المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 6 مايو 2024

أبدأ طعامك بتناول عشبة خضراء

غازي بن نايف- الشرقية
بواسطة : غازي بن نايف- الشرقية 27-11-2017 03:40 مساءً 14.0K
المصدر -  
في هذه الحلقة الثانية مع "مذكرات فطين" في "فلندا" ينتقل الإعلامي الفلسطيني "فطين عبيد" إلى الحديث عن مشاهداته في ومواقف مر بها بمدينة "هلسنكي" يصف أحداثها كالتالي:



مطعم في وسط العاصمة الفنلندية "هلسنكي" مبني أثري تحتفظ جدرانه بطبقة منوعة من أصناف الطلاء، فتلمح الأبيض وتحته الأحمر والأصفر والأخضر، وربما الأزرق والرمادي، لم نعرف سر كثرة الألوان وتراكمها، إلا حين وصلت مقدمة الطعام ترتدي زي المطعم قميص نصف كم فضفاض وسروال أزرق، ملامحها أشبه بالفلبينية وتبين أنها من الصين.

الطاولات والكراسي هي الأخرى قديمة، يبدو لتشكل مع الجدران لوحة تاريخية تختزل الحروب على هلسنكي التي توقفت عام 1940 بعد تنازل فنلندا عن 11 ٪ من أراضيها وعن 30 ٪ من أصولها الاقتصادية للاتحاد السوفياتي.

بابتسامة فطرية عفوية رحبت بالجميع، وبدأت مطعمنا كان سجناً خلال الحرب التي شنها الاتحاد السوفيتي على بلدنا نهاية الثلاثينات وتزامن مع الحرب العالمية الثانية، تلحظون هرم المبنى الا أن جدرانه تؤرخ لفنلندا ورفضنا تحديث المبنى ليبقى في نكهة التاريخ، وبدأت تتحدث عن الطعام وأنواعه بطريقة فكاهية.

بدأت بمثل فنلندي أن الفنلنديين يتناولون طعامهم بتناول عشبة خضراء، وبالفعل كانت عشبة صغيرة مع كل طبق، وبعد انتهائنا من الوجبة الأولى.

حضر مقدم الطعام آخر ملتحي في الخمسينات وبدأ يشرح أصناف الطعام طابعاً ابتسامة عريضة على وجوه الجميع، فطريقته طريفة ومضحكة كحال الفتاة التي سبقته، يفصل ويشرح ويمدح بعض الأصناف ويساعد في اعطاء خيارات، على الطاولات القريبة يجلس الكثيرين عرفت أنهم من الصين، فالصينيين يعبرون الحدود بسهولة ومن الشائع رؤيتهم في الشوارع والأسواق.
المطعم أو السجن يقع في قلب العاصمة هلسنكي مقابل ساحة ضخمة تحيط بكثدرائية ضخمة، وعلى رغم ازدحام المطعم الا أن الجميع يتحدث ويضحك من دون ازعاج، تخيلت المطعم مكان للاستمتاع والترفيه وتبادل الحوار والتعرف على تاريخ الشعوب أكثر من كونه مجرد مطعم يقدم أنواعاَ عدة من المشاوي والأسماك التي تدخل في معظم وجبات الفنلنديين.

ومن المألوف في المكان التي زرناها وجود طبق كبير من السلطة مخلوط بقطع كبيرة من التونة، وذات يوم كان لنا زيارة لمستشفى جامعة هلسنكي وضمن الجدول طعام الغداء، استمعنا لأكثر من محاضرة عن الأدوية والطب والتقدم والمكتبة، وكان في ركن القاعة طبق كبير من السلطة بتناول أكواب الشاي والقهوة.

ظننت الطبق مجرد مقبلات مع الشاي "تصبيرة" لحين موعد الغداء، الذي ظننت أنه سيكون في الـ "كافتيريا" مع الطلاب أو الهيئة التدريسية، الا أن المفاجئة أن المنسقة، أشارت الى ساعة الغداء مشيرة الى صحن السلطة الكبير والمخلوط بقطع التونة.

بعد أن فرغنا من العشاء، تجولنا في ساحة الكثدرائية، وجدنا شخصاً يبحث في القمامة ويصرخ بعصبية بلهجة لا نفهمها، تقدمنا منه وصافحناه والتطنا معه الصور، وسألناه عن ماذا تبحث في القمامة فقال أبحث عن المال، عرفنا لحظتها أنه يعتاش مما يبيعه من الزبالة.

المتسولين موجودين في الكثير من شوارع هلسنكي، قيل إنهم من "الروما" وتذكرت لحظتها خلال رحلتنا في الدنمارك، ورؤيتنا أشخاص يتسلون أو ينامون في الشارع على رغم أن درجة الحرارة ربما 10 تحت الصفر، فقالوا هم من "الروما".