المصدر -
غرب مع المبتعثين .. حلقة الوصل بين المبتعثين والمبتعثات في شتى أنحاء العالم .. لهذا نحن فيها "منكم ولكم" ندعوكم للتعرف عليهم وعلى سيرتهم وللإطلاع على تجاربهم المنوعة في الإبتعاث .. وفِي السطور التالية تروي لنا فيها "أمل الصقور" فتاة سعودية مبتعثة الى المملكة المتحدة من قبل جامعة الملك سعود لأكمال دراسة الدكتوراة في تخصص اللغة الانجليزية بكلية التربية بجامعة درم البريطانية – وبجانب دراستها لم يمنعها ذلك من تحقيق شغفها بتأسيس مبادرة تهتم بقضايا المرأة العربية والتي أطلقت عليها "مجموعة المرأة العربية .. ربيع الغربة .." تقول أمل: أيمانا بأن الابداع يولد من رحم المعاناة ... هذه قصة مبادرة مجموعة المرأة العربية .. ربيع الغربة:
أحلام وتطلعات ..
كأي أمراة قبل الوصول الى أرض الابتعاث كانت أحلامي وتصوري للحياة هناك في كثير من الأحيان تفوق الخيال .. وبعد الوصول الى أرض الابتعاث بدأت رحلة الاكتشافات ولعلي اقسمها هنا في نقطتين الأولى "الاكتشافات العلمية" والثانية "الاكتشافات الاجتماعية".
الابتعاث ومكاسب لاتقدر بثمن ..
اما علميا فكانت هذه تجربتي الاولى للدراسة بنمط غربي والذي بدون أدنى شك يختلف في طريقتة عن ماتعلمته في المراحل الاولى في دراستي فعلى سبيل المثال لا الحصر هي في طريقة تعبيري أو كتابتي لفكرة ما بطريقة تحليلة نقدية بعيدة عن الوصف وكسب المهارة التي تمكني من أستخدام هذا الأسلوب مضافا عليه فلسفتي ورايي الخاص حول تلك الفكرة ، حتى تمكنت من اتقان مستوى معين من هذه المهارة فان هذا الشيء تطلب مني البحث والقراءة والمحاوله مرة واثنين واكثر وهنا لا أنسى أن من ساعدني حتى اتمكن من كسب هذه المهارة العلمية وغيرها من المهارات هو الاهتمام الصادق الذي قابلته في جامعتي العريقة ومدريسها مع الاصرار والالتزام بالهدف الأساسي من بعثتي وهو بلوغ مستوى يليق بمملكتنا من التعليم فعندما اعود اكون قادرة على رد جزء بسيط من جميلهم ، وهنا أعتقد أن المكاسب التي حصلت عليها لا تقدر بثمن ولاكن أعي جيدا انها لم تحصل الا بعد صبر وتعب ومثابرة كانت نتائجها جيدة جدا .
الاندماج مع المجتمع ..
كأي أمراة سعودية وفي زحم الضغط الدراسي كنت أبحث عن أي مجتمع يتكون من زميلات تجمعهم المحبة ويساعدون بعضهم في الغربة على تحقيق أهدافهم تمنيت ان اجد مجتمعا يهتم بالمرأة ويحتويها ويعوضها عن ماتفتقده في غربتها وبالفعل وجدت القليل منها وللأسف لم تكن من بينها ضالتي بسبب افتقادها لخصوصية المرأة العربية فأنا كاأمراة عربية لا أريد ان اتنازل عن مباديء وعادتي لحتى أتمكن من الاندماج مع المجتمعات الاخرى الموجوده للسيدات في مدينة درم ، والسبب أن كل مجموعة كبرت أم صغرت كانت مصفوفة بضوابط وأشتراطات والتي لم تكن مكتوبة ولكن كانت واقعا ممارسا فبعض من هذه المجتمعات الصغيرة وضعت ضوابطها ، والتي مع الأسف أكثر مايمكن وصفها بأأنها أشتراطات شللية لاأكثر ولاأقل ، فأن لم أكن لا أوافق او أن لم تنطبق علي معايرهم فللأسف بأن هذا المجتمع أو المجموعة لن تقبل وجودي بينهم .. تلك المعايير قد تكون قبلية أو مذهبية أو أن يتم تصنيفك على حسب ماتملك من مال وماتستطيع تقديمة للشلة.
مفترق طرق .. وهذه المواقف ..
