المصدر - - التعليم القديم كان المدرس في الغالب يكون رجل الدين ويعاقب بجلد الطلاب أما حالياً فانتهى ذلك العهد في الدنمارك.
- استدعي الطالب لمكتبي وهو بنفسه يتصل بوالده أو والدته ويخبرهم أني أطالبه مغادرة المدرسة كعقاب اليوم لأنه فعل كذا وكذا.
(( "مدارات” هي عبارة عن سلسلة إعلامية خاصة ضمن حلقات متتابعة تقدمها صحيفة “غرب الإخبارية” تتناول في كل لقاء ضيف من جميع بقاع العالم العربي والإسلامي وفي شتى بقاع الأرض لتلقي فيها الضوء على عدد من المواضيع الثقافية والعلمية والأدبية والسياسية وغيرها من مشاهدات ومواقف تذكر ويرويها لنا ضيوفنا لننقلها بدورنا في قالب جديد ويطلع عليها المتابعين والمهتمين في هذا الشأن. ))
في هذه الحلقة الرابعة مع ( مذكرات فطين ):
ينتقل الخبير الإعلامي الفلسطيني/ فطين عبيد إلى الحديث عن لقائه بمديرة إحدى المدارس في كوبنهاجن خلال رحلته الأخيرة إلى الدنمارك ويصف أحداثها كالتالي:
برودة الجو قبل دخولنا مدرسة (كركون) دفعني لتغطية كامل وجهي ورأسي، كانت مدرسة (كركون) لها أكثر من مبنى وكلها ذات طابع أثري، صفوف المرحلة الابتدائية كانت أشبه بشقة سكنية، حتى الكراسي كانت بسيطة وأنيقة بخلاف الصورة النمطية للمقاعد المشتركة في المدارس العربية.
استدرنا للمبنى الآخر، فكانت المديرة ايرين هاسترب (60 عاماً) ومساعدتها بانتظارنا وكلاهما ذو جسم رشيق، نادراً ما تجد شخص بدين في الدنمارك، ربما لأن معظمهم يقود دراجة هوائية وتستهلك سمنته، وربما لأن كمية الطعام التي تقدمها المطاعم قليلة، فطبق أرز في مطعم بالسعودية يعادل خمسة أطباق في الدنمارك.
قدموا لنا المشروبات الباردة والمكسرات، قبل أن نتجول في أقسام المدرسة، طلاب وطالبات يلعبون يضحكون وحتى يغنون ويرقصون بمنتهى البراءة خلال الفسحة المدرسية، ويتبادلون التحية مع معلميهم بقمة الفرح والسعادة.
لمحت لوحة كبيرة مكتوب عليها بخط اليد "داعش" وحولها كلمات كثيرة بالدنماركية، فهمت أن الكلمات تعكس الارهاب الذي يمثله "داعش" في العالم.
على الجدران لوحة كبيرة تضم صور جميع المعلمين وتخصصاتهم، وكذلك لوحة كبيرة تضم كل طالب واسمه وصفه، ومعظم الجدران مكسوة برسومات من ابداع الطلاب.
بعض الفصول تضم أفران غاز كبيرة قالت المديرة انها تستخدم لتدريبهم على الطهي، اذ بعضهم يتخصص بعد التخرج بتخصصات تطبيقية وفنية، أصرت طفلة محجبة خلال جولتنا على مصافحتي، فهمت أنها تسألني، هل أنت تركي؟
في الممرات بعض المدرسين يجلسون مع طلابهم للتحدث، أما في غرفة المدرسين فكان يجلس معلم وحيد، همست في أذن المديرة، المدرسين في المنطقة العربية يتذمرون من شح رواتبهم، فقالت حتى هنا يتذمرون.
كانت مديرة مدرسة (كركون) السيدة " ايرين " في احدى ضواحي العاصمة الدنماركية كوبنهاجن التي تأسست عام 1911 كشفت أن مدرستها تضم 850 طالب و70 مدرس ويصلها الطلاب الساعة الثامنة وحتى الخامسة فيما يسمح لأولياء الأمور استلام أبنائهم بعد الساعة الثانية، وتحدثت أن المبنى عاصر الحرب العالمية الثانية وما فيها من دمار.
وأشارت الى أن معظم المدرسين يدرسون صف واحد فقط وفي حالات خاصة صفين شريطة اجتيازهم دورات خاصة تؤهلهم لتعليم صف غير صفهم.
وأوضحت مديرة المدرسة السيدة " ايرين هاسترب " أن المدارس الدنماركية تضم 3 مراحل تشمل المرحلة الابتدائية من 6 الى 9 وتشمل الصف الأول وحتى الثالث .. والمتوسطة من 10 الى 12 عام ( من الرابع وحتى السادس) والثانوية 13 الى 16 عام (من السادس وحتى التاسع).
فيما ينتقل الطلاب بعدها للامتحان الوطني ويتفرعون لتخصصات تقنية ورياضية منوعة طوال عام كامل يخصلون من خلالها على معارف عامة قبل دخولهم الجامعة ويطلق على هذه المرحلة تعليم الشباب.
وبينت أن المدارس الحكومية مجانية للجميع فيما الخاصة تشارك فيها الحكومة بنسبة 75 من الأقساط والبقية يدفعها الطالب والتي بالعادة يقبل عليها أصحاب الدخل المرتفع،
وقالت الطلاب قبل الصف التاسع ليس لديهم اختبارات أو درجات فيما يتعرضون بعدها للاختبار الوطني الدنماركي الذي يشبه الثانوية العامة في المنطقة العربية.
وقالت :"أن العقاب الوحيد المطبق في المدرسة غالباً على تصرف غير سوي بخاصة أن جميع المدارس في الدنمارك مختلطة، أن استدعي الطالب لمكتبي وهو بنفسه يتصل بوالده أو والدته ويخبرهم أني أطالبه مغادرة المدرسة كعقاب اليوم لأنه فعل كذا وكذا".
وتابعت: أن أي عقوبة بدنية مرفوضة في جميع مدارس الدنمارك وحتى مجرد لمس الطالب ممنوع نهائياً، مشيرةً الى أن التعليم القديم كان المدرس في الغالب يكون رجل الدين ويعاقب بجلد الطلاب أما حالياً فانتهى ذلك العهد".