المصدر -
أكّد السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أن الوثيقة السياسية الجديدة للحركة لا تتضمن أي تنازل عن ثوابت الحركة وحقوق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن «حماس جزء من المدرسة الإخوانية فكرياً، وكانت تنظيماً للإخوان المسلمين الفلسطينيين، فنحن جزء من الإخوان فكرياً، ولكننا تنظيم فلسطيني قائم بذاته، ليس تابعاً لأي تنظيم هنا أو هناك».
قال خالد مشعل، خلال عرضه للوثيقة السياسية للحركة، في مؤتمر صحافي، بحضور أعضاء المكتب السياسي للحركة، ووجوه قيادية، ونخبة من الإعلاميين والكتّاب الصحافيين وشخصيات بارزة: إن «الوثيقة السياسية جزء من أدبيات الحركة الفكرية والسياسية، والميثاق جاء في انطلاق الحركة، واليوم جاءت الوثيقة السياسية، وغداً ستأتي وثائق أخرى تعكس تطور الحركة».
وأشار إلى أن إصدار الحركة للوثيقة السياسية يعكس اختيارها نهجاً آخر في مجال السياسية وإدارة الصراع، لافتاً إلى أنه بعد مضي 30 عاماً من تأسيسها، لم تتغير «حماس» في ثوابتها، بل أثبتت أنها تبدع وتتجدد وتتطور دون التخلي عن الثوابت.
الوقوع في التقليدية
وأشار مشعل إلى أن أكبر خطأ تقع فيه بعض الحركات في المنطقة أنها تتحجر وتقع في التقليدية، بحجة التمسك بالأصالة والثوابت، ورفض التطور، وبالمقابل، هناك نماذج وقعت في الميوعة والتفريط بذريعة الواقعية السياسية، لافتاً إلى أن «حماس» لا تؤمن بهذين النموذجين معاً.
ومضى قائلاً: هناك خلل يقع فيه البعض بخلطهم بين الثوابت والمتغيرات، وسوء التعامل مع كل منهما، بينما نحن في حركة حماس اخترنا نهج التطور والتجدد والمرونة والانفتاح الواعي، دون التخلي عن حقوق شعبنا وركائز قضيتنا في ظل الفوضى التي تسود المنطقة، وما تعانيه الأمة من التمزق، بين التميع والتحجر.
وخلص قائلاً: «حماس» اختارت نموذجاً يجمع بين مقاومة صلبة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وحده، وفكر وسطي معتدل، وعقل سياسي منفتح على معادلات الإقليم والعالم ومتطلبات إدارة الصراع.
وسرد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية أبرز ما تضمنته الوثيقة السياسية الجديدة، مركزاً على تمسك الحركة بالقدس عاصمة لكل الفلسطينيين، وحق العودة للاجئين والنازحين الفلسطينيين إلى ديارهم.
المشروع الصهيوني
وأشار مشعل إلى أن الوثيقة تؤكد على أن المشروع الصهيوني هو مشروع عنصري عدواني احتلالي، وأن «حماس» تؤكد أن الصراع مع المشروع الصهيوني ليس صراعاً مع اليهود بسبب ديانتهم، و»حماس» لا تخوض صراعاً ضد اليهود لكونهم يهوداً، وإنما نخوض صراعاً ضد الصهاينة المحتلين المعتدين».
وفي بند «المواقف من الاحتلال والتسوية السياسية»، تشير الوثيقة إلى رفض وعد بلفور، وعدم الاعتراف بمشروع الكيان الصهيوني، وأنه «لا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين، مهما كانت الأسباب والظروف والضغوط، ومهما طال الاحتلال، وترفض «حماس» أي بديل عن تحرير فلسطين تحريراً كاملاً». وتضمنت الوثيقة موقفاً جوهرياً جديداً، بالإشارة إلى أن «حماس» تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة».
وتشير الوثيقة إلى أن «حركة حماس تؤكد على أن اتفاقيات أوسلو وملحقاتها تخالف قواعد القانون الدولي الآمرة، من حيث أنها رتبت التزامات تخالف حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف».
