المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024
‏د.كوثر تكتب: حول كيفية مناقشة الدراسات السابقة وترتيبها في الادب النظري literature review مع مثال توضيحي”
غازي بن نايف- الشرقية
بواسطة : غازي بن نايف- الشرقية 05-09-2017 02:12 مساءً 11.4K
المصدر - ✍️ بقلم الدكتورة: كوثر بنت خلف حامد – كاتبة بالقضايا الأمنية – دكتوراه في إدارة التعليم العالي من جامعة كانساس الأمريكية.  





الكثير من الباحثين والباحثات الجدد في الولايات المتحدة يسألونني دائما حول كيفية مناقشة الأدب النظري لأبحاثهم خاصة عندما تكون أبحاث لمواضيع أو مشاكل بحثية غير مسبوقة البحث و هنا يقع الباحث المبتدئ في حرج يصل به إلى الإحباط و ربما التوجه لأي جهة أخرى تكتب له بحثا بعد أن يأس وضاع جل وقته في محاولات الكتابة ولكن بلا جدوى
في مقالي الطويل هذا سوف اشرح بطريقة مبسطة جدا حول كيفية حل هذه المعضلة وكتابة أدب نظري قوي لا سرد فيه ولا ملل.

فلو اخترت على سبيل المثال كتابة الأدب النظري لموضوع او دراسة بعنوان “مشاكل الطلبة السعوديين المتزوجين والدارسين في الجامعات الأمريكية” ، وهي مشكلة لاحظت من خلال بحثي طوال السنوات الخمس الماضية أنها غير مبحوثة سلفا حيث لايوجد أبحاث أو دراسات عربية أو أجنبية بحثت بموضوع مشاكل تكيف الطلبة السعوديين في أمريكا لذلك في هذه الحالة وهي حالة شائعة حيث لاتسمح الجامعات القوية بتكرار الأبحاث وتناول مواضيع مبحوثة سابقة أي بكلمة أخرى يتطلب معظم المشرفين من الطالب أن يكون بحثه “بحثا أصيلا” وفي هذه الحالة حتى تتمكن من فهم كيفية كتابة الأدب النظري لهذا الموضوع فيجب عليك أن تتخيل أن ستقوم بعمل بناية تتكون من طوابق أو “بلوكات” تتدرج من الطابق الأول فالثاني فالثالث و دواليك وهذه العملية ضرورية حيث يشتمل كل قسم في هذه البناية على “بلوك” أو طابق يعد جزء ضروري ومهم في البناء الكلي وعندما تصل إلى قمة المبنى من خلال ترتيب “البلوكات” فوق بعضها البعض تكون لاشعوريا قد قمت بمناقشة الدراسات السابقة في الأدب النظري المرتبط بالموضوع أو المشكلة التي لا يوجد لها بالأساس دراسات سابقة وهو ما يربك كثير من الباحثين المبتدئين كما أسلفت و ربما يفقدهم الثقة بأنفسهم لمواصلة البحث.

ولتوضيح هذه العملية الهندسية لبناء الأدب النظري و بشكل مبسط للباحثين الجدد سأقوم بتفصيل شرح كتابة الأدب النظري في المثال السابق المطروح عن طريق الخطوات الآتية:

أولا نبدأ ببناء هيكله لعرض الأدب النظري بحيث تبدي اولا بعرض وتحليل الدراسات التي ترتبط ب (بلوك ١) الطلبة الدوليين “الانترناشونال” الدارسين في أمريكا و في هذا البلوك نناقش ماذا استنتجت الدراسات السابقة حولهم ومن المهم هنا عمل عناوين فرعية للأمور المهمة دون تفصيل لأنه لاحظ أن موضوع بحثك ليس عن الطلبة الدوليين انما عن الطلبة السعوديين والمتزوجين ،ويمكنك مثلا وضع عنوان فرعي هنا مثل “التحديات التي يواجهها الطلبة الدوليين بأمريكة” والتي قد تكون النمطية أو التمييز ) ثم ننتقل الى (بلوك ٢ ) حيث نعرض الدراسات السابقة التي بحثت عن الطلبة السعوديين وفي هذا “البلوك ” او الطابق نناقش أهم النتائج التي توصلت لها هذه الدراسات ونضعها بعناوين فرعية مثل التحديات ثقافية مالية اجتماعية وما إلى ذلك.

