المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 20 أبريل 2024

حوار بين السطور" مع

غازي بن نايف- الشرقية
بواسطة : غازي بن نايف- الشرقية 28-02-2018 12:59 مساءً 100.8K
المصدر -  
دانية عادل العبدالقادر" طالبة لغات و ترجمة – انجليزي و رئيسة قسم اللغة الكورية في نادي تعدد اللغات و سفيرة جامعة الأميرة نورة بالرياض,مواليد 1994 و من سكان مدينة الخبر ، حيث تم ترشيحها كسفيرة لجامعة الأميرة نورة في بداية هذا العام الحالي 2018 لكونها عضو فعال في نادي اللغات المتعددة ومن خلال مشاركتها ببعض النشاطات داخل و خارج الجامعة ، وبناء على ماتتمتع به من حسن سيرة و سلوك ومعدلها الجامعي المتميز .. العديد من المحاور تحدثنا عنها "العبدالقادر" وندعوكم للاطلاع عليها من خلال "حوار بين السطور:





خالتي الملهمة .. والحلم المختبئ بداخلي ..

تخرجت بالمرحلة الثانوية من مدارس جامعة الملك فهد للبترول والمعادن و انتقلت بعد إتمامها للرياض للدراسة في جامعة الأميرة نورة بعد أن تم قبولي بحمدالله, لم يكن الحصول على تخصص اللغات و الترجمة سهلا في البدايات ولكن بعد تيسير من الله و دعاء والداي تم قبول طلب تحويلي للتخصص الذي لطالما حلمت به و مارسته ببساطة في نواحي عديدة من حياتي, فقد كبرت بعقل متفتح للثقافات الأخرى و منذ صغري كنت أتأمل خالتي وهي تتحدث باللغة الإنجليزية و كم هي جميلة مخارج تلك الحروف و مقدرتها على التواصل بلغة ثانية, فعند عودتي للمنزل كنت أقف أمام المرآة و أحاول جاهدة تقليدها حين تتحدث بالإنجليزية فلمحت حينها شخصا آخر بداخلي, يشبهني و لكن أكثر روعة و ذكاء فخبأت هذا الحلم بداخلي خوفا من عدم مقدرتي على تحقيقة.


المسلسلات الكورية .. وبداية الشغف ..

و في عام 2006 كنت في مرحلة المتوسطة , في هذه المرحلة لم أدرك فعلا ماذا اريد أن أصبح مستقبلا ,متقلبة الأحلام بلا أي اهتمامات معينة, و في ظروف حادة ألمت بيتي الصغير ... استيقظت يوما على عالم جديد و اهتمام جديد, كان بمثابة الملجأ الصغير الذي ألجأ إليه كلما اشتدت علي المحن, أختبئ في حجرتي الصغيرة و أواصل متابعة المسلسلات الكورية حتى الصباح ولا أعير إهتماما لما يجري من حولي, جعلت من هذا الاهتمام صديق كرهه جميع من هم حولي خاصة والداي, حتى أدركت يوما اكتسابي للكثير من المصطلحات و المفردات دون دراستها و تكبد عناء قراءة اي كتاب خاص باللغة الكورية حينها لانعدامها في المكتبات آنذاك و صعوبة استخدام الانترنت بعكس ماعليه الحال اليوم, لم ينتهي بي الحال كمراهقة أعجبت بمسلسل أو برنامج ما و السلام, بل حينما وجدت نفسي قادرة على فهم اللغة من غير أي ترجمة و قراءة بعض الكلمات أنني قطعت شوطا باللغة فتحول إهتمامي لشيء أكثر فعالية و فائدة و أردت بعدها بشدة أن أبرهن لكل شخص قلل من قدراتي و فائدة هذة اللغة أنه على خطأ و لم يكن منصفا في حكمه.


بين التحدي .. والإنهزام ..

