المصدر - غيرت وسائل الاتصال الحديثة والطفرة التكنولوجية التي حدثت في السنوات الأخيرة معالماً كثيرةً في حياتنا ، ففي الوقت الذي باتت فيه تكنولوجيا الاتصال الانفجارية في متناول الجميع، إلا أنها حملت معها من المشاكل الأسرية ما لم نكن نعرفه من قبل، كما أنها طوقت أفراد الأسرة بجدارات العزلة، حيث انفرد كل منهم منكباً على حاسوبه غارقاً في تصفح شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية ، فقد أصبحت وسائل التكنولوجيا مدعاةً للهروب من التعامل المباشر، مما ساهم في التقليل من التحاور وتبادُل الخبرات والمشاعر،
وإن اللافت للنظر بأن قضاء ساعات طوال خلف هذه الأجهزة المسممومة بتلك التطبيقات والبرامجً يُضعف عَلاقة الأبناء بوالديهم، والزوجة بزوجها والزوج بزوجته مما تسبب في انتشار أمراضٌ نفسية بينهم؛ مثل: الاكتئاب وحب العزلة والانطوائية، وبطء قابلية الفرد على قبول قيم المجتمع، وثوابت الدين التي سيحل محلها قيم روَّاد ومُستخدمي أجهزة التكنولوجيا الالكترونية الحديثة ، هذا لاسيما إلى ماتتسببه مواقع التواصل في توتر العلاقات العاطفية الزوجية واثارة الفوضى داخلها وتفكيك الحميمية الزوجية وجفافها تدريجياً وانفراط عقد العلاقة القوية بينهما والتأثير سلباً على المشاعر.
وإن آخر ما تردد في وسائل الإعلام إن شبكة التواصل الاجتماعي الإلكتروني وراء ثلث حالات الطلاق،
هذا وقد كشف الباحثون بأن الاستخدام الزائد عن الحد للسوشيال ميديا والانشغال بها من قبل الزوج وإهماله الطرف الآخر وعدم التحدث معه أو حتى عدم إبداء أي اهتمام لحوار ما معه فهو يثير الغضب ويولد مشاكل وغيرة ومشاعر سلبية تجاهه ، مما ينتج عنه تدمير العلاقة الزوجية، حيث علت صرخات استغاثة الكثير من النساء في الفترة الأخيرة من إدمان أزواجهن المكوث ساعات طويلة خلف شاشة الحاسوب، وكذلك الازواج اشتكين انشغال زوجاتهم على هذه البرامج وعدم اكتراثهن بمتطلبات الحياة الزوجية وواجبتهن .
ولم يقف الأمر عند ذلك بل غزت تلك المواقع بيوتاً ينعدم فيها الحوار لتنبت من أثر ذلك أشواك البعد والانفصال وحدة الخلافات.
لذا فإن سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يهدد الاستقرار الأسري ويمزق أواصر التواصل بين جميع أفرادها، ويؤدي إلى تجمد العواطف، وتزداد درجة العصبية في التعامل بينهم، وتكثر الخلافات.
فالسوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي حتى وإن لم تؤدِ إلى تدمير العلاقة الزوجية؛ فإنها تبقى بمثابة تهديد مستمر، فهو تهديد للزوجة والزوج والأولاد.
وان هذه التحذيرات لا تعني أن تلك المواقع هي وحش كاسر طوال الوقت، بل إن الحياة خيارات، فمنهم من يختار السير على الطريق الصحيح، ومنهم من يجلب المشاكل لنفسه، والنوافذ مفتوحة دائماً للرياح الدافئة المنعشة وللرياح العاصفة المدمرة، وما على الشخص سوى الاختيار.
لذلك قامت صحيفة غرب الإخبارية بعمل استطلاع مع عناصر مختلفة من مجتمعنا لتقف على جوانب هامة تفيد القاريء وتسلط الضوء على مقومات علاج هذ الظاهرة .
فمن الجانب النفسي أبانت الأخصائية النفسية البتول بنت مصعب العطري قسم علم نفس (جامعة الإمام محمد بن سعود) لاشك أن ثورة الاتصالات والتقنية تعتبر المعجزة الكونية للانسان في القرن الحالي ، حيث تطورت مفاهيم وتقنيات الاتصالات إلى درجة مذهلة ألقت بظلالها على حياة الناس بكل تفاصيلها ، السياسة ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، وغيرها من أوجه الحياة المتعددة ، وهو عالم افتراضي لكن البعض يعيش فيه أكثر من عالمه الواقعي ، هو عالم لاحدود له ابداً ، اليوم وأنت في منزلك تجوب الكون ، تشاهد ، تستكشف ، تؤثر في هذا العالم ويؤثر بالشكل الأكبر فيك ، في فكرك وأفكارك ، معتقداتك ، مشاعرك ، سلوكياتك ، نمط حياتك و علاقاتك الاجتماعية .
وفي الحقيقة أن من أكبر التأثيرات التي أفرزتها ثورة السوشيال ميديا هي التغيير الذي طرأ على حياة الناس الاجتماعية بشكل عام والحياة الزوجية بشكل خاص
وأردت أن ألقي الضوء في مدى تأثير السوشيال ميديا على الحياة الأسرية والزوجية على وجه الخصوص من الناحية النفسية لأن الفرد هو المكون للأسرة والأسرة لبنة من لبنات المجتمع ، و لأن الأسرة والتربية هي مصدر الصحة النفسية لأطفالها وتساعدهم في تكوين شخصيات سوية محققة لذاتها ، ولكي تحقق الأسرة هدفها وتنعم بالسلام لابد أن تكون العلاقة الزوجية نسبياً في توافق وانسجام.
فمن المؤثرات السلبية الناشئة من السوشيال ميديا على العلاقة الزوجية ، بدايةً ( الخيانة ) وهي مشكلة كبرى من مشاكل الحياة الزوجية سواءً من الطرف أو من الطرفين أصبح من السهل حصول الخيانة بجميع أشكالها كتابية و صوتية وغيرها ، وبالتالي قد يحصل الشك ، عدم الثقة بين الزوجين ، أفكار وسواسة، أيضاً من الأمور الهامة المقارنة بين ما يظهر في مواقع التواصل الاجتماعي - قد يكون مصطنع - وبين واقع الزوج أو الزوجة والتي تسبب الغيرة أو الاكتئاب أو العجز والتسخط و الندب على الحظ وكثرة الأفكار السلبية ، وهي في الواقع مقارنة غير منطقية وغير منصفة لأن المقارنة تتم مع أفضل مالدى هذا الطرف مع ما هو أسوأ من الطرف الآخر فتحجب عنهم رؤية الأمور الإيجابية والجميلة الموجودة في حياتهما ، ومن المؤسف من بعض الزوجات قد تسبب ضغط نفسي على نفسها وعلى زوجها من أجل نشر صورة أو فيديو في مواقع التواصل وتتظاهر بمدى جمال علاقتهم والواقع لا يشهد ذلك للأسف ، أيضًا قد يسبب إدمان السوشيال ميديا غياب الحوار بين الزوجين الذي بدوره يؤدي إلى الطلاق العاطفي فتذبل العلاقة الزوجية وتصبح الحياة بلا معنى أو لون.
ومن أجل الإنصاف هناك جانب مضيء للعلاقة الزوجية في هذا العالم حيث يقدم معلومات تثقيفية سريعة وسهلة التناول لمن يبحث عنها بشكل مباشر أو غير مباشر لأحد الزوجين أو كليهما ، وتتيح لهم التواصل مع المختصين عند الحاجة كالاخصائي النفسي والاجتماعي أو المرشد النفسي ليتسنى لهم تقديم الاستشارات النفسية أو الزوجية ،
أيضًا من الإيجابيات التي قدمتها مواقع التواصل الاجتماعي تمكُن الجميع من الإطلاع على مواضيع أو كتابات في هذا الجانب مما يتيح للقارئ الاستفادة منها ، ونظرًا لكثرة الإقبال على المقاطع المرئية ساعدت مفضليها على التطور في هذا الجانب .
ومحصلة مافي الأمر هناك قاعدة ربانية أنزلها الله في كتابه حيث قال تعالى ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) فأنت تختار بأن يكون هذا العالم الافتراضي نعمة لك أو نقمة عليك وأنت وحدك من يحدد المسار .
ومن المنظور الإسلامي فإن معلمة الدين فاطمة دخيل الله السعيدي بالابتدائية الخامسة والثمانين توضح بقولها : مما لا شك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تحدث شرخًا في العلاقات الزوجية بسبب إدمان بعض الأزواج عليها من كلا الجنسين، وأصبحت تهدد الحياة الزوجية وتدخلها في نفق المتاهات والمشاكل المعقدة، رغم أنها ساهمت في تسهيل الحياة، إلا أن تأثيرها السلبي على الحياة الأسرية والزوجية أكثر بكثير من الإيجابيات.
