المصدر -
أذاع التلفزيون المصري في وقت متأخر مساء الأحد، لقطات للباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر عليه مقتولا قرب القاهرة قبل عام تقريبا وهو يتحدث مع ممثل لنقابة الباعة الجائلين.
كان "ريجيني" يجري بحثا للدراسات العليا عن النقابات العمالية في مصر وشاهده أصدقاؤه آخر مرة يوم 25 يناير 2016.
وعُثر على جثته وعليها آثار تعذيب شديد على جانب طريق سريع خارج القاهرة يوم الثالث من فبراير.
ونفى مسؤولون مصريون أي صلة بمقتل ريجيني. وكانت مصادر أمنية أبلغت رويترز في أبريل أنه تم إلقاء القبض عليه في القاهرة يوم 25 يناير واحتجازه.
وفي الفيديو سٌمع محمد عبد الله رئيس نقابة الباعة الجائلين بالقاهرة وهو يطلب أموالا من ريجيني لأن زوجته مريضة.
وأبلغ ريجيني -الذي كان يعد رسالة دكتوراه بجامعة كمبريدج البريطانية- عبد الله بوضوح أنه لا يستطيع منحه المال لأن ذلك يتعارض مع المعايير الأكاديمية.
وقال ريجيني في الفيديو باللغة العربية "محمد أنا الفلوس مش فلوسي. أنا مش ممكن أستخدم الفلوس بأي صورة علشان أنا أكاديمي ومش ممكن أكتب في الأبليكيشن.. في المعلومات للمؤسسة في بريطانيا.. عايز أستخدم الفلوس بصورة شخصية."
ويقول ريجيني في الفيديو إنه سيساعد عبد الله في التقدم بطلب للحصول على منحة بقيمة عشرة آلاف جنيه مصري لأنشطة نقابية وليس لاستخدامات شخصية.
ويسأله عبد الله إن كانت هناك أي إمكانية للحصول على المال للاستخدام الشخصي قائلا "طيب مفيش بقي سكة تانية غيرها.. سكة تانية.. استخدام شخصي؟".
وأكد عبد الله اليوم الاثنين لرويترز، أنه هو من سجل الفيديو على هاتفه المحمول وأن صوته هو الذي يظهر فيه. وأضاف أن النقاش دار في السادس أو السابع من يناير على الأرجح.
كما أكد ما ذكره في وقت سابق عن أنه هو من أبلغ الشرطة عن ريجيني في أوائل يناير 2016 ونفى أن يكون فعل ذلك بدافع من الغضب لرفض ريجيني أن يعطيه مالا. وقال لرويترز إن نقل شكوكه في أن ريجيني جاسوس إلى الشرطة واجب وطني.
وقال عبد الله إن أي مواطن صالح كان ليفعل ما فعله مشيرا إلى أن حديث ريجيني عن مساعدته في الحصول على أموال للنقابة أعطاه الانطباع بأن المسألة مرتبطة بالتجسس وبالتالي أبلغ السلطات مشيرا إلى أنه تجدر الإشادة به لما فعله.
وأضاف أن المبلغ الذي كان يدور حوله النقاش في الفيديو هو عشرة آلاف جنيه إسترليني (12500 دولار) وليس عشرة آلاف جنيه مصري (530 دولارا).
وقال ممثلو ادعاء مصريون وإيطاليون في ديسمبر، إن عبد الله أبلغ الشرطة بمخاوف تتعلق بإضرار ريجيني بالأمن القومي.
وأضافوا أن الشرطة المصرية أوقفت تحرياتها عن ريجيني "لما تبين لها من قصور نشاطه عند حد المساس بالأمن القومي".
وقال خالد مهني رئيس قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري، إن الفيديو قدمه مكتب النائب العام وأذيع بناء على طلب من النائب العام. ولم يتسن الاتصال بمكتب النائب العام للتعليق.
ووافق النائب العام الأحد على أن يقوم خبراء من إيطاليا وشركة ألمانية متخصصة *باسترجاع تسجيلات كاميرات المراقبة بفحص كاميرات بالقاهرة ضمن التحقيق في مقتل ريجيني.
واشتكت إيطاليا من بطء التحقيقات وسحبت سفيرها من القاهرة.
واعتبرت صحيفة "الجارديان" الإنجليزية، في وقت سابق حادثة مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، لغزًا خفيًا على مرأى ومسمع من الجميع، فها هو "ريجيني" طالب الدكتوراة في جامعة كامبردج، والذي اختفى في 25 يناير 2016، ليكتشفوا بعد ذلك جثته ملقاة على الطريق الصحراوي بين مصر والإسكندرية، وعلى جسده آثار تعذيب.
وتطرح الصحيفة تساؤلات عدة، هل الطالب الذي يمتلئ هاتفه بأرقام أجنبية ومصرية جاسوس، أم أنه ضحية منظومة ترتكب كثيرًا من الأخطاء وتفتقد المساءلة؟ وقالت الصحيفة، نقلًا عن المحامي الحقوقي كريم عبد الراضي، إن هناك سيناريوهين لتفسير حادث مقتل الإيطالي أحدهما أن هناك صراعًا داخل الأجهزة الأمنية المصرية ، وربما قتل أحد الأقسام ريجيني لإحراج قسم آخر.
والسيناريو الثاني، أن الحكومة المصرية توقعت أنها قادرة على الخروج من دائرة الشبهات بإلقاء التهمة على قطاع الطرق.
وفسرت الصحيفة هذا التحليل في تقرير مطول، قائلةً: إن وعود الشرطة المصرية بالتعاون التام مع نظيرتها الإيطالية ما هي إلا وعود جوفاء، فلم تسمح الشرطة المصرية باستجواب الشهود سوى في وجودها، ولمدة دقائق محدودة بعد أن تنهي تحقيقاتها المطولة مع الشهود، حتى إن مطالباتها بنسخة من مقاطع فيديو التي تظهر آخر مكان تواجد به ريجيني وهو المترو، وسجلات الهاتف المحمول قوبلت بالمماطلة.
ومع استمرار الضغط الإيطالي، وبجهود المدعي العام الإيطالي *سيرجيو كولاجيو اعترف نظيره المصري ولأول مرة خلال زيارته لروما في أوائل شهر سبتمبر الماضي بأن ريجيني خضع لمراقبة الشرطة المصرية قبل اختفائه.
وكشفت "الجارديان"، عن أن أول علامات خضوع "ريجيني" للمراقبة، كانت عند حضوره اجتماعًا لإحدى النقابات العمالية المستقلة، عندها جاءت امرأة محجبة والتقطت له صورة رغم كونه بعيدًا عن الأضواء حينها، ومع تبليغ "محمد عبد الله" أحد الباعة الجائلين الذين يعملون مخبرين للحكومة المصرية عنه تأكدت شكوك الشرطة حول الضحية – حسب رواية الصحيفة.
ونقلت "الجارديان"، عن خبير الطب الشرعي الإيطالي الذي تسنى له فحص جثة "ريجيني"، أنه عانى من ميتة بطيئة ومعذبة، ولم يمت جراء إصابات رأسه كما قالت الحكومة المصرية، فقد كانت جروحه في طريقها للالتئام لولا أن تم تعذيبه على مدار عدة أيام.