المصدر -
مع نهاية آخر دقيقة في كل «هدنة إنسانية» باليمن، تبدأ قلوب سكان مدينة «تعز»، جنوب غربي البلاد، «ترتجف» خشية عدم تمديدها. فعدم التمديد يعني تساقط القذائف، التي يطلقها مسلحو جماعة «أنصار الله» (الحوثي)، وحلفائهم من القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بكثافة على رؤوسهم، فضلاً عن الحصار الخانق على المدينة.
ورغم أن سكان المدينة يتهمون الحوثيين بـ»عدم الالتزام» بأي هدنة معلنة، لكن ذلك لا يمنعهم من التعلق بـ»قشة» للنجاة من موت يلاحقهم كل لحظة.
ومنذ عدة أشهر، تحاصر قوات الحوثيين وصالح مدينة تعز من منطقة الحوبان في الشمال، والربيعي في الشرق، فيما تحدها السلاسل الجبلية من الجنوب، ونجحت المقاومة الشعبية والجيش اليمني في كسر الحصار جزئيا من الجهة الغربية.
وانتهت «هدنة الـ72» الأممية في البلاد ليل الأحد، وسط آمال ضئيلة في تمديدها، جراء تبادل الاتهامات بين طرفي الصراع بـ»خرقها».
ويسعى المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ، الذي يتواجد بصنعاء حالياً، إلى تمديد الهدنة، غير أن مهمته لن تكون سهلة على ما يبدو. وقال مصدر في مكتب رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر، مساء الأحد: إن حكومته لن تقبل بتمديد هدنة «هشة» تمنح «الانقلابيين فرصة لترتيب صفوفهم».
وأضاف المصدر، لوكالة الأناضول التركية، مفضلاً عدم ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام: إن الحكومة «ترفض التمديد لهدنة هشة تسعى الميليشيات (قوات الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح)، من خلالها لترتيب صفوفها مجدداً، واستعادة قواها التي خسرتها جراء الانتصارات المتلاحقة التي تحققها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية».
ويقول أمين البذيحي وهو أحد سكان المدينة: إن جماعة الحوثيين وقوات صالح لا تلتزم بأي شكل من أشكال الاتفاقات المعلنة حول التهدئة ووقف إطلاق النار في اليمن، منذ اندلاع الحرب في مارس من العام المنقضي.
وأضاف: «الحوثيون وحلفاؤهم يستغلون التهدئة في قصف المدنيين، وهذا معروف عنهم، ومن خلال تجربتنا معهم خلال الفترات السابقة من الهدن المعلنة، كنا نلحظ أن القصف والانتهاكات ضد المدنيين تتصاعد منذ الدقائق الأولى للهدنة».
وتابع: «لذلك أتوقع وأكاد أجزم أنه لا هدنة تصمد، وخصوصاً في المواقع التي تشهد معارك ضارية بين المقاومة وقوات الجيش الحكومي من جهة، والحوثيين وقوات صالح من جهة أخرى، شرقي وغربي المدينة».
وأشار إلى أن المدنيين في تعز يحتاطون أكثر، خشية التعرض للقصف المتوقع من الحوثيين، الذين يتعاملون باستخفاف مع التزاماتهم. في السياق نفسه، يستشري الخوف في جسد نشوان الحسامي مدير مركز جراحة العظام والمفاصل لعلاج جرحي الحرب في المدينة، وقال: «أنا أشعر بالخوف عندما تُعلن هدنة، لأن عدد الضحايا بين المدنيين سيرتفع، بسبب ارتفاع وتيرة القصف الذي يشنه الحوثيون بشكل هستيري على رؤوس السكان».
وأشار الناشط في شبكات الإغاثة الإنسانية في المدينة، إلى أن الحوثيين «لا يحترمون قواعد الحرب، ولا يؤمنون بالسلام»، متوقعاً فشل أي اتفاق هدنة «كما حدث في المرات السابقة».
وفي الأحياء الشرقية، قال عصام الصغير وهو أحد القادة الميدانيين في المقاومة: إن دبابات الحوثيين في فندق «سوفتيل» كثفت من قصفها المدفعي على منازل المدنيين، قبل يوم من سريان الهدنة الأخيرة.
وأوضح الصغير أن مدنياً يُدعى شوقي عبدالحق، قُتل إثر القصف الذي شنه الحوثيون على منزله في حي العميري شرقي المدينة، بعد أن رفض الأول مغادرة منزله، خشية أن يتخذ الحوثيون منزله موقعاً عسكرياً.;