لذا علينا التعامل مع هذه الأمر بحكمة وروية، وليكن الهدف الأول هو المحافظة على سعادة البيت الزوجية ، ولاننسى قول الله عز وجل في كتابه الكريم : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وّ لنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) فللعمل الصالح أثر في حياة الانسان وأولها الحياة الطيبة واليسر بعد العسر والفرج بعد الكرب ، حيث أنه من الأعمال الصالحة ذكر الله ودعائه بالأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب والمصيبة، ومن هديه أنه إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة والدعاء. وإن انشغال الزوجين بهذه البرامج وإساءة استخدامها وهدر الوقت فيما لايسمن ولايغني من جوع قد تكون سبباً في الجفاف العاطفي والتفكك الأسري وإنها لمصيبةً كبيرة تجر ورائها مصائب وتبعات أكبر سلبية، مما يجعلنا فعلاً أن نهرع بالدعاء إلى الله بأن يلهمنا الصواب ولايشغلنا بما يكون سبب في تعاستنا في الدنيا وهلاكنا في الآخرة ، حيث أن هذا الأمر ليس باليسير بأن نرى أسر تشتت وابناء يضيعوا في مفترق الطرق وذلك بسبب سوء استخدام لبرامج قد تكون فيها من النفع والمصلحة الشيء الكثير كالتوعية الدينية والتوجيه الأسري والإرشاد النفسي والاجتماعي ، وإن مواقع التواصل الاجتماعي تعد سلاح ذو حدين ينبغي لمن يستخدمها التنبه لهذا الأمر.
وإن إدمان بعض الأزواج والزوجات في الإفراط باستخدام برامج السوشيال ميديا بجميع أنواعها -ولايخفى علينا- الأثر السلبي من جراء الاستخدام المفرط لها ، وكذلك التجاوزات التي قد تحدث فيها من قبل الازواج أو الزوجات . فقد يعاني الزوجان من فتور في العلاقات بينهما أو ربما مشاكل عارضة مما يجعلهم يتجهون لهذه المواقع لخلق عالم خاص فيهم يشبعون فيه عواطفهم ورغباتهم بدلاً من السعي لحل مشكلاتهم الزوجية ، وهذا الأمر أدى إلى اتساع الفجوات بين الزوجين وانعدام التفاهم الثقه بينهما وأدى هذا بدوره إلى ارتفاع نسب الطلاق في مجتمعنا السعودي .
وأخيرًا أود قول بأن "الحياة الزوجية والأسرية " مسئولية كلا الطرفان ونجاحها مرهون بقناعة كل من الطرفين ورغبتهما الذاتية في الإبقاء على الرابط الوثيق بينهما والحفاظ على المكتسبات السابقة وقدرتهما على تجاوز كل ما من شانه التأثير على سير الحياة المشتركة.
لذا فإن الحياة الأسرية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، بل إنها مشروع استثماري يتطلب الكد والكفاح وفيها من العنت والعنا والتعب ما يجعل الانسان يحسب ألف حساب لأي خطوة يخطوها قد تشكل معولاً يهدم هذا البناء برمته. لذا أنصح الزوجين بأهمية الوعي العميق بأهمية الانفتاح الواعي والمقنن على ثقافات الآخرين
والتسلح بالوعي الفكري والعقل النقدي لوضع الكثير من الأمور تحت المجهر وتقييمها من منظور "الأخلاق والدين والضمير" وأولها المسئولية تجاه الأسرة والأولاد وشريك الحياة والمصارحة بين الزوجين بما يحفظ كيان الحياة الزوجية، والنقاش في كل أمر مشكل يتم الإطلاع عليه، ومشاركة الطرف الآخر بما يعتمل في الذهن من علامات استفهام وتعجب ووضع الجهاز في مكان عام كالصالة مثلاً لخلق نوع من التوجه والالتزام العام في استخدامه بما لا يتعدى الاستفادة العامة للجميع ولخلق نموذج يقتدي به أمام الأبناء.
فيما عبرت الأستاذة عبير العنزي (ماستر جغرافية الجريمة ومدرب معتمد في المشروع الوطني نبراس ومدرب دولي معتمد من الاتحاد الأوربي) : نعم إن مواقع التواصل الاجتماعي جلبت الأمراض النفسية وحالات الطلاق ،مثال على ذلك: متابعة الزوجات والمقبلات على الزواج مشاهير السناب الذين يتغنون بالسفر لبقاع العالم ولايعرضون إلا حياة البذخ والترف والدلع ، حيث لم تعد الزوجات والمقبلات على الزواج يرضين بما قسم الله لهن. ومن هنا تبدأ مرحلة المقارنات والتي تنتهي بعدم الرضا على حياتهن والمشاكل الأسرية بين الزوجين بسبب كثرة المتطلبات والسخط على مافيه لينتهي الأمر بالطلاق والمعاناة من الإكتئاب. وكذلك أيضاً التقليد الأعمى والعشوائي لمشاهير التواصل من مقالب أليمة وبغيضة تهز وتجرح المشاعر الانسانية إلى شرب المخدرات والمسكرات وتجربة اللامألوف لينتهي الأمر بمأساة لصاحب التجربة .
وتعلم الأبناء وخاصة صغار السن الألفاظ النابية فهم دون رقيب أو حسيب . وكثيرًا من المشاكل ومن أبرزها الانضمام للجماعات الإرهابية فالأب مشغول والأم كذلك.
وهناك من دخل حياة الأبناء وغسل أدمغتهم أيضاً وذلك من خلال الألعاب الخطرة التي تدعو لتجربة المجهول وتدفعهم إلى الانتحار من خلال السيطرة على عقول الصغار
فهذه رسالة لكل أب وأم أقول فيها : انهضوا قبل وقوع الكارثة.
بينما أشارت برأيها مديرة قسم التحقيق بإدارة المراجعة الداخلية غدير محمد العماري بقولها : اعتقد أن هناك الكثير ممن أبدى رأيه السلبي في شتى وسائل التواصل الاجتماعي ، ووضحت كيفية تأثر العلاقات الانسانية بصفةٍ عامة والزوجية بصفةٍ خاصة سلباً بالسوشيال ميديا. حيث أصبح كلا الزوجين يفرض خصوصية أكثر حوله للانفراد ببرامج التواصل الاجتماعي بحرية تامة ، وهذا بالتأكيد سبب فجوة كبيرة في التواصل ، كما أنها تتسبب في الإصابة بالاكتئاب متأثرين ببعض متابعي السوشيال ميديا لاعتقادهم أن الآخرين يحيون حياة سعيدة ومثالية ، فوسائل التواصل الاجتماعي وبرامجه هي شرٌ لابد منه وسلاح ذو حدين فهناك من يحسن استخدامه في كثير من المجالات ، وهناك من يسيء استخدام هذه التقنية.
فيما أيضاً أصبحت برامج التواصل الاجتماعي الآن تستخدم كأدلة حاسمة في بعض القضايا في تبرأة وإدانة الأشخاص وكشف الحقائق في حينها ، بل إن القوانين جميعها على مستوى العالم حُدّثت لتتناسب مع كيفية التعامل معها بقوانين محددة . وإن المتتبع لأخبار الجرائم والمجرمين ترى بعض المشتبهين يستخدمون الجوالات القديمة جداً والتي يقال عنها ( أبو كشاف) وذلك لأنها غير صالحة لبرامج التواصل الاجتماعي ويصعب تتبعها.
أختم حديثي بقول الله تعالى "فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما وماأنت عليهم بوكيل".
فعلى كل من يستخدم برامج التواصل الاجتماعي أن يتق الله في كل شيء ، وفي نفس الوقت أن يحترم خصوصية الشخص الآخر وأن يحاول إعطاء الاهتمام اللازم لمن يستحقه.
