المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 27 ديسمبر 2024
محمد الشريف متحدياً الإعاقة: لا أزال طياراً
مرفت طيب
بواسطة : مرفت طيب 29-05-2016 05:23 صباحاً 13.7K
المصدر -  
أكد الطيار محمد الشريف أنه يعد لمبادرة لمساندة الذين يعانوا من مشكلات سواء كانت معاناة الإعاقة أو المرض أو الفقر أو حتى الطلاق.. انطلاقا من مساعدة الآخرين له؛ مشيراُ إلى أن الإعاقة كانت ضرورية في حياة “محمد” -سبحان الله-؛ من أجل أن يستيقظ ويبحث عن أحلام أخرى بعيداً عن الأحلام والطموحات التقليدية.
وقال الشريف إنه تعلم أن يكون شخصاً إيجابياً وفاعلاً ومتفاعلاً؛ لأن ذلك هو دوره الحيوي لمساندة المعوقين وللتصدي لقضية الإعاقة.
وقضايا أخرى اثارها الطيار محمد الشريف في هذا الحوار، حيث أنه واجه الإعاقة بتحد وصبر.. وصار قدوة للمعوقين وغير المعوقين.

حصلت على المركز الأول في جائزة الإصرار في موسمها الثالث.. وقد أسعدت الكثيرين بهذه الجائزة التي يبدو أنها كانت تعرف طريقها إليك من حفاوة الجمهور.. حدثنا عن أهميتها لك وللآخرين؟

= لا شك أن جائزة الإصرار بمثابة الدافع والمحفز لي ولكل من يتابع هذه الجائزة؛ ولهذا بالنسب لي فإنها تحملني مسؤولية أكثر على نطاق واسع، وهي دافع للتقدم والإصرار للحصول ما هو أفضل في الحياة.

شارك نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فرحتك بهاشتاق بعنوان ”#كلنا_محمد_الشريف”، وقد وصل تريند الهاشتاق ضمن أعلى الوسوم تداولاً في السعودية.. فماذا يمكن أن يقدم محمد الشريف لهؤلاء، غير الشكر، لتأكيد الاستحقاق بهذا الحب؟

= بالنسبة إلى نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فمن المؤكد أنني مهما قدمت من الشكر فإني لن أفيهم حقهم، ولكنهم ينتظرون منى أن أكون مؤثراً أكثر، وأكون مبادراً، وأنا وعدتهم بإطلاق مبادرة لكل شخص يعانى في الحياة عن طريق استقطاب الأشخاص في نفس المعاناة وتجاوزوها، ونجعلهم يدعمون الناس الذين يواجهون معاناة، سواء كانت معاناة الإعاقة أو المرض أو الفقر أو حتى الطلاق.. وإن شاء الله تكون هذه المبادرة خطوة مكملة للكثير من الخطوات في الاتجاه ذاته من أجل مساعدة الآخرين؛ حيث إن كل مَن واجه معاناة في الحياة كان دائماً إلى جانبه شخص أو أشخاص أو حتى مؤسسات ساندوه لمواجهة هذه المعاناة، ويجب على هذا الشخص وغيره مساعدة الآخرين أيضاً.

لا تحدثنا عن إعاقتك ولا كيف حدثت.. ولكن حدثنا عن نجاحك في مواجهة الإعاقة التي طرأت على حياتك، بعد أن كنت نموذجاً لشباب كثيرين كطيار.. ولكن بعد الإعاقة صرت مثالاً لشباب أكثر، ولكل الأعمار؟

= بعد الإعاقة مباشرة مررت بحالة نفسية سيئة جداً جداً استمرت نحو سنة وثمانية أشهر، ولكن عندما التقيت الآخرين الذين تمكنوا من تجاوز إعاقتهم وإصاباتهم ، وكانت حالتهم بنفس حالتي ونجحوا في التغلب على اليأس؛ أدركت أنه من المستحيل أن أستمر في هذه الحالة، وقلت: يمكنني أن أكون مثلهم، ولا بد أن أصل إلى المراحل التي وصلوا إليها وأكثر، وبدأت انتبه لنفسي أكثر، ووجدت أنني أسلك الطريق الصحيح، كما وجدت أن الكل وضع يده في يدي، والكل ساعدني عندما بدأت أعمل على نفسي إلى أن وصلت إلى الطموح الذى أسعى إليه بعد الإصابة، وبدأت أذهب إلى الشباب الذين مروا بنفس ظروفي لمساندتهم وأحاول أن أختصر عليهم الكثير من الأمور التي مررت بها بعد الإصابة.

