المصدر - كتبه:**سليم السعداني
كان ولا يزال الصحفيين هم الضريبة التي تدفع كوقود للحرب في اليمن، جراء اجتياح مليشيات الحوثي وصالح للدولة والقضاء على كل المقدرات، ووقف حرية الرأي والتعبير وتحويل الصحفيين إلى السجون والمعتقلات وتعريض حياة البعض للموت من خلال وضعهم كدروع بشرية في أماكن القصف.
انقضى عام ونيف على انطلاق عاصفة الحزم في اليمن بعد اغتيال الدولة من قبل مسلحي الحوثي المدعومين من القوات الموالية للمخلوع صالح ونجله، ليحولوا البلاد إلى ساحة حرب، انتهكت فيه كل الحقوق والعادات، وباتت حياة الناس اشبه بالجحيم في ظل السيطرة على كل أجهزة الدولة والجيش.
وحين وقف الصحفيين وكتاب الرأي بأقلامهم وأصواتهم في وجه المدفعية والصاروخ، جن جنون المليشيات لترى بأن الحل هو إسكات أصوات الحقيقة المتمثل في الإعلاميين والكتاب، فعمدت منذ وصولها صنعاء على وقف الصحف وإغلاق القنوات والإذاعات وتقييد الحريات، فقط ليكون هناك صوت واحد يتمثل في نشر خطابها " الطائفي والمذهبي "، بينما حولت الصحفيين إلى السجون حيث لا يزال يقبع أكثر من 13 صحفياً مخفيين قسرياً في سجون المليشيات لأكثر من عام دون توجيه أي تهم إليهم.
قالت منظمة مواطنة لحقوق الانسان في تقرير لها نهاية العام 2015م إن على مليشيات الحوثي – أنصار الله - التي تسيطر على *مناطق واسعة في اليمن ، الكف عن استهداف الصحافة وعمالها *و سرعة الكشف عن مصير عدد من الصحفيين والإعلاميين المعتقلين تعسفياً والمختفين قسرياً في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة لها منذ نحو سبعة أشهر، ومباشرة الافراج عنهم دون تأخير قد يضاعف الخطر على سلامتهم وحياتهم في ظل تزايد وتيرة الصراع المسلح الذي تشهده البلاد في الوقت الراهن ، كما تدعو المنظمة مسلحي الحوثي إلى *سرعة إجراء تحقيق بالانتهاكات التي طالت صحفيين وإعلاميين ومؤسسات صحفية في عهد سلطتهم ، وكشف المسؤولين عن هذه الانتهاكات ومحاسبتهم طبقاً للقانون.
وشددت المنظمة على الأهمية المُلحة للوقف الفوري لاستهداف الصحافة وعمالها في اليمن ووضع حداً للاعتداءات التعسفية والقمعية التي تطال منتسبي الصحافة والاعلام ومؤسساتها أو التهديد بالاعتداء عليها وتقويض حريتها أو تعريض أمن وسلامة من يعملون فيها للخطر.
و طالبت *المنظمة النيابة العامة بالتحقيق في حوادث مقتل صحفيين في ظل النزاع المسلح و محاسبة الجهات والأشخاص الذي ثبتت مشاركتهم *في الانتهاك طبقاً للقوانين النافذة.
وتوصلت منظمة مواطنة من خلال تقصيها للانتهاكات ضد الصحافة منذ أواخر مارس الماضي إلى أن جماعة الحوثي المسلحة لا زالت تحتجز ما لا يقل عن 13 صحفياً منهم من لايزالون قيد الاختفاء القسري منذ مارس الماضي في العاصمة صنعاء.
وكشف تحقيق أجرته المنظمة عن تسبب مليشيات الحوثي بمقتل صحفيين اثنين بمحافظة ذمار بعد احتجاز الجماعة لهما إثر قيامهما بتغطية اجتماع قبلي مناوئ للجماعة في مديرية الحداء بالمحافظة، شمال اليمن.
واحتجزت جماعة الحوثي الصحفيين الاثنين في مرفق تابع لها كانت تستخدمه الجماعة لأغراض عسكرية، وتعرض المرفق للقصف بغارات طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية مما تسبب في مقتلهما إلى جانب معتقلين آخرين.