ومن جانبه أشار الدكتور محمد الشريف بجامعة أم القرى بالقنفذة تخصص (أدب انجليزي) : إن الإسلام رسم الصورة المثلى للأسرة وحدد العلاقات بين أفراد هذه الأسرة وحدد أيضاً نمطية التفاعل بينهم، وحدد حقوقهم، كما أن هناك حقوق للأبناء على آبائهم و حقوق للآباء على أبنائهم، وبالمقابل واجبات لكلٍ منهم، وإن تربية الأولاد هي مسؤولية ورسالة يجب أن يؤديها الأهل بكل أمانة تجاه أبناءهم، وهم مسؤولون ، وكلنا نذكر قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها" الصورة هذه صورة مفاهيمية بنيوية وظيفية شاملة لمفهوم الأسرة تتعدى الصورة الجزئية لها أيضاً ، بمعنى أن تأخذ الصورة الكلية، الكلية هنا بمعنى أن الكل لا يساوي فقط مجموعة الأجزاء، أي أن الأسرة هي ليست عبارة عن مجموعة من الأفراد فحسب يعيشون تحت سقف واحد وإنما يجب أن تكون هناك علاقات منظمة تضمن سلامة هذه الأسرة وتماسك نسيجها لذلك المفهوم الإسلامي الصحيح والذي يتطلب التوعية بمقومات وثقافة وقيم المجتمع الذي يعيش فيه الفرد، وإن للمجتمعات العربية الإسلامية قيم أصيلة تحوي خصوصي لأسرها، وهذه الخصوصية هي الميزة التي لا نجدها في المجتمعات غير العربية والمسلمة، الخصوصية هذه يجب أن تستمر، ويجب أن تعزز ويجب على الأبناء أن يعوا خصوصية مجتمعاتنا العربية وقيمنا، وتقاليدنا وثقافتنا، طبعاً هذا لا يعني بأنني أدعو بذلك إلى انغلاق الأولاد والأبناء على ثقافتنا وقيمنا، بل أن لابد نكون مع حقيقة انفتاح الأبناء على ما يحدث الآن في المجتمع كونهم الآن هم موجودين في مجتمع يتميز بالتفجر المعرفي والمعلوماتي..
وهذا يعني انه ليس خيارًا ، بل يصعب الآن على المجتمعات أن تسد الأبواب وأن تغلق النوافذ أمام القيم والثقافة الوافدة لأن هذه الوسائل دخلت وأصبحت على مرأى ومسمع الجميع ، وبالتالي خطورتها في أن ننظر لها بصورة حيادية ، بمعنى أنها محايدة ومنفصلة بمعزل عن القيم التي تحملها، إذن لابد أن يكون هناك أشخاص يقومون بتوعية الأبناء حتى يستطيعوا الحفاظ على هويتهم ، وأصالتهك وقيمهم وتراثهم وبالتالي لازم يكونوا منفتحين على المجتمع بحيث يكونوا قادرين على التكيف معها بصورة فيها استيعاب وابتكار وإبداع، ونحن هنا نؤكد قضية الحفاظ على الأصالة وبالمقابل المعاصرة، لأنها قضيك باتت خارجة عن الحدود أو استطاعة المجتمعات.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن تساهم الأسرة في التوعية لجيل الشباب والفتيات الذي هو جيل الأبناء، وأن تنجح في توعيتهم لكي يستطيع الاختيار ويرفض ما هو ما يتنافى مع القيم التي يؤمن بها ويقبل ما يمكن أن يضيف لمعرفته أو ثقافته ووعيه وإدراكه دون أن تتضرر القيمة الاجتماعية ، كيف يمكن للأسرة أن تلعب هذا الدور؟
هذا هو السؤال الكبير الذي يجب أن نجيب عليه بحيادية وعقلانية وهي أن نعترف بأن السوشيال ميديا فعلا أثرت على الجيل وكذلك تأثيرها على الزوجين بلا شك.
بينما يعارض الباحث في الإدارة والقيادة فيصل المسعري وجهة نظر الكثير بقوله : إن برامج السوشيال ميديا أصبحت عائلة افتراضية (حسب تعبير الدكتور عبدالله الغذامي). إلا أن لها جوانب إيجابية من ناحية العلاقات الزوجية، فهي قد سهلت كثيراً من التواصل مع المختصين والرواد في هذا الجانب. وأصبح كثيرًا من الأشخاص الذين لديهم إشكالات بسيطة في علاقاتهم الزوجية بإمكانهم التواصل مع أولئك المختصين ومتابعتهم والاطلاع على جديد أفكارهم في هذه الجوانب.
إضافةً إلى تبادل الثقافة المجتمعية في ما يخص جوانب الأسرة والأبناء من خلال إنشاء الكثير من الهاشتاقات في تويتر والتي تتحدث عن علاقة الفرد ببيئته وكيفية التعاطي معها وذلك من خلال الكثير من المواضيع التي تكون مثارًا لحديث الرأي العام مما رفع المستوى الفكري للأفراد العاديين وبما سوف ينعكس إيجاباً بتعاملاتهم مع شركاء حياتهم.
ومع ذلك أيضاً فإننا نقول بأنه يجب التوازن في علاقة الأفراد بتلك البرامج فقد يصعب بعض الأحيان التأكد من حقيقة الشخصيات التي نتعامل معهم حتى ولو كانت المسميات والصور لأشخاص حقيقيين.
فيما وضحت الدكتورة عزة معتصم (طب وجراحة) بقولها :إن مواقع التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا في الحقيقة هو موضوع شيق ومهم جداً، وبرأيي فإن السوشيال ميديا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا بل قد يكون وجودها في حياتنا على قائمة الأولويات .
وللحقيقة هي سلاح ذو حدين حالها كحال أي شي له إيجابياته وله سلبياته، وعلى سبيل المثال فمن ناحية الإيجابيات فهي قد قربت المسافات البعيده فأصبح هذا العالم الإسفيري قرية صغيرة، حيث سهلت التواصل مع أولئك الذين يبعدون عنا آلاف الكيلومترات ، فهناك رسائل الأعياد والجمع والمناسبات مماينشر المودة ويبقي على أواصر المحبة والتواصل بأقل جهد وأسرع وقت.
كما أنها ساهمت في توعية الكثيرين ونشر معلومات وطرح قضايا مهمة جداً.
أما فيما يخص أضرارها فالجدير بالذكر إنها للأسف كما ساعدت في تقريب المسافات البعيدة إلا أنها لعبت دورًا كبيرًا وأساسيًا في تراجع العلاقات الأسرية داخل البيت الواحد، وأصبح كل فرد داخل المنزل مشغول بقائمة أصدقائه على هذه البرامج وبالمواضيع والبوستات التي سيطرحها والصور التي سيلتقطها ليتباهى بها على الميديا ؛بل إن كثيرًا من تلك اللحظات الجميلة بقيت على قائمة الانتظار لأخذ سلفي أو لالتقاط المشهد المناسب أو الإضاءة الأجمل والفيلتر الحديث ، وهذا كله بغض النظر عن ماتسببه هذه الصور من مشاكل بسبب نشرنا لأدق تفاصيل حياتنا وخصوصياتنا على الميديا.
بل وهناك الأخطر من ذلك ، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أيضاً وسيلة للترصد والترقب لحياة الآخرين فنجد تلك تراقب صديقاتها ، لترى ماذا وضعت ؟ وماذا كتبت؟ ومن تقصد بهذا وذاك؟؟؟؟؟؟؟
أما الأدهى والأسوأ هو مراقبتنا لبعضنا داخل المنزل الواحد ، فنجد الزوج يترصد آخر ظهور لزوجته ليتهمها بالإهمال والتقصير وانشغالها عن ابنائها ومهام منزلها بتلك البرامج ، ولاتقصر الزوجة في مراقبة زوجها أيضاً والتربص به والتنقل بين حساباته في فيس بوك أو تويتر أو غيرها لتبدأ التشكيك به وبوفائه وإساءة الظن وقد يصل الأمر لاتهامها له بالخيانة وقد سمعنا بكثير من حالات الطلاق التي وقعت داخل البيوت بسبب هذه البرامج وسوء استخدامنا لها وانخراطنا التام فيها ، وتطول القائمة بين مراقبة صديق والعتب على الاخ والغضب من الابن....الخ فعبارة (متصل الآن) كثيرًا ماتسببت بهدم العديد من العلاقات وأدت إلى كثير من المشاكل.
وأكدت الإدارية امل عبدالله الفهيد في عمادة القبول والتسجيل بجامعه الإمام محمد بن سعود بتصريحها : إن من المعروف لدينا أن السوشيال ميديا أدخلت لنا بابًا من التطور ومواكبة العصر وتقريب المسافات بين العالم ولكن بالرغم من هذه الإيجابيات إلا أن لديها كثير من السلبيات على المجتمع و والأسرة، بالأخص أصبحت بعض الأسر تعاني من التفكك وانهيار لغة الحوار والتواصل بينها ، هذا وقد سبب ذلك فتور في العلاقات الزوجية والجمود العاطفي بين الزوجين ، بل وقد يصل من تأثير هذه المواقع إلى التحريض من قبل الجهلة على الأزواج مما يؤدي والعياذ بالله إلى الطلاق ... وكذلك انتشر بين أفراد المجتمع التفاخر والتباهي بما أنعم الله عليهم، وكأن الدنيا تجري تحت أقدامهم بما تشتهي أنفسهم مما يصيب الطرف الآخر بإزدراء نعمه الله عليه وكثرة الحسد وجلد الذات ،، وهذه الأمور من وجهة نظري في مجملها إذا خرجت عن حد الوسطية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة . لذلك وجب على الأسر أن تتخلص من هذه الآفة إذا لم يتم حسن استخدامها حيث أنها بذلك أصبحت تهدد مستقبل الأسرة واستقرارها وسكينتها ويحل محلها الانفصال والتشتت .
