المصدر -
يفرك الفلسطيني، محمد أبو نمر، أطراف يديه المتورمتين وجسده المرتجف من شدة البرد، مع دخول فصل الشتاء، ليبعث إليها القليل من الدفء في ظل انقطاع التيار الكهربائي في مدينة غزة لساعات طويلة، تتجاوز الـ»12» ساعة يومياً.
«أبو نمر» اضطر لإشعال موقد النار - وهي الوسيلة الأكثر انتشاراً لتوفير الدفء في غزة - بسبب مخاطر الدخان وإمكانية تسببه بحريق في منزل عائلته، المكونة من 5 أفراد.
ويعاني قطاع غزة منذ أكثر من 7 أعوام، أزمة شح الطاقة الكهربائية، بسبب خلافات بين رام الله وغزة على جباية فواتير الطاقة وتحويلها إلى وزارة المالية، وأسعار الوقود الصناعي المرتفعة بفعل الضرائب، اللازم لتوليد الطاقة.
وأمام «موقد النار» الذي أشعله للتو أمام منزله يقول لمراسل الأناضول: «نشعر الآن بالدفء بعد أن قرص البرد أجسادنا. لم يكن لديَّ حل آخر لتدفئة عائلتي إلا إشعال النيران التي تعد خطرا عليهم، لكن قلوبنا تكاد أن تتوقف من شدة البرد في ظل انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود وسائل بديلة».
وبالقرب من النيران كانت أيادي الأطفال الصغيرة تمتد نحو حرارتها، ويفركونها حتى ينبعث الدفء إلى أجسادهم، فيما يبقى كبار العائلة يراقبونهم بحذر.
ولا يتوفر إلا نحو نصف حاجة قطاع غزة من الكهرباء في أحسن الأحوال (190 ميجاواط من أصل 400)، مصدرها إسرائيل النسبة الأعلى، ومصر، ومحطة توليد الكهرباء التي لا تعمل بكامل طاقتها، لأسباب فنية وأخرى مرتبطة بتوفر الوقود الصناعي اللازم للتوليد.
وتفاقمت أزمة الكهرباء بشكل كبير منذ الشهر الماضي، وسط تبادل للاتهامات بين القائمين على قطاع الطاقة في غزة، والحكومة الفلسطينية في رام الله، بالتسبب في الأزمة.
وقال فتحي الشيخ خليل، نائب رئيس سلطة الطاقة في قطاع غزة، الثلاثاء، إن تفاقم أزمة الكهرباء في غزة يعود إلى ارتفاع قيمة الضرائب التي تدفعها شركة الكهرباء شهرياً للحكومة، إضافة إلى تعطل جزئي في الخطوط القادمة من مصر وإسرائيل.
وبعيداً عن خلافات رام الله وغزة، يستمر بعض أفراد عائلة أبو نمر، في حديثهم وثرثرتهم دون توقف حول موقد النار، فيما البعض الآخر جالس بيده كتاب يقرأه أمام نيران التدفئة التي أشعلوها إلى أن يغلبهم النعاس.
ويقول: «إن أزمة الكهرباء مستمرة منذ فترة طويلة، ولا يوجد حل لها حتى الآن أو حتى في المستقبل القريب، وقطاع غزة يعاني من تفاقمها مؤخراً بشكل كبير مع دخول الشتاء».
وتفاقمت مؤخراً أزمة انقطاع التيار الكهربائي بغزة لتصل ساعات وصولها فقط إلى نحو 4 ساعات، مما دفع عائلة زعرب (عائلة غزية)، إلى إشعال الشموع لإنارة المنزل، لاستكمال الملتحقين في المدرسة والجامعات دروسهم.
وتقول عبير زعرب (35 عاماً) لمراسل الأناضول: «نعتمد في الإنارة على الشموع رغم خطورة إشعالها في المنزل لكن نكون حذرين. بيتي اشتعلت به النيران العام الماضي، بسبب انقطاع التيار الكهربائي وبحمد الله لم يصب أحد بأذى».
وزادت: «الكهرباء منقطعة عن منطقتنا، ولم تأت طوال اليوم غير ساعتين، ولا يوجد وسائل للتدفئة أو الإنارة للاعتماد عليها».
ولفتت النظر إلى أن الوضع الاقتصادي صعب، مما يجعل من شراء مولدات كهربائية ووقود أمراً مرهقاً من الناحية المالية، مما يضطرهم لجلب الحطب والأوراق لإشعال نيران التدفئة من مناطق بعيدة.
وهي ترتجف من البرودة الشديدة وحولها أطفالها، تقول للأناضول: «الحياة صعبة ومأساوية، على المسؤولين أن يضعوا حلاً سريعاً وعاجلاً، فالمعاناة تزداد كل يوم في ظل انقطاع التيار الكهربائي والغاز».
وتضيف: «ورغم انقطاع التيار الكهربائي، هناك أزمة في توفير غاز الطهي، ونلجأ في طهي الطعام إلى إشعال الحطب والأوراق».