كنت في مراحل كثيرة أعتقد بأنني يجب أن اصنف نفسي وأختار مع أي مجموعة ساأكون ولاكن بعد تفكير عميق والنظر الى تاثير هذه الفكرة بعين واسعه رفضت الانسياق لهذا الطريق .. حيث يوجد الكثير قبلي ممن لم يقبلوا ولكن نتيجة ذلك تم أقصائهم بعيدا وانتهى المطاف بهم الى وحدة قاتلة وفي أرض غربة ، فعلمت أن ذلك مصيري ورفضته .. وفِي المقابل أيضا وجدت مجموعات تهتم بالمرأة في بريطانيا وتقدم نشاطات أجتماعية ورياضية وبدون أية شللية ولكن هذه المرة وجدت بانها لاتناسبني وذلك لوجود الرجل في كافة النشاطات ..
المرأة العربية .. والبحث عن الخصوصية ..
بالرغم من أن وجود الرجل في حياتنا مهم جدا ولا يمكن نكران ذلك ، ولكن بعيدا عن المجال التعليمي والمهني والعائلي فأن المرأة العربية تحتاج لمساحة من الخصوصية والتي يوجد مجموعة كبيرة من السيدات والفتيات العربيات لايفضلن الاشتراك في "التجمعات" الرياضية مع وجود الرجال حتى وان سمح لهن بالبقاء بالحجاب وبنفس المنطق نقيس عليها كافة الأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيره.
فالبنسبة لي لم يكن أحد الخيارين مقبولا وكذلك لم يكن خيار الانعزال مقبولا.كان لابد من المبادرة لصنع شيء جديد يجمع بين نقطتين : الاولى هي قبول الجميع بعيدا عن اية عنصرية او طائفية والاخرى هي الالتزام بمجموعة نسائية حفاظا على خصوصيتنا كنساء عربيات ، وبسبب حبي للحياة الاجتماعية قررت أن اثق بالله وبكل عزم على ان أكون قادرة لخلق الحلول ..
مجموعة المرأة العربية "ربيع الغربة" .. وبداية الإنطلاقة ..
كانت الفكرة الأم هي في خلق مجتمع في أرض الغربة يهتم في خصوصيات المرأة العربية بعيدا عن أية شروط أو تمييز عنصري قبليا أو مناطقيا أو مذهبيا ..الخ .. وكان التحدي الاول هو كيفية جمع الفتيات والسيدات في "مدينة درم" واقناعهم بتشكيل مجموعة واحدة ، فكان لابد من ضرورة أيجاد قواسم مشتركة بين الفتيات مثل الأنشطة الرياضية والتعليمية والأجتماعية وغيرها التي قد تثير اهتمام السيدات فنبدأ بتكوين الدوائر الصغيرة من المهتمين لنبني البنية الأساسية ..
قبول الأخر .. واهتمامات مشتركة ..
فقررت خلق جدول جديد يجمعنا في نشاطات خفيفة أسبوعية ، وفعلا بدأت بمجموعة "واتس اب" صغيرة حيث عملت خلالها بتوضيح البداية ان من شروط الانضمام في "الواتس اب" هو قبول الاخر وترك الاحكام لرب العالمين فما يجمعنا في هذه المجموعة هو الاهتمامات المشتركة والمحبه فقط فلسنا بمجموعة دينية مع كامل احترامنا للجميع.
يوما بعد يوم بدأت الأعداد تتزايد وبدأت الاهتمات تكبر خاصة بعد أنضمام أختين الى مجموعتنا ايمان الحسني من سلطنة عمان - و أماني السقاف من السعودية - ومنذ انضمامهم بدأنا نشرع على تطوير الافكار ومشاركة العمل التطوعي على مستوى أكبر وكان الفضل لله ومن ثم ايمانهم بالمجموعة وتطوعهم وحرصهم على تحفيز البنات قدر المستطاع.
رحلة من البحث .. ومواصلة المسير ..
بعد سنة كاملة من تكوين المجموعة أصبح المكان الذي نعتمده للقائنا الاجتماعي لا يكفي وبدأت أفكر في أهمية تسجيلها كمجموعة رسمية ليتسنى للجميع التسجيل فيها وتكون مجموعة تقصدها أي فتاه مهتمه وتبحث عن مجتمع مماثل في المدينة.