هذا وقد أشارت الأستاذة ليلى عواض عيضة الشلوي معلمة اللغة الأنجليزية ومنسقة الموهوبات ومساعدة لمنسقة الإعلام ومشرفة اللغة الأنجليزية سابقاً بقولها :قديماً كنا نقول إن التلفاز والمذياع (Radio ) أجهزة شبيهة بسلاح ذوحدين وينطبق ذلك على أنواع الكتب وماتحمل من أفكار، ومع التقدم والتطور في عالم التقنية ( technology ) أصبحنا عالمياً تحت سيطرة مواقع وأداوت وتطبيقات التواصل الأجتماعي (social media ) ، وقد أصبح تأثيرها على العلاقة الزوجية وأفراد الأسرة والمجتمع بأكمله كمرض السرطان (cancer) ،إذ أن مواقع التواصل الأجتماعي وراء حالات الطلاق ليس الثلث بل أكثرمن ذلك ! وإن هناك حالات طلاق عاطفي غير الطلاق والانفصال التام وهدم الأسرة وضياع الأبناء .
حيث أنهم بحجة ( التفريغ العاطفي ) الذي يشير إلى ضعف الوازع الديني للزوج والزوجة وانحلال في القيم الأخلاقية ، مما يجعلهم يتميزون بثقافة ضئيلة ، ثقافة مضادة لدينهم وأخلاقهم وأعرافهم وعاداتهم وآدابهم .
وفي رأيي أن كل مايصدر من زوج أو زوجة من استخدام سيء وغير لائق وسلبي لتلك الأدوات فإنما هذا مؤشر خطير للحالة الفكرية والنفسية ويحتاجون للعلاج في جميع الجوانب (تربوياً ودينياً وصحياً) وذلك من قبل أنفسهم أو من قبل أحدالطرفين حفاظاً على سلامة الأسرة والمجتمع .
فذلك جنون أن يراهن الفرد على خسارة زوجته ، زوجه ، بيته ، أبناءه لصالح عالم وهمي افتراضي لايمت بصلة لديننا الإسلامي الحنيف وأخلاق المسلم الحق .
لذا لابد من الإشادة بتعزيز الرقابة الذاتية والاتصال الطبيعي بين أفرادالأسرة والتحذير من عواقب الخيانة الزوجية عبر مواقع التواصل .
كما وأرى أن الزوج أو الزوجة الذي يضع أرقام سرية ويستخدم الوسائط لساعات طويلة مضيعاً مسؤليات بيته وواجبات حياته فهو غير مؤهل للثقة وللتعايش ، حيث أنه ليس هناك أسرار يخفيها الزوجين إلا إذاكانا غير جديرين بالمسؤولية .
ومن المضحك أننا أصبحنا في زمن لم يعد يحتمل السر !!! كل الأحداث والعلاقات باتت رهن ضغطة إزرار ، فليتقِ الله من كان في قلبه ذرة إيمان وحياء وتقوى .
فيما أفادت معلمة رياض الأطفال بروضة أجيال الوفاء ألفت حسن قاروت برأيها : أقول وبكل صراحة نحن نعيش الآن عصر التكنولوجيا وهذا شئ ليس اختيارياً وإنما فرضياً ، حيث يجب علينا مواكبة هذه التكنولوجيا ففيها العديد من الإيجابيات و السلبيات .
لذا يجب علينا أن نفكر ملياً كيف نستخدم مابين أيدينا بتعقل بحيث لا نجعلها تؤثر على عاداتنا وتقاليدنا .
وإن واجب الآباء هنا هو إيضاح السلبيات والإيجابيات للأبناء ومناقشة ذلك فيما بينهم ونذكر لهم عواقب هذه السلبيات ، خاصةً إذا كان الأبناء في طور المراهقة والتي تعد هي من أهم المراحل التي تحتاج للتوجيه والإرشاد أكثر من النصح والتأديب بالعنف أو الضرب .
لذا يجب على الآباء أن يكونوا قريبين دائماً من ابنائهم كما يقولون قديماً (إذا كبر ابنك خاويه) ، ففي مرحلة المراهقة كن أنت البديل لهم عن هذه التكنولوجيا وأشغلهم بأعمال تقلل من جلوسهم لهذه البرامج ، خاصةً لو كانوا من الذكور ،أما الفتيات فهن يحببن الحكايات ومجاراتهن بما يحبون ، فالفتاة مثلاً متابعة آخر صيحات التجميل ، لذا من الجميل أن يتم إشغالها بذلك كأن تطلب منها والدتها أن تطبق ماتابعته أو أن تقوم هيا بعمل الميك أب والوالدة تبدي رأيها وتشجعها دائماً بأن تواكب آخر صيحات العصر ، أو إذا كانت من محبي اللغة الإنجليزية فهي تطلبها أن تستمع للبرامج والأناشيد التي تساعدها على اكتساب اللغة الانجليزية ( لغة العصر) ليتسنى لها أن تجمع أكبر عدد ممكن من الكلمات الإنجليزية . وهكذا على الوالدين أن يتخللوا إلى نفوس الأبناء عن طريق مايفضلونه فيجعلونها لهم واقعاً لا حلماً وأن يشغلوهم دائماً بحيث لا نجعل لتلك البرامج أن تؤثر عليهم.
وفيما يخص العلاقة الزوجية فأنا لا أنكر بأن أغلب حالات الطلاق كان سببها هذه البرامج للأسف الشديد حيث أن هذه العقول استسلمت ولم تعد تقاوم كل تلك التيارات المعاكسة ، وإني ضد فكرة الاستسلام ، ولو علمت كل امرأة بأنها ستقحم نفسها في دوامة بمجرد طلبها الطلاق دون سبب مقنع ، لما كان هذا حالنا . وإن كثير منا استهتر بأمور ديننا وبات أمر الشرع شي لا أساس له في حياتهم أبداً . فالحياة هي كالسفي تحمل روبان ومساعد وركاب وأن الأسرة هم من يمثلونهم ، وإن الأمواج هي صراعات الحياة ، والبرق والعواصف هي من تمثل السوشيال ميديا. فلو لاحظنا أن العواصف والبرق تعصف بالسفينة من كل جانب بعد أن كانت السفينه رأسية وهادئة ، لذا وجب هنا على الروبان والمساعد أن يصارعان ويقاومان معاً هذه الابتلاءات حتى تعود السفينة كما كانت سالمة بمافيها من الركاب (الأطفال) . ولكي تبقى تلك السفينة راسية عليها أن تتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتأخذ من الدنيا ماهو مفيد وصالح لتجعل هذه الأسرة أكثر سعادة.
وهذا أقرب مثال استطيع توضيحه لقارب الحياة الأسرية.
لذا لابد أن نكون على ثقة بالنفس حتى نكون قادرين فعلاً على مواجهة عواصف الحياة التكنولوجية والتي ستعرض الأسرة للخطر إذا لم نقودها ونوجهها توجيهاً سليماً .
لابد أن نحب ابنائنا ونحب بيوتنا ونحترم أزواجنا وندعو الله دائماً بأن يصلح ذات بيننا ونستودعهم الله بأن يحفظهم من كل سوء ويبعدهم عن مايضرهم .
وأخيرًا أقول قولي هذا وأرجو أن أكون قد أصبت وأفدت. وإن كنت على صواب فمن الله وإن كنت على خطأ فمن نفسي والشيطان.
كما أوضحت الأستاذة لولو عنبر قائدة الروضة الحادية عشر سابقاً : إن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يهدد كيان الأسر ويمزق أواصر التواصل ويؤدي إلى تجمد العواطف والمشاعر وتزيد درجة العصبية في التعاملات ، وإن السوشيال ميديا ليست كما يصفها البعض بأنها وحشاً كاسرًا ، بل إني أرى بأنها ضيفاً حل علينا إما أن يكون خفيفاً أو ثقيلاً . و تكون شرًا لمن أرادها شراً وخيرًا لمن أرادها كذلك . وإننا في زمن كثرت فيه الفتن والمغريات ، وإن القابض على دينه كالقابض على جمرة . لذا فإني قمت بعمل بعض الحلول لتحد من الانشغال بهذه التطبيقات والبرامج التي تعج بها السوشيال ميديا التي طالعتنا مؤخرًاحيث أني أصريت في يوم اجتماعنا العائلي يوم الجمعة أن يتم سحب الجوالات من الجميع ووضعها بعيداً وعدم استخدامها إلا وقت الضرورة حتى يتسنى للعلاقات الاجتماعية أن تأخذ وضعها الطبيعي في الحياة .