بعيدا عن إعاقتك.. بماذا تحدثنا عن إعاقات الآخرين التي كانت بمثابة عقبات في طريق محمد الشريف؟

= لم تكن أبداً إعاقات الآخرين بمثابة عقبات بالنسبة إليَّ بل على العكس؛ فإنني أحاول أن أساعد المعوقين الآخرين على تجاوز العقبات. كما أنني أرصد كيف يتجاوزن إعاقاتهم؛ لأنني مررت بذلك، وأشعر بمشاعرهم؛ لذلك أحاول أن أقدم لهم عوناً بأي صورة وبأي طريقة، وأعتقد أن إعاقات الآخرين كانت محفزاً لمساعدتهم، وليس للحزن عليهم.

مررت في حياتك بمرحلة الإنسان العادي ثم الإنسان المعوق.. هل حدث فرق للإنسان محمد الشريف في أحلامه وطموحاته، وهل تغيرت رؤيتك للناس وللحياة؟

= بالطبع فرق شاسع في كل شيء؛ في رؤية الحياة، وفي التعامل مع الناس، وفي اختيار الطموحات، وفي اختيار الأهداف، وفي كل شيء في حياتي. وأشعر كأن الإعاقة كانت ضرورية في حياة “محمد” -سبحان الله-؛ من أجل أن يستيقظ ويبحث عن أحلام أخرى بعيداً عن أحلام الطموحات التقليدية مثل شراء سيارة فاخرة أو غير ذلك، إلا أنني الآن لديّ طموحات مختلفة وأكثر واقعية ومفيدة لنفسي وللآخرين وللمجتمع ولكل شخص يمر بهذه المعاناة.

ما الجوانب الإيجابية والسلبية لإعاقتك؟

= لا شك أنه لا أحد يتمنى الإعاقة، سواء لنفسه أو للآخرين؛ فإن الآلام التي يعانيها الشخص الذي تصاحبه الإعاقة مثل العصبية التي تأتي في القدمين، وبعض هذه الآلام العضوية، ليست مشكلة، ولكن المشكلة في الآلام النفسية؛ فما زالت نظرة غالبية المجتمع إلى الأشخاص المعوقين سلبية، وكسب ثقة المجتمع تكون صعبة جداً على الأشخاص ذوى الإعاقة. أما النظرة الإيجابية للإعاقة فإنها يمكن أن تكون حافزاً ومشجعاً لأشياء كثيرة؛ لأن المعوق يمر بأكثر شيء يمكن أن يكون صعباً، وهو الإعاقة ذاتها، ويمكن أن يتجاوزها؛ وبالتالي يمكنه تجاوز أي معاناة أو مشكلات أو مصاعب أخرى، فما بعد الإعاقة يكون سهلاً الوصول إليه، وسهلاً تحقيقه والحصول عليه بإذن الله تعالى.

أنت صاحب قدرات خاصة قبل الإعاقة كطيار.. فما مصير هذه القدرات بعد أن أصبحت صاحب احتياجات خاصة.. ماذا تفعل الآن وما طموحاتك؟أما بالنسبة إلى ما أفعله الآن فهذا سؤال كبير؛ لأنني أفعل كل شيء يخدم الإعاقة والمعوقين، وأفعل كل شيء يخدم طموحاتي، وأسعى -بإذن الله- لأن أكون شخصاً مؤثراً عالمياً، وليس فقط على المستوى الوطني أو الإقليمي، وإن شاء الله سأحقق طموحي في القريب العاجل.

= لم تتغير قدراتي أبداً بعد الإعاقة؛ إذ تدربت بعدها في مدرسة طيران شراعي، وأصبحت -والحمد لله- أول معوق في الشرق الأوسط يقود طيارة شراعية، ولدى طائرة شراعية أقودها وأتجول بها، وبالعكس لم تضعف قدراتي بل استفدت من التجارب السابقة وعملت على زيادتها وتطويرها.