فبدأت أبحث عن أي منظمة تقبل بنا بدأت بإحدى الجهات الرسمية في الجامعة التي رحبت وبقوة في الفكرة وعرضت كل أنواع الدعم ولكن أشترطت علي التنازل عن الحق الفكري في أنشاء هذه المجموعة ونسبها مباشرة الى رئيس القسم والذي قابلته برفض تام ، وبالعكس زادني ذلك اصرارا على التمسك بهذا العمل حتى يرى النور.
عقبات وتحديات ..
أستمر البحث وهذه المرة مع جهة تهتم بالمسلمين ولكن هذه المرة اشترطوا بعض الأفكار التي تقود الى عكس مانؤمن به في مجموعتنا ودوافع المجموعة فلم اتفق معهم .. بعد ذلك توجهت لاتحاد الطلبة بالجامعة فأشترطوا دخول الرجل معنا للأعتراف بها كمجتمع وحتى نحصل على التمويل ، فرفضت هذه المرة ايضا وبعد أصرار على ضرورة الاعتراف بنا لحقوقنا تمت الموافقه على الاعتراف بنا كجمعية أو مجموعة غير ممولة وذلك لانها مقتصرة على النساء ، ولكن مازلنا فرحين بهذا الانجاز وافخر باننا استطعنا أن نقنعهم بأهمية ضم المرافقات والمقيمات للمجموعة كما هو الحال مع الطالبات .. وكان ذلك أنجازا أدخل الفرحة علينا جميعا. .
نبذ العنصرية .. وحجر الأساس ..
وحتى هذه اللحظة أستطعت أنا ومن عمل معي بادارة المجموعة "أماني السقاف" و "ايمان الحسني" بوضع حجر أساس وتمكنا بفضل من الله ثم أيمانا بانه مازال هناك مجال لاثبات وترسيخ المبادىء النبيلة من القيام بالعديد من الانشطة الاجتماعية والترفيهية والتعليمية بطريقة تتلائم مع خصوصية ومتطلبات المرأة العربية بدون شرط او قيد سوى نبذ العنصرية بجميع أشكالها و في فترة قصيرة.
رغم الآلام .. تبقى هذه الآمال والتطلعات ..
وبالرغم من أجتهادي ومحاولتي على نشر رسالة نبيلة على قدر المستطاع الا أنني ومن فئة قليلة أقابل بكمية تجريح فيتهمنوني في نواياي ويتركون كل مارأته أعينهم من أعمال ليتحدثوا عن مالاتراه أعينهم في قلبي .. فيسمعونني من الكلام ماهو كفيل بأن يجعلني اقضي اليل أبكي وماهو كفيل بتحطيم عزيمتي واعلان استسلامي .. إلا أنني أتذكر ان الله هو سندي وهو من يعلم مافي قلبي وهو من يأخذ بيدي وينير طريقي فاأدعوه دعوة صادقة باإعطائي القوة للثبات فأضع كل ماأسمعه خلفي وأتخلى عن كل مصدر سلبي لاكمل مشواري برفقة من أمن بي ووضع يده بيدي .. نعم انها حقيقة قد يكون عددنا قليل في ادارة هذه المجموعة وقد نكون نواجهة مشكلة الضغط من جهة الدراسة ومن جهة العمل التطوعي الا اننا نؤمن بأننا قادرين على صنع الكثير .
مذهب المحبة .. وهذا الطريق ..
لا أستطيع اقناع جميع المتواجدين في مدينتي باأهمية مااعمل عليه وبحاجتي لمساعدتهم ولو قليلا .. لذلك قد اكون اتخذت قراري بعدم الانتظار طويلا واكمال مسيرتنا في هذا القطار الجميل .. فنحن سنظل فاتحين قلوبنا للجميع سالكين طريقا يسمى بمذهب المحبه.. فأنا مؤمنه بان هذا القطار سوف ياخذني الى الجهة التي يريدها لي الله رب العالمين وأعلم يقينا ان ماعمل به فيه خيرا كثيرا وفائدة كبيره حتى وان حاول البعض تهميش دورنا الا اننا نعلم جيدا ماهي اهدافنا وماهي رسالتنا التي نحملها لباقي المجتمعات .
في بريطانيا لايوجد عنصرية ضد المرأة المحجبة .. لهذا السبب ..
لايوجد بصراحة عنصرية شديدة ضد المرأة المحجبة او المسلمة ولعلي اقول بان سبب ذلك هو وجود القانون القوي في بريطانيا. من النادر جدا ان نرى اية عنصرية ضد النساء المحجبات في مدينتنا .. كذلك نقابل باحترام في الجامعات ولا نشعر باي نوع من انواع التمييز .. احيانا بعض الاساتذه قد يكون عنده انطباع مسبق بان المراه السعودية او احيانا العربيه بشكل عام تحتاج لوقت اطول من غيرها من الطلبه لانجاز رسالتها الدكتوراه وذلك لسبب مسؤوليات الزوج والاولاد والبيت ، ولكن ايضا لا نستطيع التعميم.
