بواسطة :
30-09-2014 07:55 مساءً
9.3K
المصدر -
الغربية :
*يتشرف بعض أهالي مكة المكرمة بممارسة مهن تقوم في أساسها على خدمة حجاج بيت الله الحرام من أشهرها "السقاية والرفادة" ويطلق على ممارسيها "بالزمازمة"، حيث يعود تاريخهما إلى عهد عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم, التي ورثت جيلاً بعد جيل إلى أن انفصلتا، فأصبحت السقاية لطائفة الزمازمة، والرفادة لطائفة المطوفين.
ومع تأثر أجزاء المنطقة المركزية بساحات الحرم المكي وأسواق مكة القديمة وأزقتها بجملة من المشروعات التطويرية، ومنها ما حصل من تطوير لبئر زمزم ووسائل سقياه، بقيت مهنة الزمازمة بصورتها القديمة في الذاكرة بوجود خلوة لأحد الزمازمة داخل المسجد الحرام يضع فيها أوانيه المكونة من الأزيار المغربية الكبيرة، والدوارق والشراب والحنابل والمفارش والأواني النحاسية المنقوش عليها آيات قرآنية، حيث كان ماء زمزم ينقل في القرب بواسطة السقاة المتخصصين في أروقة الحرم من بعد صلاة الفجر، بالإضافة إلى البسط في حصاوي المسجد الحرام لكل زمزمي بحسب أعداد حجاجه موزعة في أنحاء المسجد الحرام.
وكان يتولى الزمزمي وأبناؤه ومساعدوه وضع الدوارق والشراب بعد أن يضع عليها النيشان الخاص به؛ وهو عبارة عن علامة تميزه عن الآخرين، ثم تتبعها عملية تبخير الأزيار بماء الورد والكادي والزهر تمهيدا لتعبئتها في الدوارق والشراب الصغيرة، فيما يرتدي أبناء الطائفة البالغ عددهم نحو 900 فرد، اللباس التقليدي من البقشة والعمامة والسديرية.
ومرت المهنتان بعدة عصور استمرت إلى العهد السعودي, حيث كان الزمازمة والمطوفون يعملون بالتقارير وهي وثائق تصدر من حاكم المنطقة لكل عائلة من الزمازمة تختص بخدمة حجاج بلد أو جهة معينة, ثم شارك الزمامة في غسل الكعبة خلال عهد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله -، واستمر الاهتمام بمهنة الزمازمة حتى أصدر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عـام 1384هـ، نظـام "المطوفين العام"، وذلك لتحسين أداء أرباب الطوائف، وفتح باب المنافسة بينهم, فيما استمر العمل به إلى أن أنشئت مؤسسات أرباب الطوائف ومكتب الزمازمة الموحد, الذي أنشئ عام 1403هـ, بقرار من وزير الحج والأوقاف المشتمل على أنظمة ولوائح وإعادة لهيكلة مكتب الزمازمة الموحد, حيث أصبح العمل من خلاله جماعيا بدلاً من الفردية، وتحكم هذا العمل لوائح مالية وإدارية أعدت من قبل وزارة الحج، وأشرفت مباشرة على تنفيذها, بتعيين رئيس للمكتب، ونائب للرئيس، وأعضاء لمجلس الإدارة من "الطائفة نفسها" يتم اختيارهم من قبل وزير الحج.
وأولت الوزارة اهتمامها بالمكتب بإصدارها قرارات لتعديل بعض مواد اللائحة التنظيمية الإدارية, من ضمنها تشكيل مجلس إدارة المكتب من تسعة أعضاء، يعين وزير الحج ثلاثة منهم، فيما تختار الجمعية العمومية للمساهمين ستة أعضاء بطريقة الانتخاب والتنافس بين القوائم، حسب ما نصت عليه اللائحة الخاصة لشروط الترشيح، حيث يعد مجلس الإدارة الدراسات والخطط والبرامج بعد انتهاء موسم الحج، والاستعداد للموسم القادم, وتلافي السلبيات التي صادفت العمل خلال الموسم الماضي وتوسيع قاعدة الإيجابيات, إضافة إلى دراسـة كل ما من شأنه تحسين الخدمات التي تقدم لضيوف الرحمن.
كما شكلت وزارة الحج ضمن مكتب الزمازمة الموحد بمكة المكرمة لجنة نسائية للعمل بالمكتب بأنشطة متعددة وجهود مكثفة لخدمة ضيوف الرحمن من النساء بتوزيع المياه عليهن، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى التي يحتجنها خلال موسم الحج، كذلك تسعى اللجنة إلى تفعيل دور المرأة السعودية في خدمة حاجات بيت الله الحرام، بتعريف الجهات النسائية المهتمة بما يقدمه المكتب من خدمات، والتنسيق مع جميع اللجان النسائية الخارجية، وإبراز أعمال المكتب عن طريق الوسائل الإعلامية، إضافة إلى التواصل مع الحاجات المنومات بمستشفيات مكة المكرمة، وتوزيع عبوات ماء زمزم عليهن، والتواصل مع المساهمات وعمل اجتماعات ودورات تدريبية لهن.
ويعد ماء زمزم سقيا من - الله تبارك وتعالى - لحجاج بيته الحرام، وأصبحت ضيافة عالمية، ولذلك حرصت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - على تطويرها وتحديثها وتنظيمها للاستفادة المثلى منها، من خلال تدشين "مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسقيا زمزم" بمنطقة كدي بمكة المكرمة، وذلك في شهر رمضان المبارك عام 1431هـ، بتكلفة إجمالية بلغت 700 مليون ريال، بهدف توفير السقيا وتوزيعها على الحجاج بطريقة منظمة وميسرة.