طبعا نحن نريد أن نصل إلى القمة وأن نناقش الدراسات السابقة التي بحثت حول “مشاكل الطلبة السعوديين المتزوجين في أمريكا” وبما أنه لا توجد دراسات قد بحثت بهذا المجال سوف نضطر لبناء “بلوك” أو طابق نناقش فيه الدراسات السابقة التي بحثت حول الطلبة المتزوجين في أمريكا مع مقدمة يشرح فيها سبب قيامنا بذلك وهو أن نحاول أن نفهم ماهي المشاكل التي يواجهها الطلبة الأمريكيين المتزوجين في الجامعات الأمريكية وبما أن الطلبة الأمريكيين والدوليين سواسية في النظام التعليمي الأمريكي فهذا بلا شك سوف يعطينا فهم قريب لما سيكون عليه وضع الطلبة السعوديين كون أنهما في نفس البيئة التعليمية “سيكون هذا مبرر كافي وسيكون أيضا هذا البلوك مهم جدا في كشف أهمية دراستنا الحالية في ردم الفجوة الحاصلة في الأدب النظري المتوفر حول موضوع “مشاكل الطلبة السعوديين المتزوجين في أمريكا” حيث أننا سنذكر أن الأدب النظري ركز فقط على أوضاع الطلبة المحليين المتزوجين وأهمل دراسة أوضاع شرائح الطلبة الدوليين كالسعوديين وهذا أيضا سيكون المبرر الذي ربما لابد لك من ذكره في الفصل الذي ستقوم فيه بشرح مبررات اختيار هذه المشكلة وهذه العينة بالذات وكيف أن دراستنا مهمة.

البعض قد يسألني كيف نناقش الدراسات السابقة المرتبطة بكل “بلوك” أو طابق؟

عدد من الباحثين المبتدئين قد يرتبها زمنيا أو يسردها فرادى وهذا خطأ جسيم والحقيقة أن مناقشة الدراسات السابقة هي عملية ذهنية و تحتاج فن نوعا ما وسوف أبسطها كالتالي:

في “بلوك١” مثلا تكلمنا عن الدراسات السابقة التي بحثت حول الطلبة الدوليين بامريكا هنا يجب أن تقوم بالخطوات الآتية:

أولا قراءة هذه الدراسات والانتباه لبعض النقاط في كل منها(الهدف -المشكلة-العينة- الأسلوب الإحصائي- النتائج- التوصيات) ومن الافضل استخدام اقلام تحديد ملونة يحدد بها هذه النقاط المهمة أو يمكن استخدام قصاصات لاصقة يكتب عليها ملخص لكل جزئية مهمة كمشكلة الدراسة او اداتها وعينتها وارجع وأركز هنا على عملية القيام بالقراءة فقط وليس التحليل ولا ينبغي أن تكون القراءة متعمقة فلا تنسى عزيزي الباحث أن القضية التي تناقشها الدراسات في هذا الطابق أو “البلوك” ليست قضيتك البحثية ، ويفضل في هذه المرحلة عمل ملخص بسيط لكل دراسة يذكر فيه اهم عناصر الدراسة.
ثانيا نحاول من بعد القراءة والتدوين السريع للملخصات إستكشاف ماهي الدراسات التي تشابهت في كل نقطة وماهي الدراسات التي اختلفت أيضا ولناخذ هنا عامل (العينة) وهنا نناقش ماذا اختلفت الدراسات وبماذا تشابهت بالنسبة للعينة فيها و في مثالنا المقترح يمكن كتابة التعبير الآتي كتعبير توضيحي والقياس عليه في بحثك: “قامت دراسات عديدة سابقة مثل دراسة راندولف ١٩٥٨ ودراسة جونز ١٩٩٦ ودراسة موبينيل ٢٠١٦ ودراسة جوهانز ٢٠١٧ بالتركيز على بحث أوضاع الطلبة الصينيين الدوليين في امريكا بينما قامت دراسات أقل مثل دراسة ستيفن٢٠١٠ ودراسة شونق ٢٠١٦ ببحث أوضاع الطلبة الدوليين الأوروبيين في أمريكا .وفي نفس الوقت يلاحظ أنه أيضا يوجد هنالك عدد كبير من الباحثين السعوديين الذين تناولوا في أبحاثهم في الولايات المتحدة بحث ودراسة أوضاع الطلبة المبتعثين في الولايات المتحدة مثل دراسة الودعاني ٢٠٠٩ و دراسة السعدون ٢٠٠٧ ودراسة ..الخ.
أما كيفية مناقشة الدراسات التي تشابهت بمشكلة الدراسة أو النتائج وهنا وفي مثالنا الحالي فإننا نناقش الدراسات السابقة بالتعبير المقترح الآتي:

“قامت الدراسات السابقة التي تناولت الطلبة الانترناشونال مثل دراسة (اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) ودراسة (اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) ودراسة (اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) بإستكشاف التحديات التي يواجهها الطلبة الدوليين في المجتمع الأمريكي حيث وجدت دراسة (اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة ) أن هؤلاء الطلبة يعانون من العنصرية بينما وجدت دراسة ( اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) أن الطلبة الدوليين لا يعانون من العنصرية وإنما هم يحققون نسبة تأقلم وانسجام تام مع البيئة الجديدة وفي نفس الوقت وجدت دراسة ( اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) نقطة مثيرة للاهتمام وهي أن هناك ارتباط ما بين جنس الطالب الدولي ومابين قدرته على التأقلم ومقاومة التحديات بأنواعها حيث وجدت دراسة ( اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة) أن الطالبات السعوديات المبتعثات الى امريكا هن أكثر سرعة في التخرج وأكثر قدرة على التكيف في المجتمع الأمريكي من المبتعثين الذكور بينما اختلفت دراسة (اسم العائلة فاصلة سنة الدراسة ) ووجدت نتيجة مغايرة وهي أن الطلبة الذكور الصينيين أكثر تأقلما وأقل معاناة في حياتهم الجديده من الطالبات الصينيات”

(لاحظ الصورة المقصوصة المرفقة من أطروحتي للدكتوراة وطريقتي في مناقشة الدراسات السابقة لموضوعي البحثي)



يجب في كل (بلوك ) أو طابق تنتبه للأمور المتشابهه من نتائج و ادوات وعينة وتبرزها في المناقشة فمناقشة الدراسات السابقة لا تقتصر فقط على معرفة ما توصلت له الدراسة وإنما عمل جدال تبرز من خلاله النقاط المهمة من كل الجوانب الموجودة بالدراسات السابقة أثناء مناقشتها وبذلك أنت تعطي من يقرأ الأدب النظري فكرة شاملة تحلل وتنتقد الدراسات السابقة التي ناقشت هذا البلوك مثلا يمكنك ايضا مناقشة ادوات الدراسات السابقة وتقديم معلومات عن الأسلوب الشائع الذي استخدمه الباحثون في أبحاثهم وبناء على مثالنا الحالي فيمكن مثلا كتابة التعبير الآتي والقياس عليه في بحثك الخاص:

“قام معظم الباحثين أمثال ( سرد أسمائهم بين قوسين ولكن ذكر اسم العائلة فقط ثم فاصلة ثم سنة البحث ثم نقطتين تفصل بين كل بحث وعند الانتهاء نقفل القوس) بدراسة التحديات التي يواجهها الطلبة الدوليين باستخدام استبيانات تم توزيعها على العينة المختارة من الطلبة بينما قام باحثين قليلون بدراسة هذه التحديات من خلال عمل مقابلات (توثق من هم كما شرحت سابقا)”.