هاجمني الجميع لمقدرتي على تحدث اللغة بشكل بسيط و أطلقوا عليها تهم ك "لغة لا فائدة منها","لغة الخدم","مضيعة للوقت", رغم اكتسابي لها دون ادراك مني, كل هذه الحجارة التي رميت علي بنيت منها جسرا متين أسير به للأمام نحو ما ابرع فيه متجاهلا أي رأي سلبي, حتى و إن كانت به نسبة من الواقع ك"لغة لا فائدة منها" كنت أعلم بداخلي عدم توفر مجالات تدعم او تحتاج لهذة اللغة , و لكن كان هناك صوت بداخلي يهمس لي (في هذا العالم لا وجود للغة لا فائدة منها, إن لم تكن ذات فائدة في بلدنا ستكون في مكان ما يوما ما إن أحسنت استخدامها), و لا أزال حتى يومنا هذا أذكر من يعاني من ذات المشكلة بهذة العبارة التي وجدت في داخلي لأواسي نفسي بها في أصعب الأوقات و أمام أكثر الناس انغلاق و عنصرية.

اللغة الكورية .. تاريخ وثقافة ..

كانت مخارج حروف اللغة الكورية كالموسيقة لاذناي, و كالعسل حلوة حين أنطق بها, يكمن جمالها في سهولة كتابتها و تاريخها المثير للاهتمام, و الجدير بالذكر عند التحدث بتاريخ اللغة الكورية هو سبب اختراع نظام اللغة الكورية من قبل الملك سيجونغ في القرن الخامس عشر حيث كان الكوريين من قبل يستعينون بالاحرف الصينية المعقدة في كتابتهم فأدى ذلك إلى انتشار الأمية بشكل واسع و اقتصار الكتابة على الأغنياء و العلماء فقط, اثار ذلك قلق و حزن الملك سيجونغ و رغبتة الشديدة في خلق لغة كتابة منفردة لشعبة و يذكر أنها اللغة الوحيدة بالعالم المبنية على منطق واضح و من قبل شخص واحد و هذا مما شد انتباهي حين استغرقت بتعلمها.

كوريا الجنوبية .. دولة مسلمة بلا مسلمين ..

كما قيل عن كوريا الجنوبية (بلدة مسلمة بلا مسلمين) لوجود العديد من نقاط الشبة بين عاداتنا و عاداتهم, قبل زيارتي لها عام 2015 ظننت أنني أعلم مايكفي عن كوريا ولكن حين اندمجت بالشعب الكوري و تعاملت معهم ابتداءا من الطرق حتى أرقى الجامعات في العاصمة سيئول كان الإحترام و الرقي و خفة الظل تسود على الجميع كبيرا كان او صغيرا, شعب متمسك بعاداته و تراثة رغم التطور و انفتاح الشعب على الثقافات الأخرى في السنين الأخيرة لازال الشعب متمسك بمبادئة و يرفض التغيير السلبي و انعدام الهوية الوطنية بأي شكل من الأشكال, فوجدت هذة الميزة مشابههة لنا و يتوافق الكثير معها بالعالم العربي أجمع.

إختياري كمترجمة وإستقبال وفود كورية بالجامعة ..

أهمية اللغة الكورية بنظري تكمن في سبب تعلمها و الهدف من تعلمها أيضا و يختلف ذلك من شخص لآخر, حين يكون الهدف واضح و تستخدم اللغة في مواضع صحيحة تعود على الشخص والمجتمع بالفائدة وإن كانت بسيطة فلن يرى المتعلم سوى الدعم من ذوية , حين كانت لغتي تبذل فيما لا ينفع و للترفيه فقط لم أجد اي دعم من والداي و لم أضع اللوم عليهما بتاتا لعدم رؤيتهم مايسر من تعلمي أو مايعود علي بالفائدة , في بداياتي تم اختياري لاستقبال وفود كورية بالجامعة والترجمة لهم حينها شعرت بروعة العمل المثمر و جمال ابتسامة والداي و مدى شعورهم بالفخر , منذ ذلك الحين حتى هذا اليوم و انا استمد قوتي من دعم والداي لي و مساندتهم لي بكل مايخص كوريا واللغة الكورية و وصل شغفي و حبي لكوريا لأمي بعد أن زارتها معي و رأت فعلا فائدة هذة اللغة و ما أوصلتني إليه اليوم. الحمدلله أمي أكبر داعمة لي في مسيرتي.