وإن اللافت للنظر بأن قضاء ساعات طوال خلف هذه الأجهزة المسممومة بتلك التطبيقات والبرامجً يُضعف عَلاقة الأبناء بوالديهم، والزوجة بزوجها والزوج بزوجته مما تسبب في انتشار أمراضٌ نفسية بينهم؛ مثل: الاكتئاب وحب العزلة والانطوائية، وبطء قابلية الفرد على قبول قيم المجتمع، وثوابت الدين التي سيحل محلها قيم روَّاد ومُستخدمي أجهزة التكنولوجيا الالكترونية الحديثة ، هذا لاسيما إلى ماتتسببه مواقع التواصل في توتر العلاقات العاطفية الزوجية واثارة الفوضى داخلها وتفكيك الحميمية الزوجية وجفافها تدريجياً وانفراط عقد العلاقة القوية بينهما والتأثير سلباً على المشاعر.
وإن آخر ما تردد في وسائل الإعلام إن شبكة التواصل الاجتماعي الإلكتروني وراء ثلث حالات الطلاق،
هذا وقد كشف الباحثون بأن الاستخدام الزائد عن الحد للسوشيال ميديا والانشغال بها من قبل الزوج وإهماله الطرف الآخر وعدم التحدث معه أو حتى عدم إبداء أي اهتمام لحوار ما معه فهو يثير الغضب ويولد مشاكل وغيرة ومشاعر سلبية تجاهه ، مما ينتج عنه تدمير العلاقة الزوجية، حيث علت صرخات استغاثة الكثير من النساء في الفترة الأخيرة من إدمان أزواجهن المكوث ساعات طويلة خلف شاشة الحاسوب، وكذلك الازواج اشتكين انشغال زوجاتهم على هذه البرامج وعدم اكتراثهن بمتطلبات الحياة الزوجية وواجبتهن .
ولم يقف الأمر عند ذلك بل غزت تلك المواقع بيوتاً ينعدم فيها الحوار لتنبت من أثر ذلك أشواك البعد والانفصال وحدة الخلافات.
لذا فإن سوء استخدام شبكات التواصل الاجتماعي يهدد الاستقرار الأسري ويمزق أواصر التواصل بين جميع أفرادها، ويؤدي إلى تجمد العواطف، وتزداد درجة العصبية في التعامل بينهم، وتكثر الخلافات.
فالسوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي حتى وإن لم تؤدِ إلى تدمير العلاقة الزوجية؛ فإنها تبقى بمثابة تهديد مستمر، فهو تهديد للزوجة والزوج والأولاد.
وان هذه التحذيرات لا تعني أن تلك المواقع هي وحش كاسر طوال الوقت، بل إن الحياة خيارات، فمنهم من يختار السير على الطريق الصحيح، ومنهم من يجلب المشاكل لنفسه، والنوافذ مفتوحة دائماً للرياح الدافئة المنعشة وللرياح العاصفة المدمرة، وما على الشخص سوى الاختيار.
لذلك قامت صحيفة غرب الإخبارية بعمل استطلاع مع عناصر مختلفة من مجتمعنا لتقف على جوانب هامة تفيد القاريء وتسلط الضوء على مقومات علاج هذ الظاهرة .
فمن الجانب النفسي أبانت الأخصائية النفسية البتول بنت مصعب العطري قسم علم نفس (جامعة الإمام محمد بن سعود) لاشك أن ثورة الاتصالات والتقنية تعتبر المعجزة الكونية للانسان في القرن الحالي ، حيث تطورت مفاهيم وتقنيات الاتصالات إلى درجة مذهلة ألقت بظلالها على حياة الناس بكل تفاصيلها ، السياسة ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، وغيرها من أوجه الحياة المتعددة ، وهو عالم افتراضي لكن البعض يعيش فيه أكثر من عالمه الواقعي ، هو عالم لاحدود له ابداً ، اليوم وأنت في منزلك تجوب الكون ، تشاهد ، تستكشف ، تؤثر في هذا العالم ويؤثر بالشكل الأكبر فيك ، في فكرك وأفكارك ، معتقداتك ، مشاعرك ، سلوكياتك ، نمط حياتك و علاقاتك الاجتماعية .
وفي الحقيقة أن من أكبر التأثيرات التي أفرزتها ثورة السوشيال ميديا هي التغيير الذي طرأ على حياة الناس الاجتماعية بشكل عام والحياة الزوجية بشكل خاص
وأردت أن ألقي الضوء في مدى تأثير السوشيال ميديا على الحياة الأسرية والزوجية على وجه الخصوص من الناحية النفسية لأن الفرد هو المكون للأسرة والأسرة لبنة من لبنات المجتمع ، و لأن الأسرة والتربية هي مصدر الصحة النفسية لأطفالها وتساعدهم في تكوين شخصيات سوية محققة لذاتها ، ولكي تحقق الأسرة هدفها وتنعم بالسلام لابد أن تكون العلاقة الزوجية نسبياً في توافق وانسجام.
فمن المؤثرات السلبية الناشئة من السوشيال ميديا على العلاقة الزوجية ، بدايةً ( الخيانة ) وهي مشكلة كبرى من مشاكل الحياة الزوجية سواءً من الطرف أو من الطرفين أصبح من السهل حصول الخيانة بجميع أشكالها كتابية و صوتية وغيرها ، وبالتالي قد يحصل الشك ، عدم الثقة بين الزوجين ، أفكار وسواسة، أيضاً من الأمور الهامة المقارنة بين ما يظهر في مواقع التواصل الاجتماعي - قد يكون مصطنع - وبين واقع الزوج أو الزوجة والتي تسبب الغيرة أو الاكتئاب أو العجز والتسخط و الندب على الحظ وكثرة الأفكار السلبية ، وهي في الواقع مقارنة غير منطقية وغير منصفة لأن المقارنة تتم مع أفضل مالدى هذا الطرف مع ما هو أسوأ من الطرف الآخر فتحجب عنهم رؤية الأمور الإيجابية والجميلة الموجودة في حياتهما ، ومن المؤسف من بعض الزوجات قد تسبب ضغط نفسي على نفسها وعلى زوجها من أجل نشر صورة أو فيديو في مواقع التواصل وتتظاهر بمدى جمال علاقتهم والواقع لا يشهد ذلك للأسف ، أيضًا قد يسبب إدمان السوشيال ميديا غياب الحوار بين الزوجين الذي بدوره يؤدي إلى الطلاق العاطفي فتذبل العلاقة الزوجية وتصبح الحياة بلا معنى أو لون.
ومن أجل الإنصاف هناك جانب مضيء للعلاقة الزوجية في هذا العالم حيث يقدم معلومات تثقيفية سريعة وسهلة التناول لمن يبحث عنها بشكل مباشر أو غير مباشر لأحد الزوجين أو كليهما ، وتتيح لهم التواصل مع المختصين عند الحاجة كالاخصائي النفسي والاجتماعي أو المرشد النفسي ليتسنى لهم تقديم الاستشارات النفسية أو الزوجية ،
أيضًا من الإيجابيات التي قدمتها مواقع التواصل الاجتماعي تمكُن الجميع من الإطلاع على مواضيع أو كتابات في هذا الجانب مما يتيح للقارئ الاستفادة منها ، ونظرًا لكثرة الإقبال على المقاطع المرئية ساعدت مفضليها على التطور في هذا الجانب .
ومحصلة مافي الأمر هناك قاعدة ربانية أنزلها الله في كتابه حيث قال تعالى ( بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ ) فأنت تختار بأن يكون هذا العالم الافتراضي نعمة لك أو نقمة عليك وأنت وحدك من يحدد المسار .
ومن المنظور الإسلامي فإن معلمة الدين فاطمة دخيل الله السعيدي بالابتدائية الخامسة والثمانين توضح بقولها : مما لا شك فيه أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تحدث شرخًا في العلاقات الزوجية بسبب إدمان بعض الأزواج عليها من كلا الجنسين، وأصبحت تهدد الحياة الزوجية وتدخلها في نفق المتاهات والمشاكل المعقدة، رغم أنها ساهمت في تسهيل الحياة، إلا أن تأثيرها السلبي على الحياة الأسرية والزوجية أكثر بكثير من الإيجابيات.
