المصدر -
مع قرب انتصاف عامها الثالث، لا حل سياسي يبدو في الأفق للأزمة المندلعة في اليمن والتي لم تخرج بعد من مربعها الأول بعد فشل عدة جولات من المحادثات ورفض المقترحات الأممية بشأنها، وذلك في مقابل تصعيد عسكري ارتفعت وتيرته مؤخراً، وينذر بموجات عنف جديدة.
ما سبق يلخص ما خرجت به الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي، الخميس الماضي، حول تلك الأزمة، وأدلى خلالها المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بإحاطته التي كشفت عن جمود غير مسبوق في مسار الحل السياسي وأن الوضع لم يتغير منذ رفع مشاورات الكويت مطلع أغسطس الماضي.
وكان الشارع اليمني يترقب ما ستخرج به إحاطة المبعوث الأممي، بتفاؤل حذر، ويتوقعون بأن تكون جولته الإقليمية التي شملت عواصم عربية ولقاءات مع طرفي النزاع في عدن وصنعاء، قد أحرزت تقدماً جوهرياً في جدار الحل السياسي المنتظر، لكن الإحاطة جاءت مخيبة للآمال.
ويبدو أن الأيام القادمة ستشهد تصعيداً عسكرياً هو الأكبر على الإطلاق، فبموازاة الانتصارات التي حققتها القوات الحكومية مسنودة بالتحالف العربي في جبهة المخا، غربي مدينة تعز، ظهر زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي، مساء الجمعة، في كلمة يدعو فيها أنصاره لـ»التعبئة العامة، وعدم التخاذل والوهن».
ويبدو أن ظهور زعيم الحوثيين «غير المعهود»، والذي كان يحرص على الظهور العلني في مناسبات دينية فقط، هدفه رفع معنويات مقاتليه الذين يتعرضون لهجوم هو الأشرس من القوات الحكومية والتحالف العربي.
مربع الصفر
ولم يكن الرفض للخارطة الأممية -التي طرحها ولد الشيخ- من جانب الحكومة الشرعية التي تطالب بتعديل البند الخاص بتعيين نائب رئيس جمهورية جديد تؤول إليه صلاحيات الرئيس وتتمسك بهادي رئيساً حتى إجراء انتخابات رئاسية جديدة هو العقدة الوحيدة أمام الأمم المتحدة، فالحوثييون أيضاً أظهروا «تعنتاً جديداً» بعد موافقة مبدئية.
وفقاً للمبعوث الأممي، فقد وافق الحوثيون وصالح على خارطة الطريق «كورقة عمل قابلة للبحث والتفاوض» في نوفمبر الماضي وكان ذلك مؤشراً إيجابياً، إلا أنهم امتنعوا عن تقديم أية «طروحات عملية» وعن وضع «خطة مفصلة للترتيبات الأمنية تتطرق إلى تفاصيل الانسحاب العسكري وتسليم الأسلحة الثقيلة».
ولم يكتفِ ولد الشيخ بإلقاء اللائمة على الحوثيين في تعقيد مسار الحل السياسي، بل حمّل الجانب الحكومي جزءاً من المسؤولية، وقال إن «انتقاد الرئيس هادي المتواصل للمقترحات من دون القبول بمناقشتها لتعديل بنودها يقوض الثقة بمسار السلام ويطيل أمد الصراع».
ويرى «فارع المسلمي»، رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية (غير حكومي)، أن «الحل السياسي لا يزال في مربعه الأول منذ أن بدأ يلوح في الأفق، لسبب بسيط أنه لا يوجد جدّية محلية أو إقليمية أو دولية للضغط نحوه».
وقال المسلمي في حديث للأناضول إن «تبشيرات ولد الشيخ في السابق لم تكن تنطلق من أي معطيات واقعية (..) هو لم يتحرك من المربع الأول أصلا».
واعتبر المسلمي، وهو أيضاً باحث غير مقيم في مركز كارنيجي للسلام للشرق الأوسط، أن «الدور الممنوح لولد الشيخ والأمم المتحدة هو إدارة هذا النزاع وليس حله»، لافتاً إلى أن هناك فارقاً مهماً بين الأمرين.
بصيص أمل
وعلى الرغم من الانسداد الواضح في مسار السلام اليمني، والتخبط الذي يعيشه البلد العربي الفقير في دوامة العنف والصراعات، إلا أن المبعوث الأممي، أصر في إحاطته على أن هناك «ملامح واضحة للخروج من الأزمة»، ترتكز على خارطته التي قدمها للحل.
وفي هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي اليمني أحمد الزرقة: إن «ولد الشيخ يبدو كمن يحاول توديع المشهد اليمني بشيء كبير من خيبة الأمل بعد عامين من المحاولات غير الموفقة لإيجاد انفراجة ولو جزئية في الأزمة اليمنية».
وأضاف الزرقة في حديث للأناضول أن «ولد الشيخ كان يعوِّل على الضغوط الأميركية التي جاءت في الوقت الضائع وتلاشت بمغادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري منصبه، وانشغال بقية الأطراف الدولية بالترتيب لما بعد وصول ترامب للبيت الأبيض».