بواسطة :
16-09-2014 11:21 مساءً
21.3K
المصدر -
الغربية - متابعة - نهال سامي :
قالت الباحثة السعودية وفاء خنكار إن هدف الحرب في الإسلام الدفاع حرية الإنسان وكرامته، مشددة على أنه يضع ضوابط أخلاقية للحروب ويمنع التعذيب والتشريد.
ولفتت خنكار، التي اكتسبت شهرة دولية في ميدان حماية النساء والأطفال خلال النزاعات، إلى «فهم مغلوط» لمسألة حقوق المرأة في بعض الأوساط، مشيدة في هذا المجال بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز.
ورأت في حديث إلى «مدرسة الحياة» أن تواصل السعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي صار «بلا هدف ولا يحترم المعايير العلمية». وهنا نص الحديث:
*
- كيف ترين ترشيحك*لجائزة «مادانجيت سنغ» للتسامح و اللا عنف؟
* أتقدم أولاً بالشكر لله تعالى على توفيقه باعتماد ترشحي ضمن قائمة المرشحين الدوليين من الجنسين، وأدعو الله أن يكلل الترشيح بالفوز. كما أتقدم بالشكر من كل من دعم ترشحي وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم الأمير خالد الفيصل. وحالياً تجري عملية الفرز والاختيار وفق المعايير العلمية التي وضعتها اللجنة الدولية للجائزة والتي يكون فيها القرار الأخير للمدير العام لليونسكو. وفي كل الأحوال أنا فخورة باعتمادي ضمن قائمة المرشحين الدوليين لتمثيل مملكة الإنسانية في هذه الجائزة الدولية للتعبيرعن رسالة بلادنا الحبيبة التي يقودها رجل الإنسانية الأول خادم الحرمين الشريفين الذي يدعو دائماً للتسامح ونبذ العنف.
*
- من أسباب ترشيحك للجائزة كتابك الأخير«الحماية الخاصة للنساء والأطفال في النزاعات والأزمات»، ما الجديد الذي يقدمه للمكتبة العربية؟
* نظمت جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض (تشرين الثاني - نوفمبر 2012) ندوة حول تطبيق وتعليم القانون الإنساني في ظل النزاعات الدولية الراهنة، وشارك فيها باحثون من 12 دولة، وبعد مشاركتي في محاضرة حول تعليم الحماية الخاصة للنساء والأطفال في الأزمات والنزاعات المسلحة، لمست ندرة المراجع المتخصصة في المكتبة العربية في الموضوع، وخاصة تلك المكتوبة بأقلام نسائية، فجاء كتابي لتسليط الضوء على ما تتضمنه أحكام وقواعد القانون الإنساني وحقوق الإنسان من معايير إنسانية واجتماعية تضمن الحماية الخاصة للنساء والأطفال إبان النزاعات والأزمات وخاصة المسلحة منها، فيما العنف الداخلي والدولي للأسف يجتاح بلدان العالم الإسلامي والعربي اليوم.
وركزت على كيفية تعليم هذه الأحكام والقواعد والمعايير والقيم وتدريسها ونشرها وتطبيقها والتدريب عليها. وحرصت على أن يكون البحث علمياً موضوعياً ومتوائماً مع ما نصّ عليه القران الكريم والسنة النبوية والقيم الأخلاقية والإنسانية والأعراف الدولية بحيث يجد فيها القارئ والباحث والمربّي، كما المؤسسات والهيئات الحقوقية والإنسانية والاجتماعية و الإغاثية والتربوية والتعليمية والإعلامية السعودية منها أو العربية أو الإسلامية، الفائدة العلمية المرجوة.
*
- إلى أي مستوى أعطى المجتمع الدولي المرأة والطفل حقوقهما في الحماية من العنف والاعتداء إبان الأزمات والنزاعات المسلحة؟
* في ظل الأزمات والنزاعات الحالية، أصبح من المعتاد يومياً للأسف أن تطل علينا في خبر عاجل وجوه غبراء لنساء وأطفال يبحثون عن السلام والأمان والطعام والماء وأبسط ضروريات الحياة. الحروب والنزاعات المسلحة لا تعني إلغاء الشرف في الخصومة والعدل في المعاملة والإنسانية في القتال وما بعد القتال، كما لا تعني الخضوع لغرائز الغضب والحمية الجاهلية وإشباع نوازع الحقد والقسوة، وبكل أسف نعيش زمن «استرخاء الضمير العام» لأن النزاعات ضيعت الحقوق الإنسانية للمرأة والطفل اللذين يدفعان ثمناً باهظاً على رغم أنهما لا يشتركان في القتال ويدخلان من ضمن الفئات المحمية بموجب أحكام القانون الإنساني. ولقد صادقت جميع الدول على اتفاقيات ومعاهدات القانون الذي يدعو إلى حظر ارتكاب الانتهاكات بحق المدنيين عامة والنساء والأطفال، وخصوصا اتفاقيات جنيف عام 1949، وإعلان حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة عام 1974، ولكن لا تزال تلك الحقوق حبراً على ورق مما يقتضي تحركاً حقيقياً للمطالبة بهذه الحقوق وتطبيقها ومعاقبة من ينتهكها.