لذا علينا التعامل مع هذه الأمر بحكمة وروية، وليكن الهدف الأول هو المحافظة على سعادة البيت الزوجية ، ولاننسى قول الله عز وجل في كتابه الكريم : (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وّ لنجزينّهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) فللعمل الصالح أثر في حياة الانسان وأولها الحياة الطيبة واليسر بعد العسر والفرج بعد الكرب ، حيث أنه من الأعمال الصالحة ذكر الله ودعائه بالأدعية التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم عند الكرب والمصيبة، ومن هديه أنه إذا حزبه أمر لجأ إلى الصلاة والدعاء. وإن انشغال الزوجين بهذه البرامج وإساءة استخدامها وهدر الوقت فيما لايسمن ولايغني من جوع قد تكون سبباً في الجفاف العاطفي والتفكك الأسري وإنها لمصيبةً كبيرة تجر ورائها مصائب وتبعات أكبر سلبية، مما يجعلنا فعلاً أن نهرع بالدعاء إلى الله بأن يلهمنا الصواب ولايشغلنا بما يكون سبب في تعاستنا في الدنيا وهلاكنا في الآخرة ، حيث أن هذا الأمر ليس باليسير بأن نرى أسر تشتت وابناء يضيعوا في مفترق الطرق وذلك بسبب سوء استخدام لبرامج قد تكون فيها من النفع والمصلحة الشيء الكثير كالتوعية الدينية والتوجيه الأسري والإرشاد النفسي والاجتماعي ، وإن مواقع التواصل الاجتماعي تعد سلاح ذو حدين ينبغي لمن يستخدمها التنبه لهذا الأمر.
وإن إدمان بعض الأزواج والزوجات في الإفراط باستخدام برامج السوشيال ميديا بجميع أنواعها -ولايخفى علينا- الأثر السلبي من جراء الاستخدام المفرط لها ، وكذلك التجاوزات التي قد تحدث فيها من قبل الازواج أو الزوجات . فقد يعاني الزوجان من فتور في العلاقات بينهما أو ربما مشاكل عارضة مما يجعلهم يتجهون لهذه المواقع لخلق عالم خاص فيهم يشبعون فيه عواطفهم ورغباتهم بدلاً من السعي لحل مشكلاتهم الزوجية ، وهذا الأمر أدى إلى اتساع الفجوات بين الزوجين وانعدام التفاهم الثقه بينهما وأدى هذا بدوره إلى ارتفاع نسب الطلاق في مجتمعنا السعودي .
وأخيرًا أود قول بأن "الحياة الزوجية والأسرية " مسئولية كلا الطرفان ونجاحها مرهون بقناعة كل من الطرفين ورغبتهما الذاتية في الإبقاء على الرابط الوثيق بينهما والحفاظ على المكتسبات السابقة وقدرتهما على تجاوز كل ما من شانه التأثير على سير الحياة المشتركة.
لذا فإن الحياة الأسرية ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، بل إنها مشروع استثماري يتطلب الكد والكفاح وفيها من العنت والعنا والتعب ما يجعل الانسان يحسب ألف حساب لأي خطوة يخطوها قد تشكل معولاً يهدم هذا البناء برمته. لذا أنصح الزوجين بأهمية الوعي العميق بأهمية الانفتاح الواعي والمقنن على ثقافات الآخرين
والتسلح بالوعي الفكري والعقل النقدي لوضع الكثير من الأمور تحت المجهر وتقييمها من منظور "الأخلاق والدين والضمير" وأولها المسئولية تجاه الأسرة والأولاد وشريك الحياة والمصارحة بين الزوجين بما يحفظ كيان الحياة الزوجية، والنقاش في كل أمر مشكل يتم الإطلاع عليه، ومشاركة الطرف الآخر بما يعتمل في الذهن من علامات استفهام وتعجب ووضع الجهاز في مكان عام كالصالة مثلاً لخلق نوع من التوجه والالتزام العام في استخدامه بما لا يتعدى الاستفادة العامة للجميع ولخلق نموذج يقتدي به أمام الأبناء.
فيما عبرت الأستاذة عبير العنزي (ماستر جغرافية الجريمة ومدرب معتمد في المشروع الوطني نبراس ومدرب دولي معتمد من الاتحاد الأوربي) : نعم إن مواقع التواصل الاجتماعي جلبت الأمراض النفسية وحالات الطلاق ،مثال على ذلك: متابعة الزوجات والمقبلات على الزواج مشاهير السناب الذين يتغنون بالسفر لبقاع العالم ولايعرضون إلا حياة البذخ والترف والدلع ، حيث لم تعد الزوجات والمقبلات على الزواج يرضين بما قسم الله لهن. ومن هنا تبدأ مرحلة المقارنات والتي تنتهي بعدم الرضا على حياتهن والمشاكل الأسرية بين الزوجين بسبب كثرة المتطلبات والسخط على مافيه لينتهي الأمر بالطلاق والمعاناة من الإكتئاب. وكذلك أيضاً التقليد الأعمى والعشوائي لمشاهير التواصل من مقالب أليمة وبغيضة تهز وتجرح المشاعر الانسانية إلى شرب المخدرات والمسكرات وتجربة اللامألوف لينتهي الأمر بمأساة لصاحب التجربة .
وتعلم الأبناء وخاصة صغار السن الألفاظ النابية فهم دون رقيب أو حسيب . وكثيرًا من المشاكل ومن أبرزها الانضمام للجماعات الإرهابية فالأب مشغول والأم كذلك.
وهناك من دخل حياة الأبناء وغسل أدمغتهم أيضاً وذلك من خلال الألعاب الخطرة التي تدعو لتجربة المجهول وتدفعهم إلى الانتحار من خلال السيطرة على عقول الصغار
فهذه رسالة لكل أب وأم أقول فيها : انهضوا قبل وقوع الكارثة.
بينما أشارت برأيها مديرة قسم التحقيق بإدارة المراجعة الداخلية غدير محمد العماري بقولها : اعتقد أن هناك الكثير ممن أبدى رأيه السلبي في شتى وسائل التواصل الاجتماعي ، ووضحت كيفية تأثر العلاقات الانسانية بصفةٍ عامة والزوجية بصفةٍ خاصة سلباً بالسوشيال ميديا. حيث أصبح كلا الزوجين يفرض خصوصية أكثر حوله للانفراد ببرامج التواصل الاجتماعي بحرية تامة ، وهذا بالتأكيد سبب فجوة كبيرة في التواصل ، كما أنها تتسبب في الإصابة بالاكتئاب متأثرين ببعض متابعي السوشيال ميديا لاعتقادهم أن الآخرين يحيون حياة سعيدة ومثالية ، فوسائل التواصل الاجتماعي وبرامجه هي شرٌ لابد منه وسلاح ذو حدين فهناك من يحسن استخدامه في كثير من المجالات ، وهناك من يسيء استخدام هذه التقنية.
فيما أيضاً أصبحت برامج التواصل الاجتماعي الآن تستخدم كأدلة حاسمة في بعض القضايا في تبرأة وإدانة الأشخاص وكشف الحقائق في حينها ، بل إن القوانين جميعها على مستوى العالم حُدّثت لتتناسب مع كيفية التعامل معها بقوانين محددة . وإن المتتبع لأخبار الجرائم والمجرمين ترى بعض المشتبهين يستخدمون الجوالات القديمة جداً والتي يقال عنها ( أبو كشاف) وذلك لأنها غير صالحة لبرامج التواصل الاجتماعي ويصعب تتبعها.
أختم حديثي بقول الله تعالى "فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما وماأنت عليهم بوكيل".
فعلى كل من يستخدم برامج التواصل الاجتماعي أن يتق الله في كل شيء ، وفي نفس الوقت أن يحترم خصوصية الشخص الآخر وأن يحاول إعطاء الاهتمام اللازم لمن يستحقه.
ومن جانبه أشار الدكتور محمد الشريف بجامعة أم القرى بالقنفذة تخصص (أدب انجليزي) : إن الإسلام رسم الصورة المثلى للأسرة وحدد العلاقات بين أفراد هذه الأسرة وحدد أيضاً نمطية التفاعل بينهم، وحدد حقوقهم، كما أن هناك حقوق للأبناء على آبائهم و حقوق للآباء على أبنائهم، وبالمقابل واجبات لكلٍ منهم، وإن تربية الأولاد هي مسؤولية ورسالة يجب أن يؤديها الأهل بكل أمانة تجاه أبناءهم، وهم مسؤولون ، وكلنا نذكر قول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل راع في بيته وهو مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن رعيتها" الصورة هذه صورة مفاهيمية بنيوية وظيفية شاملة لمفهوم الأسرة تتعدى الصورة الجزئية لها أيضاً ، بمعنى أن تأخذ الصورة الكلية، الكلية هنا بمعنى أن الكل لا يساوي فقط مجموعة الأجزاء، أي أن الأسرة هي ليست عبارة عن مجموعة من الأفراد فحسب يعيشون تحت سقف واحد وإنما يجب أن تكون هناك علاقات منظمة تضمن سلامة هذه الأسرة وتماسك نسيجها لذلك المفهوم الإسلامي الصحيح والذي يتطلب التوعية بمقومات وثقافة وقيم المجتمع الذي يعيش فيه الفرد، وإن للمجتمعات العربية الإسلامية قيم أصيلة تحوي خصوصي لأسرها، وهذه الخصوصية هي الميزة التي لا نجدها في المجتمعات غير العربية والمسلمة، الخصوصية هذه يجب أن تستمر، ويجب أن تعزز ويجب على الأبناء أن يعوا خصوصية مجتمعاتنا العربية وقيمنا، وتقاليدنا وثقافتنا، طبعاً هذا لا يعني بأنني أدعو بذلك إلى انغلاق الأولاد والأبناء على ثقافتنا وقيمنا، بل أن لابد نكون مع حقيقة انفتاح الأبناء على ما يحدث الآن في المجتمع كونهم الآن هم موجودين في مجتمع يتميز بالتفجر المعرفي والمعلوماتي..
