المصدر - غرب ـ متابعات*
رسم مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن فيتالي تشوركين، حدوداً لرئيس النظام السوري، تُعدّ وللمرة الأولى، سابقة بين طرفين وقّعاً اتفاقاً عسكرياً. وذلك في تصريح مثير وجديد من نوعه لمندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن فيتالي تشوركين: "إذا ما حذت السلطات السورية حذو روسيا فسيكون لديها الفرصة للخروج من الأزمة بكرامة".
وجاء ذلك تعليقاً من المندوب الروسي على جملة المواقف التي أطلقها رئيس النظام السوري في لقاء جمعه ببعض ممثلي نقابة المحامين السورية.
ففي اللقاء الذي جمع الأسد بأعضاء من نقابة المحامين السوريين، أطلق مواقف متعددة بحق المعارضة السورية، كما أنه قدم تفسيراته الخاصة لموضوع الحكم الانتقالي في البلاد، وتقريباً نسفه من أساسه. كما أنه هاجم الغرب بحدة واتّهمه "برعاية الإرهاب" والعمل على "تدمير الشعوب".
الرد الروسي جاء على لسان المندوب الروسي الدائم في مجلس الأمن: "لا يجب أن نركز على ما يقوله (الأسد) بل على ما سيقوم به في النهاية".
الاتفاقية العسكرية ما بين الروس والأسد، لا تضمن للأخير أن "يُفتي" بعناوين سياسية بارزة تتصدر المشهد الدولي. كما فعل في نقابة المحامين عندما قطع بأن الحكم الانتقالي هو فقط "الانتقال من الفوضى إلى الاستقرار" ومن خلال الدستور القائم.
ردّت روسيا على الفور، واضطر مندوبها الدائم الى استخدام تعابير مجاملة تلطّف من حجم تأثير الرد على الرجل، فقال تشوركين: "إذا ما تصرّفت سوريا كروسيا فسيكون لديها فرصة للخروج بكرامة من الأزمة".
تصريح صادم للطرف الذي قدّم أرضه للطائرات العسكرية الروسية، وبدون سقف زمني، ودون أن يحق لحكومته الدخول إلى مناطق انتشار القوات الروسية، إلا بموافقة الطرف الروسي.
وحذّر المندوب الروسي الأسد بأن للأمور عواقب صعبة للغاية، إذا ما ابتعدت بلاده عن هذه الطريق.
لكن التصريحات الروسية بحق الأسد، لم تكن بالضرورة، مؤشراً على تحول سياسي جذري، كما تؤكد تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الروسي ميدفيدف، عندما قال سابقاً "إن الأسد ارتكب خطأ فادحاً"، ورجّح أن الوقت فات بالنسبة إليه للقيام بإصلاحات.
المراقبون يفرقون مابين موقف روسي قبل الاتفاقية العسكرية، وموقف روسي بعد الاتفاقية العسكرية. ووجود القوات العسكرية الروسية في المتوسط والأراضي السورية يفرض على موسكو تنسيقا أكبر مع أوروبا والأميركيين.
ومنذ الوقت الذي أعلنت فيه السعودية نيتها التدخل عسكرياً في الأراضي السورية لمكافحة الإرهاب، رصد الإعلام العالمي مواقف سريعة ومتتابعة من الحكومة الروسية، منها موقف لميدفيدف بأن روسيا لن تبقى إلى الأبد في سوريا. وموقف حكومي روسي يقول إن روسيا اضطرت للتدخل عسكريا في سوريا للحد من انتشار الارهاب. ومواقف أخرى شبيهة.
الأسد في لقاء نقابة المحامين تعامل مع وجود القوات العسكرية الروسية على أنها لصالحه في كل اتجاه. هنا صوّب الروس وحدّدوا حجمه بالضبط: "المهم ماسيفعله آخر الأمر" أي أن الأسد "سيفعل"، فقط. وليقل ما يريد أيضاً.
الأسد، سيفعل. لا تركّزوا على أقواله. وحدّد تشوركين "بكل ذكاء وخبرة" السبب الذي دفع بالأسد لإطلاق تصريحات "وفتاوى" سياسية أكبر من حجمه. قال تشوركين: "يتصرف الأسد وفق نظام من الإحداثيات السياسية" معللا بها توسّع الأسد بمحاولة تغيير مضمون المباحثات الدولية بشأن سوريا. فحدّد له الحجم، بأنه "سيفعل" أمّا الخروج عن النص فسيؤدي الى عدم "الخروج بكرامة" من الأزمة".
أقوى تصريح ما بين طرفين تجمعهما اتفاقية عسكرية. والتهديد بالخروج بدون "كرامة" من الأزمة، هو الخط الذي رسمه الروس لحليفهم، حجماً ومصيراً.
لكن المراقبين يتساءلون: هل سيتمرد الأسد ويغامر بالخروج من دون كرامة من الأزمة؟
المعارضة السورية تؤكد أن الأسد في كل الأحوال "لن يخرج بكرامة" من "الأزمة" فهو صانعها، وهو "المتسبب بتدمير بلاده وقتل شعبه". وهناك، عملياً، تؤكد المعارضة السورية، استحالة لخروجٍ بكرامة له، في كل الأحوال.