*
- تحدثتِ في كتابك الأخير عن «الأزمة الصامتة» ماذا تقصدين بهذا المصطلح؟
* أقصد أزمة تعليم الأطفال في النزاعات المسلحة، إذ وفق التقرير العالمي «النزاعات المسلحة والتعليم» الصادر عن اليونسكو في مجال «رصد التعليم للجميع 2011»، تدمر النزاعات المسلحة مستقبل 28 مليون طفل. وحذر التقرير من أن العالم لا يسير على النهج الذي يؤهله لأن يحقق بحلول عام 2015، الأهداف الستة التي اتفق عليها أكثر من 160 بلداً عام 2000.* الأزمة الصامتة تمثل عائقاً رئيساً يحول من دون تحقيق التنمية البشرية في الكثير من أنحاء العالم. ولذلك رحبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة بموافقة مجلس الأمن بالإجماع على زيادة حماية الأطفال في المدارس والمستشفيات في مناطق النزاعات المسلحة لما تحدثه الانتهاكات من رعب ودمار وحرمان الأطفال من حقهم في التعليم في حالات النزاعات.
*
- ألا يقلق اليوم تداول أخبار في مناطق النزاع العربية حول عرض بعض النساء للبيع في الأسواق؟
* بالتأكيد، القلق هو من النظرة المشوهة لأحكام ديننا الحنيف الذي أكرم المرأة. ما يحدث يفترض ضرورة التحرك من أجل نشر قوانين الحماية الخاصة وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن سلوكيات السلم والحرب في الإسلام.
الحرب في الإسلام هي ضرورة للدفاع عن حرية العقيدة وحرمات المسلمين وأعراضهم، لا مبادأة بالقهر والتسلط، فلا يُقتل شخصٌ لمجرّد مخالفته الإسلام، إنما يُقتل لاعتدائه على الإسلام. أما غير المقاتل فلا يجوز قتاله وإنما يُلتزم معه جانب السلم.
وإذا كانت الحرب ضرورية لا مهرب منها، فإن الإسلام سعى إلى ضبط حروب المسلمين بضوابط أخلاقيّة تحميها من التدنِّي إلى رذائل الأفعال، ومنكرات الأمور؛ الإسلام يوصي بألا يقتل إلا من يقاتل، ويحذر من قتل النساء والأطفال والشيوخ وتعذيبهم وتشريدهم. فالحرب في الإسلام متسمة بالرحمة والفضيلة، وتحرم إخافة المدنيين وطردهم وإيذاءهم أو منع الضرورات والحاجات عنهم . إن تغيير الواقع المأسوي الذي يعصف بفئات لا ذنب لها في حروب طاحنة، أمر لا مفر من التصدي له ولا بد من بذل كل الجهود الوطنية والإقليمية والدولية لعقلنة جنون العنف والانتهاكات الشرسة المتنامية التي تقلق الضمير الدولي، بسبب انفراط عقد الأمن والاستقرار والاندلاع المتوالي للأزمات والحروب وما يلوح في الأفق من تهديدات سود بقدوم حروب عالمية لن يسلم النظام الدولي من تداعياتها، مما يستلزم من الجميع تبني المبادرات والأطروحات التي تحمي الجميع وخاصة فئة المدنيين من الأطفال والنساء والمسنين.
*
- ماذا عن دور المؤسسات التعليمية والتربوية* في نشر أهمية حماية النساء والأطفال من العنف والاعتداء؟
* يقول نيلسون مانديلا: «إذا ما توافرت الرؤية مع التطبيق العملي (التعليم والتدريب)، فباستطاعتنا أن نغير العالم». عندما تكون تلك الرؤية العملية التطبيقية منطلقة من معطيات قانونية نصت عليها مواثيق ومعاهدات واتفاقات دولية تصبح رؤية إلزامية وليس مجرد أضغاث أحلام، ولا بد من تحكيم العقل والضمير واستعمال القانون والأحكام الدولية لفرض إلزامية تطبيقها ومحاسبة كل من يتجاوز تلك الاتفاقيات والمواثيق التي ما جاءت إلا لمعالجة واقع مرير يعاني منه الضحايا الأبرياء.* إن تعليم قواعد الحماية الخاصة للنساء والأطفال أصبح من ضروريات الأمن اليومي، فمآسي الأطفال والنساء والمدنيين تسد الأفق وتدعو الجميع إلى لتحرك على كل الصّعد. وتضافر جهود المؤسسات التعليمية يتكامل مع دور الإعلام التوجيهي الإرشادي لتحقيق الرؤية المنشودة التي تسعى إليها أحكام القانون الدولي الإنساني. لذلك، يقتضي توسيع مشاركة المؤسسات التعليمية في المدارس والجامعات والكليات الأمنية والعسكرية للوفاء بالالتزام بنشر وتعليم القانون الدولي الإنساني والحماية الخاصة للنساء والأطفال.