وهذا يعني انه ليس خيارًا ، بل يصعب الآن على المجتمعات أن تسد الأبواب وأن تغلق النوافذ أمام القيم والثقافة الوافدة لأن هذه الوسائل دخلت وأصبحت على مرأى ومسمع الجميع ، وبالتالي خطورتها في أن ننظر لها بصورة حيادية ، بمعنى أنها محايدة ومنفصلة بمعزل عن القيم التي تحملها، إذن لابد أن يكون هناك أشخاص يقومون بتوعية الأبناء حتى يستطيعوا الحفاظ على هويتهم ، وأصالتهك وقيمهم وتراثهم وبالتالي لازم يكونوا منفتحين على المجتمع بحيث يكونوا قادرين على التكيف معها بصورة فيها استيعاب وابتكار وإبداع، ونحن هنا نؤكد قضية الحفاظ على الأصالة وبالمقابل المعاصرة، لأنها قضيك باتت خارجة عن الحدود أو استطاعة المجتمعات.
ولكن إلى أي مدى يمكن أن تساهم الأسرة في التوعية لجيل الشباب والفتيات الذي هو جيل الأبناء، وأن تنجح في توعيتهم لكي يستطيع الاختيار ويرفض ما هو ما يتنافى مع القيم التي يؤمن بها ويقبل ما يمكن أن يضيف لمعرفته أو ثقافته ووعيه وإدراكه دون أن تتضرر القيمة الاجتماعية ، كيف يمكن للأسرة أن تلعب هذا الدور؟
هذا هو السؤال الكبير الذي يجب أن نجيب عليه بحيادية وعقلانية وهي أن نعترف بأن السوشيال ميديا فعلا أثرت على الجيل وكذلك تأثيرها على الزوجين بلا شك.
بينما يعارض الباحث في الإدارة والقيادة فيصل المسعري وجهة نظر الكثير بقوله : إن برامج السوشيال ميديا أصبحت عائلة افتراضية (حسب تعبير الدكتور عبدالله الغذامي). إلا أن لها جوانب إيجابية من ناحية العلاقات الزوجية، فهي قد سهلت كثيراً من التواصل مع المختصين والرواد في هذا الجانب. وأصبح كثيرًا من الأشخاص الذين لديهم إشكالات بسيطة في علاقاتهم الزوجية بإمكانهم التواصل مع أولئك المختصين ومتابعتهم والاطلاع على جديد أفكارهم في هذه الجوانب.
إضافةً إلى تبادل الثقافة المجتمعية في ما يخص جوانب الأسرة والأبناء من خلال إنشاء الكثير من الهاشتاقات في تويتر والتي تتحدث عن علاقة الفرد ببيئته وكيفية التعاطي معها وذلك من خلال الكثير من المواضيع التي تكون مثارًا لحديث الرأي العام مما رفع المستوى الفكري للأفراد العاديين وبما سوف ينعكس إيجاباً بتعاملاتهم مع شركاء حياتهم.
ومع ذلك أيضاً فإننا نقول بأنه يجب التوازن في علاقة الأفراد بتلك البرامج فقد يصعب بعض الأحيان التأكد من حقيقة الشخصيات التي نتعامل معهم حتى ولو كانت المسميات والصور لأشخاص حقيقيين.
فيما وضحت الدكتورة عزة معتصم (طب وجراحة) بقولها :إن مواقع التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا في الحقيقة هو موضوع شيق ومهم جداً، وبرأيي فإن السوشيال ميديا أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا بل قد يكون وجودها في حياتنا على قائمة الأولويات .
وللحقيقة هي سلاح ذو حدين حالها كحال أي شي له إيجابياته وله سلبياته، وعلى سبيل المثال فمن ناحية الإيجابيات فهي قد قربت المسافات البعيده فأصبح هذا العالم الإسفيري قرية صغيرة، حيث سهلت التواصل مع أولئك الذين يبعدون عنا آلاف الكيلومترات ، فهناك رسائل الأعياد والجمع والمناسبات مماينشر المودة ويبقي على أواصر المحبة والتواصل بأقل جهد وأسرع وقت.
كما أنها ساهمت في توعية الكثيرين ونشر معلومات وطرح قضايا مهمة جداً.
أما فيما يخص أضرارها فالجدير بالذكر إنها للأسف كما ساعدت في تقريب المسافات البعيدة إلا أنها لعبت دورًا كبيرًا وأساسيًا في تراجع العلاقات الأسرية داخل البيت الواحد، وأصبح كل فرد داخل المنزل مشغول بقائمة أصدقائه على هذه البرامج وبالمواضيع والبوستات التي سيطرحها والصور التي سيلتقطها ليتباهى بها على الميديا ؛بل إن كثيرًا من تلك اللحظات الجميلة بقيت على قائمة الانتظار لأخذ سلفي أو لالتقاط المشهد المناسب أو الإضاءة الأجمل والفيلتر الحديث ، وهذا كله بغض النظر عن ماتسببه هذه الصور من مشاكل بسبب نشرنا لأدق تفاصيل حياتنا وخصوصياتنا على الميديا.
بل وهناك الأخطر من ذلك ، فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أيضاً وسيلة للترصد والترقب لحياة الآخرين فنجد تلك تراقب صديقاتها ، لترى ماذا وضعت ؟ وماذا كتبت؟ ومن تقصد بهذا وذاك؟؟؟؟؟؟؟
أما الأدهى والأسوأ هو مراقبتنا لبعضنا داخل المنزل الواحد ، فنجد الزوج يترصد آخر ظهور لزوجته ليتهمها بالإهمال والتقصير وانشغالها عن ابنائها ومهام منزلها بتلك البرامج ، ولاتقصر الزوجة في مراقبة زوجها أيضاً والتربص به والتنقل بين حساباته في فيس بوك أو تويتر أو غيرها لتبدأ التشكيك به وبوفائه وإساءة الظن وقد يصل الأمر لاتهامها له بالخيانة وقد سمعنا بكثير من حالات الطلاق التي وقعت داخل البيوت بسبب هذه البرامج وسوء استخدامنا لها وانخراطنا التام فيها ، وتطول القائمة بين مراقبة صديق والعتب على الاخ والغضب من الابن....الخ فعبارة (متصل الآن) كثيرًا ماتسببت بهدم العديد من العلاقات وأدت إلى كثير من المشاكل.
وأكدت الإدارية امل عبدالله الفهيد في عمادة القبول والتسجيل بجامعه الإمام محمد بن سعود بتصريحها : إن من المعروف لدينا أن السوشيال ميديا أدخلت لنا بابًا من التطور ومواكبة العصر وتقريب المسافات بين العالم ولكن بالرغم من هذه الإيجابيات إلا أن لديها كثير من السلبيات على المجتمع و والأسرة، بالأخص أصبحت بعض الأسر تعاني من التفكك وانهيار لغة الحوار والتواصل بينها ، هذا وقد سبب ذلك فتور في العلاقات الزوجية والجمود العاطفي بين الزوجين ، بل وقد يصل من تأثير هذه المواقع إلى التحريض من قبل الجهلة على الأزواج مما يؤدي والعياذ بالله إلى الطلاق ... وكذلك انتشر بين أفراد المجتمع التفاخر والتباهي بما أنعم الله عليهم، وكأن الدنيا تجري تحت أقدامهم بما تشتهي أنفسهم مما يصيب الطرف الآخر بإزدراء نعمه الله عليه وكثرة الحسد وجلد الذات ،، وهذه الأمور من وجهة نظري في مجملها إذا خرجت عن حد الوسطية قد تؤدي إلى عواقب وخيمة . لذلك وجب على الأسر أن تتخلص من هذه الآفة إذا لم يتم حسن استخدامها حيث أنها بذلك أصبحت تهدد مستقبل الأسرة واستقرارها وسكينتها ويحل محلها الانفصال والتشتت .