كما «ترفض «حماس» جميع الاتفاقيات والمبادرات ومشروعات التسوية الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو الانتقاص من حقوق شعبنا الفلسطيني، وأن أي موقف أو مباردة أو برنامج سياسي يجب أن لا يمس هذه الحقوق، ولا يجوز أن يخالفها أو يتناقض معها».
اغتصاب الأرض
وبحسب الوثيقة «تؤكد «حماس» أن ظلم الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه وتهجيره منها لا يمكن أن يسمى سلاماً، وأن أية تسويات تقوم على هذا الأساس، لن تؤدي إلى السلام، وستظل المقاومة والجهاد لتحرير فلسطين حقاً مشروعاً وواجباً وشرفاً لكل أبناء شعبنا وأمتنا».
وفي بند «المقاومة والتحرير»، تشير الوثيقة إلى أن «تحرير فلسطين واجب الشعب الفلسطيني بصفة خاصة، وواجب الأمة العربية والإسلامية بصفة عامة، وهو أيضاً مسؤولية إنسانية وفق مقتضيات الحق والعدل».دعم بناء المؤسسات والمرجعيات الوطنية الفلسطينيةتشير الوثيقة في بند «النظام السياسي الفلسطيني»، إلى أنه لا بديل عن إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كامل التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس». وأن «منظمة التحرير الفلسطينية إطار وطني للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج يجب المحافظة عليه، مع ضرورة العمل على تطويرها وإعادة بنائها على أسس ديمقراطية»، كما «تؤكد «حماس» على ضرورة بناء المؤسسات والمرجعيات الوطنية الفلسطينية على أسس ديمقراطية سليمة وراسخة، وفي مقدمتها الانتخابات الحرة النزيهة..».
كما يشير بند «الأمة العربية والإسلامية» إلى أن «حماس» تؤمن أن قضية فلسطين هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وتؤمن بوحدة الأمة بكل مكوناتها المتنوعة».
وفي البند الأخير حول «الجانب الإنساني والدولي»، تشير الوثيقة السياسية إلى أن «تحرير فلسطين من ناحية قانونية وإنسانية عمل مشروع تقتضيه ضرورات الدفاع عن النفس، وحق الشعوب الطبيعي في تقرير مصيرها».
ورداً على سؤال بشأن موقف «حماس» من المبادرة العربية، قال خالد مشعل: «قضيتنا عادلة ويحق لكل قائد يطوف العالم أن يطوف بالقضية لاستجداء الدعم، لكن ليس على حساب شعبنا، بل لا بد من التمسك بشعبنا، وننفتح على العالم، لأن من يخسر شعبه لا يمكن أن يكسب العالم».
وأضاف: «نحن مع تفاوض على أسس وثوابت شعبنا، وبخلاف ذلك، فإن البقاء في مربعات التعديل على المشاريع، بما ينسجم مع ضغط هنا وهناك لن يخدم، ولن يغير الموقف الإسرائيلي أن نتماهى مع مطالبه».
وأشار إلى أن «التفاوض ليس ثابتاً، بل هو سياسة، والأعداء يتفاوضون، وهو أداة ووسيلة نتعامل معها كسياسة قابلة للتغيير وليست حقيقة مطلقة، وسياسة «حماس» اليوم عدم التفاوض، لأنه يفتقد لموازين القوى.
وبشأن علاقة «حماس» بحركة الإخوان المسلمين، قال: «حماس» جزء من المدرسة الإخوانية فكرياً، وكانت تنظيماً للإخوان المسلمين الفلسطينيين، فنحن جزء من الإخوان فكرياً، ولكننا تنظيم فلسطيني قائم بذاته، ليس تابعاً لأي تنظيم هنا أو هناك، ونحن لا نتنكر لفكرنا وتاريخنا، ولا ننصرف عن الناس حينما تكثر عليهم السهام، ولما حوصر عرفات في رام الله وانقلب عليه بعض أتباعه، وقفت «حماس» إلى جانبه ومدت اليد له، وشكّلنا معاً غطاءً للانتفاضة الثانية».
وعن تجربة «حماس» في الحكومة، قال مشعل: «أدركنا إمكانية المشاركة في السلطة دون الانصهار فيها، ونجحنا في تقديم نموذج يشارك في السلطة مع تمسكه بالمقاومة، وأنه لا تناقض بين هذا وذاك».