكم في البحرين. وفي مارس 2016، قال قائد الحرس الثوري سعيد القاسمي ان البحرين «محافظة إيرانية منفصلة عن إيران نتيجة للاستعمار»، مضيفا أن إيران أصبحت الآن قاعدة «لدعم الثورة في البحرين».
وقال مايكل نايتس- محلل في الجيش والأمن في الشرق الأوسط: «هناك كلمات تتفق مع الأفعال، مما يشير إلى أنهم يحاولون الإشارة إلى شيء ما: «لا تعبث معنا، أو يمكننا أن نؤذيك خبيز في الشؤون الخاصة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- وهو مركز أبحاث غير حزبي».,
وكان المحققون الذين أجروا تحقيقات على نطاق واسع في قضايا دعم إيران للمتمردين الشيعة خلال حرب العراق، رأوا ما يمكن وصفه بـ تحركات إيرانية مماثلة في البحرين تتمثل بتزويد القوات المسلحة العراقية بميليشيات شيعية عراقية تستخدم هذه الأجهزة في محاولة لخلق مناطق منعزلة حول معاقل الشيعة. فيما قال احد المحققون«إن عدم استخدام هذه الوحدات في البحرين قد يعني أن السلطات المحلية وجدت كل منهم. أو يمكن أن تشير إلى شيء أكثر شرًا»!
وقال نايتس «يمكن ان يكونوا قد تم حجبهم لوقت اخر»، او لمجموعة اخرى وفق الظروف.