المصدر -
قال الناشط الحقوقي الإيراني حشمت علوي إن مدينة حلب السورية تعرضت لحرب شديدة وظالمة من قبل الحرس الثوري الإيراني والقوات الموالية له على الأرض، سواء روسيا من خلال غاراتها الجوية العشوائية، أو الجيش السوري الذي وصفه بـ «البطة العرجاء» والذي يضم أقل من 20 ألفا من قوات الانتشار.
وأضاف علوي، في مقال نشرته مجلة «أميركان ثينكر» الأميركية، إنه في الأسابيع القليلة الماضية استمرت حملات القصف على نطاق واسع وبلا هوادة على المناطق المدنية، وقام الحرس الثوري وجنوده، الذين يبلغ عددهم عشرات الآلاف، ومعهم جيش بشار الأسد بارتكاب عمليات إعدام جماعية مروعة ضد الأبرياء. وأفادت الأمم المتحدة بأن 82 شخصا، بينهم نساء وأطفال، قتلوا على الفور في الشوارع وفي منازلهم. مضيفا: «الله وحده يعلم كم عدد حوادث التي ارتكبت سرا».
وتابع الكاتب: إن الصمود المدهش الذي أبداه سكان حلب لسنوات حتى الآن في مواجهة الغارات الجوية الوحشية والقصف المدفعي لم يسبق له مثيل، في الوقت الذي شهد صمت وتقاعس الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة، والذي سوف يظل إلى الأبد مصدرا للعار. وأشار الكاتب إلى أنه في 13 ديسمبر، توصلت واشنطن وموسكو إلى ما يمكن وصفه باتفاق وقف إطلاق النار، وبدأت مفاوضات مكثفة بين تركيا وروسيا بعد ذلك، مما أدى إلى اتفاق بين المعارضة السورية مع روسيا وتركيا لإجلاء حلب.
مع ذلك، عطلت إيران هذا الاتفاق وأعاق الحرس الثوري الإيراني عملية الإخلاء. وكان جليا أن روسيا وإيران تحاولان تحقيق أهداف ومجموعات من المصالح المختلفة، وسعت إيران إلى عدم إجلاء حلب، بل إلى إبادة كل الثوار والمدنيين السوريين. وبعد أربع وعشرين ساعة، أدى الضغط من المجتمع الدولي إلى تنفيذ اتفاق بين الثوار وروسيا في 15 ديسمبر. وفي صباح ذلك اليوم، خرجت أول قافلة تحمل الجرحى من حلب، قبل أن تعترضها حواجز فرضتها القوات المدعومة من إيران وجيش الأسد.
ولفت الكاتب إلى أن إيران وضعت شروطا معينة للإخلاء، وهددت روسيا في وقت لاحق بشن غارة جوية ضد أي طرف يعيق الإخلاء، وهو ما اعتبر تحذيرا واضحا لإيران، مما اضطر طهران إلى التراجع تحت ضغط موسكو.
نتيجة لذلك -والقول للكاتب- كانت المرحلة الأخيرة من هذه الحرب والطريقة التي اختيرت لإخلاء حلب، تمثل هزيمة لإيران وانتصارا للمعارضة السورية، خصوصا منذ أصبح التضارب في المصالح بين إيران/الأسد وروسيا واضحا وضوح الشمس، مضيفا إنه من الناحية السياسية، أصبحت إيران طرفا ثانويا في سوريا.
ونقل الكاتب عن دينيس روس، الذي شغل منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الأب، قوله: «بالنسبة لبوتين، التسوية السياسية الآن أمرا منطقيا، وليس الحفاظ على المشاركة في التمرد المستمر. ولكن من أجل، يحتاج إلى المعارضة –التي هي منقسمة- لقبول نتيجة سياسية، وهناك احتمال ضئيل لحدوث ذلك طالما بقي الأسد في السلطة».
يرى الكاتب أن تطور الأحداث لا يمثل نهاية المعارضة السورية، مشيرا إلى أنها تسيطر على مساحات واسعة من سوريا، ومناطق أكبر عشر مرات من حلب وتضم ملايين من السكان كمحافظة إدلب وعدد سكانها ثلاثة ملايين، والساحل الغربي من نهر الفرات على الحدود التركية، والذي حرره مؤخرا الجيش السوري الحر من قبضة تنظيم الدولة، وأجزاء كبيرة من محافظة درعا، وقسم مهم من الناحية الاستراتيجية في الشمال في محافظة اللاذقية على الحدود التركية، وأجزاء كبيرة في محيط دمشق وحلب.
وعلى النقيض من تقارير وسائل الإعلام الرئيسية الغربية، فإن المعارضة السورية تتمتع بالقدرة على الصعود مرة أخرى.
ويعقد الكاتب مقارنة مع الحرب العراقية الإيرانية عام 1986، حيث حققت إيران تقدما كبيرا في السيطرة على شبه جزيرة الفاو في جنوب العراق، وتوقعت وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الغربية مزيدا من التقدم لإيران وهزيمة للعراق، لكن في عام 1988 أجبرت إيران على توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار توسطت فيه الأمم المتحدة.