ألم يدفعك الحادث المروري الذي تسبب في إعاقتك إلى عمل شيء توعوي يمكن أن يساهم في إنقاذ الآخرين من مثل هذه الحوادث؟

= بالطبع؛ فإنني في كل أسبوع مرورى خليجي توعوي أشارك بفاعلية، سواء في المناسبات والفعاليات والشركات والوزارات أو على مواقع التواصل الاجتماعي. ولديّ أكثر من 15 فيلماً توعوياً عن الإعاقة أو الحوادث. وعموما فإن أي مناسبة خاصة بالإعاقة والمعوقين أكون موجوداً فيها، وأحاول أن أكون شخصاً إيجابياً وفاعلاً ومتفاعلاً؛ لأن ذلك هو دوري الحيوي لمساندة المعوقين وللتصدي لقضية الإعاقة.

كيف ترى خدمات جمعية الأطفال المعوقين في مساندة هذه الفئة لتجاوز ظروف الإعاقة؟

= شهادتي في جمعية الأطفال المعوقين مجروحة؛ فهي من المؤسسات الرائدة في خدمة الإعاقة، وليس الأطفال فقط؛ فهي جمعية لا تقبل القسمة على اثنين، وهي موجودة وفاعلة في كل المشاريع والحملات الخاصة بالإعاقة، ودائماً يشرفني التعاون مع الجمعية؛ لما تحظى به من ثقة المجتمع كمؤسسة كبيرة وعريقة في التصدي لقضية الإعاقة في المملكة.

كيف يستطيع المعوق أن يحقق التفوق والتميز، وهل نجد لديك وصفة نجاح لكل معوق؟

= التفوق والتميز يجب أن يسعى إليهما كل إنسان، سواء كان معوقاً أو غير معوق، والإنسان الناجح سيكون ناجحاً قبل وبعد الإعاقة على ما أعتقد. ويمكن أن تساعد وتساهم الإعاقة في تسريع النجاح والسعي نحو التميز، ولكن الشخص واحد، ودائماً أتحفظ على أن مسار الشخص المعوق يختلف عن مسار الشخص السليم؛ فذلك ليس صحيحاً؛ فالنجاح نجاح في كل شيء، ومن الصعب أن نخص المعوق دون غيره بالنجاح؛ لأنه تمكن من قيادة سيارة أو غير ذلك؛ فالنجاح متاح للشخص العادي، وكذلك للمعوق، وكل إنسان يجتهد سينجح بإذن الله.
كيف ترى رعاية الدولة للمعوقين في المملكة، وهل حدث تطور في حجم ونوع هذه الرعاية؟

= بالتأكيد الرعاية تتطور، وكل سنة أفضل من السابقة، والمطلوب فقط هو التسارع في الرعاية للمعوقين، كما يجب وضع استراتيجية للرعاية الشاملة للمعوقين خلال عشرين عاماً، ومن خلال برنامج زمني وخطط طموحة نعمل على تنفيذ هذه الاستراتيجية حتى تكتمل؛ لأن ذلك يعطينا فرصة للتعامل مع المستجدات وإضافتها أو تعديل الاستراتيجية بما يحقق مصلحة المعوقين. ولكن بصفة عامة فإن المعوقين في المملكة يتمتعون برعاية الدولة، ولكننا دائماً نحتاج إلى الأفضل، ونسعى إلى تحقيق كل ما يساهم في مساندة المعوقين لمواجهة التحديات.

هل ترى أنّ أفراد المجتمع في حاجة إلى زيادة الوعي باحتياجات المعوقين؟

= لا شك في ذلك، والدليل على ذلك أنه لا تزال الكثير من المشكلات التي تواجه المعوقين، ومنها الوصول إلى الأسواق أو المغاسل أو حتى المصالح الحكومية، وكذلك المساجد وغير ذلك؛ فهناك قصور شديد في ذلك، بينما في دول أخرى مثل أمريكا وغيرها لا يمكن أن يواجه المعوق مشكلة في الوصول إلى أي شيء؛ ولهذا فإنني أرى أن برنامج الوصول الشامل الذي يتبناه مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، والذي يعد امتداداً لبرنامج “جرب الكرسي” الذي ترعاه جمعية الأطفال المعوقين من أهم البرامج للتصدي لهذا القصور. وهذا يحتاج حقيقة إلى تكاتف الجميع، سواء قطاعات الدولة ذات العلاقة أو الأفراد.