وتوصلت تحقيقات أجرتها مواطنة إلى أن*جماعة الحوثي قامت بحجب ما لا يقل عن 36 موقعاً الكترونياً إخبارياً، بالإضافة إلى اقتحام ما لا يقل عن 14 مكتب ومقر لوسائل إعلام والاستيلاء على بعضها ومصادرة محتويات عدد منها، معظمها جهات إعلامية مناوئة لجماعة الحوثي من بينها جهات تتبع حزب التجمع اليمني للإصلاح.
وتستمر المليشيات في حربها ضد الصحفيين في اليمن، وفرض الحصار عليهم وملاحقتهم وقتل البعض منهم، مما اضطر الكثير من الصحفيين إلى مغادرة البلاد للخارج، أو الفرار إلى المناطق التي تسيطر عليها الشرعية خوفاً من بطش المليشيات.
حيث لا تزال وقفات أمهات الصحفيين المعتقلين كل أسبوع في العاصمة صنعاء أمام سجون المليشيات وفي مقرات الأمن القومي والأمن السياسي للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين من الصحفيين، خصوصاً بعد قيام المليشيات بنقل الصحفيين الـ 13 واخفائهم في أماكن غير معلومة، وتهديد أحد القيادات الحوثية لأمهات وأسر الصحفيين بتلغيم المكان الذي يتواجدون فيه، وذلك على خلفية شجار بينه وبين أحد الصحفيين المعتقلين.
ورغم إضراب الصحفيين عن الطعام، وتدهور حالتهم الصحية إلا أن المليشيات لم تأبه لحياتهم، بل تعمل على استمرار اعتقالهم التعسفي وحرمانهم من التواصل بأهاليهم، أو حتى الإفصاح عن أماكن احتجازهم، مما جعل أهاليهم يخافون من نقلهم إلى أهداف عسكرية كما حدث مع زملائهم السابقين وتعريض حياتهم للخطر.
وآخر هذه الحرب على الصحفيين قيام المليشيات يوم الأحد الموافق 24 يوليو 2016م باعتقال الصحفي والناشط السياسي ماجد المذحجي من منزله، بالحي السياسي بالعاصمة صنعاء ثم الافراج عنه بعد ساعات من الاعتقال.
وعلى نفس السياق أقدمت عناصر تابعة لمليشيات الحوثي الأسبوع الماضي باقتحام صالة أعراس بالعاصمة صنعاء للبحث عن أحد الكتاب المقرب من العريس.
وتواصل المليشيات حربها ضد حرية الرأي اليمن، لإسكاتها عن نقل الحقيقة عن جرائم المليشيات بحق المواطنين في اليمن ونهبها للممتلكات العامة والخاصة بدون وجه حق.
وفي تعليق لجرائم الحوثي بحق الإعلام والصحفيين باليمن علقت الناشطة اليمنية رضية عبد الملك المتوكل قائلةً:
هذه الوقائع تكشف حجم الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها جماعة الحوثي المسلحة ضد الصحافة والاعلام وتوضح سوداوية العهد الحوثي في تاريخ الصحافة، وهو أمر في غاية الخطورة ويجب ان يتوقف حالاً، إن جماعة الحوثي تشن حرباً ممنهجة وواسعة ضد الصحافة إلى درجة نخنق الحريات الصحفية في اليمن وتضع منتسبي الصحافة والاعلام في مرمى الاستهداف لا سيما مع تزايد وتيرة الصراع العنيف."
خوف المليشيات من الإعلام أفصح عنه زعيمهم " عبد الملك الحوثي " في إحدى خطاباته واصفاً الإعلاميين بأنهم أخطر من الذين يقاتلونهم في الجبهات، محذراً إياهم بمصير مؤلم تجاه ما ينقلونه عن جماعته المسلحة".
لذا بات ثقافة لدى المليشيات بشكل عام في النظر للصحفيين على أنهم الرصاصة التي تعز عرشهم، فقاموا بتجييش العديد من العناصر لملاحقة وضبط الصحفيين واعتقالهم وتعذيب العديد منهم.
ورغم المناشدة الدولية للاتحاد الدولي للصحفيين، واتحاد الصحفيين العرب، والعديد من الجهات لمليشيات الحوثي بالإفراج عن الصحفيين إلا أنها رمت بمناشدتهم عرض الحائط، مستمرةً في حربها ضد كتاب الرأي من الإعلاميين بشكل يومي، حيث تعرض الكثير من الصحفيين للاختطافات والبعض للقتل والإصابات، لتدخل الصحافة اليمنية في نفق مظلم، في ظل حكم المليشيات وبات العام 2015م يسمى بعام الصحافة الأسود في اليمن.