المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 18 مايو 2024
بروفيسور أمريكي يستشهد بطالبة سعودية في مواجهة خطة ترامب لمنع المهاجرين
بواسطة : 03-03-2017 08:33 مساءً 8.9K
المصدر -  
لم يكف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن تأكيد عزمه مواجهة المهاجرين الأجانب الموجودين في الولايات المتحدة وطردهم منها، ومنح الوظائف بالدرجة الأولى للأميركيين، في تحييد للكفاءات العلمية التي حملها مهاجرون وطلاب أجانب إلى الأراضي الأمريكية.
 
البروفيسور جون ريتشارد، في جامعة ولاية امبوريا الأمريكية، حذر في مقال له بموقع "هايز بوست" الأمريكي، من مخاطر فرض قيود على التأشيرات لأمريكا، لا سيما على الطلاب الأجانب الذين يستفيدون من دراسة درجة الدكتوراه في الكليات والجامعات الأمريكية كل عام، متحدثاً عن حاجة أميركا لهم؛ لما يحملونه من قدرات علمية كبيرة.
 
ريتشارد، أبهرته طالبة سعودية بذكائها الشديد عندما حصل منها على إجابة في وقت مختصر، حول سؤال لا يعرف إجابته كثير من الطلاب الأمريكيين، ودق ريتشارد ناقوس خطر استبعاد الأجانب وطردهم من أمريكا لا سيما أن ترامب فرض حظراً على مواطني 7 دول مسلمة، بالقول: "اطلب بحماقة، أن يغادر جميع العلماء المولودين خارج الولايات المتحدة، وستنهار العلوم في أمريكا".
إلى نص المقال:
شاركتُ مؤخَّراً كعضوٍ في لجنة اختبار لإحدى طالبات درجة الماجستير، من المملكة العربية السعودية. وطُلِب منها ذكر الصيغة التي يمكن بها إنتاج كمية معينة نسبة الكحول بها 70% من كمية أخرى نسبة الكحول بها 90%.
 
وخلال ثوانٍ، اتَّجهت إلى السبورة، وكتبت بسرعة الصيغة الدقيقة للكمية المطلوبة. سؤالٌ كهذا كان ربما سيستغرق دقيقةً أو اثنتين من أي خريجٍ أميركي، ولم يكن بعضهم سيتوصل من الأساس للإجابة الصحيحة.
فسألتُ الطالبة السعودية: "متى تعلمتِ الجبر لأول مرة؟".
وأجابت: "في الصف الرابع أو الخامس". فابتسمتُ. وتلك هي الفترة التي يبدأ فيها الطلاب الآسيويون أيضاً دراسة الجبر. هذا بينما تقول المدارس الأمريكية التعليمية للمجالس التعليمية للولايات (وهي هيئات تساعد في وضع السياسة التعليمية بالولايات الأمريكية)، إنَّ دماغ الطفل لا يكون قد تطوَّر بما فيه الكفاية لاستيعاب الجبر حتى ما قبل مرحلة المدرسة الثانوية مباشرةً.
 
لقد حاضرتُ فيما يزيد على عشرين من الجامعات الصينية العادية، وأجد متعةً في هذا الأمر. وحينما أخبرهم بأنَّ الولايات المتحدة تؤخِّر تدريس الجبر؛ لأنَّ الأطفال ليس بإمكانهم تعلُّمه في صغرهم، يسخرون من ذلك؛ لأن الطلاب الصينيين يتعلَّمونه بصورةٍ جيدة للغاية في المرحلة الابتدائية.
 
وددتُ لو كان بإمكاني وضع مقولة نصها: "يجب على الشخص الذي يقول إنَّه لا يمكن القيام بالأمر، ألّا يقف في طريق شخصٍ يقوم به بالفعل" داخل كعكات الحظ، (وهي كعكٌ تُوضَع بداخله عبارات صينية مُترجمة و/أو أرقام حظ تُستَخدَم في بعض مسابقات اليانصيب)، وأمنحها للمدارس التعليمية الأمريكية. لكنَّ كعكات الحظ الصينية تُعَدُ أُكذوبةً أميركية أخرى.
 
حينما تؤخِّر المدارس الأميركية تدريس الجبر حتى الصف الثامن أو التاسع، فإنَّ ذلك يُؤخِّر تدريس الفيزياء والكيمياء، وأجزاء العلوم الأخرى التي تعتمد على الجبر، حتى النصف الأخير من المدرسة الثانوية. وفي الوقت نفسه، يبدأ الطلاب في آسيا والشرق الأوسط دراسة الكيمياء والفيزياء قبل فترة المدرسة الإعدادية.
ونتيجةً لذلك، لديهم أعدادٌ من الطلاب الذين يدخلون مجالات الهندسة، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء الجزيئية أكبر بكثير من الولايات المتحدة. ويحصل طلّابهم في العلوم على ما يقارب 3 أضعاف حجم المنهج الذي يحصل عليه الطالب الأميركي في الصف الـ12، (وهي السنة التي تسبق المرحلة الجامعية). ولهذا، فإنَّ مستوى المعرفة العلمية لدى عامة الأمريكيين متخلفٌ بصورةٍ كبيرة عن باقي البلدان المتقدمة، والتي يتوجَّب علينا أن نعتمد على طلابها لإمداد مجالاتنا العلمية. يُصدر المركز الوطني لإحصاءات الهندسة والعلوم، التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، البيانات بشأن أعداد المستفيدين من دراسة درجة الدكتوراه في الكليات والجامعات الأمريكية كل عامٍ، ويقوم بتحديث تلك الإحصاءات.
ويُصنِّف المركز أعداد خرِّيجي الدكتوراه إلى الخرِّيجين من مواطني الولايات المتحدة ومن حاملي التأشيرات المؤقتة. وتُظهر البيانات أنَّه كلما كان أحد العلوم بحاجة إلى تمكُّنٍ من مادة الرياضيات، اعتمدنا على الطلاب الأجانب في هذا العلم بصورةٍ أكبر.
 