السفر إلى كوريا الجنوبية .. وهذه المشاهدات ..

بعد مروري بمراحل صعبة في حياتي يتخللها التنمر و الاستصغار من اهتمامي, رفضت التوقف في منتصف الطريق و لم استمع إلا لنفسي حتى بدأت مشوار النجاح بالترجمة و مرافقة بعض الوفود , ثم تمثيلي لأرقى جامعات كوريا (جامعة سوميونغ النسائية الملكية) في معرض الجامعات الدولي بالرياض و تعييني كرئيسة قسم اللغة الكورية في نادي تعدد اللغات ثم قيامي بتطوير المناهج المعطاة و إقامة دورات في الظهران لأكثر من 4 مرات ولله الحمد, و سبب ذكري لانجازاتي المتواضعة هو تحفيز من يمر بما مررت به و تذكيرة بأن نهاية كل عناء فرج من الله حتى وإن لم تظهر النتائج المجزية في البداية فالفشل لا يعني السقوط بل يعني فقط عدم الوقوف, لذلك يتطلب النجاح العديد من المحاولات بالنهوض و الأخذ بالاسباب بعد التوكل على الله والثقه به. وهنا أشير إلى أن ما لفت انتباهي فعلا في كوريا هو مستوى النظافة في الطرق رغم صعوبة وجود سلات القمامة فيها مايدل على الرقابة الذاتية و الحفاظ على النظافة العامة قبل أي شيء. و لطافتهم في التعامل معنا كوفد نسائي عربي مسلم و لم نواجه أي انتقادات او رفض مباشر او غير مباشر حتى آخر لحظة.

تعلم اللغة الكورية بين الطالبات تشهد إقبالا كبيرا ..

في جامعتي جامعة الأميرة نورة قمنا بتأسيس "نادي تعدد اللغات" و هو من جهود الطالبات حيث تفيد كل طالبة تتحدث بلغة ثانية أو ثالثة منسوبات الجامعة كنشاط تطوعي لا منهجي يحصلوا في نهايتة الطالبات على إمتحان نهائي و شهادة اجتياز موثوقة من كلية اللغات كي يستفيدوا منها في العديد من المجالات,و في قسم اللغة الكورية لدينا ثلاث مستويات و أكبر عدد من المعلمات و أكثر اللغات إقبالا و شيوعا من قبل الطالبات بكل فصل دراسي ولله الحمد مقارنة بأكثر من 10 لغات عالمية أخرى كالفرنسية, و الأسبانية ,و اليابانية و الروسية و الإنجليزية و غيرها...حيث يبلغ عدد الطالبات 500 طالبة مسجلة ولله الحمد فقط في اللغة الكورية دون احتساب من لم يجدوا مقاعد متوفرة. و لا يزال العدد في تزايد مذهل جدا و شغف الطالبات و حماسهم لتعلم الكورية أكبر مشجع لي و لباقي المعلمات لتقديم الأفضل و الأكثر في هذا المجال.

توفر العديد من الشركات الكورية في المملكة يشكل أهمية وحاجة بدعم الجهات لنا ..