المرأة البريطانية .. وهذه الروابط المشتركة بيننا
يوجد نساء بريطانيات كثر يتحمسن لفتح حوارات لمعرفة نظرة المراه السعودية عن نفسها وعن الاسلام .. فغالبا يسالن عن قناعتنا بالحجاب وعن دور الزوج في البيت وعن سبب منع قيادة المراه للسيارة وغيرها كثير .. طبعا مؤخرا سمحت القيادة فلم يعد الموضوع ذو اهمية لديهم.
مايجمعنا من روابط مشتركة فكلانا نرفض التهميش او النظرة الدونية لدور المراة في المجتمع فهي النصف الاخر من المجتمع بل هي أول معلم يتعلم منه الانسان .. فالام هي من ستربي وتساهم بقوتها الجسدية والعقلية والروحية في النهوض ببيتها وبأطفالها ومتى مانهض ذلك البيت نهضت احد بنيان المجتمع.فوجب الاهتمام بالمراة اولا وقبل كل شي لمن اراد مجتمعا سليما اهتموا بصحة النساء اولا فالمراة هي الام المربية الحنونه وهي نفسها الموظفة والمنتجة والقائدة قد تنهض باامه وقد تسقط امة اخرى ، ولنا في التاريخ قصص نجاحات لامم كثيرة ولعلها بدأت من زوجات الانبياء عليهم السلام.
لا أدعو الى المساواة بين الرجل والمرأة..
وهنا اسمحوا لي ان ابين موقفي جيدا فانا لست من النساء التي يطالبن بالمساواة بين الرجل والمرأة, انما انا اطالب بالعدالة بين الجنسين .. فلابد ان لا تظلم المراة ولا يؤخذ منها حق شرعي لها أو تمنع من ممارسة نشاط او حتى هواية ان كانت لا تضر غيرها او ان توضع اخطائها تحت المجهر بينما لا يؤخذ بذلك مع الرجل فقد امرنا الله تعالي بالعدل عند الحكم على الانسان سواء كان أمراة او رجل قال تعالى ( أن الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سمعيا بصيرا) وهذه الايه هي من سورة النساء .
كذلك قال تعالى (وافوا الكيل والميزان بالقسط لانكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) الانعام .
هذه هي رسالتنا ..
اتمنى نشر رسالتنا وهي قبول الاخر وترك اصدار الاحكام لله رب العالمين .. واتمنى ان نستطيع ان نتخلى عن فكرة ضرورة نبذ المختلف عنا لانه فقط مختلف. اتمنى ان نصل لمرحلة حسن الظن بمن ينتمون لافكار مختلفة عن افكارنا .. اني اتمنى ببساطة العيش في مجتمع يسوده الحب والوئام فكم يحزنني حالنا كعرب عندما انظر لنا فلا نرى الا مناظر العداء والكراهية تنتشر في كل وسائل التواصل والاخبار بينما نجد الغرب هنا منشغلين بانفسهم متقبلين وجود كل المختلفين عنهم مقابل ان ينعمون بالسلام والتصالح الداخلي مع انفسهم .. فلماذا احرص على أن يكون غيري على الديانه الصحيحة او المذهب او الفئة او الطائفة الصحيحة وانشغل بهم وبقتالهم وانا لا اعلم حتى ان كنت نفسي في الجنة ام لا .. اليس بالاجدر ان اهتم بعلاقتي بربي وصلاحها وصلاح قلبي .؟
شكر وتقدير ..
أخيرا أسمحوا لي عبر منصتكم أن اشكر والدي ووالدتي وعائلتي في المملكة العربية السعودية الذين مازلوا يدعمونني من أرض الوطن ففي مقابل ماوجدته من بعض الازمات هنا الا ان فخرهم بي كان كالمنارة التي تنير دربي وتمدني بالطاقة الايجابية واسمحوا لي أن اشكر زوجي لدعمه وتحمله الكثير معي .. نعم يوما ما اعلم بان اسمك سوف يكتب من ذهب لان تلك مكانتك التي تستحقها في المجتمع.
