المصدر -
احتفى المغرب بعودته، أمس الاثنين، إلى الاتحاد الإفريقي، معتبراً تلك العودة «قراراً تاريخياً» ونصراً دبلوماسياً، لكن السؤال المطروح اليوم يتعلق بالكيفية التي ستدبر بها الرباط التعايش مع جبهة البوليساريو داخل هياكل هذه المنظمة القارية.
انسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية في سبتمبر 1984 احتجاجاً على قبول المنظمة عضوية «الجمهورية الصحراوية» التي شكلتها جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (بوليساريو)، وبقيت عضوية الرباط معلقة في المنظمة، ثم في الاتحاد الإفريقي الذي تأسس في يوليو 2001، ويضم اليوم مع عودة المغرب 55 دولة.
وتعليقاً على هذه العودة أجمعت أغلب عناوين الصحف المغربية، الصادرة الثلاثاء، على كونه «قراراً تاريخياً» و»عودة مظفرة»، و»ضربة موفقة للمغرب» موجهة الشكر للملك على مجهوداته، فيما نشرت وكالة الأنباء الرسمية عدة مقابلات مع مسؤولين ووزراء أفارقة، عبروا عن «الترحيب» بالمغرب، و»العودة إلى أسرته الإفريقية».
وفي شوارع العاصمة الرباط، لم تنظم أي احتفالات أو تظهر علامات فرحة كبيرة أو ابتهاج شعبي ليلة الاثنين، لكن الشعور العام السائد بين المغاربة، وفق ما لاحظت «فرانس برس» هو أن البلاد استعادت مكانها «الطبيعي» في القارة الإفريقية.
وعلق عبد اللطيف تيغزوين (25)، وهو طالب التقته «فرانس برس» بشارع محمد الخامس في وسط العاصمة الرباط بالقول: «المغرب لم يقطع يوماً علاقاته مع أصوله الإفريقية، ودعا دائماً لاتحاد الدول الإفريقية والعربية، واليوم تمكنا من تحقيق روح الوحدة التي دعونا إليها».
وقال محمد العلوي، وهو موظف متقاعد، إنه «كان ينبغي أن تتم عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي منذ فترة طويلة، واليوم فإن البلاد ستستعيد مكانتها في القيادة السياسية والاقتصادية من أجل تصحيح أخطاء الماضي».
من جانبه، قال مصطفى أخزيز، وهو مدرس لغات، إن هذه العودة «فرصة للمغرب للدفاع عن مصالحها في قضية الصحراء المغربية».
مرحباً بكم
عاد المغرب إلى مؤسسات الاتحاد الإفريقي، على الرغم من «المقاومة المريرة التي قادها الوفد الجزائري الذي أثار «قضية الحدود»، وأصر على «تأجيل التصويت»، حسبما نقلت الصحافة المغربية.
ودافعت كل من الجزائر وجنوب إفريقيا وزيمبابوي عن «رأي» استشاري صادر عن الهيئة القانونية للاتحاد الإفريقي، اعتبر في فقرته الأخيرة أن القرار النهائي لعودة المغرب يبقى بيد رؤساء الدول، لكن هذا الرأي بدا كمحاكمة واتهام للمغرب، حيث وصف بأنه «يحتل جزءاً من أراضي دولة عضو»، في إشارة إلى «الجمهورية الصحراوية».
بعد ذلك اقترحت زيمبابوي، التي كانت بمثابة متحدث باسم المعارضين، تشكيل لجنة مختصة لـ «مواكبة» عودة المغرب، مهمتها الأساسية مناقشة الاعتراف بالحدود بين المغرب و»الجمهورية الصحراوية»، حسبما نقلت الصحافة المغربية.
لكن محاولات تعقيد عودة المغرب لم تفلح، إذ حسم الأمر الرئيس الجديد للاتحاد الإفريقي رئيس غينيا ألفا كوندي، الذي وصفته الصحافة المغربية بـ «الصديق الكبير»، على رأس المنظمة القارية، بأن «مبدأ الأغلبية انتصر أخيراً» وتم قبول عودة المغرب دون قيد أو شرط.
أما بوليساريو فقد أعربت عن «الترحيب بالمغرب» الذي «سيجلس إلى جانبنا»، حسبما قال محمد سالم ولد السالك وزير خارجية «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية».
ولن يكون التعايش بين الجانبين سهلاً في المراحل القادمة، خاصة فيما يتعلق بمناقشات مسألة الصحراء الغربية، خاصة أن الرباط رفضت الجلوس في أغلب المحافل واللقاءات التي تواجد فيها ممثلو «الجمهورية العربية الصحراوية».