المصدر -
كان لافتا أن يقود الجنرال عبدالرشيد دستم نائب الرئيس الأفغاني بنفسه العمليات العسكرية الأخيرة في شمالي غرب أفغانستان، وذلك بعد أن سقطت مدينة غورماج في ولاية فارياب بيد مسلحي طالبان، ولم يترك عبء المهمة كاملة للجيش والشرطة.
وحسب الجزيرة، برر مؤيدو زعيم الجبهة الشعبية «جنبش ملي» ذات الصبغة الأوزبكية قيادته العملية العسكرية، بعدم تمكن الجيش الأفغاني من إنجاز المهمة، ما استدعى الاستعانة بمسلحي جبهته وتدخل دستم بنفسه لرفع معنويات رجاله.
وما إن انتهت عملية غورماج الأسبوع الماضي، حتى بدأت القيادات العليا في الحكومة تتبادل الاتهامات، وأخذ بعضها بُعدا عِرقيا، بل حملت تهديدات مبطنة من مختلف الأطراف.
فالجنرال دستم انتقد بشدة في مؤتمر صحافي كلا من الرئيس أشرف غني والرئيس التنفيذي عبدالله عبدالله، واتهمهما بمحاباة أبناء عِرقيتيهما.
قد تكون هذه الانتقادات العلنية من قبل شخص يحتل ثاني أعلى منصب في الدولة غير مناسبة، لكنها برأي كثيرين تتلاءم مع شخصية الجنرال دستم المعروف بصراحته وعدم المجاملة في مواقفه. وبعد قيادته لعملية عسكرية ضد طالبان في الشمال الأفغاني، أراد دستم إرسال رسالتين: أنه ما زال شخصية قوية رغم تقدم سنه ويتمتع بهيبة عسكرية، والثانية أنه ضاق ذرعا بحكومة ثنائية الرأس ومحيطيهما.
يرى خبراء في الشأن الأفغاني أن منح دستم مناصب عليا في الدولة مثل نائب الرئيس، وسابقا رئيس هيئة أركان الجيش، لم يكن سوى محاولة لعزله عن مصادر قوته المتمثلة بأبناء عرقيته الأوزبكية. وأن ما أغضبه أخيرا هو عزل موالين له من مناصب ذات علاقة باتصالات دولية، واتهامهم باستخدام نفوذهم لخدمة الجبهة الشعبية التي يقودها وجلب مساعدات مباشرة لها، ثم رفض الحكومة توفير غطاء جوي ودعم لوجستي لقواته أثناء معركة غورماج ضد طالبان، لا سيما أن إدارة الرئيس غني لم تكن راضية عن توجهه بنفسه إلى ميدان المعركة.
ولم يخف دستم في تصريحاته المثيرة انتقاده الشديد للحلقة الضيقة حول الرئيس بمن فيهم رئيس مجلس الأمن الوطني ومسؤولون في الأمن والمخابرات ووزراء، الذين تجمعهم خلفيات تاريخية مشتركة تقوم على أساس علاقاتهم بالاشتراكيين السابقين.
ولجأت الحكومة إلى الرد على تصريحات دستم بالأسلوب نفسه، وذلك بمطالبته باحترام الدستور وعدم تجاوز صلاحياته، مع الإشارة إلى تجاوزات قواته المتكررة لحقوق الإنسان وارتكابها أعمال اغتصاب ونهب.
استطاع الجنرال دستم خلال 15 سنة إعادة تنظيم قواته بشكل جيد، واستعاد شعبيته التي فقدها في عهد حكومة طالبان، فقد شكل قوة عسكرية من العرقية الأوزبكية تحت مظلة الجبهة الشعبية في الشمال والشمال الغربي، لتصبح جبهته في نظر العديدين أكثر حزب أفغاني قوة وتنظيما.
وإضافة إلى القدرات العسكرية والتنظيمية، عزز الجنرال دستم تماسك عرقيته تحت زعامته، إضافة إلى توسيع نفوذه داخل الحكومة، لا سيما في مناطق نفوذه في الولايات الشمالية.;