وشكري الخاص لأعضاء أدارة المجموعة "أماني وأيمان" وشكرا لكل من أنضم لنا وكان قولا وفعلا ولم يكن مجرد أضافة رقمية .. شكرا لك من يبادر بالثناء و شكرا لكل من يقتطع من وقتة الدقائق ليتفاعل معنا ويدعمنا.
شكرا لكم من الأعماق محبتي لكم لايمكن وصفها بكلمة أو كلمتين أنما انا ساأضل أتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح والتميز في حياتكم ماحييت.
أحلام وتطلعات ..
كأي أمراة قبل الوصول الى أرض الابتعاث كانت أحلامي وتصوري للحياة هناك في كثير من الأحيان تفوق الخيال .. وبعد الوصول الى أرض الابتعاث بدأت رحلة الاكتشافات ولعلي اقسمها هنا في نقطتين الأولى "الاكتشافات العلمية" والثانية "الاكتشافات الاجتماعية".
الابتعاث ومكاسب لاتقدر بثمن ..
اما علميا فكانت هذه تجربتي الاولى للدراسة بنمط غربي والذي بدون أدنى شك يختلف في طريقتة عن ماتعلمته في المراحل الاولى في دراستي فعلى سبيل المثال لا الحصر هي في طريقة تعبيري أو كتابتي لفكرة ما بطريقة تحليلة نقدية بعيدة عن الوصف وكسب المهارة التي تمكني من أستخدام هذا الأسلوب مضافا عليه فلسفتي ورايي الخاص حول تلك الفكرة ، حتى تمكنت من اتقان مستوى معين من هذه المهارة فان هذا الشيء تطلب مني البحث والقراءة والمحاوله مرة واثنين واكثر وهنا لا أنسى أن من ساعدني حتى اتمكن من كسب هذه المهارة العلمية وغيرها من المهارات هو الاهتمام الصادق الذي قابلته في جامعتي العريقة ومدريسها مع الاصرار والالتزام بالهدف الأساسي من بعثتي وهو بلوغ مستوى يليق بمملكتنا من التعليم فعندما اعود اكون قادرة على رد جزء بسيط من جميلهم ، وهنا أعتقد أن المكاسب التي حصلت عليها لا تقدر بثمن ولاكن أعي جيدا انها لم تحصل الا بعد صبر وتعب ومثابرة كانت نتائجها جيدة جدا .
الاندماج مع المجتمع ..
كأي أمراة سعودية وفي زحم الضغط الدراسي كنت أبحث عن أي مجتمع يتكون من زميلات تجمعهم المحبة ويساعدون بعضهم في الغربة على تحقيق أهدافهم تمنيت ان اجد مجتمعا يهتم بالمرأة ويحتويها ويعوضها عن ماتفتقده في غربتها وبالفعل وجدت القليل منها وللأسف لم تكن من بينها ضالتي بسبب افتقادها لخصوصية المرأة العربية فأنا كاأمراة عربية لا أريد ان اتنازل عن مباديء وعادتي لحتى أتمكن من الاندماج مع المجتمعات الاخرى الموجوده للسيدات في مدينة درم ، والسبب أن كل مجموعة كبرت أم صغرت كانت مصفوفة بضوابط وأشتراطات والتي لم تكن مكتوبة ولكن كانت واقعا ممارسا فبعض من هذه المجتمعات الصغيرة وضعت ضوابطها ، والتي مع الأسف أكثر مايمكن وصفها بأأنها أشتراطات شللية لاأكثر ولاأقل ، فأن لم أكن لا أوافق او أن لم تنطبق علي معايرهم فللأسف بأن هذا المجتمع أو المجموعة لن تقبل وجودي بينهم .. تلك المعايير قد تكون قبلية أو مذهبية أو أن يتم تصنيفك على حسب ماتملك من مال وماتستطيع تقديمة للشلة.
مفترق طرق .. وهذه المواقف ..
كنت في مراحل كثيرة أعتقد بأنني يجب أن اصنف نفسي وأختار مع أي مجموعة ساأكون ولاكن بعد تفكير عميق والنظر الى تاثير هذه الفكرة بعين واسعه رفضت الانسياق لهذا الطريق .. حيث يوجد الكثير قبلي ممن لم يقبلوا ولكن نتيجة ذلك تم أقصائهم بعيدا وانتهى المطاف بهم الى وحدة قاتلة وفي أرض غربة ، فعلمت أن ذلك مصيري ورفضته .. وفِي المقابل أيضا وجدت مجموعات تهتم بالمرأة في بريطانيا وتقدم نشاطات أجتماعية ورياضية وبدون أية شللية ولكن هذه المرة وجدت بانها لاتناسبني وذلك لوجود الرجل في كافة النشاطات ..
