أصدرت محكمة عليا في فرنسا يوم الجمعة حكما بتعليق حظر ارتداء لباس البحر الإسلامي (البوركيني) الذي أغضب المسلمين والمدافعين عن حقوق المرأة والحريات المدنية.
ويتعلق قرار مجلس الدولة بمنتجع فيلنوف لوبيه المطل على البحر المتوسط وهو واحد من أكثر من عشر بلدات فرنسية فرضت مثل هذا الحظر ويُتوقع أن يرسي سابقة في هذا الشأن لكن ليس من المرجح أن يضع حدا للجدل الدائر حوله.
وسلط حظر البوركيني الضوء على الصعوبات التي تواجهها فرنسا العلمانية منذ فترة طويلة في دمج السكان المسلمين والتعامل مع عواقب سلسلة من الهجمات التي نفذها إسلاميون متشددون والمشكلات التي يواجهها المسلمون في فرنسا في أعقاب تلك الهجمات.
وطالب سياسيون محافظون ومن اليمين المتطرف بإصدار قانون لحظر البوركيني في البلاد بالكامل.
وقالت المحكمة في بيان إن قرار حظر البوركيني في فيلنوف لوبيه "ينتهك بشكل خطير وواضح وغير قانوني الحريات الأساسية في التنقل وحرية الاعتقاد والحرية الفردية."
وأضافت المحكمة أن البوركيني لا يشكل أي تهديد للنظام العام في فيلنوف لوبيه.
وبات الجدل المحتدم حول البوركيني جزءا من حملات مبكرة للانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 2017 وأظهرت ردود الفعل الأولية على الحكم أن مؤيدي الحظر لن يتراجعوا عن موقفهم ومن بينهم الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.
وقال بعض من أقرب أنصار ساركوزي إنهم سيتقدمون بمشروع قانون في سبتمبر أيلول يسمح لرؤساء البلديات بحظر البوركيني.
قال كريستيان إستروزي نائب رئيس بلدية نيس على تويتر "نحتاج لسن قانون".
ونظرا لعدم تمتع المحافظين بأغلبية في البرلمان تتيح إقرار التشريع المقترح اقترح إستروزي أن يطرح رئيس الوزراء الاشتراكي مانويل فالس الذي يؤيد الحظر مشروع القانون.
ودافع فالس بضراوة عن حظر البوركيني يوم الخميس بينما انتقده عدد من الوزراء مما يسلط الضوء على الانقسامات داخل الحكومة مع بدء الحملات الانتخابية.
وعلى الرغم من أن الحكم الذي أصدره مجلس الدولة يرسي سابقة قال العديد من رؤساء البلديات إنهم لن يعلقوا الحظر في مناطقهم وقالت جماعات حقوقية إنها ستقاضيهم بما يعني توقع المزيد من الدعاوى القضائية. ولمجلس الدولة القول الفصل في مثل هذه الأمور.
وقال آنج بيير فيفوني رئيس بلدية سيسكو لتلفزيون (بي.إف.إم تي.في) "يوجد كثير من التوتر هنا ولن أتراجع عن قراري" وأضاف أن الحظر في بلدته يمكن تبريره قانونيا لأسباب أمنية.
*"فرنسا تغيرت"
حول الجدل أيضا الهوية الثقافية لفرنسا إلى قضية محورية إضافة إلى الأمن في المناقشات السياسية التي تدور قبل انتخابات الرئاسة في أبريل نيسان المقبل.
وقال الأمين العام للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عبد الله ذكري عن الحكم "هذه صفعة لرئيس الوزراء ... نحن راضون عن ذلك."
ورحب دليل بو بكر وهو متحدث باسم الحزب الاشتراكي الحاكم وإمام مسجد باريس الكبير بالحكم وقال إنهم يأملون في أن يساهم في تهدئة الأجواء.
لكن ليونيل لوكا رئيس بلدية فيلنوف لوبيه الذي ينتمي لحزب الجمهوريين الذي يتزعمه ساركوزي قال إن الحكم سيؤجج التوتر.
وقال "نحتاج أن نقرر إذا ما كنا نريد نسخة مخففة من الشريعة على شواطئنا أم نريد تطبيق قواعد الجمهورية (الفرنسية)."
وقال حكيم (42 عاما) وهو تاجر من أصل جزائري إنه على الرغم من ترحيبه بالحكم إلا أنه لم يطمئن بما يكفي.
وقال بعد أن أدى صلاة الجمعة في مسجد باريس "القرار الذي اتخذه مجلس الدولة طبيعي. فرنسا دولة ديمقراطية هناك عدالة وهذا جيد للنساء المسلمات."
لكنه أضاف "إنه بسبب كل تلك المشكلات بدأت أفكر في مغادرة فرنسا والعودة للجزائر بعد أن قضيت 30 عاما هنا. لم يكن الأمر كذلك في السابق. فرنسا تغيرت وهذا ليس أمرا سهلا علينا."