المصدر -
وقرار الرئيس باراك أوباما بتقديم دعم محدود فقط للمعارضة المسلحة المعتدلة، لم يترك لواشنطن سوى تأثير بسيط على الوضع في سوريا لاسيما بعدما بدأت روسيا شن ضربات جوية ضد المعارضة التي تقاتل الرئيس بشار الأسد.
ورغم أن واشنطن ظلت لفترة طويلة طرفاً في الجهود الرامية لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا وغيرها من الصراعات في الشرق الأوسط، فقد اضطرت الولايات المتحدة للمراقبة من على الهامش بينما شنت الحكومة السورية وحلفاؤها ومنهم روسيا هجوماً لسحق المعارضة في شرق حلب توج باتفاق لوقف لإطلاق النار. وقال متحدث من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى دينيس روس، الذي عمل في السابق مستشاراً بشأن إيران والشرق الأوسط لدى حكومات جمهورية وديمقراطية أمريكية، إن "الولايات المتحدة جعلت نفسها غير ذات تأثيرعلى الوضع في سوريا". وأضاف روس "لا تجد المعارضة مبرراً يذكر للتجاوب معنا ومع الأسد، ويعلم الروس والإيرانيون أننا لن نفعل شيئاً لزيادة التكلفة عليهم جراء هجومهم على حلب ومدن سورية أخرى"، وتابع "تحركت روسيا لتجعل من نفسها وسيطاً بعدما غيرت ميزان القوى على الأرض دون أن تأبه للعواقب على المدنيين". ورفض متحدث باسم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري التلميحات إلى أن غياب أمريكا عن الاجتماع يشير إلى تغير في النفوذ. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي أمس "لا يرى الوزير ذلك على أنه تجاهل على الإطلاق، ويعتبره جهداً آخر متعدد الأطراف لمحاولة التوصل إلى سلام دائم في سوريا ويرحب بأي تقدم نحو ذلك". وتابع كيربي "سندحض بوضوح أي إشارة إلى أن حقيقة عدم وجودنا في هذا الاجتماع تشير بشكل ما أو تشكل اختباراً لنفوذ الولايات المتحدة وزعامتها هناك أو في أي مكان آخر في أنحاء العالم"، مضيفاً أن واشنطن ما زالت معنية بقضايا كثيرة أخرى في المنطقة. ومضى يقول "لسنا مستبعدين ولا يجري تهميشنا". وقالت روسيا وإيران وتركيا في الاجتماع، إنها على استعداد للمساعدة في التوسط في اتفاق سلام سوري، وتبنت إعلاناً أوضح للمبادئ التي ينبغي أن يقوم عليها أي اتفاق. ورغم ذلك خرج اجتماع أمس الثلاثاء بما أطلق عليه "إعلان موسكو" فيما يعكس تنامي علاقات روسيا مع إيران وتركيا، بالرغم من مقتل السفير الروسي في العاصمة التركية أنقرة أول أمس الإثنين، ويعكس ذلك أيضاً رغبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيادة نفوذ بلاده في الشرق الأوسط وعلى نطاق أوسع. ويظهر ذلك أيضاً أن روسيا ضاقت ذرعاً بما تعتبرها محادثات طويلة وبلا فائدة مع حكومة أوباما بشأن سوريا. وأقر مسؤول أمريكي بأن غياب الولايات المتحدة عن محادثات الإجلاء من شرق حلب كانت طريقة روسيا لإظهار أن موسكو وليس واشنطن هي من يتحكم في الأمور. وقال مسؤول اشترط عدم الكشف عن اسمه: "الواقع هو أننا وضعنا أنفسنا في موقف تبذل فيه روسيا جهوداً لمحاولة العمل مع أي جهة أخرى حتى يتمكنوا من عزلنا"، وأضاف: "تركنا خلافاتنا مع تركيا بشأن الأكراد ووجهات نظرنا بشأن شمال سوريا تخلق فجوات يستغلها الروس". وقال كيربي إنه "في نهاية المطاف سترغب الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا في التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية بشكل عاجل"، وأضاف أن "من السابق لأوانه الحكم بما إذا كانت المحادثات قد تكللت بالنجاح". وقال الرئيس الروسي الأسبوع الماضي إنه يعمل مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان لتنظيم مفاوضات سلام سورية بدون الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة، وتقول روسيا إنه إذا جرى ذلك فإن المحادثات ستكون إضافة إلى المفاوضات المتقطعة التي تتوسط فيها الأمم المتحدة في جنيف. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أمس الثلاثاء إنه "يعتقد أن ما وصفه بالثلاثي الروسي الإيراني التركي هو المنتدى الأكثر فاعلية لمحاولة حل أزمة سوريا".