بواسطة :
29-06-2014 04:10 صباحاً
8.6K
المصدر -
الغربية- متابعة- نهال سامي:
* *
*"الموسم مضروب".. تتردد هذه العبارة على ألسنة معظم صنّاع الدراما السوريّة في العام الحالي، فرغم إنتاج العديد من الأعمال التلفزيونية، الجيدة لموسم دراما رمضان 2014، تتنوع بين الاجتماعي المعاصر، ومسلسلات البيئة الشاميّة؛ إلا أن حجم الإنتاج تراجع عموماً، وتكاثر بالمقابل ما تم إنتاجه من أعمال بميزانيات متواضعة، يبدو أنها لن تكون بالمستوى المعتاد لدراما سوريا، وحتى المسلسلات التي تتمتع بمستوى يليق بسمعة هذه الدراما، واجهت صعوبات كبيرة في التسويق للمحطّات العربية، بسبب تزامن المونديال مع الشهر الكريم، كذلك برزت مخاطر التصوير في دمشق هذا الموسم* على نحو كبير، مع ملاحظة تراجع عدد الأعمال التي تم تصويرها خارج سوريا مقارنةً بالعام الفائت.
أزمة التسويق
يقال إنه شركات الإنتاج السورية تواجه مشكلتين أساسيتين في التسويق هذا العام هما المونديال و"باب الحارة"، هل يبدو هذا الكلام دقيقاً؟* تجيب ديانا جبّور* مديرة المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي على سؤال*CNN*بالعربية قائلةً:
"نعم هناك محطّات دفعت مبالغ طائلة للحصول على حقوق بث مباريات المونديال، وهذا كان على حساب ما تدفعه سنوياً لشراء الأعمال التلفزيونية، وبالتالي أصبحت فرص التوزيع أقل، أما (باب الحارة) فهو حاضر في الوجدان الشعبي* للناس، وأصبح نوعاً من الطقس الرمضاني، لكن المحطّات تشتري هذا العمل في النهاية، محطتّين أو ثلاثة، ويدفعون لقاء عرضه أثمان مرتفعة جداً، ويستقطب بالمقابل عائدات إعلانية ضخمة، ولكن مشكلات التوزيع هذا العام لا تقتصر فقط على هذين العاملين فقط، فهناك أيضاً أن رمضان* الحالي يأتي في عز فصل الصيف، وعادةّ ما يرغب الناس في الخروج إلى الهواء الطلق، في حين تتطلب متابعة المسلسلات الجلوس في المنزل، وإلى جانب ذلك كله ينبغي خلال هذه المرحلة دراسة التغير في أمزجة المتلقي، بمعنى أننا لم نعد جاهزين للجلوس أمام التلفاز، ومتابعة ما يعرض من أعمال بالإيقاع ذاته،* بينما أصبح لدينا دراما موازية في حياتنا، أشد وطأة، ربما نحتاج إلى الهروب من الأخبار ساعتين أو أكثر خلال النهار، لكننا لا نلبث أن نعود إليها، كطقس يومي لابد منه بالنسبة للمشاهدين في العالم العربي من المحيط إلى الخليج."
انعكاسات "الأزمة" في المسلسلات السوريّة لهذا العام
أنتجت المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي في سوريا مسلسلين هما: "القربان" من تأليف رامي كوسا، وإخراج علاء الدين كوكش، و"الحب كلّه" ويتألف من خماسيات لستّة كتاب، ومخرجين؛ الأول يحاول البحث في أسباب الأزمة السوريّة، والثاني يسلط الضوء على انعكاساتها الاجتماعية والإنسانية على السوريين في قصص تتناول "تحديات الحب في زمن الحرب."
والأزمة السوريّة حاضرة بانعكاساتها، كخلفية لأحداث مسلسلين اجتماعيين آخرين، هما: "نساء من هذا الزمان: تأليف بثينة عوض، إخراج أحمد إبراهيم أحمد، وإنتاج شركة "قبنض"، "قلم حمرة: تأليف يم مشهدي، إخراج حاتم علي، وإنتاج شركة إيبلا" (وهو العمل الوحيد الذي تم تصويره خارج سوريا في لبنان)، كما يتم تناول الأزمة ضمن إطار من الكوميديا السوداء، في مسلسل "الحقائب/ ضبّوا الشناتي: من تأليف ممدوح حمادة، وإخراج الليث حجّو"، وعبر معظم لوحات عاشر أجزاء السلسلة الانتقادية الشهيرة "بقعة ضوء" التي يخرجها عامر فهد، عن نصوص لعدّة كتّاب.* *
لكن كواليس الحرب السوريّة ستكون حاضرةً، بشكلٍ أكثر وضوحاً، في أحداث المسلسل العربي "حلاوة الروح" من إخراج شوقي الماجري، عن نص لرافي وهبي، يتناول فيه: "مجمل الأحداث التي عاشتها المنطقة خلال السنوات الأخيرة، انطلاقاً من قصّة حب تجمع بين شاب وفتاة سوريين، يخوضان مغامرة خطيرة لتصوير فيلم وثائقيّ في سوريا أثناء الأزمة، وتتداخل القصة مع كثير من المحطات، لتسلط الضوء على الحدث العربي عامةّ، والسوري خاصةً، ولا سيما من زاوية تعاطي الإعلام معه."