ومن المهم أن ننتبه هنا إلى مناقشة الدراسات التي أتت بنقاط أو أدوات او نتائج معايرة وليس فقط التركيز على عنصر التماثل أو الاتفاق بين الدراسات وانما من المهم جدا ايضا ذكر النقاط المثيرة التي تناولها أو آثارها بعض الباحثين.

طبعا من الأفضل دائما إضافة عدد من المعلومات المميزة عن الدراسة مثل عدد العينة ومكانها أو إدارتها كما ومن المهم جدا عدم إهمال الدراسات الكلاسيكية القديمة التي قام بها الباحثين الأوائل في بحث المشكلة حيث أنها مهمة جدا وفي حال خلو الأدب النظري منها فإنه يعد أدبا نظريا ركيكا.

وكما شرحت سلفا فيمكنك أيضا تقسيم كل بلوك إلى عناوين فرعية لتسهيل مناقشة الدراسات السابقة فيه وهذه العناوين الفرعية تكون قد حددتها و توصلت إليها من خلال قراءة الدراسات السابقة المرتبطة بالبلوك المحدد فعلى سبيل المثال يمكن تقسيم البلوك (١) إلى عناوين فرعية مثال: تحديات تربية الأطفال للطلبة الانترناشونال وتكتب هنا مناقشة الدراسات التي توصلت للتحديات وتذكر هذه التحديات وانواعها وتوثق كما أسلفت في شرحي باختصار يتم تفكيك الظاهرة أو المشكلة ونناقش الدراسات التي تناولت كل جزء حيث نناقش ماتم بحثه بكل جزئية
وكما شرحت فإن عملية بناء الأدب النظري عبارة عن بناء ذهني يتم بناؤه طابق طابق ليتحقق في نهاية البناء عرضين:

١- إعطاء القارئ فكرة نقدية واسعة وشاملة عن الدراسات السابقة التي تم عملها حول المشكلة.

٢- إقناع القارئ بأهمية بحثك والحاجة له لإكمال هذا البناء حيث أنه يسد فجوة أو ثغرة بحثية موجودة حيث نذكر كما سبق وأن شرحت بأن دراستنا ستكون الأولى (مع ملاحظة كتابة تعبير حسب علمي).

بعد الانتهاء من مناقشة الدراسات السابقة المرتبطة بكل بلوك نضع خلاصة نذكر فيها ما استخلصته وأطرح هنا في مثالنا كتابة التعبير الآتي وقس عليه في بحثك “يلاحظ من خلال عرض الدراسات السابقة المتوفرة حول مشكلة الدراسة انها تعطي نظرة واضحة عن الطلبة الدوليين وتحدياتهم التي يواجهونها من تحديات أكاديمية واجتماعية ولكنها في نفس الوقت لم تأخذ بعين الاعتبار بحث الأعباء الأسرية حيث أنه (بحسب علمي) لا توجد أي دراسة ناقشت مشاكل الطلبة الدوليين المتزوجين من أي جنسية ولذا سوف تأتي هذه الدراسة كدراسة مهمة لسد الثغرة الموجودة بالأدب النظري حول مشكلة الدراسة الحالية حيث أنها ستركز على استكشاف المشاكل التي يعاني منها الطلبة السعوديين المتزوجين والدارسين في الجامعات الأمريكية” وعند وصولنا إلى هذه النقطة من الاقناع والعرض النقدي نكون قد أنهينا مناقشة الأدب النظري بطريقة شافية وواقعية أبرزها من خلالها أهمية بحثنا وما يقدمه من جديد في بحر البحث العلمي.

وعسى أن أكون من خلال شرحي السابق أن تكون قد أفدت الباحثين المستجدين في مجال كتابة الأدب النظري ومناقشة الدراسات السابقة فيه بطريقة نقدية قوية.