المرأة العربية .. والبحث عن الخصوصية ..
بالرغم من أن وجود الرجل في حياتنا مهم جدا ولا يمكن نكران ذلك ، ولكن بعيدا عن المجال التعليمي والمهني والعائلي فأن المرأة العربية تحتاج لمساحة من الخصوصية والتي يوجد مجموعة كبيرة من السيدات والفتيات العربيات لايفضلن الاشتراك في "التجمعات" الرياضية مع وجود الرجال حتى وان سمح لهن بالبقاء بالحجاب وبنفس المنطق نقيس عليها كافة الأنشطة الاجتماعية والثقافية وغيره.
فالبنسبة لي لم يكن أحد الخيارين مقبولا وكذلك لم يكن خيار الانعزال مقبولا.كان لابد من المبادرة لصنع شيء جديد يجمع بين نقطتين : الاولى هي قبول الجميع بعيدا عن اية عنصرية او طائفية والاخرى هي الالتزام بمجموعة نسائية حفاظا على خصوصيتنا كنساء عربيات ، وبسبب حبي للحياة الاجتماعية قررت أن اثق بالله وبكل عزم على ان أكون قادرة لخلق الحلول ..
مجموعة المرأة العربية "ربيع الغربة" .. وبداية الإنطلاقة ..
كانت الفكرة الأم هي في خلق مجتمع في أرض الغربة يهتم في خصوصيات المرأة العربية بعيدا عن أية شروط أو تمييز عنصري قبليا أو مناطقيا أو مذهبيا ..الخ .. وكان التحدي الاول هو كيفية جمع الفتيات والسيدات في "مدينة درم" واقناعهم بتشكيل مجموعة واحدة ، فكان لابد من ضرورة أيجاد قواسم مشتركة بين الفتيات مثل الأنشطة الرياضية والتعليمية والأجتماعية وغيرها التي قد تثير اهتمام السيدات فنبدأ بتكوين الدوائر الصغيرة من المهتمين لنبني البنية الأساسية ..
قبول الأخر .. واهتمامات مشتركة ..
فقررت خلق جدول جديد يجمعنا في نشاطات خفيفة أسبوعية ، وفعلا بدأت بمجموعة "واتس اب" صغيرة حيث عملت خلالها بتوضيح البداية ان من شروط الانضمام في "الواتس اب" هو قبول الاخر وترك الاحكام لرب العالمين فما يجمعنا في هذه المجموعة هو الاهتمامات المشتركة والمحبه فقط فلسنا بمجموعة دينية مع كامل احترامنا للجميع.
يوما بعد يوم بدأت الأعداد تتزايد وبدأت الاهتمات تكبر خاصة بعد أنضمام أختين الى مجموعتنا ايمان الحسني من سلطنة عمان - و أماني السقاف من السعودية - ومنذ انضمامهم بدأنا نشرع على تطوير الافكار ومشاركة العمل التطوعي على مستوى أكبر وكان الفضل لله ومن ثم ايمانهم بالمجموعة وتطوعهم وحرصهم على تحفيز البنات قدر المستطاع.
رحلة من البحث .. ومواصلة المسير ..
بعد سنة كاملة من تكوين المجموعة أصبح المكان الذي نعتمده للقائنا الاجتماعي لا يكفي وبدأت أفكر في أهمية تسجيلها كمجموعة رسمية ليتسنى للجميع التسجيل فيها وتكون مجموعة تقصدها أي فتاه مهتمه وتبحث عن مجتمع مماثل في المدينة.
فبدأت أبحث عن أي منظمة تقبل بنا بدأت بإحدى الجهات الرسمية في الجامعة التي رحبت وبقوة في الفكرة وعرضت كل أنواع الدعم ولكن أشترطت علي التنازل عن الحق الفكري في أنشاء هذه المجموعة ونسبها مباشرة الى رئيس القسم والذي قابلته برفض تام ، وبالعكس زادني ذلك اصرارا على التمسك بهذا العمل حتى يرى النور.
عقبات وتحديات ..