بعيداً عن الأزمة
بالمقابل سيكون هناك أعمال اجتماعية سوريّة أخرى، تنأى بأحداثها، وموضوعاتها عن الأزمة السوريّة، كمسلسلات: "خواتم: من تأليف ناديا الأحمر، معالجة درامية عبد المجيد حيدر، وإخراج ناجي طعمي"، وخماسيات الجزء الثاني من "صرخة روح" عن نصوص لعدّة كتّاب ومخرجين، و"ما وراء الوجوه: تأليف فتح الله عمر، معالجة درامية نجيب نصير، إخراج مروان بركات" وهذا العمل تم تأجيل عرضه إلى ما بعد رمضان، والأعمال الثلاثة تنتجها شركة "غولدن لاين" لموسم دراما 2014، وفسرت ديالا الأحمر مديرة الشركة لـ*CNN*بالعربية، ابتعاد* هذه الأعمال في موضوعاتها عن "الحدث السوري الساخن" بالقول: "لدى استطلاع رأي الكثير من المحطات الفضائية، كانت ردود الأكثرية منهم، تتلخص بعدم الرغبة بتناول الأزمة السورية على شاشاتهم، كونهم يعتبرون أنّها شأن* خاص بسوريا، حيث يفضلون من جهتهم الحياد في الصراع السياسي، وباعتبارنا شركة إنتاج خاصة، ولسنا نتبع لأي جهة حكومية أو رسمية، فلا يمكننا أن ننتج هكذا أعمال، وتحمل كلفتها الإنتاجية العالية دون* انتظار عوائد ربحية من أعمالنا في النهاية، حيث أن المحطّات الرسمية، أو المحطّة السورية الخاصة الوحيدة، لا تقدم لك عائد ربحي يغطي تكلفة الإنتاج، ولا نستطيع الاعتماد عليها، لشراء هذا النوع من الأعمال في حال أنتجتها شركتنا."
مخاطر التصوير
مخاطر الحياة اليومية بسوريا، في ظل* الأوضاع الأمنية المتردية بسبب الحرب، طالت أيضاً صنّاع الدراما السوريّة، حيث واجه الكثيرون منهم أخطاراً حقيقية، تضاف إلى سلسلة المشكلات التي عانوها هذا الموسم؛ رامز تكريتي المسؤول الإعلامي في شركة "سما الفن" قدّم لـ*CNN*بالعربية أمثلةً عن تلك المخاطر، مما حدث في كواليس تصوير أعمال الشركة، يقول رامز عن ذلك: "لا شك أننا مررنا بمصاعب كبيرة، لكننا نجحنا في تجاوزها، ومنها أننا نملك استوديو خاص بالشركة جنوبي دمشق، وبعد تجهيز الديكور تقريباً لمسلسل (بواب الريح)، استولى عليه مسلّحون، فاضطررنا لاستئجار مكان بديل في منطقة أكثر أماناً، وبناء مدينة إنتاج كاملة من الصفر، وفي وقتٍ قياسي، كذلك حدث تفجير على بعد أمتار قليلة من أحد مواقع تصوير "بقعة ضوء" بحي (مشروع دمّر)، وسقطت قذيفة بمحيط موقع التصوير الأساسي لمسلسل "الحقائب/ ضبّوا الشناتي"، وتسببت إحدى شظاياها باحتراق الشادر الذي كان يغطي سقف الموقع، وفي كلتا الحالتين لم يصب أيٌّ من العاملين بأذى، وهناك صعوبات أخرى، مثل ازدحام الطرقات الكبير في العاصمة، ما فرض علينا ضرورة ترتيب المواعيد قبل فترة طويلة نسبياً من التصوير."
وقبل أيّام قليلة من شهر رمضان أودت شظايا قذيفة هاون سقطت على دمشق القديمة بحياة الممثلة السورية الشابّة سوزان سلمان، كما سقطت قذيفة أخرى في اليوم ذاته على سطح أحد البيوت الدمشقية في مكانٍ مجاور، كان يصّور فيه مشاهد من الجزء السابع لـ"باب الحارة"، دون أن يصاب أيٌ من فريق التصوير بأذى.
إجراءات أمنية خاصّة
هل طالب بعض الفنّانين، بإجراءات خاصّة خوفاً على حياتهم في بعض الحالات؟ يجيب رامز على سؤال*CNN*بالعربية: "غالباً ما كنّا نتحاشى التصوير، في أماكن خطيرة، واخترنا مواقع تصوير آمنة عموماً، حفاظاً على أرواح العاملين معنا، ولكن هناك نجم طالب بإجراءات خاصّة لحمايته، وتجاوبنا مع طلبه، لأّنه كان يقيم خارج البلد، ولديه الكثير من المخاوف، التي اكتشف لاحقاً أنها غير مبررة."
إذاً كان هناك الكثير من المصاعب التي اعترضت صناعة الدراما السوريّة لموسم 2014، فهل ستنجح في الوصول، ولو عبر (منافذ ضيّقة) إلى المشاهدين اللذين يترقبونها كل عام على امتداد العالم العربي؟ هذا ما سنرصده خلال شهر رمضان.
*