*
- سبق أن تقدمت بمقترح لإنشاء مراكز لحماية النساء والأطفال في الأزمات والنزاعات المسلحة، كيف يكون ذلك؟
* مراكز الحماية التي اقترحتها لعدد من الجهات الدولية هي مراكز يكون ارتباطها بالجمعيات الوطنية للهلال والصليب الأحمر وتخضع للخصوصية الدينية والاجتماعية لكل دولة من الدول الأعضاء، وتنقسم مهام هذه المراكز إلى ثلاثة أقسام: قبل وأثناء وبعد النزاعات: تعليم إلزامية تطبيق أحكام القانون الدولي الإنساني فيما يخص الحماية الخاصة للنساء والأطفال قبل وقوع النزاعات إن أمكن؛ استخدام جميع الوسائل المتاحة أثناء النزاعات المسلحة؛ التعاون الوثيق بين السلطات المدنية والسلطات العسكرية لحماية النساء والأطفال في النزاعات؛ تبني مفهوم التهيئة للعمل التطوعي وتعليم وتدريب المتطوعين؛ تنظيم وتعميم برامج الإرشاد الاجتماعي للأسرة وتجهيزها بما يلزم في كل منطقة من المناطق التي تتواجد فيها النساء بهدف تقديم الدعم النفسي والعلاج للنساء والأطفال وخاصة حالات الصدمات النفسية الحادة لضحايا الاعتداء والاغتصاب.
وتدار هذه المراكز بصفة رئيسة من قبل النساء أنفسهن، إذ إن النساء هن الشريحة المتفرغة في الأزمات المسلحة لمعالجة الآثار الوخيمة للحروب والنزاعات في وقت انشغال الرجال بالعمليات العسكرية.
*
على الصعيد المحلي
- يلوم البعض عضوات مجلس الشورى السعوديات بخصوص قضايا المرأة، هل من المفترض أن يكون دور عضوات مجلس الشورى طرح قضايا النساء فقط؟
* من المؤكد أن سيدات مجلس الشورى خبيرات متخصصات في مجالات عدة وليس فقط في قضايا النساء، وهن يخضن تجربة تاريخية ليس فقط لإثبات حقوق المرأة والطفل بل لتناول كل المجالات التنموية التي تساهم في تطوير الوطن وازدهاره، وهن جديرات بذلك وإن كان الطريق طويلاً وشاقاً ونتمنى لهن كل التوفيق والنجاح.
*
- يُصنف البعض مطالبة النساء بحقوقهن على أنه محاولات للتغرير بهن، ما رأيك في هذه المقولة؟
* نرصد في هذا الجانب فهماً مغلوطاً ناجماً عن رؤية ضيقة وتصورات مجتمعية تقليدية لا تمت للواقع بصلة وتتنافى مع مبادئ تكريم الإسلام لحقوق المرأة التي تحظى بحمد الله برعاية خاصة ومتسارعة في التطور من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي عهده، وتوجيهاتهما السديدة إلى هيئة حقوق الإنسان التي حتما ستصل بها إلى كل ما يفيد وينفع دينها ومجتمعها ووطنها.
*
- كونك ناشطة اجتماعية، كيف ترين ارتفاع نسبة مشاركة السعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي؟
* يمكننا التأكيد أن التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي أصبح للأسف بلا هدف موضوعي ولا يحترم المعايير العلمية لتكوين الرأي العام السليم حيال القضايا المطروحة ومنها قضايا الطفولة والمرأة، وهذا التواصل يقترب من أن يكون ضجيجاً اجتماعيا تفوق مساوئه فوائده، وتحول في أغلب توصيفاته وحالاته من وسيلة تواصل موضوعي هادف إلى وسيلة تدمير وتضليل وزعزعة للأمن . كما أن الاستخدام المفرط لهذا التواصل أصبح مضيعة للوقت في ما لا يفيد ، ولكنني أتابع بصفة عامة أي ظاهرة اجتماعية تستحق الاهتمام كل ما سمح وقتي بذلك.
*
*
أول سعودية في معهد القانون الدولي
وفاء خنكار أول سعودية تمنح عضوية معهد القانون الدولي الإنساني في سان ريمو – إيطاليا نظير نشاطاتها ومشاركاتها في الدولية في مجالات حماية ضحايا النزاعات والأزمات ولا سيما النساء والأطفال. رُشّحت للفوز بجائزتين هذا العام، «جائزة التميز» على مستوى وزارة التربية والتعليم في السعودية، وجائزة «مادانجييت سانغ للتسامح واللاعنف» التي تقدمها منظمة الأمم المتحدة للتربية ووالثقافة العلوم (يونسكو)، ومنحتها «الحملة الإعلامية لدعم المرأة العربية» درع «المرأة النموذج»، ولها مؤلفات عدة في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
**