أستمر البحث وهذه المرة مع جهة تهتم بالمسلمين ولكن هذه المرة اشترطوا بعض الأفكار التي تقود الى عكس مانؤمن به في مجموعتنا ودوافع المجموعة فلم اتفق معهم .. بعد ذلك توجهت لاتحاد الطلبة بالجامعة فأشترطوا دخول الرجل معنا للأعتراف بها كمجتمع وحتى نحصل على التمويل ، فرفضت هذه المرة ايضا وبعد أصرار على ضرورة الاعتراف بنا لحقوقنا تمت الموافقه على الاعتراف بنا كجمعية أو مجموعة غير ممولة وذلك لانها مقتصرة على النساء ، ولكن مازلنا فرحين بهذا الانجاز وافخر باننا استطعنا أن نقنعهم بأهمية ضم المرافقات والمقيمات للمجموعة كما هو الحال مع الطالبات .. وكان ذلك أنجازا أدخل الفرحة علينا جميعا. .
نبذ العنصرية .. وحجر الأساس ..
وحتى هذه اللحظة أستطعت أنا ومن عمل معي بادارة المجموعة "أماني السقاف" و "ايمان الحسني" بوضع حجر أساس وتمكنا بفضل من الله ثم أيمانا بانه مازال هناك مجال لاثبات وترسيخ المبادىء النبيلة من القيام بالعديد من الانشطة الاجتماعية والترفيهية والتعليمية بطريقة تتلائم مع خصوصية ومتطلبات المرأة العربية بدون شرط او قيد سوى نبذ العنصرية بجميع أشكالها و في فترة قصيرة.
رغم الآلام .. تبقى هذه الآمال والتطلعات ..
وبالرغم من أجتهادي ومحاولتي على نشر رسالة نبيلة على قدر المستطاع الا أنني ومن فئة قليلة أقابل بكمية تجريح فيتهمنوني في نواياي ويتركون كل مارأته أعينهم من أعمال ليتحدثوا عن مالاتراه أعينهم في قلبي .. فيسمعونني من الكلام ماهو كفيل بأن يجعلني اقضي اليل أبكي وماهو كفيل بتحطيم عزيمتي واعلان استسلامي .. إلا أنني أتذكر ان الله هو سندي وهو من يعلم مافي قلبي وهو من يأخذ بيدي وينير طريقي فاأدعوه دعوة صادقة باإعطائي القوة للثبات فأضع كل ماأسمعه خلفي وأتخلى عن كل مصدر سلبي لاكمل مشواري برفقة من أمن بي ووضع يده بيدي .. نعم انها حقيقة قد يكون عددنا قليل في ادارة هذه المجموعة وقد نكون نواجهة مشكلة الضغط من جهة الدراسة ومن جهة العمل التطوعي الا اننا نؤمن بأننا قادرين على صنع الكثير .
مذهب المحبة .. وهذا الطريق ..
لا أستطيع اقناع جميع المتواجدين في مدينتي باأهمية مااعمل عليه وبحاجتي لمساعدتهم ولو قليلا .. لذلك قد اكون اتخذت قراري بعدم الانتظار طويلا واكمال مسيرتنا في هذا القطار الجميل .. فنحن سنظل فاتحين قلوبنا للجميع سالكين طريقا يسمى بمذهب المحبه.. فأنا مؤمنه بان هذا القطار سوف ياخذني الى الجهة التي يريدها لي الله رب العالمين وأعلم يقينا ان ماعمل به فيه خيرا كثيرا وفائدة كبيره حتى وان حاول البعض تهميش دورنا الا اننا نعلم جيدا ماهي اهدافنا وماهي رسالتنا التي نحملها لباقي المجتمعات .
في بريطانيا لايوجد عنصرية ضد المرأة المحجبة .. لهذا السبب ..
لايوجد بصراحة عنصرية شديدة ضد المرأة المحجبة او المسلمة ولعلي اقول بان سبب ذلك هو وجود القانون القوي في بريطانيا. من النادر جدا ان نرى اية عنصرية ضد النساء المحجبات في مدينتنا .. كذلك نقابل باحترام في الجامعات ولا نشعر باي نوع من انواع التمييز .. احيانا بعض الاساتذه قد يكون عنده انطباع مسبق بان المراه السعودية او احيانا العربيه بشكل عام تحتاج لوقت اطول من غيرها من الطلبه لانجاز رسالتها الدكتوراه وذلك لسبب مسؤوليات الزوج والاولاد والبيت ، ولكن ايضا لا نستطيع التعميم.