للأسف نفتقر هنا للاهتمام باللغة الكورية, فلا يوجد تخصصات جامعية للغة الكورية أو معاهد تذكر ,و رغم توفر العديد من الشركات الكورية و تعاون المملكة الملحوظ مع الشركات الكورية لتحقيق مايتعلق برؤية 2030 و ازدياد فرص الابتعاث من المملكة للجامعات الكورية, في السنوات الأخيرة فقط توفرت الكتب في بعض المكتبات الكبرى و المعاهد لم تعير حتى الآن انتباها لإهمية اللغة الكورية و كثرة الطلب عليها للأسف, مما يجعل إيجاد وسائل و أماكن تعلمها بعض الشيء صعبة و غير متوفرة. في حال اللغة العربية تدرس في الجامعات الكورية منذ 50 عاما حتى يومنا هذا و وضعت في بعض الجامعات كلغة ثانية إجبارية بدل اللغة الإنجليزية على الطلاب اجتيازها و توجه الكثير من الطلاب والطالبات الكوريين لهذا المجال.

الإندماج والتواصل مع المتحدثين باللغة الكورية" إحدى طرق تثبيت اللغة ..

منذ إندماجي في عالم اللغة الكورية استخدمت "التواصل" كطريقة لتثبيت اللغة و ممارستها و تطورت لغتي بشكل ملحوظ من خلال المحاورة مع المتحدثين باللغة الكورية و تصحيحهم لإخطائي و مساعدتي في تحسين نطقي و مخارج الحروف ولله الحمد حتى وجدت نفسي أستخدم اللغة الكورية فقط لفترة زمنية طويلة في المحادثات دون الاستعانة بالإنجليزية أو برامج الترجمة بشكل تدريجي. و كانوا داعمين لي بشكل قوي و محفز كبير لعدم الإكتفاء و الطمع في تعلم المزيد. الشعب الكوري شعب يحترم بشدة و يقدر من يبذل الجهد و إن كان قليلا لتعلم لغتة او الاهتمام بها و احترامهم لمجهودي و تشجيعهم كانا أحد أسباب ثقتي و عزمي.


الشعب الكوري يصدقون مايسمعون فقط!!

بكل شفافية لا يزال الكثير من الكوريين يجهل ماهية الحياة لدينا إذ يظن الكثيرون بإن السعودية مجرد صحراء قاحلة شديدة الحرارة و في أعماقها آبار النفط التي تمتد لكل منزل في السعودية, من سلبيات الشعب الكوري أنهم لا يبالون بما يعيشه الآخرين في المدن الأخرى و يصدقون مايسمعون فقط أو يقرأون بالإنترنت حتى و إن لم يكن من مصدر موثوق, و بعض مفاهيم الإسلام لديهم محرفة و مشوهة لما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي و الاخبار مما يشعل في داخل الغيرة على ديني و كم هو مشوه لدى الكثير هناك , فاسعى جاهدة من حين لآخر لتصحيح هذة الأفكار و استغلال قدراتي اللغوية بإيصال جمال ديننا الحنيف بالشكل الصحيح, و أتمنى من جميع المتعلمين أو المقبلين على تعلم اللغة العمل بالمثل حتى يبارك الله لهم بعلمهم و يزيدهم من فضلة.

تعلم اللغة الكورية .. العقبات والصعوبات ..

صعوبة إيجاد الأماكن التي نستطيع فيها تفريغ طاقاتنا اللغوية سواء بالعمل أو بالأنشطة, على وجه الأخص اماكن او مراكز تدعم اللغة الكورية و غيرها من اللغات المدفونة في بلدنا.

في الختام ..

أود التنوية على أهمية رضا الوالدين في أي عمل أو أي اهتمام وليس فقط باللغة الكورية, من خلال تجربتي لم أشعر بالسعادة الحقيقة حتى رأيتها في والداي عندما قمت بأول عمل لي في الترجمة, لكل متعلم أو متعلمة للغة الكورية أو غيرها , احرصي على استغلال ماوهبك الله فيما ينفع و إن أردتي السعادة أسعدي والداك بذلك من خلال القيام بشيء فعلي و مفيد يدل على فائدة ماتقومين به.