وبين عامي 1985 و2015، تزايد عدد الطلاب الأجانب الذين يحصلون على درجة الدكتوراه في علم الأحياء من الجامعات الأميركية من 934 طالباً إلى 3262 (أي من نسبة 16% إلى 26%). وإذا ما قسَّمنا علم الأحياء إلى علم الأحياء الجزيئي وعلم الأحياء الميداني، فإنَّ الفجوة ستكون كبيرة للغاية؛ بسبب وجود
معظم الطلاب الأمريكيين في العمل الميداني، ومعظم الطلاب الأجانب داخل المختبرات.
وارتفع عدد الطلاب الأجانب الذين يحصلون على درجات الدكتوراه من الولايات المتحدة في علوم الفيزياء والأرض من 2615 إلى 3481 (أي من نسبة 21% إلى 36%). وفي علوم الرياضيات والحاسب الآلي، ارتفعت الأرقام من 332 في 1985 إلى 1924 في 2015 (أي من 33% إلى نصف خِرِّيجي الدكتوراه في الولايات المتحدة).
 
والأمر الأكثر مدعاة للقلق، هو الأعداد في مجال الهندسة؛ إذ إنَّ فشل الولايات المتحدة في جعل النظام المتري، وهو نظام وحدات مُتَّفق عليه دولياً، جزءاً من لغتنا الطبيعية يسهم في تفاقم المشكلة (تُعَد
الولايات المتحدة هي الدولة الصناعية الكبرى الوحيدة التي لا تستخدم ذلك النظام).
وكان عدد الطلاب الأجانب 1423 طالباً، أو نحو 42% من الحاصلين على درجات الدكتوراه في الولايات المتحدة، عام 1985، و5122 طالباً، أو نحو 52%، عام 2015. ولو دخلت الآن أحد فصول دراسة الهندسة في الجامعات الأمريكية ستجد أنَّ أغلبية الموجودين هم من الطلاب الأجانب.
 
اطلُب بحماقة أن يغادر جميع العلماء المولودين خارج الولايات المتحدة، وستنهار العلوم في أمريكا. ستنهار الفيزياء والهندسة في الحال، ثُمَّ الأحياء الميدانية في النهاية. خلال الأربعينات، اكتسبت مجالات العلوم في أمريكا لكنةً أجنبية؛ بسبب تدفُّق العلماء الفارِّين من ألمانيا النازية. وكان جزءٌ كبير من "الأمريكيين" الفائزين بجوائز نوبل من أولئك العلماء المولودين في الخارج، والذين تلقوا تعليمهم خارج الولايات المتحدة. وجاء العديد من الفائزين بالجائزة مؤخراً إلى الولايات المتحدة؛ من أجل استخدام مرافقها البحثية الأفضل.
والنظام التعليمي الأميركي لا يُنتج فيزيائيين نوويين بشكلٍ كافٍ لإدارة مختبراتنا. نحن نُوظِّف الكثير من الطلاب المولودين بالخارج الذين يتخرجون في جامعاتنا، ونجذب المزيد من العلماء. لكنَّ هذا الأمر يصبح أكثر صعوبةً مع تحسُّن مستويات معيشتهم في أوطانهم وفرص عودتهم إليها.
تعتمد الصناعات التكنولوجية والجامعات البحثية لدينا على تأشيرات "H1B"، وهي عبارة عن تأشيرات متخصصة لبرامج العمل تُتيح إحضار أصحاب المهن التي تتطلَّب خبرات فنية أو نظرية مثل الهندسة، والعلوم، والبرمجة إلى الولايات المتحدة، لجذب الموهوبين علمياً.
 
لكنَّ البعض يقترح تقليص برنامج التأشيرات و"توظيف الأميركيين أولاً". تتمثَّل المشكلة في أنَّ النظام التعليمي الأمريكي لا يُخرِّج أعداداً كافية بأي شكل من الأشكال من العلماء. وتبدأ تلك المشكلة بالمناهج الدراسية للصف الـ12، التي تُدرِّس العلوم بصورةٍ ضئيلة للغاية. وتُدرِّس العلوم والرياضيات في مرحلةٍ متأخرة للغاية أيضاً.