هذا وقد أشارت الأستاذة ليلى عواض عيضة الشلوي معلمة اللغة الأنجليزية ومنسقة الموهوبات ومساعدة لمنسقة الإعلام ومشرفة اللغة الأنجليزية سابقاً بقولها :قديماً كنا نقول إن التلفاز والمذياع (Radio ) أجهزة شبيهة بسلاح ذوحدين وينطبق ذلك على أنواع الكتب وماتحمل من أفكار، ومع التقدم والتطور في عالم التقنية ( technology ) أصبحنا عالمياً تحت سيطرة مواقع وأداوت وتطبيقات التواصل الأجتماعي (social media ) ، وقد أصبح تأثيرها على العلاقة الزوجية وأفراد الأسرة والمجتمع بأكمله كمرض السرطان (cancer) ،إذ أن مواقع التواصل الأجتماعي وراء حالات الطلاق ليس الثلث بل أكثرمن ذلك ! وإن هناك حالات طلاق عاطفي غير الطلاق والانفصال التام وهدم الأسرة وضياع الأبناء .
حيث أنهم بحجة ( التفريغ العاطفي ) الذي يشير إلى ضعف الوازع الديني للزوج والزوجة وانحلال في القيم الأخلاقية ، مما يجعلهم يتميزون بثقافة ضئيلة ، ثقافة مضادة لدينهم وأخلاقهم وأعرافهم وعاداتهم وآدابهم .
وفي رأيي أن كل مايصدر من زوج أو زوجة من استخدام سيء وغير لائق وسلبي لتلك الأدوات فإنما هذا مؤشر خطير للحالة الفكرية والنفسية ويحتاجون للعلاج في جميع الجوانب (تربوياً ودينياً وصحياً) وذلك من قبل أنفسهم أو من قبل أحدالطرفين حفاظاً على سلامة الأسرة والمجتمع .
فذلك جنون أن يراهن الفرد على خسارة زوجته ، زوجه ، بيته ، أبناءه لصالح عالم وهمي افتراضي لايمت بصلة لديننا الإسلامي الحنيف وأخلاق المسلم الحق .
لذا لابد من الإشادة بتعزيز الرقابة الذاتية والاتصال الطبيعي بين أفرادالأسرة والتحذير من عواقب الخيانة الزوجية عبر مواقع التواصل .
كما وأرى أن الزوج أو الزوجة الذي يضع أرقام سرية ويستخدم الوسائط لساعات طويلة مضيعاً مسؤليات بيته وواجبات حياته فهو غير مؤهل للثقة وللتعايش ، حيث أنه ليس هناك أسرار يخفيها الزوجين إلا إذاكانا غير جديرين بالمسؤولية .
ومن المضحك أننا أصبحنا في زمن لم يعد يحتمل السر !!! كل الأحداث والعلاقات باتت رهن ضغطة إزرار ، فليتقِ الله من كان في قلبه ذرة إيمان وحياء وتقوى .
فيما أفادت معلمة رياض الأطفال بروضة أجيال الوفاء ألفت حسن قاروت برأيها : أقول وبكل صراحة نحن نعيش الآن عصر التكنولوجيا وهذا شئ ليس اختيارياً وإنما فرضياً ، حيث يجب علينا مواكبة هذه التكنولوجيا ففيها العديد من الإيجابيات و السلبيات .
لذا يجب علينا أن نفكر ملياً كيف نستخدم مابين أيدينا بتعقل بحيث لا نجعلها تؤثر على عاداتنا وتقاليدنا .
وإن واجب الآباء هنا هو إيضاح السلبيات والإيجابيات للأبناء ومناقشة ذلك فيما بينهم ونذكر لهم عواقب هذه السلبيات ، خاصةً إذا كان الأبناء في طور المراهقة والتي تعد هي من أهم المراحل التي تحتاج للتوجيه والإرشاد أكثر من النصح والتأديب بالعنف أو الضرب .
لذا يجب على الآباء أن يكونوا قريبين دائماً من ابنائهم كما يقولون قديماً (إذا كبر ابنك خاويه) ، ففي مرحلة المراهقة كن أنت البديل لهم عن هذه التكنولوجيا وأشغلهم بأعمال تقلل من جلوسهم لهذه البرامج ، خاصةً لو كانوا من الذكور ،أما الفتيات فهن يحببن الحكايات ومجاراتهن بما يحبون ، فالفتاة مثلاً متابعة آخر صيحات التجميل ، لذا من الجميل أن يتم إشغالها بذلك كأن تطلب منها والدتها أن تطبق ماتابعته أو أن تقوم هيا بعمل الميك أب والوالدة تبدي رأيها وتشجعها دائماً بأن تواكب آخر صيحات العصر ، أو إذا كانت من محبي اللغة الإنجليزية فهي تطلبها أن تستمع للبرامج والأناشيد التي تساعدها على اكتساب اللغة الانجليزية ( لغة العصر) ليتسنى لها أن تجمع أكبر عدد ممكن من الكلمات الإنجليزية . وهكذا على الوالدين أن يتخللوا إلى نفوس الأبناء عن طريق مايفضلونه فيجعلونها لهم واقعاً لا حلماً وأن يشغلوهم دائماً بحيث لا نجعل لتلك البرامج أن تؤثر عليهم.
وفيما يخص العلاقة الزوجية فأنا لا أنكر بأن أغلب حالات الطلاق كان سببها هذه البرامج للأسف الشديد حيث أن هذه العقول استسلمت ولم تعد تقاوم كل تلك التيارات المعاكسة ، وإني ضد فكرة الاستسلام ، ولو علمت كل امرأة بأنها ستقحم نفسها في دوامة بمجرد طلبها الطلاق دون سبب مقنع ، لما كان هذا حالنا . وإن كثير منا استهتر بأمور ديننا وبات أمر الشرع شي لا أساس له في حياتهم أبداً . فالحياة هي كالسفي تحمل روبان ومساعد وركاب وأن الأسرة هم من يمثلونهم ، وإن الأمواج هي صراعات الحياة ، والبرق والعواصف هي من تمثل السوشيال ميديا. فلو لاحظنا أن العواصف والبرق تعصف بالسفينة من كل جانب بعد أن كانت السفينه رأسية وهادئة ، لذا وجب هنا على الروبان والمساعد أن يصارعان ويقاومان معاً هذه الابتلاءات حتى تعود السفينة كما كانت سالمة بمافيها من الركاب (الأطفال) . ولكي تبقى تلك السفينة راسية عليها أن تتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتأخذ من الدنيا ماهو مفيد وصالح لتجعل هذه الأسرة أكثر سعادة.
وهذا أقرب مثال استطيع توضيحه لقارب الحياة الأسرية.
لذا لابد أن نكون على ثقة بالنفس حتى نكون قادرين فعلاً على مواجهة عواصف الحياة التكنولوجية والتي ستعرض الأسرة للخطر إذا لم نقودها ونوجهها توجيهاً سليماً .
لابد أن نحب ابنائنا ونحب بيوتنا ونحترم أزواجنا وندعو الله دائماً بأن يصلح ذات بيننا ونستودعهم الله بأن يحفظهم من كل سوء ويبعدهم عن مايضرهم .
وأخيرًا أقول قولي هذا وأرجو أن أكون قد أصبت وأفدت. وإن كنت على صواب فمن الله وإن كنت على خطأ فمن نفسي والشيطان.
كما أوضحت الأستاذة لولو عنبر قائدة الروضة الحادية عشر سابقاً : إن سوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي يهدد كيان الأسر ويمزق أواصر التواصل ويؤدي إلى تجمد العواطف والمشاعر وتزيد درجة العصبية في التعاملات ، وإن السوشيال ميديا ليست كما يصفها البعض بأنها وحشاً كاسرًا ، بل إني أرى بأنها ضيفاً حل علينا إما أن يكون خفيفاً أو ثقيلاً . و تكون شرًا لمن أرادها شراً وخيرًا لمن أرادها كذلك . وإننا في زمن كثرت فيه الفتن والمغريات ، وإن القابض على دينه كالقابض على جمرة . لذا فإني قمت بعمل بعض الحلول لتحد من الانشغال بهذه التطبيقات والبرامج التي تعج بها السوشيال ميديا التي طالعتنا مؤخرًاحيث أني أصريت في يوم اجتماعنا العائلي يوم الجمعة أن يتم سحب الجوالات من الجميع ووضعها بعيداً وعدم استخدامها إلا وقت الضرورة حتى يتسنى للعلاقات الاجتماعية أن تأخذ وضعها الطبيعي في الحياة .