المصدر -
دشنت المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف العربي في الجارة اليمن، العام الثالث من الحرب ضد المتمردين، بالسعي إلى إعادة ترتيب تحالفاتها مع زعماء القبائل اليمنية المناهضين لتحالف الحوثي وصالح؛ تمهيداً لمحاولة استعادة محافظتي الحديدة وصنعاء، وفي خطوة تكشف عن أن خيار الحسم العسكري هو الأوفر حظاً، وفق خبيرين يمنيين.
استقبل ولي ولي العهد السعودي، وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، في العاصمة السعودية الرياض، الأربعاء الماضي، عدداً من أبرز مشايخ القبائل اليمنية، وغالبيتهم يتزعمون المقاومة الشعبية، التي تحارب مقاتلي الحوثي وصالح في محافظات مختلفة.
وخلافاً لتحالفاتها السابقة مع مشايخ ينحدرون من قبيلة «حاشد» (شمال)، والتي باتت مربعاً خالصاً للحوثيين، يبدو أن الرياض بدأت تعيد ترتيب تحالفاتها، حيث تصدّر المشايخ الحاضرين، الشيخ «مفرح بحيبح»، المنحدر من محافظة مأرب (شرق)، والذي ألقى كلمة نيابة عن الحضور.
وخلال أول لقاء من نوعه على هذا المستوى الرفيع منذ بداية الحرب في 26 مارس 2015، خاطب محمد بن سلمان المشايخ قائلاً: «نحن معكم في كل خطوة إلى آخر يوم في حياتنا كما كنا في السابق، وكما سنكون في المستقبل»، وامتدح اليمن كثيراً بأنها «عمق العرب»، وأن «كل الجذور والأعراق ترجع إلى اليمن».
خزان المقاتلين
لقاء الرياض كشف عن استراتيجية السعودية للعام الثالث من الحرب، بحسب مراقبين ذهبوا إلى أن المعارك المستقبلية لاستعادة محافظتي الحديدة (226 كم جنوب غرب العاصمة صنعاء) وصنعاء (وسط) ربما تكون سبب عقد ذلك اللقاء.
وتُعرف القبائل في اليمن بأنها «خزّان المقاتلين»، ومنذ اندلاع الحرب، يتوجه زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، في كل خطاباته إلى رجال القبائل، ويحثهم على الدفع بمقاتلين، وهو ما يبدو أن السعودية طلبته من مشايخ القبائل، الذين جمعتهم في الرياض.
كسر الجليد
الكاتب والخبير السياسي اليمني «أحمد الزرقة»، ذهب إلى أن لقاء الرياض «يكشف عن رغبة السعودية في إعادة ترتيب تحالفاتها داخل اليمن لمواجهة الحوثي، خصوصاً مع الإعلان عن التحضير لمعركة استعادة محافظة الحديدة ومينائها الاستراتيجي (لقربها من مضيق باب المندب الحيوي لحركة التجارة العالمية)، وما سيتبعها من خطوات باتجاه التصعيد العسكري في محيط صنعاء».
«الزرقة»، وفي حديث مع الأناضول، اعتبر أن «اللقاء تأخر كثيراً، ولكن لا يمكن التعويل عليه بشكل كبير إذا لم يخرج باتفاق واضح ومحدد.. في حال عدم وجود أي اتفاق فقد لا يتجاوز اللقاء كسر الجليد بين القيادة العليا في السعودية وبين الشيوخ القبليين، خاصة أنه اللقاء الأرفع مستوى مع مسؤول سعودي، خلال الأعوام الأخيرة، وقد يعكس رغبة في إحياء ما كان يعرف باللجنة الخاصة».
دور أكبر
ووفق الخبير السياسي اليمني، «فيصل المجيدي»، فإن «اعتماد السعودية على المشايخ اليمنيين خف في المرحلة السابقة؛ نظراً لعدم وضوح رؤية بعضهم طيلة عقود، لاسيَّما أنه من بينهم من اعتلى الحوثي على ظهورهم وانتشر، وهناك أيضاً من لهم أذرع مع صالح».
وشدد «المجيدي»، في حديث مع الأناضول، على أن «صالح قام بتقوية سلطة هؤلاء المشايخ على حساب مؤسسات الدولة، وأعتقد أن التعامل مع المشايخ أصبح حذراً من قِبل المملكة». وأعرب عن اعتقاده بأن لقاء محمد بن سلمان مع المشايخ «يعكس توجهاً سعودياً ورغبة باستقراء الواقع بالتوجه نحو الحسم العسكري، بعد أن ظهر أن العملية السياسية لم تعد مجدية مع ميليشيا الحوثي، كون مشروعها في الأساس قائم على استبعاد أي طرف آخر والانفراد بالحكم».