المرأة البريطانية .. وهذه الروابط المشتركة بيننا
يوجد نساء بريطانيات كثر يتحمسن لفتح حوارات لمعرفة نظرة المراه السعودية عن نفسها وعن الاسلام .. فغالبا يسالن عن قناعتنا بالحجاب وعن دور الزوج في البيت وعن سبب منع قيادة المراه للسيارة وغيرها كثير .. طبعا مؤخرا سمحت القيادة فلم يعد الموضوع ذو اهمية لديهم.
مايجمعنا من روابط مشتركة فكلانا نرفض التهميش او النظرة الدونية لدور المراة في المجتمع فهي النصف الاخر من المجتمع بل هي أول معلم يتعلم منه الانسان .. فالام هي من ستربي وتساهم بقوتها الجسدية والعقلية والروحية في النهوض ببيتها وبأطفالها ومتى مانهض ذلك البيت نهضت احد بنيان المجتمع.فوجب الاهتمام بالمراة اولا وقبل كل شي لمن اراد مجتمعا سليما اهتموا بصحة النساء اولا فالمراة هي الام المربية الحنونه وهي نفسها الموظفة والمنتجة والقائدة قد تنهض باامه وقد تسقط امة اخرى ، ولنا في التاريخ قصص نجاحات لامم كثيرة ولعلها بدأت من زوجات الانبياء عليهم السلام.
لا أدعو الى المساواة بين الرجل والمرأة..
وهنا اسمحوا لي ان ابين موقفي جيدا فانا لست من النساء التي يطالبن بالمساواة بين الرجل والمرأة, انما انا اطالب بالعدالة بين الجنسين .. فلابد ان لا تظلم المراة ولا يؤخذ منها حق شرعي لها أو تمنع من ممارسة نشاط او حتى هواية ان كانت لا تضر غيرها او ان توضع اخطائها تحت المجهر بينما لا يؤخذ بذلك مع الرجل فقد امرنا الله تعالي بالعدل عند الحكم على الانسان سواء كان أمراة او رجل قال تعالى ( أن الله يامركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل ان الله نعما يعظكم به ان الله كان سمعيا بصيرا) وهذه الايه هي من سورة النساء .
كذلك قال تعالى (وافوا الكيل والميزان بالقسط لانكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى ) الانعام .
هذه هي رسالتنا ..
اتمنى نشر رسالتنا وهي قبول الاخر وترك اصدار الاحكام لله رب العالمين .. واتمنى ان نستطيع ان نتخلى عن فكرة ضرورة نبذ المختلف عنا لانه فقط مختلف. اتمنى ان نصل لمرحلة حسن الظن بمن ينتمون لافكار مختلفة عن افكارنا .. اني اتمنى ببساطة العيش في مجتمع يسوده الحب والوئام فكم يحزنني حالنا كعرب عندما انظر لنا فلا نرى الا مناظر العداء والكراهية تنتشر في كل وسائل التواصل والاخبار بينما نجد الغرب هنا منشغلين بانفسهم متقبلين وجود كل المختلفين عنهم مقابل ان ينعمون بالسلام والتصالح الداخلي مع انفسهم .. فلماذا احرص على أن يكون غيري على الديانه الصحيحة او المذهب او الفئة او الطائفة الصحيحة وانشغل بهم وبقتالهم وانا لا اعلم حتى ان كنت نفسي في الجنة ام لا .. اليس بالاجدر ان اهتم بعلاقتي بربي وصلاحها وصلاح قلبي .؟
شكر وتقدير ..
أخيرا أسمحوا لي عبر منصتكم أن اشكر والدي ووالدتي وعائلتي في المملكة العربية السعودية الذين مازلوا يدعمونني من أرض الوطن ففي مقابل ماوجدته من بعض الازمات هنا الا ان فخرهم بي كان كالمنارة التي تنير دربي وتمدني بالطاقة الايجابية واسمحوا لي أن اشكر زوجي لدعمه وتحمله الكثير معي .. نعم يوما ما اعلم بان اسمك سوف يكتب من ذهب لان تلك مكانتك التي تستحقها في المجتمع.
وشكري الخاص لأعضاء أدارة المجموعة "أماني وأيمان" وشكرا لكل من أنضم لنا وكان قولا وفعلا ولم يكن مجرد أضافة رقمية .. شكرا لك من يبادر بالثناء و شكرا لكل من يقتطع من وقتة الدقائق ليتفاعل معنا ويدعمنا.
شكرا لكم من الأعماق محبتي لكم لايمكن وصفها بكلمة أو كلمتين أنما انا ساأضل أتمنى لكم دوام التوفيق والنجاح والتميز في حياتكم ماحييت.